أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر سليم - غابـو















المزيد.....

غابـو


عامر سليم

الحوار المتمدن-العدد: 7421 - 2022 / 11 / 3 - 08:32
المحور: الادب والفن
    


( ليس هناك من يملك الحق بأن يقرر طريقة حياة الآخرين ولا طريقة موتهم )..... غابريل غارسيا ماركيز

غابو , هو اسم التحبب الذي اعتاد ان ينادوه به اهله واصدقائه وابناء كولومبيا وكل امريكا اللاتينيه . في طفولته الثريه بالأقارب و بالأحداث نجد جواب السؤال : كيف وجِد أو خُلق كاتب أعظم روايه بالأسبانيه بعد دون كيخوتة ثرفانتست كما قال نيرودا؟
عاش طفولته في بلدية صغيره مجهولة والتي يصعب ايجادها على الخريطه وجعل منها أشهر مدينة عرفها العالم , من اراكاتاكا الى ماكوندو.
كان جده لأبيه دائم الحديث عن الموت , وجدته دائمة الحديث عن الأشباح التي تنتشر في كل مكان , فكانت حياته ورواياته تعج بالموت والسحر والأشباح.
أحب مارسيدس ابنة التاسعة حين كان في الرابعة عشر من عمره , وعنها يقول غابو : " كانت تهملني وغير مكترثة بيّ في البدايه , ولكنها انتشرت في حياتي وكتبي وتجدها في كل زاوية من رواياتي بل وذكرتها بأسمها الصريح في "مائة عام من العزلة".
سافر الى اوربا الشرقيه في رحلة استكشاف مع صديقه بيلينو ميندوزا ورأى الأشتراكيه السوفيتيه عن قرب ومعايشه , عاد محبطاً من اختلاف خياله عن الواقع , وحين دخل كاسترو هافانا عشية الثورة الكوبية كان غابو حاضراً كصحفي واستمع الى خطاب الأول في الساحة الكبرى وكان لايقل حماساً عن الثوار فقد كان معجباً بكاسترو ونضاله منذ البداية , فأذا اردت ان تتلمس الأشتراكية فعليك بأشتراكية كوبا التي تلبي احتياجات الشعب الممكنة والمتوافقة مع الأقتصاد الشحيح لهذه الجزيرة.
عمل في وكالة الأخبار الكوبيه وكانت تضم صحفيين من كل دول امريكا اللاتينيه (أميريكا لاتينا) كما يقال بالأسبانيه , رئيس الوكالة كان الأرجنتيني ماسيتي , ولم تمضي فترة طويله حتى تم طرد كل الصحفيين ليحل محلهم الثوار واصبحت الوكالة مغلقة بالشيوعيين! وحينها كان غابو يعمل في فرع الوكالة في نيويورك والذي كان بدوره يواجه تهديد مستمر من الكوبيين المنفيين فترك العمل وقرر الرحيل الى المكسيك والتي استقر فيها بقية حياته.
بقى غابو صديقاً وفياً وأميناً لكوبا ولفيدل ولكنه لم يكن شيوعياً ابداً.
على دعوة عشاء على شرف غابو دار حديث شيق مع كاسترو يكشف طبيعة العلاقه بينهما من خلال صحفي ....
الصحفي : كابرييل انت همنغواي الجديد لكوبا ..
غابو : اتمنى ان أكون همنغواي العجوز منه ...
كاسترو (للصحفي ضاحكاً) : لا تجبر غابو ان يكون شيوعياً ...
غابو ( وهو يشير بأصبعه الى كاسترو) : هو يحاول اقناعي على ذلك منذ 30 عام ولم يفلح!...
كاسترو ( وهو يحك حاجبيه وجبهته مرحاً) : نعم , وكلما اصبح أكثر غنىً , كلما زادت صعوبة إقناعه , (ثم أضاف بدعابة مسيحية امريكا اللاتينيه) عزيزي أترك كل شئ وأتبعني , الم يقل ذلك المسيح؟
كان ماركيز مبتسماً طوال الحديث ولا ينظر مباشرةً الى كاسترو ولكنه ردّ على سؤاله المفاجأ ضاحكاً: أليس من الأفضل ان أتبعك دون ان اترك شيئاً مما أملكه ؟ دعنا نذهب سويةً مع ما أملك!.
حينها انفجر كاسترو ضاحكاً على براءة وصدق وشجاعة صديقه الأثير.
كانت تجمعهم صداقة قويه , كانوا معاً في رحلة على اليخت وشربوا النبيذ معاً , وكان غابو يؤكد دائماً انه صديقي , صديقي ... وصداقتي لمنفعة الآخرين أيضاً , ولا اريد ان أكون أداة تستغل ضد كوبا من قبل أمريكا.
ذكرصديقه وكاتب سيرته " بيلينو ميندوزا " يوما انه عاتب غابو قائلاً : اما زلت صديقاً لذلك الملتحي ماذا تفعل مع ذلك الرجل ؟
رد غابو ضاحكاً : وأنت لِم بدأت ترفرف بجناحك الأيمن بعد ان كنت يساري الجناح!
كانت صداقة غابو وبيلينو قوية وعميقة لدرجة ان بيلينو ضم اسم غابو على وثيقة احتجاج عالميه شهيره حررها الكاتب البيروّي ماريو فارغاس (حائز على جائزة نوبل في الأدب عام 2010) الى كاسترو لأطلاق سراح الشاعر الكوبي" البرتو باديلا " الذي تم اعتقاله لأنتقاداته السلطه , والذي اكد غابو بأنه لم يكن ليوقعها بنفسه!.
يقول بيلينو : والحق , كلما كنت اناشد غابو على كتابة أو توقيع رسالة أو وثيقة إحتجاج أو تعطف على اطلاق سراح ناشط او كاتب كوبي كان يقول : انه يملك ماهو أكثر تأثيراً وقوةً من توقيعه على هذه المذكرات .. فأقاطعه سريعاً : اذن ساعدنا , وفعلاً كان عند وعده دائماً وساعد بأطلاق سراح الكثيرين.
في الجانب الآخر من الجزيرة كان هناك رئيس أمريكي يفتخر بصداقته لــ غابو ...
يقول بيل كلنتون : تعرفت على ماركيز وانا طالب في الجامعة من خلال روايته " مائة عام من العزلة " حالما بدأت بقراءتها لم استطع تركها وكأنني مدمن , لدرجة ان الأستاذ المحاضر في القاعه انتبه اليّ وانا منهمك في القراءة بعيداً عن موضوع المحاضرة الممل والذي كان موضوعها عن الضرائب و الأقتصاد قائلاً : هل مايشغلك أهم مني ومن موضوع المحاضرة , فقلت له ( وكنت أكن تقديراً واحترام لهذا الاستاذ): نعم .. انها هذه ( واشرت الى الكتاب الذي بيدي) هي أعظم رواية كتبت بأي لغة في العالم بعد وفاة وليم فوكنر, انها تتحدث عن حقيقة الطبيعة البشريه و دوافعها , صعودها وانتكاساتها نتيجة الحب والخوف والكراهيه والطموح والأمل.
وفي فترة رئاسة كلينتون تمت دعوة غابو الى البيت الابيض وكان الرئيس فرحاً به وبصداقته, حاول غابو ان يستثمر هذه الصداقه لمساعدة كوبا برفع الحصار عنها , اراد كلينتون ان ان يحقق مسعى صديقه ولكن الكونغرس رفض ذلك.
كان غابو يحلم بجائزة نوبل حين كان عمره 20 عام واستمر هذا الحلم والأمل حتى تحقق الفوز بها , فرح مثل الطفل الذي يفوز بجائزة اللوتري , وفي الحفله التي سبقت حفل الجائزه راح يرقص منتشياً بين اقاربه واصدقائه وهو يضع القبعة الكولومبيه الواسعه رقصة الفلامنكو التي تشبه حركات الطيور قبل التزاوج!.
أذاعت الأذاعة الكولومبية خبر الفوز هذا وكأنه بيان عسكري او نفير عام او اعلان حرب ...فاز ماركيز بجائزة نوبل في الأدب .... نكرر.... فاز ماركيز بجائزة نوبل في الأدب .... نكرر .....
ولكن حين سألته صحفية كولومبيه عن استقباله نبأ الفوز : هل هذه هي اهم لحظة في حياتك؟ أجاب : كلا انها حين ولدت.
قبيل وفاته بسنوات قصيرة بدأ غابو يفقد ذاكرته ربما لأنه استنزفها في رواياته ومقالاته ونشاطه الذهني والفكري الطويل , وحينها لم يبق لديه سوى الحنان والرقة, كل رواياته حقيقية احتفظ بها بذاكرته الفريده وكتبها بمزيج من السحر والفانتازيا , كانت رواية الحب في زمن الكوليرا هي قصة الحب التي جمعت امه بأبيه .. يقول غابو : كنت انفرد بكليهما لمعرفة التفاصيل طمعاً بالحصول على المعلومات الدقيقة والصادقة والعفويه لأنني لو جمعتهما معاً لما حصلت على ما أريد . وكذا الحال مع رواية " ليس لدى الكولونيل من يكاتبه" والذي اعتبرها افضل روايه كتبها بل هي تحفته المميزة فهي قصة جده الذي كتب الى الجهات المعنيه لأستحصال حقوقه من المشاركة في الحرب الأهليه ولكنه بقى منتظراً طوال حياته دون جواب أو رد!.
يقول غابو : ليس الموت فقط هو الشئ الوحيد الذي لا خيار لنا فيه, كل مصائرنا لاخيار لنا فيها , وهذا غير عادل , اذن كيف نتجنب هذا الحيف؟ الكتابة ثم الكتابة ولا غيرها.


هوامش :
1 - كل ما ورد في هذا المقال (والذي هو مجرد مختارات ومختصرات) أستند مباشرة على الفلم الوثائقي :
Gabo.The.Creation.Of.Gabriel.Garcia.Marquez
https://www.imdb.com/title/tt4568106/?ref_=hm_rvi_tt_i_1
الفلم الوثائقي هذا باللغة الأسبانية وبترجمة انكليزيه وطول مدة العرض ساعة ونصف.
2 – لا تسكر مع ثوري ولا تكن ثرثاراً مع روائي!
https://www.facebook.com/photo/?fbid=1170098026531738&set=a.389856334555915



#عامر_سليم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في شجون وشؤون القطيع
- الديكتاتور الأرعن
- المرأة الباكية
- الروّاف
- لماذا خلق الله العالم؟
- الحوار المتمدن يرتكب جينوسايد
- وطني حقيبه وانا المهاجر
- جان فالجان وهدهد سليمان
- النعال الأخضر
- غوغل يصَبحْ على عفيفه
- ألقيامه
- الى كلود مونيه .... خواطر انطباعيه
- الروز الاحمر و (ازهار الشر) ....خواطر سرياليه
- احزان يعقوب *
- المقامه الباريسيه
- حنجرة القمر
- صديقي دانغوت الشيوعي
- سلمان بين الباروك والبربوك*!
- الليالي العربيه السوفياتيه
- ما سِرْ العَجّه.. في سوق الشورجه ؟


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر سليم - غابـو