أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إلياس شتواني - الفلسفة اليونانية (14): أفلاطون















المزيد.....

الفلسفة اليونانية (14): أفلاطون


إلياس شتواني

الحوار المتمدن-العدد: 7770 - 2023 / 10 / 20 - 22:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ولد أفلاطون و عاش في أثينا (427-347 ق. م). ينحدر أفلاطون من عائلة عريقة و مثقفة. تلقى منذ صغره التعليم على يد مدرس خاص و هو الذي أطلق عليه أفلاطون، إذ أن إسمه الحقيقي كان أريستوكليس. تعرف على سقراط عندما كان في العشرين من عمره، و لازمه لمدة ثماني سنوات حتى وفاة سقراط. إستمرت رحلات أفلاطون للخارج اثني عشر عاما، زار خلالها مصر و إيطاليا و تعلم الكثير من الفلسفة و العلم المنطقي.

تكمن أهمية أفلاطون في تأسيسه لنظرية تشرح طبيعة الوجود. هذه النظرية تؤكد على الوجود الأصلاني المتعالي (Transcendental) الموجود خارج العالم الحسي أو التجريبي. الأفكار فقط هي التي توجد، أما الأشياء فنستطيع أن نقول بأنها على أحسن التقدير تظهر فقط. ديميورق (Demiurge)، القوة الخالقة و المثال الأعلى، في نظر أفلاطون، خلق العالم متمثلا الفكرة. و بهذا لم يفهم أفلاطون الروح فهما ماديا، بل كعامل أصلاني (Immanental) و جواني متناقض مع المادة، لأن المادة بطبيعتها لا تتحرك ذاتيا، بينما الروح هي أصل الحركة.

الروح هي عنصر المعرفة و الخلود في الإنسان. هي كائن إلهي يسكن الجسد مؤقتا. الأفلاطونية ليست فقط صراعا بين الفكرة و الأشياء، و إنما هي ثنائية الروح و الجسد. تتمثل هذه الثنائية في المقولات التالية:
1. الروح منعزلة عن الجسد.
2. الروح كل واحد.
3. الروح أكثر كمالا من الجسد.
4. الروح تتحرر بعد موت الجسد.
5. الروح خالدة بعكس الجسد.

المعرفة بالنسبة لأفلاطون تنقسم لمعرفة عقلانية و معرفة حسية. أكد أفلاطون على أن المعرفة العقلانية ليست فقط مستقلة عن المعرفة الحسية و إنما هي أعلى منها و أهم. المعرفة العقلانية هي ذكريات. كان أفلاطون قبليا (Apriorist)، و بذلك فرّق بين الفكرة البرهانية (Discursive)، و الفكرة الحدسية (Intuitional). فالعقلانية هي أساس المعرفة و الإستنباط لكل فلسفة أفلاطون.

الحب هو أيضا مفهوم مثالي و عقلاني. فالحب حسب أفلاطون هو تطلع الروح للحصول على الخير بشكل دائم و أزلي. جمال الروح أعظم من جمال الجسد، فالحب يمثل الأفكار الجميلة و الأعمال الجميلة و النهايات الجميلة، أي الجمال الروحي المطلق. الحب الجسدي هو وسيلة بإتجاهه فقط، فنحن نتحصل على الأهداف المطلقة عن طريق الأهداف المادية الزائلة.

تجادل فلسفة أفلاطون بأن للعالم روح تسكن الجانب المادي للكون، وهذه النفس ذات طبيعة أنثوية. في «تيماوس» (Timaeus)، يقدم أفلاطون طرحا خاصًا لمفهوم السبب الأول (Prima Causa)، ويرسم فلسفته بالكامل على هذا الأساس. يمثل الكون في نظره، بما في ذلك أجسادنا، صورة الخالق. لقد وهب الخالق البشر النوس (Nous) و الذي يعني الذكاء. هذا الأخير يقع في الجانب الروحي، والروح تقع في الجسد. خلق الله الروح قبل الجسد في التكوين والذكاء. الروح غير مرئية، وتتألف من العقل والإحساس. نحن، بالمعنى الصحيح، نبتة ليست من الأرض بل من السماء.

تعتمد فلسفة أفلاطون على السيادة الهرمية لمجال العقل على مجال الطبيعة، وجعله كأساس لكل موضوع يتم مناقشته: السياسة ، الحب ، الجمال ، المعرفة ، الفن ، التعليم ، والكون. الطبيعة هي صورة تجريدية للعالم غير البشري، وهي منفصلة عن عالم الأحياء والمادة. الحياة المادية هي الطبيعة المجردة التي يتبناها أفلاطون. إنها الشعارات التي تحكم التفكير العقلاني والنظام المادي، وتمجد استكشافه واستغلاله، والصراع بين الكون والفوضى هو ما يهم أفلاطون ونظريته للأفكار. تفصل الثنائية الأفلاطونية الترتيب الأعلى للمثل من الترتيب الأدنى للطبيعة. يتحدث أفلاطون عن روح العالم وتميزها عن المادة. تعطي هذه الثنائية الأولوية للروح كما خلقها الله قبل العالم وتجعلها القوة المهيمنة في الكون. تعتمد فلسفة أفلاطون على التناقض بين عالم المثل و المادة. العالم الذي يمكننا رؤيته، لمسه، و الشعوربه نسبي؛ عالم الطبيعة الزائل. إن العالم الحقيقي يثبت التفوق المثالي المطلق للمثل و العقل على حساب الجانب المادي والبيولوجي النسبي. كل شيء يشمل الجسد والطبيعة، يُرى خارج عالم الروح. نحن مسجونون في العالم المادي لأن الروح هي الذات الحقيقية. يجب على البشر السعي وراء الموت للعثور على الحقيقة والخلاص. وبالتالي، فإن مفهوم الهروب يقدم حلاً للذات المنقسمة. يرى أفلاطون الإنسان كمخلوق سماوي محض. يعتمد هذا على فرضية أن موقع البشر يقع خارج المجال المادي. الأرض ليست مكانًا للعيش، ومع ذلك فهي مهرب عابر ومؤقت إلى مقصد نهائي. يصبح الموت الطريقة المثالية الوحيدة للفيلسوف لتحقيق الانسلاخ والانفصال عن العالم المادي.

في «الجمهورية» ، تمثل أسطورة الكهف الاحتكاك و الصراع بين عالمي المثل والمادة. الخروج من الكهف يلخص مرحلة الانفصال. الخروج من الكهف يعني بلوغ مرحلة المثل الأبدية والثابتة. ما نتركه ورائنا هو عالم الأنوثة والمادية والحواس المقيد؛ الجانب الطبيعي. ترمز الاستعارة بشكل ملحوظ إلى هذه المرحلة من الانقسام والتعالي عن الأرض نفسها. تتحدث النظرية الأفلاطونية صراحةً عن العقل باعتباره المستوى الأعلى في الكون، وأن هذا الأخير يجب رؤيته واستخدامه في نطاق خدمة للبشرية. هذه الفلسفة تتطلب التقليل من قيمة الطبيعة. تعتبر دراسة وتمجيد الموت أمرا أساسيا من وجهة نظر أفلاطون. إن دور الحرب والنزعة العسكرية وتجسيدها في مجتمع المدينة الفاضلة يبرر وجود عالم من العبيد والحرب المستمرة واستمرار وسائل الإنتاج. يقدم المحارب حياته حتى الموت ليؤكد سيادته على جسده ولكي يحتقر الحياة. الطبيعة موت وفوضى وتبديد. يتطلب وضع البطل المحارب أيديولوجية توفر طريقًا لتحدي الموت الجسدي والحفاظ على الاستمرارية. تقدم الهوية الأفلاطونية حلاً لهذه المشكلة باعتبارها الموت كإستمرارية وليس توقفا. إنها فلسفة مرتبطة حصرا بالنظام الروحي.

هنالك تشابه بين المجموعة و الفرد، و لذلك يجب على كل جزء من الدولة أن يمثل الجزء المقابل له من الروح. فضيلة الحكام هي الحكمة، و الجنود هي الشجاعة. الصناع مهمتهم السيطرة على الذات. يسود العدل المطلق و النظام في الدولة أو الجماعة عندما تقوم كل طبقة بواجبها المفترض. و هكذا فالدولة المثالية هي دولة طبقية ذات طبيعة متدرجة تسعى للكمال، تماما مثل الروح.

الأفلاطونية هي المثالية المحضة أي هي النظرية التي تنادي بوجود مكونات مثالية خالدة في كل مجالات الحياة. نحن كائنات مادية نموت، لكننا ككائنات روحية نعيش. نعيش في تناسق على الأرض، و نحيا الخلود بعد الموت. الموت لا شيء، هو فراغ و نهاية صامتة وغامضة، لكن البداية الحقيقية تتجلى في الإنسلاخ المادي و السعي وراء الخير الروحي المطلق.



#إلياس_شتواني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة اليونانية (13): أرستيب و القورنائيون
- الفلسفة اليونانية (12): أنتسينيس و الكلبيون
- الفلسفة اليونانية (11): سقراط
- الفلسفة اليونانية (10): بروتاجوراس و السفسطائيون
- الفلسفة اليونانية (9): فيثاغوراث
- الفلسفة اليونانية (8): ديمقريطس
- الفلسفة اليونانية (7): أناكساجوراس
- الفلسفة اليونانية (6): امبادوقلس
- الفلسفة اليونانية (5): زينون الايلي
- الفلسفة اليونانية (4): بارمنيدس
- الفلسفة اليونانية (2): انكسماندرس و انكسمينس
- الفلسفة اليونانية (3): هيراقليطس
- الفلسفة اليونانية (1): طاليس
- ما ألقى الشيطان في أمنيتي
- الكتاب الذي سيجعلك ملحدا
- الضياع في مسائل الإجماع
- الإمبراطور الوثني قسطنطين و المسيحية
- اللكعاء
- عن الأخلاق
- ثورة الكلاب الصعاليك ضد كلب جائر


المزيد.....




- رئيس كوريا الجنوبية يعتزم إنشاء وزارة لحل أزمة انخفاض معدل ا ...
- مصادر تكشف لـCNN ما طلبته -حماس- قبل -توقف- المفاوضات بشأن غ ...
- ماذا قال الجيش الإسرائيلي بشأن تعليق الأسلحة الأمريكية والسي ...
- -توقف مؤقت- في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. ومصادر توضح ال ...
- فرنسا: رجل يطلق النار على شرطيين داخل مركز للشرطة في باريس
- إسرائيل تبلغ نهائي يوروفيجن وسط احتجاجات على مشاركتها بسبب ا ...
- ?? مباشر: محادثات الهدنة تنتهي دون اتفاق وحماس تقول إن -الكر ...
- نتنياهو ينتقد بايدن وواشنطن تقترح -بدائل- لاجتياح رفح
- تشاد تعلن فوز محمد إدريس ديبي بالرئاسة ومنافسه: الانتخابات س ...
- ما مخاطر الذكاء الاصطناعي بين الأيدي الخاطئة؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إلياس شتواني - الفلسفة اليونانية (14): أفلاطون