عامر سليم
الحوار المتمدن-العدد: 7672 - 2023 / 7 / 14 - 09:57
المحور:
الادب والفن
(1)
كوغ و كوكان
“Close friends are truly life s treasures. Sometimes they know us better than we know ourselves. With gentle honesty, they are there to guide and support us, to share our laughter and our tears. Their presence reminds us that we are never really alone.”
― Vincent van Gogh
الأصدقاء المقربون هم حقاً كنوز الحياة , أحياناً يعرفوننا أفضل مما نعرف أنفسنا. بكل صدق انهم يقودوننا ويدعموننا , يتشاركون معنا في ضحكاتنا ودموعنا , حضورهم يذكرنا دوماً اننا لسنا لوحدنا. .......(فان كوغ)
When two of us were together in arles, both of us mad and at constant war over the beauty of colour, me I loved the colour red, He loved yellow, this good Vincent, this painter from holland.
― Paul Gauguin
حينا كنا معاً في آرلز كنا مجانين و في حرب مستمرة عن جمال اللون , أنا أحب اللون الأحمر و هو يحب اللون الأصفر هذا الــ فنسنت الطيب الرّسام القادم من هولاندا!. ......... (بول كوكان)
عاش الفنان بول كوكان لفترة قصيرة لا تتجاوز الثلاث شهور في منزل كوغ البسيط في مدينة آرلز جنوب فرنسا , والذي كان يدفع ايجاره ثيو (شقيق كوغ ) وهو من اقنع غوغان على الانتقال والعيش مجانا مع اخيه الذي كان يعاني قسوة الوحده والفشل لعدم استطاعته بيع لوحه واحده من لوحاته !.
كان فان كوغ غزير الانتاج فقد كان يرسم طوال ايام الاسبوع بلا كلل او ملل حتى انه علق على جدران الغرفة التي أعدها لــ كوكان العديد من اللوحات الكبيره منها لوحات زهرة عباد الشمس المكررة ليلفت انتباهه!.
فوجئ غوغان من حالة الاهمال والفوضى في المنزل وتناثر وتكدس عشرات اللوحات في كل زاوية فيه .
صارحه يوماً : فنسنت , انت ترسم بطريقة متسرعة.
اجابه كوخ وهو يحاول ان يخفي غضبه : بل انت من يحكم على الاعمال بطريقة متسرعة.
عاد كوغ يوما من الحقل وهو يحمل ادوات الرسم بحالة مزرية لانه كان يوما عاصفا وممطرا وكان كوكان في المرسم يرسم بهدوء وهو يدخن بغليونه لوحة طبيعية, فالتفت اليه الاخير وهو يسخر من حالته قائلا: كان عليك ان ترسم لوحتك من خزين خيالك خصوصاً في مثل هذا الطقس!.
اجابه كوغ وهو يخفي غضبه كعادته: فرشاتي تعجز عن مواكبة خيالي, هناك في الطبيعه الضوء والظلال والحركة وتأثيرهم على ما أنوي رسمه, وخيالي لا يقوى على خزن كل هذا وحفظه.
عاش هذان الفنانان الانطباعيان العظيمان لفترة قصيرة معا وكانت خلافاتهما في الحياة والفن كبيره , وصلت لحد محاولة قتل كوكان بموسى الحلاقه والذي ترك المنزل غاضباً لتنتهي بقطع جزء من صيوان اذن كوغ وتنتهي هذه الصداقة القصيره بالدم والغضب والجنون.
مات كوغ بعمر 37 عام بعد ان تمكن مرض السفلس منه ووصل الى دماغه واصابه بالجنون ..أنهى حياته بطريقة متسرعة كما كان يرسم لوحاته... فأختار الانتحار.
مات بعده غوغان بعمر 55 عام بمرض السفلس ايضا, حاول الانتحار مرة واحدة فلم ينجح , فاختار ان يترك الامر الى مرضه الذي افقده حتى القدرة على المشي بعد ان تعطلت احدى ساقيه تماما...ثم اجهزت عليه نوبة قلبية ليموت على مراحل مؤلمه لم تخطر على خزين خياله ابدا.
“Don t paint from nature too much. Art is an abstraction. Derive this abstraction from nature while dreaming before it, and think more of the creation that will result.”
― Paul Gauguin
...................................
(2)
جيان و مودلياني
“It is your duty in life to save your dream.”
― Amedeo Modigliani
تعتبر قصة حب الرسام الايطالي مودلياني و الرسامه الفرنسيه جيان من أكثر قصص الحب تراجيدية في تاريخ الفن التشكيلي.
كانت جيان فتاة جميله ورقيقه , خجوله وهادئه تمتلك شعر اسود كثيف وطويل ينساب على صدرها كالشلال , قدمها اخوها اندريه الى مودلياني كموديل وبنفس الوقت لتقترب من مجتمع الفنانين لانها كانت مولعة بالرسم وتتمنى ان تنغمس في عالمه فقد سبق لها وان درست الرسم اكاديميا في احدى المعاهد الفنيه في باريس.
كان من الطبيعي ان يقع الاثنان في حب وعشق جارف. قرر الاثنان ان يعيشا معاً رغم رفض عائلة جيان لهذا الامر, أضافة الى ان مودلياني كان يهودياً وجيان مسيحية كاثوليكية ,كان السلوك السيئ والحياة الصاخبة لمودلياني هو السبب الاكبرلهذا الرفض, فقد كان سكيراً ومدمناً على المخدرات ومدخناً شرهاً , والانكى انه كان مصاباً بداء السل الخبيث والمرعب والذي كان السبب الرئيسي للوفيات في فرنسا في بدايات القرن العشرين , اذ عرف بالداء الذي لا دواء له, فالموت كان الشبح الذي يطارد ضحاياه, ناهيك عن الاثرالنفسي من نبذ وعزلة المجتمع لصاحب المرض , مما حدى بالرسام لإخفاء الامرعلى الجميع الا القله من الاصدقاء.
أثمر الزواج بين الاثنين بولادة طفله اختار لها الرسام اسم امها جيان لتجمعهم معاً فكانت جيان مودلياني.
في العام 1920 مات مودلياني بعد ان استنزفه السل القاتل وهو بعمر 35 عام , سارعت عائلة جيان باستدعاء الابنه لتعيش معهم , ولكنها انتحرت في اليوم التالي لموت زوجها حين رمت بنفسها من شباك غرفتها في الطابق الخامس , وقتلت معها طفلها الثاني و الكائن في احشائها. ماتت ولها من العمر 32 عام.
دفنت جيان في مقبره بعيده عن مقبرة زوجها الا ان العائله وافقت بعد عشر سنوات على نقل رفاتها بجانب قبر زوجها حيث رقدا معاً الى الابد وكتب على شاهد قبرها ...
“Devoted companion to the extreme sacrifice.”
الرفيقه التي ضحت بكل شئ.
القصه تذكرنا الى حد بعيد بتراجيديا الاخوين كوغ , فنست وثيو اللذين رقدا بقبرين متجاورين.
في العام 1921 أي بعد عام واحد على موت مودلياني , اكتشف العالمان الفرنسيان البرت كيلمت وكاميل غرين لقاح ضد مرض السل الذي سمي بلقاح البي سي جي .....
bacille Calmette–Guérin (BCG)
..........................................
(3)
عَفيه عفيفه!
في لقاء صحفي رزّلت الفنانه العراقيه المبدعه " عفيفه لعيبي " رزاله ناشفه ونازكه ناقداً متحذلقاً من جماعة الحداثة البلاستيكية! الذين يثرثون طويلاً ولا يقولون شيئاً.
بربكم أقرؤا سؤال هذا الناقد الفطحل المتثاقف , وجواب فنانتنا الرائعه عفيفه , وأحكموا بالقسط , ان الله يحب المقسطين!.
الناقد : لم يقل احد بانعزال الفن عن الحياة، فالقطيعة تعني الانقطاع الاسلوبي عن الاخرين، ومحاولة البداية في كل مرة مما اسميته مرة (درجة الصفر الاسلوبي) ، فدعوة جماعة بغداد مثلا قد انتجت تجارب متناسخة كان همها ليس مادية اللوحة ، اي الاخلاص لمعالجة مادة الرسم بفهم حداثي بل الاخلاص لموجهات خارجية (غير بصرية) والتضحية بمادية الفن او مادية التعبير (التي تعني ان اللوحة في النهاية ليست سوى تجربة بلاستيكية مادية). ما رأيك بذلك؟
عفيفه : اعتقد إن طرح السؤال بهذه الطريقة غير المفهومة وعدم استخدام الكلام البسيط والواضح لا يفيدنا ولا يخدم الجهود المبذولة لتوصيل فكرة معينة وقد حاولت جهدي إن افهم بالضبط ما الذي تعنيه بهذه العبارات مثل مادية اللوحة أو الموجهات الخارجية والغير بصرية أو تجربة بلاستيكية مادية. برأي الشخصي نحن ليس بحاجة لكل هذا التعقيد حتى نستطيع أن نفهم ماهية الفن التشكيلي خصوصا. العملية ببساطة هي محاولة الفنان أن يجسد فكرة أو موضوعة معينة ومجردة في الوقت نفسه وتنفيذها ماديا بالشكل الذي هو يعتقد انه هو الشكل أو ألأسلوب الصحيح والمناسب للفكرة وتقديمها إلى شاهد هو ألآخر له حضور.
و ببساطة الفنانة المكسيكية فريدا كاهلو ....
“ The only thing I know is that I paint because I need to ”
“ I don t paint dreams´-or-nightmares, I paint my own reality ”
“ I paint flowers so they will not die ”
– Frida Kahlo
#عامر_سليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
