أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - فشل الدولة البوليسية بعد سبعة وستين سنة من النهب والافتراس















المزيد.....


فشل الدولة البوليسية بعد سبعة وستين سنة من النهب والافتراس


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7575 - 2023 / 4 / 8 - 12:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ ستينات القرن الماضي والى غاية اليوم ، نفس الطقوس ، نفس الممارسة ، نفس المسرحية التي تلعب ، نفس السياسات ، نفس الالاعيب ، نفس الخطابات ونفس الكذب والوعود ... لم يتغير أي شيء ، والذي تغير ، فقط اللاعبون الاساسيون في المسرحية الملعبة .
ان المستفيد الأول والأخير وبدرجة أولى ، اللاعبون الاساسيون ، ولا عبي الاحتياط الذين يوظفون لتغليب كفة على أخرى ، او لعرقلة وصول جماعة من الجماعات التي يرى المشرف الرئيسي على المسرحية ، ان دورها لم يحن بعد ، او يرى انها لا تصلح للعب دور الموظف السامي بإدارة الملك ، ربما بسبب مواقفها ، او انه لا يثق فيها ، او يكرهها بسبب تكوينه المرفوض والمهدد بشعاراتها وببرنامج عملها .
منذ الستينات والى اليوم ، نفس الأحزاب رغم انها تلاشت واندثرت بنجاح الدولة البوليسية في افراغها من مضمونها ، وأصبحت مجرد صدفيات تؤثث فضاء الدولة البوليسية لتزليج واجهة ( ديمقراطيتها ) الذي قرعها تقريران غربيان ( الغرب ) ، وما اجتمعت امتي على ظلالة ، تقرير البرلمان الأوربي ، وتقرير الخارجية الامريكية ، نفس العقليات ، نفس الانتخابات ، نفس البرلمانات ، ونفس الوضع الذي اصبح اليوم لا يطاق ، حيث تحولت الرعية ( الشعب ) الى جماعة من المتسولين والمرضى والجياع ، الذين يجهرون بجوعهم وفاقتهم من دون انقطاع . أي لا شيء تغير في المضمون ، او تحسن لفائدة المطلب ( الشعبي ) الرعايا ، وكأننا لا نقول ان وضعنا اليوم يتدحرج من سيء الى أسوأ ، لكن يحق لنا ان نقول مع اعتراف الملكين الحسن الثاني ومحمد السادس ، بان ( السكتة القلبية ) والسكتة الدماغية اليوم ، وباعتراف محمد السادس بفشل ( نموذجه ) التنموي ، وهو اعتراف بفشل نظام حكمه ، واعتراف بفشل حقبة غالية لو تم استغلالها ديمقراطيا ، لما كنا واصبحنا على ما نحن عليه اليوم ، حيث اصبح الجميع يتشفى في ما نحن فيه وعليه ، وهو اعتراف بتبخر طموحات جيلين من الشباب ، الذي اصبح تائها مُضبّع تتقاذفه الجريمة والعنف بكل صوره وتجلياته البشعة ، مثلما فشل وتبخرت أطماح أجيال وأجيال منذ ستينات القرن الماضي والى اليوم .
فمن الأخطر . هل الصدمة ( القلبية ) ، وكانت تخرجة موفقة ، ورطت من كان ينتقد الوضع ، في اقتسام الصدمة ، حين أصبح عبد الرحمان اليوسفي وزيرا أولا ، مختص بتنزيل مخطط وبرنامج القصر المسؤول عن ( الصدمة ) القلبية ، ام الصدمة ( الدماغية ) مع محمد السادس ، مع العلم ان استعمال مصطلح الصدمتين ، هو لتبرير الدكتاتورية ، وقتل الامل في نفسية الرعايا ( الشعب ) ، وتعويده على تقبل المشقة ، من خلال تعويده على الصبر الذي لن ينتهي اطلاقا .. لكن من وجهة نظرنا الصبر الى متى في دولة بطريركية ، رعوية ، كمبرادورية ، إمامية ، ثيوقراطية مزيفة ، مفترسة للمال العام ولثروة الشعب المغربي المفقر .. واقلية مترفة تسيطر على الثروة ، ويتضاعف غناها يوما عن آخر باضطراد ، ودون توقف . فالرعايا ( الشعب ) تعيش اليوم الفقر والفاقة ، وتئن من الجوع ، والمرضى يتسولون و يتوسلون المحسنين للتكلف بمصاريف امراضهم المزمنة ..
فحتى متى سياسة الإيهام ، والإلهاء ، والكذب ، وتقديم الوعود المعسولة ، والبحث عن الصُّغيّرات لتعويم الإلهاء ، والوهم ، وتضبيب الواقع ، والاحداث تتسابق وتتسارع بسرعة قياسية كالفرط صوتية ، وتتراكم كطنجرة ضغط حان وقت تفجيرها . وستنفجر في أي لحظة ودقيقة . وعند انفجارها لا راد لما أراده الله .
بل ان سياسة النظام البوليسي في مملكة الرعب اليوم ، كما بالأمس ، لم تكن خدمة القضايا الاجتماعية ، والإنسانية ، والاقتصادية ، لإزالة التعاسة عن المغبونين من الأكثرية الرعوية ، بل كانت الحصيلة والنتيجة هي الإفلاس . افلاس كل ( المشاريع ) السابقة واللاحقة ، بسبب الارتجال والتجريب ، وبسبب غياب الدراسات وغياب المحللين في ميادين تخصصهم . فكل شيء أفلس ، لأنه مبني على التقليد والتجريب ، فقط التجريب وكأننا في مختبر للفئران ، ولسنا في ( منظومة ) متكاملة ضمن مشروع او برنامج عام ، باسم نظام معزول دوليا ، اكثر من عزلته داخليا .
ولي ان أتساءل هنا . ألم يكن أكبر افلاس وأكبر فشل ، هو اعتراف الملك بفمه المليان ، بفشل تجربة ثلاثة وعشرين سنة من حكمه ، اعترافا بفشل نظامه الذي يبرع بوليسيا ، وفشل في التمية ، لان البوليس يدمر الدولة حين يتوغل ويصبح كل شيء ، وتصبح كل قضية تفسر التفسير البوليسي ، بل ان البوليس السياسي المتغول ، لا يتردد في تفسير حتى التاريخ تفسيرا بوليسيا ، مما يجعل الدولة والرعايا تحت حكم البوليس الذي طغى حتى على الجيش .
ألم يكن أكبر افلاس وأكبر فشل ، أن مشكلة الصحراء لا تزال معلقة امميا منذ سبعة وأربعين سنة خلت ، وكأننا في البدايات الأولى لسنة 1975 ؟
ألم يخسر النظام البوليسي بمقاربته البوليسية الخاطئة ، ملف نزاع الصحراء الغربية الذي تنتظره شهورا عجاف ، قد تنتهي بالانفصال التام ، وبمساعدة منظمة الأمم المتحدة مسْلخة قضايا الشعوب العادلة Une abattoir . فحين يتم التركيز فقط على حل الاستفتاء ، وتدبج قرارات مجلس الامن في هذا السياق ، فالمستهدف بالأساس النظام البوليسي الذي اضحى مرفوضا ومعزولا دوليا ، والمستهدف المغرب كأرض وتراب ، في أفق خلق الكانتونات الصغيرة ، التي ستصبح دمية بيد الامبريالية والاستعمار .
أين وصل مجتمع البؤس ، والفقر ، والامراض المتنوعة ، وهل وصل الرعايا ( الشعب ) الى مستوى لتدارك الاخطار المهددة لوحدته القومية والجغرافية ؟
وبتساؤل لطيف . حتى متى الاستمرار في اللعب في نفس المسرح ، الذي لم تعد خشبته تتحمل ، وقادرة على هضم الأدوار الكاذبة ، وسوق عام ، والواقع قد كذب وبالعين المجردة ، سياسة النظام البوليسي منذ ستينات القرن الماضي ، والى اليوم الذي أصبح فيه نظام ومسلسل تيمور الشرقية ينتظر وحدة المغرب ، ووحدة الشعب ، والحل لن يتجاوز السنتين القادمتين ؟
ان أي مجتمع وكيفما كان من منظور البنيويين ، هو مجموعة بنيات : بنية اقتصادية ، وبنية سياسية ، وبنية أيديولوجية ، وبنية اجتماعية ، وهو في نظر آخرين ( برديو مثلا ) " Pierre Bourdieu " ، مجموعة مجالات أو حقول ، ولكل حقل قوانينه ، ومعاييره ، وفاعلوه الاساسيون ، والثانويون ، ورهانه الأساسي ، أي القيمة او البضاعة التي يدور حولها الصراع على اشده ، بين مختلف ( الفاعلين ) في المجال ، بهدف تملكها ، واستثمارها ، وتوظيف نتائج حيازتها في اكتساب المزيد من الثروة ، والحظوة والجاه والنفود .
لكن نتساءل : ألا يمكن النظر الى المجتمع والدولة الرعوية ، الأميرية ، والإمامية من خلال استعارة اقتصادية ، يتشكل من مجموع من الأسواق الفرعية ؟
فبالإضافة الى السوق الاقتصادية ، هناك سوق أيديولوجية ، وسوق اجتماعية ( ألم يتحدث الانثروبولوجيون عن تبادل النساء كشكل من اشكال التبادل الاجتماعي ؟ ) ، ولِما لا مسرح سياسي كما لاحظنا منذ الستينات والى اليوم . أي من الحسن الثاني الى محمد السادس المُغيب وهو بصحة جيدة ، وبالمرض اصبح غائبا نسأل له ولجميع المرضى الشفاء ، لأننا لسنا مرضى نتشفى في الناس .
ان البضاعة السياسية الأساسية في الأنظمة الديمقراطية او شبه الديمقراطية ، هي الخيرات المتمثلة في تدبير شؤون الجماعة ، وحيازة قسط من السلطة يُمكِّن من الوصول الى ذلك .
فما يروّجه ويوزعه الفاعلون الاساسيون ، هو حزم الخطب ، والبرامج ، والوعود ، والآمال ، والخدمات الإدارية ، والتوسطات التي يبيعها مختلف الفاعلين ( السياسيين ) ، هيئات وافرادا لعموم الجمهور .
وهنا يمكن التمييز بين البضاعة الرمزية ، الأفكار ، المبادئ ، الأيديولوجيات .. الخ ، والبضاعة العينية ، خدمات ، توسطات ، حماية ... الخ .
وكثيرا ما تتخذ الهيئات السياسية من أحزاب ، نقابات ، وجمعيات ، صورة شراكة سياسية ، تنتج وتوزع ، وتروج بضاعة أيديولوجية من لون معين : بضاعة ذات لون ليبرالي ، بضاعة أيديولوجية ذات لون اشتراكي ، بضاعة ذات نغمة عرقية ، وبضاعة اسلاموية ... الخ . وغالبا ما يتم تكييف هذه البضاعة ، وفق مقتضيات ووضعية المشتري ، او المستهلك .
فالبضاعة السياسية الموجهة الى الفئات الدنيا في السلم الاجتماعي ، هي بضاعة الاحتجاج ( الْحيّاحة ) و ( العيّاشة ) . والبضاعة السياسية القابلة للرواج لدا الفئات الوسطى والعليا ، هي بضاعة الشكر والحمد والتبرير . هذا فيما يخص استقطاب واستجلاب الجمهور في الحالات العادية .
اما فيما يخص الديمقراطية ، فان قانون المسرح السياسي ، هو القانون الذي تخضع له العملية الديمقراطية . فهذه الأخيرة في نظره مُنافسة ( مناقصة او مزايدة ) عامة ،بهدف الاستيلاء على مواقع سلطوية في الدولة Autoritaire ، حيث يتزاحم الرجال والنساء معا ، على الوصول الى مؤسسات مركزية ، تشريعية او تنفيذية ( برلمان – وزارة ) ، او جهوية ( مجالس بلدية ، حضرية ، قروية ، جهات ... الخ ) .
والوصول الى هذه الغايات القصوى يتطلب أولا ، العمل على الاستيلاء على المسرح السياسي والتحكم فيه ، وذلك بكسب أكبر قدر من أصوات الناخبين الذين هم بمثابة زبائن ، او مستهلكين سياسويين .
وان ما يزكي هذه الصورة التي تحكم الوضع في دولة محمد السادس ، والصورة الميركانتيلية للعملية ( الديمقراطية ) ، الأهمية الخاصة للمال والاعلام في العمليات الانتخابية . فرواج المال في هذه العملية معناه ، ان البائع في أمس الحاجة الى هذه البضاعة ( صوت الناخب ) ، الامر الذي يدفع بهذا الأخير الى المطالبة بالأداء العيني المباشر والمقدم ، بدل الأداء او التسديد بالتقسيط عبر تقديم خدمات طيلة المدة النيابية للمرشح .
هكذا يطال قانون البضاعة كلاّ من ( الشاري ) و البائع ( الناخب ) ، حيث لا يكتفي المرشح بان يبيع بضاعته الأيديولوجية ، والسياسية ، والخدماتية لزبونه السياسي . بل يجد نفسه مضطرا لأن يقلب له المشتري ظهر المجن ، فيتحول بدوره الى بائع لصوته بتسديد فوري .
وككل شاطر ، فان المرشح يميز القيمة التبادلية الآنية ، والقيمة الاستعمالية الطويلة المدى لصوت الناخبين . فإذا دفع الآن درهما واحدا ، فسيجني منه خلال مدة صلاحية البضاعة ( فترة الولاية الانتخابية ) ، أضعافا مضاعفة . فالتمثيلية السياسية في هذا الاطار ، عبارة عن استثمار اقتصادي مضمون ، وذي مردود مُجْز .
وقد فهم النظام البوليسي هذه اللعبة ، فرفع أجور الموظفين السامين بإدارته ( وزراء وبرلمانيين ) ، واصبح لهم تقاعد اكثر من مريح ، كما رفع امتيازات الهيئات التمثيلية تمييعاً للديمقراطية ، وتحويلها الى سوق اقتصادي لترويج البضاعة السياسية . " سوق عام " .
أمّا عن الاعلام ، فقد اصبح في الدولة البوليسية بمثابة عنصرا ملازما للعملية السياسوية بشكل عام ، و(الديمقراطية ) بشكل خاص . فاكتساب الأنصار لا يتم الاّ اذا كانت الخطة الإعلامية ناجحة وناجعة ، لان دورها هو تلميع البضاعة ، وتلميع صورة حاملها ، لضمان ممارسة الاغراء والجاذبية اللاّزمين لرواج البضاعة وأية بضاعة .
بل ان المنطق الذي يسود الاعلام السياسوي خلال الانتخابات ، هو المنطق نفسه الذي يتحكم في اشهار البضاعة : صابون Omo ، صابون Arielle ينظف كذا ... فكل هيئة تدعي أنها طاهرة وناصعة ، وقادرة على تحقيق الآمال والوعود المعسولة أكثر من غيرها .
فهل هذا التماثل الكبير بين المسرح السياسي ، وبين اللاعبين السياسويين من حيث الشكل والآليات ، بل من حيث خضوع المجال السياسي لقوانين المسرح السياسي ، يبقى مجرد تماثل شكلي ، وسطحي ، وعارض ، أم هو تماثل عميق ؟
هل يعود ذلك الى طبيعة النظام البوليسي ، كنظام يبضّع ، ويضفي صبغة سلعية على كل شيء ، بما في ذلك مجال التسيير والتدبير السياسوي ، ومجال القيم والمعايير ؟
كان المفكر السسيولوجي الألماني " Max fiber " جريئا في تعميم آلية التحليل الاقتصادي على كافة الظواهر الاجتماعية ، وهي الفكرة الملهمة التي تجد صداها عند السسيولوجي " Pierre Bourdieu " ، وهذا ما يضفي مشروعية نظرية على مثل هذه الرؤية .
فالمجتمع والدولة في مثل هذا المنظور ، عبارة عن مسرح كبير يضم مجموعة لاعبين مسرحيين : المسرح الاقتصادي ومداره تداول الخيرات والمنافع ، وتبادلها بين الناس . والمسرح الروحي ومداره تداول الخيرات الروحية والأخروية ، او خيرات الخلاص من بني البشر . والمسرح الأيديولوجي ويروج وتتداول فيه خيرات المعنى والتأويل والرمز والامل . والمسرح السياسوي ورهانه او بضاعته ، هي مسألة السلطة التشريعية ، والتنفيذية أ والقضائية بالمعنى المركزي الموسع ، المادي والرمزي . ولكل مسرح قوانينه ، وأعرافه الخاصة ، وبيروقراطيته ، وتراتباته ، ومُثله ، وصراعته .
هكذا يجد الحديث عن المسرح السياسوي ، بعض أسس المشروعية النظرية في هذا الطرح . بل يجد فيه أساس تميُّزه ، وذلك من حيث ان المسرح السياسوي هو سوق عام الموجه لكل المسرحيات الأخرى ، لأنه تعبير هيگلي Hegel يعكس الإرادة العامة الجماعية ، إما في صورتها الكلية الناتجة عن الاجماع ، او في صورتها الاختزالية الناتجة عن الصراع .
ان الهدف من المسرح السياسي ، والجذبة السياسية المناسباتية ( انتخابات الملك ) ، والمستمرة كآلية جهنمية ، للسيطرة على الاقتصاد والثروة ، هو تمكين طبقة محدودة للإستئثار بكل السلط ( الحكم ) ، وبكل الثروة ، مع بقاء الأغلبية الساحقة خارج الحد الأدنى للعيش الكريم . أي تفقير وقتل الرعايا الجاهلة .
ان المشرفين ، والمخرجين ، والساهرين على هذا التمييز المجتمعي ، والمشتغلين على إنجاح هذه الفوارق الطبقية ، متخصصين في بث سياسة الإلهام والإلهاء ، والوعود المعسولة ، والاحلام الكبرى المنتظرة ، قصد بث سياسة الإلهاء الفئوي ، والجماهيري ، والشعبي .
فما دام الشعب ينتظر ، ومشبعا بأمل " گودو " الذي لن يأتي ابدا ، فالثورة الشعبية ستبقى بعيدة ، وسياسة التّرْياق كافية ، وشراء الذمم كافية لتطويع الجبال ، فأحرى القطيع التائه ، والفاقد لبوصلة الاتجاه الصحيح .
لكن الى متى هذا الإلهاء ، وإلى متى هذا المسرح المفضوح ، لان تراكمات خمسة وستين سنة من استقلال Aix-les Bains ، اضاعت أحلام أجيال واجيال من الشباب ، حتى وصلنا ان يعترف الحسن الثاني ( بالسكتة القلبية ) ، وكانت فخا لتوريط المعارضة البرلمانية في تحمل جزء من المسؤولية في افلاس الدولة ، واعتراف محمد السادس بالفشل المدوي لنظامه المعزول منذ 1999 .. كانت أربعة وعشرين سنة من الإلهاء ، ومن العبث ، والكذب ، والوعود المعسولة ، وهو ما يعني الاعتراف بالسكتة الدماغية لحياة الشعب ، وليس السكتة ( الدماغية ) للأقلية المترفة ، والمستحوذة على الاقتصاد ، والمفترسة لخيرات الشعب بنَهَم حيواني لا مثيل له في عالم الافتراس لثروة الشعب في العالم . فما جمعه وراكمه محمد السادس منذ خلافته الحسن الثاني ، من ثروة وفي ظرف وجيز لا يتصور .
وكلما كان الشعب يزداد فقرا ، ووصل به الحال الى الائنين من الجوع والامراض ، كلما تضاعفت ثروة الملك ، وثروة اسرته ، وعائلته ، والمرتبطين بنظامه ولو نفاقا ، بشكل فاحش .
فمع احتداد المشاكل البنيوية ، واتساع أكثر للفوارق الطبقية ، وفشل المقاربات البوليسية الضيقة في معالجة نزاع الصحراء الغربية التي تنتظر الانفصال ، ومع انتشار الظلم والاعتداء على الناس من قبل بوليس الملك الفاشي ، وانتشار الفساد بكل تجلياته ومظاهره ، وملء سجون الملك وباسم الملك ولو انه كان مغيبا واصبح بالمرض غائبا ، بأحرار وشرفاء الشعب المغربي ، والاجتهاد في القمع ، ومصادرة الحريات ، وإرهاب الدولة البوليسية لتكميم الأفواه ، واخراس الألسن ، وليِّ الأقلام الجريئة التي لا تخاف من قول الحق ، ومن التنديد بالظلم ، وبالاعتداء على الناس ، لنشر الخوف حتى يسود فقط الصمت الرهيب .. فان وضع المغرب الراهن ، شبيه بطنجرة ضغط كبير ، قد تنفجر في كل وقت وحين في وجه الملك الغائب ، وفي وجه نظامه الرعوي البطريركي ، لأنه هو المسؤول الأول والوحيد عن الوضع المزري الذي يوجد فيه المغرب .
والسؤال . هل يجهل الملك الذي سلم المغرب لشلة من المجرمين ، يعتدون ظلما على الناس ، وينهبون ثروة الشعب بطرق غير مشروعة بان المغاربة محرومون من ثروات بلادهم ، ومفقرين ، ومتسولين للمحسنين للتكفل بمصاريف علاجهم من الامراض المستعصية والمزمنة .. اين الدولة والشعب هو من يدفع الضرائب المختلفة والمتنوعة ، ليستفيد من الخدمات المشروعة من تعليم حقيقي ، ومن مجانية الصحة الغير موجودة ، ومن سكن مناسب ، ووسائل نقل مناسبة ، وطرقات جيدة ..؟
وما يتضح انّ منْ مصلحة بعض مرضى النفوس المفترسين ، والماسكين بالدولة ، حصول الانفجار العام الذي يعتقدون انه سيخدم مكائدهم ، وشرهم ، ومخططاتهم الشيطانية مثل مخيم " إگديم إزيگ " ، التي ستنقلب عليهم قبل ان يُقسّم المغرب الى ذرات موزعة جغرافيا هنا وهناك ..
فما جرى بالشرق ستكون تكملته بالشمال الافريقي . والمدخل للتغيير سيكون بابه نزاع الصحراء الغربية .
سننتظر مناسبتين . المناسبة الأولى وهي كيف سيكون تعامل مجلس الامن مع نزاع الصحراء الغربية . فالمؤشرات تنبئ بقرار سيكون مزعجا للنظام العلوي . والمناسبة الثانية انتظار عقد القمة العربية في السعودية ، واللقاء سيكون بين الاتحاد الافريقي وبين المجموعة العربية .. ومن خلال المعطيات ستحضر الجمهورية الصحراوية لقاء المملكة العربية السعودية ، مثلما حضرت لقاء الاتحاد الافريقي والاتحاد الأوربي في العاصمة Bruxelles ..
كما يجب انتظار الغاء اتفاقية الصيد البحري وكل الاتفاقيات بين الاتحاد الأوربي وبين النظام العلوي قريبا .. وهو ما سيشكل ضربة للنظام العلوي في نزاع الصحراء الغربية ..
لقد فشل نظام محمد السادس ، ومنه تكون قد فشلت الدولة البوليسية في جميع الميادين .. والفشل افصح عنه بفمه المليان أمام العالم ، ومن خلال وسائل الاعلام ..
فلا هو أصلح الوضع الاجتماعي والاقتصادي للشعب ، الذي اصبح افراده يؤنون من الجوع والمرض ، ولا هو حافظ على وحدة الصحراء التي تسيطر جبهة البوليساريو على ثلثها .. لقد اعترف محمد السادس بالجمهورية الصحراوية في يناير 2017 ، واصدر ظهيرا وقعه بخط يده يقر فيه بهذا الاعتراف ، ونشر اعترافه بالجمهورية الصحراوية وبالحدود الموروثة عن الاستعمار ، في الجريدة الرسمية لدولته عدد 6539 . ناهيك عن اقراره بإسبانية سبتة ومليلية حين اكد المسؤولون الاسبان بأسبنة الثغرتين ، واكدها Pedro Sanchez من قصر محمد السادس الذي لزم الصمت .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطاب السياسي ( 4 )
- الخطاب السياسي ( 3 )
- الخطاب السياسي ( 2 )
- الخطاب السياسي ( 1 )
- السلف . هل حقا كان سلفا صالحا ، ام كان في حقيقته سلفا طالحا ...
- في البطريركية السياسية
- تغول بوليس الدولة البوليسية السلطانية
- استراتيجية الاختراق الإسلامي للجامعة ومنها للمجتمع
- الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
- التحالف ضد الشعب
- حين يكذب الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ، على رئيس جزائري غا ...
- هل حقا أهان النظام الموريتاني النظام المغربي ؟
- في الكتلة التاريخية او الجبهة التقدمية
- جواب الديوان الملكي ، و( المعارضة ) الشاردة والتائهة .
- حين يصبح القصر في نفس مستوى حزب . فتلكم مهزلة . فهل بلغ الضع ...
- العمل الجمعوي والصحوة الديمقراطية .
- إيران . السعودية . حزب الله . البوليساريو
- إشكالية الصحراء الشرقية
- الديمقراطية معركة مستمرة وشاملة
- نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال ...


المزيد.....




- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث -عدوان الإمارات ...
- أطفال غزة.. محاولة للهروب من بؤس الخيام
- الكرملين يكشف عن السبب الحقيقي وراء انسحاب كييف من مفاوضات إ ...
- مشاهد مرعبة من الولايات المتحدة.. أكثر من 70 عاصفة تضرب عدة ...
- روسيا والإمارات.. البحث عن علاج للتوحد
- -نيويورك تايمز-: واشنطن ضغطت على كييف لزيادة التجنيد والتعبئ ...
- الألعاب الأولمبية باريس 2024: الشعلة تبحر نحو فرنسا على متن ...
- جامعات تنتفض نصرة لغزة.. ما الذي حرك الغضب بقلاع المعرفة الأ ...
- الذكاء الاصطناعي يكشف مكان قبر أفلاطون
- رويترز: اجتماع عربي دولي بشأن غزة في الرياض هذا الأسبوع


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - فشل الدولة البوليسية بعد سبعة وستين سنة من النهب والافتراس