أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إلياس شتواني - ألبير كامو: العبثية عدو الإنسان














المزيد.....

ألبير كامو: العبثية عدو الإنسان


إلياس شتواني

الحوار المتمدن-العدد: 7779 - 2023 / 10 / 29 - 21:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يعتمد الفيلسوف والروائي الحائز على جائزة نوبل ألبير كامو (1913-1960) على تحليل للفلسفة الوجودية من منظور مخالف تماما لسارتر. الجانب الأبرز هو مفهومه عن العبث أو العبثية (Absurdism). فكرة كامو عن العبث هي نتيجة عقلانية لغياب الله. بدون الله، يكون اختلال التوازن بين الوجود البشري والعالم هائلا. البشر مقدر لهم المعاناة و الموت - وهي حالة لا يستطيع العقل البشري قبولها على أنها نتيجة معقولة و حتمية.

تفكير عبثي

يعتقد كامو في "أسطورة سيزيف" أن هناك مشكلة فلسفية واحدة فقط، وهي الانتحار. العبثية، بالنسبة لكامو، تدور حول فعل التملص أو المراوغة. الأمل، فعل المقاومة النهائي، هو الحياة التي يجب على الإنسان أن يطمح إليها ويستحقها، أو في الوقت نفسه، خدعة يستخدمها الإنسان لإعطاء الحياة أساسًا و معنى ساميين. وفي كلتا الحالتين، يقوم البشر بإختزال الحياة، تقليصها، إعطائها معنى اعتباطيًا، وملاذًا مؤقتا.

نواصل العيش بنفس الإيقاع. نحن نأكل ونشرب ونمارس الجنس ونعمل وننام، ثم نموت في النهاية. في أحد الأيام، تطفو على السطح "لماذا" ويبدأ كل شيء في الإنهيار. يحدث الإرهاق. يبدأ التعب في نهاية الحياة الميكانيكية، ولكنه يثير على الفور رغبة الوعي الملحة للمعرفة. هذه الصحوة النهائية، كما يسميها كامو، تؤدي إما إلى الانتحار أو التعافي.

الوقت يحملنا، ولكن يأتي وقت نشعر فيه بأننا مضطرون إلى حمله. وبينما نلهث للغد، يتبين أن الوقت هو طريق مسدود و أسوأ عدو. إن عظمة العالم وغرابته عبثي محض. عندما يكتشف الفكر نفسه، فإنه سيكتشف في المقام الأول التناقض الذي يميزه و يميز العالم المحيط به. وهذا التناقض هو عبثي محض. هناك وقفة بين ما نعتقد أننا نعرفه وما نعرفه حقًا. نحن نعيش وفقا للأفكار، إذا وضعناها حقا تحت المجهر، فسوف تقيم حياتنا كلها و لا تقعدها. في محاولتنا الأولى لفهم العالم، ندرك شظاياه وتناقضاته التي لا نهاية لها. علينا أن نيأس من إعادة بناء السطح المألوف والهادئ الذي من شأنه أن يمنحنا راحة القلب. لا شيء يمكن أن يضمن لنا استمرارية العالم وثباته. هناك حقائق ولكن لا توجد حقيقة مطلقة.

غريب عن نفسي وعن العالم

العلم، بالنسبة لكامو، لا يمكن الاعتماد عليه. تستمر النظريات في التغير، والعلم يبدأ وينتهي دائمًا في فرضيات. لقد تم اختزال العلم في الصور الوصفية و في المصطلحات العلمية/الشعرية. يتم إعاقة البشر بجدران ثابتة. هذه الجدران تتحدى كل محاولة للمعرفة. المعرفة هي زعزعة التناقضات. تم تصميم الوجود لقمع فضول الإنسان وتأكيد الرفض المطبق. ومن هنا يخبرنh العلم أيضًا بطريقته الخاصة أن هذا العالم عبثي.
العبث يرفض العزاء والنظريات العلمية و الأخلاقية والمبادئ الراسخة. يتم تحفيز العقل البشري دائمًا من خلال الرغبة في المعرفة، ومع ذلك لا يجد شيئًا سوى التناقضات والهراء. العالم مكان غير عقلاني تمامًا. ما يمكننا أن نفهمه هو مجرد أصداء الجدران المحيطة بنا. على العقل عندما يصل إلى حدوده أن يصدر حكمًا ويختار استنتاجاته. هذا هو مكان الانتحار أوالتعافي. فالعبث هو نتيجة عقلانية لهذه المواجهة؛ حاجة الإنسان إلى المعرفة وصمت العالم. العبث، في جوهره، ينتهي بالموت.

العبث هو الخطيئة بدون الله

في حالة العبثية، ينفي الفكر نفسه ويهدف إلى تجاوز نفسه في حالته الوجودية المتناقضة. يبدأ العبث على أنقاض العقل. الهروب، وهو مفهوم مرتبط بالدين، يمثل أسلوبًا هشا ومتهورًا ومضطربًا للأمل. كان كامو ضد الدين لأن هذا الأخير كان في حد ذاته يشكل إدانة للموت، كما أنه مجرد من تمظهرات الحرية و الإستقلال. إن الله يضمن الحرية، لكنه في الوقت نفسه يسلبها معناها بالكامل. يقدم الله الرحمة والراحة الأبدية، ولكن الشر يسود في مملكته الأرضية. فإما أننا لسنا أحرارا وأن الله القدير هو المسؤول عن الشر. أو أننا أحرار ومسؤولون ولكن الله ليس كلي القدرة. الله، في تمظهره الجوهري، مملوء بالتناقض.

الموت باعتباره الحقيقة الوحيدة

يؤكد كامو أن الثورة هي الطريقة الوحيدة للهروب من العبث. كامو يرفض الانتحار بشكل واضح ويتشبث بالحياة. فكرته هي احتضان الواقع والموت والعبث. إن ازدراء الإنسان للآلهة، وكراهيته للموت، وشغفه بالحياة، أكسبه تلك العقوبة التي لا توصف والتي يبذل فيها الكائن كله من أجل عدم إنجاز أي شيء. إنها تلك اللحظة من التفكير المطلق والصافي الذي تهدئ العبث. تلك المرحلة من التوقف و التأمل والعودة تكمل ظهور الوعي. إن معاناتنا وترددنا في العالم هو الذي يجعل البشر متمردين. تعذيبنا يهنئ انتصارنا. في اللحظة التي نعرف فيها ذلك، تبدأ مأساتنا، ومع ذلك، فإننا ننتصر، بشكل عبثي، على خوفنا و قلة إدراكنا. يجب على المرء أن يتخيل سيزيف، بالرغم من شقائه الأبدي على الجبل، سعيدًا و مبتسما.

خاتمة

تقدم عبثية كامو صرحًا فكريا فريدا لفهم الوجود و الوعي البشري. الفلسفة العبثية تكشف التعقيد والصمت المنسوب إلى الوجود. كان الحل الذي توصل إليه كامو هو الاستمرار في الحياة، وإرجاع المعنى والفرح إلى المعاناة واللامعنى. لا يتعلق الأمر بالهروب أو الانتحار. بل يتعلق الأمر بمقاومة العبث، حتى في أكثر مظاهره عبثيةً و غموضاً.



#إلياس_شتواني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العربي المهان
- عذرا فلسطين، فعذري واحد هو أني لم أولد في فلسطين...
- عندما باع ملك المغرب اليهود المغاربة لإسرائيل
- القضية الفلسطينية هي إمتداد لقضية الإستبداد العربي
- الفلسفة اليونانية (20): أفلوطين
- الفلسفة اليونانية (19): فيلون
- الفلسفة اليونانية (18): بيرون و المدرسة الشكية
- الفلسفة اليونانية (17): أبيقور
- الفلسفة اليونانية (16): الرواقيون
- الفلسفة اليونانية (15): أرسطو
- الفلسفة اليونانية (14): أفلاطون
- الفلسفة اليونانية (13): أرستيب و القورنائيون
- الفلسفة اليونانية (12): أنتسينيس و الكلبيون
- الفلسفة اليونانية (11): سقراط
- الفلسفة اليونانية (10): بروتاجوراس و السفسطائيون
- الفلسفة اليونانية (9): فيثاغوراث
- الفلسفة اليونانية (8): ديمقريطس
- الفلسفة اليونانية (7): أناكساجوراس
- الفلسفة اليونانية (6): امبادوقلس
- الفلسفة اليونانية (5): زينون الايلي


المزيد.....




- قطر.. حمد بن جاسم ينشر صورة أرشيفية للأمير مع رئيس إيران الأ ...
- ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟
- ملف الذاكرة بين فرنسا والجزائر: بين -غياب الجرأة- و-رفض تقدي ...
- -دور السعودية باقتحام مصر خط بارليف في حرب 1973-.. تفاعل بال ...
- مراسلتنا: مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في بلدة بافليه جنوبي ...
- حرب غزة| قصف متواصل وبايدن يحذر: -لن نقدم أسلحة جديدة لإسرائ ...
- بايدن يحذر تل أبيب.. أمريكا ستتوقف عن تزويد إسرائيل بالأسلح ...
- كيف ردت كيم كارداشيان على متظاهرة هتفت -الحرية لفلسطين-؟
- -المشي في المتاهة-: نشاط قديم يساعد في الحد من التوتر والقلق ...
- غزةـ صدى الاحتجاجات يتجاوز الجامعات الأمريكية في عام انتخابي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إلياس شتواني - ألبير كامو: العبثية عدو الإنسان