أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - في الكتلة التاريخية او الجبهة التقدمية















المزيد.....



في الكتلة التاريخية او الجبهة التقدمية


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7556 - 2023 / 3 / 20 - 15:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


( ان هذه الدراسة سأرسلها من Cyber ، لأن البوليس السياسي وكلاء البوليس الصهيوني في المغرب ، قطعوا الكونكسيون / الانترنيت ظلما عن منزلي ، رغم اني اديت واجب الاشتراك منذ مدة قبل حلول موعد الأداء ) .
الحل والبديل . هل في نظام الكتلة التاريخية ، ام انه في نظام الجبهة التقدمية الديمقراطية ؟ .
وهل بالساحة السياسية من الأحزاب والتنظيمات الأجدر ، سواء بنظام الجبهة او بنظام الكتلة ، علما ان أحزاب الستينات ، والسبعينات ، والثمانينات ، وحتى نهاية التسعينات ، انقرضت وذابت اليوم في المشروع الرسمي للدولة .. ؟ .
واذا اخذنا بعين الاعتبار انخراط جميع الأحزاب في المشروع الرسمي للدولة التي فككت أحزاب معارضة الدولة ، وأحزاب معارضة الملك ، وأحزاب معارضة اختصاصات الملك ، فمع من يمكن بناء الجبهة او بناء الكتلة ، مع العلم ان معيار التمييز بين الأحزاب لم يعد صالحا ، لان لا فرق بين جميع المكونات الحزبية التي تشتغل في الساحة .. ؟ .
واذا كانت جميع الأحزاب قد ذابت في المشروع الرسمي والرئيسي للدولة ، فما الحاجة من الدعوة لإنشاء جبهة او كتلة لمعارضة منْ ؟ . هل ستعارض النظام وهي جزء منه ، وتعيش على فتاته ، ام انها ستكون جبهة او كتلة ضد الأحزاب التي ترفض الانخراط في نظام الجبهة او نظام الكتلة ، وهذا لا يجوز لأنه لا يمكن تصوره ، أي جبهة او كتلة ، في مواجهة أحزاب الدولة ، والتي كانت تسمى في زمن السياسة بالأحزاب الإدارية .. مع العلم ان جميع الأحزاب يصدق عليها تسمية أحزاب الدولة ومن دون استثناء ..
الملاحظ ان الطبقة السياسية المغربية ، وهنا أعني الأحزاب والمنظمات الراديكالية السابقة ، في نشاطاتها اليومية كمعارضة ، سواء للنظام ، او معارضة للدستور ، أي صلاحيات الملك ، لم تعطي أهمية تذكر للأحلاف والتحالفات الحزبية والتنظيمية ، وإنْ كانت تسوّق للتحالف من زاوية استهلاكية ، لا عملية وواقعية ، وإنْ كانت كذلك في خطاباتها ، لا تخلو من الدعوة للوحدة التي لم ترق حتى الى مستوى التنسيق عند خوض الصراع بمفهومه الإصلاحي او الجذري . فكان يغلب على نضالاتها التفرد ، والعزلة ، والتمايز ، اكثر من الاتحاد ، وتنسيق العمل ، والنضال السياسي المشترك .. فبالرجوع الى مختلف الادبيات السياسية ، سنجد تجاهلا لدعوات الوحدة او التنسيق . وبالعكس سنجد كثرة دعوات الطعن ، والذم ، والتنقيص في الخصم المقابل ، حتى وانْ كان يمْتح من نفس المدرسة الفلسفية والأيديولوجية بسبب حب الزعامة ، وحب الاستئثار والسيطرة ، وبسبب طابور النظام المخترق للجميع ، في حين ان الجميع في ضعف مبين وبيّن .
هكذا سنجد الدعوات الى إطارات العمل السياسي كالكتلة التاريخية ، او الجبهة التقدمية ، لم تكن تشغل الرأي العام النشيط ، ولم تكن تحظى بالأهمية والاهتمام اللازمين ، وكأنّ تاريخ أحزاب المعارضة إصلاحية او جذرية ، هو تاريخ صراع ، وتضاد ، وذمّ ، ولا علاقة له بالدعوة الى التوحيد ، وبناء الوحدة عصب الصراع المفضي الى المجابهة والى النصر .
أولا . يجب إماطة اللثام عن الفرق بين الكتلة وبين الجبهة ؟ ولماذا كان البعض يدعو الى الجبهة ، وكان البعض المحسوب على رؤوس الأصابع يدعو الى الكتلة ؟
ثانيا . لماذا وباستثناء تجربة اليسارين في بداية سبعينات القرن الماضي ، الذي شكلوا جبهة سرعان ما انفرط عقدها ، ظلت الدعوات محدودة ، ولم ترقى الى مستوى الفعل القادر على التأثير عند قيادة الصراع ، او عند القاء الخطابات الرنانة ، او عند تبادل الاتهام عن سبب العجز في بناء جبهة او كتلة ، تكون قادرة على خلخلة الوضع ، وتكون فاعلة في الصراع السياسي الدائر ، بما يمكنها من تبوء صدارته ، وبالتالي حسمه لصالحها .
ان الفرق بين دعاة الكتلة وهم اقلية قليلة تحسب على رؤوس الأصابع ، ودعاة الجبهة التي يغلب عليها طابع الاستهلاك ، انّ دعاة الجبهة اقصائيون وانعزاليون ، بخلاف دعاة الكتلة التي تكون مفتوحة لكل من يرغب في التغيير .
فالجبهة الديمقراطية ، والتقدمية ، والوطنية ، تعني فقط الأحزاب والتنظيمات ذات البرامج المشتركة او المتشابهة ، والبرامج المتقاربة ، والذين يمتحون من نفس الفلسفة ، ويعتنقون نفس الايدلوجية ، او يعتنقون ايديولوجيات متقاربة كالماركسية مثلا والقومية ، وكالماركسية والوطنية ، والماركسية و الاشتراكية الديمقراطية ، والماركسية والشيوعية .. في حين يرفضون ان تكون ضمن صفوف الجبهة ، الأحزاب والتنظيمات العقائدية مثلا ، او الموغلة في الشوفينية الوطنية كالحركات البربرية ، و الأحزاب المحافظة ..
فالمخاطب بالجبهة ، هم أحزاب وتنظيمات من صنف معين ، ولا يعني الخطاب الخارجين عن الفهم الشائع ، ولو كانوا اكثر اندفاعا نحو التغيير .
اما الكتلة التاريخية فهي لا تقصي أحدا ، وتبقى مفتوحة في وجه كل من له إرادة بالتغيير ، ويرفض الوضع القائم ، وله موقف من النظام السائد .
فمثلا في نظام الكتلة تتلاقى الأحزاب الماركسية بمختلف مشاربها ، والأحزاب القومية ، والأحزاب الوطنية الشوفينية ، والأحزاب الوطنية المحافظة ، والأحزاب العقائدية كالأحزاب الدينية .. لكن في نظام الجبهة هناك رفض للأحزاب الدينية ، وللأحزاب الوطنية المحافظة ، وللأحزاب الوطنية الشوفينية . وهذا ما تم ملاحظته اثناء حركة 20 فبراير ، حيث كان الصراع على اشده بين حزب " الطليعة " ، و" الاشتراكي الموحد " ، وبين " جماعة العدل والإحسان " في من يمثل الساحة . فالصراع بينهم كان اكثر من ( الصراع ضد النظام ) . كما كانت العلاقة باردة بين الحزبين المذكورين ، وبين " حزب النهج الديمقراطي " بسبب تنسيقه مع " جماعة العدل والإحسان " التي عندما قضت وثرها من النزول باسم حركة 20 فبراير ، كوْلست مع النظام ، ولتغادر فجأة الشارع ، تاركة حزب " النهج الديمقراطي " وحيداً فريدا كاليتيم ، وعرت عن حقيقة الحزبين اللذين كانا يصارعانها اكثر من صراعهما ضد النظام ، " حزب الطليعة " ، وحزب " الاشتراكي الموحد " ، وليتم وضع حدا ونهاية لحركة 20 فبراير التي كانت من صنع البوليس السياسي والجهاز السلطوي ، قصد التحكم فيها ، وقصد تجنب وتفادي الفوضويين ، والأناركيين ، وقطاع الطرق المجرمين ، ودعاة قلب النظام من الجمهوريين على اختلاف مشاربهم ، وانْ كانوا اقلية وسط الجميع ، يتاجرون بالشعارات التي كانت تخيف الناس العاديين ، واخذتها الدولة على محمل الجد تفاديا لتكرار يونيو 1981 ، او يناير 1984 ، او 23 مارس 1965 ، لان الظروف تختلف ، ومحمد السادس على رأس الدولة ليس هو الحسن الثاني ..
كما ان في نظام الجبهة ، يكون الحزب الأكثر جماهيرية هو من يقود الجبهة ، والأحزاب الأخرى الداخلة في نظام الجبهة مجرد توابع لا رأي لها ، وهذا يلاحظ في الجبهة التي كانت تدبر وتدير الحكم في سورية ، ويلاحظ في الجبهة التي كانت بيد حزب البعث ، والباقي تابعين لا رأي لهم الاّ ما قرره وأراده الحزب المسيطر . فمثلا كان يحضر على أحزاب الجبهة باستثناء الحزب القائد ( البعث ) الانتماء الى المنظمة الطلابية العراقية او السورية ، وكان يمنع على هذه الأحزاب الانتماء الى الجيش .. فالعقوبة عند ضبط المخالفة كانت الإعدام حالاً .. اما في نظام الكتلة فجميع أعضاءها سواسية كأسنان المشط ، لا تغليب وسيطرة لتنظيم على آخر الاّ بالجد والاجتهاد ، ومقارعة النظام ..
وبينما يكون برنامج الجبهة ، برنامج الحزب القائد المسيطر ، يكون برنامج الكتلة البرنامج الذي تم الاتفاق عليه من جميع مكونات الكتلة . وهذا يجعل من نظام الجبهة دكتاتوريا ، ويجعل من نظام الكتلة ديمقراطيا ، او على الأقل مجسدا للديمقراطية .. فنظام الكتلة يسود البلاد والشعوب الديمقراطية ( اوربة ) ، ونظام الجبهة يتماشى مع البلاد المحكومة دكتاتوريا ، وشعوبها تنعم بديكتاتورية الحزب القائد في الجبهة ( العراق سورية ، اوربة الشرقية ابّان الحكم باسم الأحزاب " الشيوعية " ) .
وبالرجوع الى التجربة المغربية بخصوص الكتلة او الجبهة ، فالقاعدة العامة للناشطين السياسيين ، لم تكن تعير نظام الكتلة او نظام الجبهة أهمية واعتبارا . فمن كان يدعو الى نظام الجبهة كانت دعواته للاستهلاك ، ومن جهة فالدعوة لم تكن تجد من يسمعها ويستجيب لها ، وكأنهم غير معنيين بها . فالدعوة او الدعوات كانت مجرد صيحة في واد .
هكذا سنجد فقرا ادبيا وسياسيا من قبل النخبة التي تتعاطى السياسة بخصوص نظام الكتلة . فباستثناء الأستاذ محمد عابد الجابري الذي كان من مناصري الدعوة الى الكتلة ، كانت دعوته يتيمة وفريدة ومنعزلة ، وكأنْ لا احد سمع بها ، حتى من أطر وقواعد الحزب الذي انتمى له " الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية " ، حزب زمان ، وليس حزب الآن الذي اضحى مجرد عنوان من دون مضمون ..
في حين نجد ان نظام الجبهة الاقصائي ، ( --- باستثناء تجربة اول جبهة تكونت تنظيميا بين حركتين او منظمتين بعنوان " جبهة الطلبة التقدميين " ، او " الجبهويين " ، كان بهدف السيطرة على المنظمة الطلابية " الاتحاد الوطني لطلبية المغرب " في المؤتمر 15 ، الذي انعقد ما بين 11 و 18 غشت 1972 " كلية العلوم الرباط " ، حيث سيطرت الجبهة على المنظمة الطلابية ، فكان رئيسها الأستاذ عزيز المنبهي من المنظمة " أ " " منظمة الى الامام " ، وكان نائبه من المنظمة " ب " " 23 مارس " الراحل عبد الواحد بلكبير ، الذي وجه رسالة من سجن سيدي سعيد بمكناس الى قيادة المؤتمر الوطني السادس عشر ، حتى لا تسقط في نفس أخطاء المؤتمر 15 الذي تسبب في قرار 24 يناير 1973 الذي فرض حضرا على " ا و ط م " دام ستة سنوات --- ) كان يثار في أوقات متباعدة ، ومتفرقة ، ومناسباتية لدغدغة المشاعر ، والنفخ في الوضع الرّاشي الذي كانت فيه كل الأنشطة تشتغل وعن قصد ، ضد طموح بناء الجبهة التي ظلت مجرد شعارات للاستهلاك السياسي ، ولخلق فرصة لتعميق النقاش من اجل النقاش ، لا من اجل الفعل العضوي الذي هو بناء الجبهة . فلا احد كان يعير أهمية للشعارات ، حتى أولئك الذين لوحوا بالجبهة لتعريض واجهة المعارضة ، إزاء النظام الذي كان يحق الوضع الحقيقي لكل الأطراف التي تشتغل في الساحة السياسية والطلابية .
ان مثالا بسيطا على كره ونفور الطبقة السياسوية المغربية ، لنظام الجبهة او لنظام الكتلة ، هو ما وصلت اليه من فشل تجربة " فدرالية اليسر الديمقراطي " التي كانت انتخابوية من اجل المقاعد البرلمانية ، ولم تكن من اجل برنامج أيديولوجي عام يولي الأهمية للمواطن المغربي المفقر ، ولا للبديل السياسي الذي كان مجرد حلم للدغدغة ، لان في الأصل لم يكن هناك الاشتغال على أي برنامج اطلاقا ، بقدر ما كانت الفدرالية انتخابوية ، ستتعرى عندما لفظتها الانتهازية نبيلة منيب مقابل مقعد يتيم بالبرلمان ..
الجبهة : Le front
ا – جبهة الطلبة التقدميين " الجبهويين " . النواقص والسلبيات من دون إيجابيات .
قلنا ان اول جبهة باسم الثورية و التقدمية تشكلت ، كانت في أواسط سنة 1970 ، بين منظمتين هما منظمة " الى الامام " ، ومنظمة " 23 مارس " ، قصد الدخول مشتركين لانتخابات المؤتمر الخامس عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، طبعا في مواجهة الاتحاد الوطني / الاشتراكي للقوات الشعبية ، وحزب التحرر / التقدم والاشتراكية . وبالفعل لقد نجحت الجبهة في اكتساح المؤتمر ، وسيطرت على المنظمة الطلابية ، وكانت القيادة ، الكتابة الوطنية واللجنة الإدارية ، أي قيادة ( ا و ط م ) تتكون فقط من مناضلي الجبهة ، أي الجبهاويون Les frontistes ..
لكن لماذا انفرط عقد الجبهة التي تشكلت في سنة 1971 ، بمجرد فرض الحضر على " ا و ط م " في 24 يناير 1973 ؟ ، ورغم انها كتجربة مغامرة ، كانت يتيمة وفريدة من نوعها ، وكانت في تركيبتها ، المأزق الذي ادخل " ا و ط م " في ازمة تنظيمية ، استفحلت مع نهاية المؤتمر الوطني السابع عشر ( 17 ) الفاشل في سنة 1982 ، طبعا دون اغفال مسؤولية الأطراف الأخرى ( الاتحاد الاشتراكي – انصار ك د ش CDT ) او المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي ، وحزب التقدم والاشتراكية ، ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي ، واللجنة الإدارية الوطنية " رفاق الشهداء .. رفاق المهدي وعمر " ) عن الفشل ، وعن الازمة التنظيمية التي دخلتها " ا و ط م " ، وزادتها استفحالا هجوم الإسلام السياسي على الساحة الطلابية ، بدعوى " تحريرها " من الشيوعيين ، والملحدين ، والمنافقين ، والزنادقة " .
يذهب العديد من النشطاء السياسيين الى ان سبب انفجار الجبهة ، يعود الى اختلاف الموقف من الصحراء . لكن هذا التبرير مردود عليه ، لان انفصال مكونات الجبهة كانت في بداية 1973 ، في حين ان نزاع الصحراء كان في سنة 1974 . وهنا لا ننسى البيان المشترك الذي أصدرته " منظمة الى الامام " مع الفريق اليساري داخل منظمة " 23 مارس " في سنة 1974 ، الذي يدعو الى الاستفتاء وتقرير المصير . لكن موقف يساري" 23 مارس " سيتغير من قضية الصحراء ، بحيث سيرفض اتفاقية مدريد الثلاثية التي وزعت الصحراء كغنيمة ، وسيتبنى بالمطلق مغربية الصحراء . والفريق اليساري رغم اندفاعاته ، ظل محصورا في محيطه ، بين مطرقة " منظمة الى الامام " ، وسندان يمين " 23 مارس " ، في حين سيرحل الى باريس الجناح اليميني الذي اصدر منها جريدة " 23 مارس " ، التي كانت تدعو وتؤيد مغربية الصحراء .. وهو هنا يلتقي مع الجناح اليساري في المنظمة ، بخصوص نفس الموقف من نزاع الصحراء .. والفريق اليساري سيعرف فيما بعد بتسمية " رابطة العمل الثوري بالمغرب " ، في حين سيصبح اليمين يناضل ضمن عنوان " أنوال " ، وبعدها سيتحول الى " منظمة العمل الديمقراطي الشعبي " OADP . وستكون الخاتمة حل " منظمة العمل الديمقراطي الشعبي " OADP ، وحل " رابطة العمل الثوري بالمغرب " عندما انظمت كأعضاء وليس كتنظيميين الى جماعة " اللجنة الإدارية الوطنية " La CAN ، واليها التحق كذلك مناضلو " الاختيار الثوري " ، بعد ان حلوا " الاختيار " وطردوا في بيان اصدروه سنة 1982 الفقيه محمد البصري ، والمكنى بودرگة عباس من صفوف التنظيم ، بسبب مواصلة البصري الاحتفاظ بعلاقاته مع ضباط الجيش ، وبسبب مغازلته للثورة الإسلامية الإيرانية ..
اذن بعد بداية 1973 انفجر الصراع بين التنظيمين " أ " و " ب " ، او " الجبهة " ، وذلك نتيجة التعارض الكبير في الرؤى ، وفي تقييم مستجدات الوضع السياسي بالبلاد ، والتكتيكات السياسية الملائمة التي ينبغي نهجها ...
أدى ذلك الى بروز وجهتي نظر متناقضتين . الأولى تعبر عن تنظيم " أ " ، او مجموعة " الى الامام " لاحقا ، وهي الأكثر اندفاعا ودغمائية ، اذ اعتبرت انّ الأوضاع السياسية لم يطرأ عليها أي تغيير و تبدل ، واعتبرت ان النظام يعيش ازمة ما تنفك تتعمق باستمرار ، خاصة بعد انفجار التناقضات السياسية داخل نظام الحكم بشكل عنيف ، خلال سنتي 1971 و1972 الانقلابين العسكريين ، واعتبر التحليل المذكور ان النظام لا يستند الاّ على القمع ، وتطوير الأجهزة المختصة بذلك في مواجهته للأوضاع . واعتبرت انه عاجز عن اكتساب قاعدة اجتماعية للتحول الى نظام فاشي . ذلك ان المغرب يشهد انحلال البرجوازية المتوسطة التي تتآكل قاعدتها الاقتصادية ، مما يؤدي ببعض الفئات منها للالتحاق بالنظام البوليسي ، وأخرى للنزول الى مصاف البرجوازية الصغيرة او البروليتارية . وهذا ما يفسر حسب نفس التحليل دائما ، المواقف المتخاذلة والمهادنة للأحزاب ( الوطنية ) ، التي تفككت قاعدتها الاجتماعية ، فتحولت الى عبارة عن محترفين سياسيين ، في خدمة النظام . وحتى " حركة 3 مارس " المسلحة نالت آنذاك من النقد اللاذع ، فصنفت على انها جناح بلانكي برجوازي صغير .
بالمقابل برزت وجهة نظر أخرى ، حاولت تجنب غلو وتطرف الاولى ، وكانت تعبر عن تنظيم " ب " ، او مجموعة " 23 مارس " . لقد اعتبر الرأي الثاني ان الطبقة الحاكمة آخذة في تجاوز الازمة التي عرفتها مع مطلع السبعينات ، وذلك بواسطة مجموعة من الإجراءات السياسية والاقتصادية ، التي كان ابرزها وأكثرها جدلا ، قانون الاستثمارات الجديد ، وخصوصا عملية المغربة التي اعتبرت ان بعض الفئات المتوسطة قد استفادت منها ، بينما اعتبر الرأي الأول ان المغربة هي محاولة لدمج الرأسمال الكمبرادوري ، بالرأسمال الامبريالي ، وذلك لصالح الأخير .
وبينما طرحت مجموعة " 23 مارس " آنذاك شعار " التراجع التكتيكي " في موجهة التطورات المستجدة ، والتوجه نحو الطبقة العاملة لبناء " الحزب البروليتاري " ، وبدل الاقتصار في العمل على الطلبة والتلاميذ ، كان موقف مجموعة " الى الامام " ، هو الاستمرار في نفس النهج ، ورفعت شعار " لنبني الحزب تحت نيران العدو " ، وبناء " الحزب العمالي – الفلاحي في مسيرة واحدة " .
خلاصة القول ، وحتى لا نطيل على القارء في تفاصيل وقضايا اخذت حيزا كبيرا من النقاشات والكتابات آنذاك ، فان تلك الخلافات السياسية بالذات ، انتهت الى ان يعبر كل فصيل عن نفسه باستقلالية عن الاخر . اما تجربة " الجبهة " ، او " جبهة الطلبة التقدميين " ، فلقد عرفت اوجها ونهايتها مع المؤتمر الوطني الخامس عشر للاتحاد الوطني لطابة المغرب ، الذي انعقد في 11 و 18 غشت 1972 بكلية العلوم بالرباط ، إذ بعد اشهر من صعود الجبهويين الى قيادة المنظمة الطلابية ، سيتم فرض الحظر عليها وذلك في 24 يناير 1973 .
اذن من هذا العرض البسيط ، يظهر جليا ان الانشقاق داخل الجبهة ، او جبهة الطلبة التقدميين ، او ما يسمى ب " الحركة الماركسية اللينينية المغربية " ( راجع اطروحتنا بعنوان " الحركة الماركسية اللينينية المغربية 1965 – 1983 " مكونة من 450 صفحة – السنة 1987 .) كان في بداية 1973 ، ولم يكن مرتبطا بقضية الصحراء الذي طُرح في سنة 1974 / 1975 . لكن وللحقيقة والتاريخ ، ينبغي ان نسجل هنا ، ان تطورات قضية الصحراء المغربية لاحقا ، لعبت دورا بالغ الأهمية في تعميق القطيعة بين الاتجاهين المذكورين . فبعد اعتقالات نونبر 1974 التي شملت الأغلبية الساحقة من قادة واطر ومناضلي مجموعة " 23 مارس " ، الذين كانوا يعيشون داخل المغرب ، لعب مجموعة من قادة " 23 مارس " الذين كانوا يعيشون في فرنسا منذ اعتقالات 1972 ، دورا أساسيا وحيويا في بلورة الدفاع عن موقف مغربية الصحراء ، والدفع بالمنظمة في مسار جديد سيؤدي الى تبني العمل الشرعي ، وإصدار جريدة " أنوال " في الداخل سنة 1979 ، وتكوين " منظمة العمل الديمقراطي الشعبي OADP " في سنة 1983 . ( راجع اطروحتنا " ح م ل م " 1965 – 1983 ) السنة 1987 .
اما تطورات مواقف مجموعة " الى الامام " من قضية الصحراء ، فحتى حدود اعتقالات 1976 التي شملت ما تبقى من قادتها واطرها داخل المغرب ، كانت مختلفة نوعيا عن تلك التي كانت تنشر أحيانا بعض البيانات في الخارج خاصة من فرنسا . كيف ذلك ؟
تنظيميا : لقد شهدت سنة 1979 تطورات حاسمة في تجربة اقصى اليسار ، وبالذات مجموعة " الى الامام " . فلقد انفجرت في صفوفها تناقضات سياسية وايديولوجية عميقة ، كانت تتمحور حول مآل تجربتها ، والأسباب العميقة لهامشيتها ، والطريق المسدود الذي وصلت اليه . ولقد خيمت قضية الصحراء المغربية بظلالها آنذاك . إذ انتقد العديد من أعضائها آنذاك بشدة ، توجهها الجديد الذي يفقدها استقلاليتها ، وكان ابرز مؤشر عليه البرقية التي وجهتها " الى الامام " في مايو 1979 ، الى الرئيس الجزائري الشادلي بنجديد لدا انتخابه رئيسا على رأس الجمهورية الجزائرية .
لكن أصحاب الحل والعقد داخلها ، رفضوا كل نقاش ديمقراطي . بل قاموا باضطهاد ، ثم طرد معارضيهم في الرأي ، الذين كان من بينهم العديد من اطرها البارزة التي ساهمت في تأسيسها ، سواء أولئك الذين يقيمون في الخارج منذ اعتقالات 1972 ، او الموجودين بالسجن المركزي بالقنيطرة . وكانت النتيجة الحتمية لتلك الأساليب الستالينية في الصراع السياسي ، انسحاب الأغلبية الساحقة من اطرها ومناضليها السابقين .
سياسيا : خلافا لما يعتقد الكثيرون ، بما فيهم البعض مِمّن كان يتعاطف مع اطروحتها ، فان مواقف " الى الامام " من قضية الصحراء المغربية سنوات 1974 و 1975 ، هي غير تلك التي عرفت بها من بعد .
فإلى جانب التشتت التنظيمي ، وتعمق الهامشية الذي عرفته المجموعة المذكورة ، فان مواقفها من قضية الصحراء المغربية ، عرفت بدورها تعمق الأخطاء الفادحة ، والتبعية السياسية للبوليساريو وللجزائر .
فعندما طرحت قضية الصحراء مجددا على الساحة السياسية في صيف 1974 ، كان موقف هاته المجموعة ، والذي عبرت عنه في منشوراتها وفي الكراس الوحيد الذي عالج منظورها لقضية الصحراء : " طريقان لتحرير الصحراء . طريق وطني ثوري وطريق شوفيني " عبْدُ عبْدُ النبي . ويتلخص ذلك الموقف في كون الصحراء : " .. شكلت تاريخيا جزءاً لا يتجزأ من المغرب .. " . وأضافت : " ( ... ) وبانّ حركتنا الماركسية اللينينية ، لا تعتبر الجماهير الصحراوية تشكل شعبا متكاملا مستقلا استقلالا كاملا عن الشعب المغربي " . واعتبرت نفس المجموعة ان الاستعمار الاسباني هو المسؤول عن " تكسير الوحدة وفصل الصحراء عن المغرب " . امّا البديل او الحل المقترح ، فلقد تبلور في شعار : " تقرير المصير وإعادة بناء الوحدة على أسس وطنية ديمقراطية " .
يلاحظ هنا القارئ اليقظ والمتتبع للصيغ ، غياب ادنى حديث او إشارة ، عن هوية صحراوية متميزة عن المغرب ، وعن الشعب المغربي . وكذلك غياب مصطلح " الشعب الصحراوي " الذي سيظهر الى الوجود في منشوراتها في مرحلة ما بعد 1976 .
اما طرح " تقرير المصير " ، فلقد كان يستمد اسسه من الأوهام التي كانت تعشعش في اذهان قيادة " الى الامام " ، بشأن تحويل الصحراء الى " بؤرة ثورية " ستحرر المغرب من النظام ، وليس النظام من سيحرر الصحراء ، وعدم السماح بتقوية دعائم النظام ، من خلال الثروات الاقتصادية التي تزخر بها الصحراء .. فحسب ذاك السيناريو الجامح الخيال ، فلقد كان ينبغي إعادة الوحدة مع الصحراء ، بعد تكسير هاته الوحدة مؤقتا عن طريق تقرير المصير ، من خلال كفاح تحرير مشترك بين البوليساريو في الصحراء من جهة ، وبقيادة من الحزب البروليتاري في المغرب من جهة ثانية .
مع بداية سنة 1977 ستكتشف وعلى حين غرة " منظمة الى الامام " ، وجود " الشعب الصحراوي " ، دون ان تكلف نفسها عناء تقديم اية دراسة تاريخية وسياسية جدية حول الموضوع ، حتى تبرهن فيها عن كيفية انبثاق وعيها الشقي عندها ، بوجود شعب متميز في اقاليمنا الجنوبية . بل وصل بها السخاء الحاتمي السياسي الى حدود الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، والحضور الدائم لمؤتمرات البوليساريو ، وتهنئة الشادلي بنجديد ، متناسية مواقفها السياسية السابقة حول " جماهير الصحراء " ، وخصوصا ضرورة " إعادة بناء الوحدة ".
فالأمر يتجاوز في نظرنا مجرد السقوط في فخ البوليساريو والنظام الجزائري . بل انه المآل الطبيعي لتشتتها السياسي والتنظيمي ، ومرارة العزلة الداخلية ، والفشل المتكرر في اجتذاب الجماهير لطروحاتها ، وكذلك غياب الجرأة والنضج السياسيين لدا قادتها لمحاسبة الذات ، واستخلاص الدروس . ومن هنا جاءت القفزة النوعية في المواقف السياسية من قضية الصحراء الغربية المغربية ، الرومانسية السياسية سنة 1974 و 1975 ، الى التبعية السياسية في مرحلة ما بعد سنة 1977 .
ب --- اللجنة الإدارية الوطنية والدعوة الى تشكيل جبهة وطنية وديمقراطية .
قلنا ان نظام الجبهة بخلاف نظام الكتلة ، هو نظام اقصائي ، وانعزالي يقصر الانتساب الى الجبهة على فريق دون فريق من الأحزاب المفروض انها تنتمي الى المعارضة . إضافة الى انّ نظام الجبهة ، يتسم بالطابع الدكتاتوري للحزب القائد ، على جميع الأحزاب الداخلة او المنتمية للجبهة التي رأيها هو الرأي الرسمي للحزب القائد ، وبخلاف نظام الكتلة المفتوح على جميع المكونات التي تنشد ، وتناضل من اجل التغيير ..
وقلنا الى ان خزانة الادب السياسي المعارض للملك شخصيا ، او للنظام ، او لاختصاصات الملك ، يتيمة المراجع في ما يخص علاج نظام الجبهة او نظام الكتلة ، وانّ الطبقة السياسية المغربية بمختلف مشاربها الفلسفية والأيديولوجية ، رغم ان بعضها يلوك تعبير الجبهة ، فذلك فقط للاستهلاك والدغدغة لمشاعر واحاسيس سياسية مكبوتة ، تتصرف من حيث الفعل ضد الجبهة . بل ان الطبقة السياسية المغربية وبسبب الثقافة الستالينية ، فهي ضد أي شكل من اشكال الوحدة ، او حتى الدخول في نماذج الجبهات السياسية المعروفة في التاريخ ( حزب البعث في العراق وسورية ، والأحزاب الحاكمة في اوربة الشرقية قبل هبوب موجات الشفافية البرسترويكة ،) . لذا ظلت المبادرات والدعوات لنظام الجبهة خجولة ، سواء من قبل المنادين بها في فترات سياسية خاصة ، وسواء من المخاطبين بها الذين لا يعيرونها ادنى أهمية واستجابة .. فباستثناء تجربة الجبهة الماركسية او تجربة " جبهة الطلبة التقدميين " التي انشقت في حينها ، فلا نكاد نلمس اجتهادا في هذا المضمار .
لكن الحالة الثانية التي يمكن تسجيلها بعد تجربة الجبهة الماركسية ، كان يقوم بها يسار الاتحاد الاشتراكي ، سواء خلال فترة " اللجنة الإدارية الوطنية " ، او حتى في بداية انشاء حزب " الطليعة " . وهنا نشير الى دعوة " اللجنة الإدارية الوطنية " La Can سنة 1991 ، الى خلق والى تشكيل " جبهة وطنية وديمقراطية " ، في وقت كان أحوجا الى هذه الجبهة لتفعيل الساحة السياسية ، وتعريض قاعدة المعارضة ، والضغط على النظام ليغير طرق تعامله مع الأحزاب وتنظيمات المعارضة .. ورغم أهمية الدعوة ، فإنها كانت مجرد صيحة في واد سحيق ، لم تثر اهتمام الموجهة لهم الدعوة ، بل تجاهلوها وكأنهم لم يسمعوا بها ، سواء المتاجرين بالسياسة ، او أصحاب الكولسة الذين يستغلون أي جديد في الساحة ، مثل دعوة " اللجنة الإدارية الوطنية " ، لإضفاء الصبغة التجارية النفعية ، وما احوجهم اليها في مثل هذه المناسبات .. او أولئك العنوان الخطأ ، الذين وجهت لهم الدعوة المهددة لمراكزهم النفعية ، داخل تنظيمات سياسية تنفر من سماع كلمة وحدة او جبهة او كتلة ، فأحرى الاستجابة للدعوة التي يكرهونها أصلا . لانهم كانوا يستعملون الأحزاب للنفاد الى القصر لتقديم الخدمات للحفاظ على مصالحهم ، ضمن شعار الدفاع عن الدولة .
فدعوة " اللجنة الإدارية الوطنية " ، لتشكيل جبهة وطنية وديمقراطية واسعة ، تضم كل القوى والفصائل المعبرة عن مختلف الفئات الشعبية ، المستغلة والمقهورة والمظلومة ، والتي تتناقض مصالحها مع مصالح الحكم الطبقي السائد ، ظلت عبارة عن صيحة في واد ، ولم يستجب لها احد .
وعند علمنا بان الأحزاب والتنظيمات المعنية ، والموجهة لها دعوة تشكيل الجبهة ، هي أحزاب ملكية اكثر من الملك ، وانّ عدوها الأساسي الذي كان يربكها ، هو رفع مثل هذه الشعارات التي تهدد مراكزها النفعية ( دكاكين ومقاولات سياسوية ) . وإنْ علمنا ان المخاطبين هؤلاء هم : المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي ، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي ، حزب الاستقلال ، حزب التقدم والاشتراكية ، باقي التيارات اليسارية ، الاتحاد المغربي للشغل ، الكنفدرالية الديمقراطية للشغل ... امكننا وبكل سهولة ادراك سبب تجاهل الدعوة من هؤلاء جميعا ، للاعتبارات والأسباب التالية . أي انّ عنوان دعوة " اللجنة الإدارية الوطنية " كان خاطئا ، لان الساحة السياسية تعج بهؤلاء فقط ، والشعب غارق في الامية والجهل بفعل سياسة التضبيع الممنهجة منذ سنوات .
----- أسباب تجاهل دعوة " اللجنة الإدارية الوطنية "، تشكيل " جبهة وطنية تقدمية وديمقراطية " :
السؤال . هل الأحزاب المذكورة أعلاه ، كانت حقا تشكل أحزابا تقدمية وديمقراطية مرتبطة بالجماهير ، وليست مرتبطة بمصالحها المرتبطة بالنظام ؟ .
ا – الاتحاد الاشتراكي " المكتب السياسي " : أولا . كيف يُتصور استجابة المكتب السياسي للاتحاد ، لدعوة الاتحاد الاشتراكي – " اللجنة الإدارية الوطنية " ، واحداث جِراح 8 مايو 1983 لم تندمل بعد . فهل كان يسعى أعضاء " اللجنة الإدارية الوطنية " ، بقبول واستجابة " المكتب السياسي " للدعوة ، اعترافا من قبل " المكتب السياسي " ب " اللجنة الإدارية الوطنية " ، وفي ذاك الظرف كم كانت في حاجة اليه ؟ .
فهل كان سيقبل " المكتب السياسي " ، فرض وجود حزبين باسم " الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية " ، وهو ما يعني تشريع الاعتراف بالأمر الواقع ، أي بوجود حزب ثاني باسم الاتحاد الاشتراكي ينافس مشروعية الحزب التاريخية المتاجر بها على جميع الواجهات ، ومن قبل جميع الأطراف .. ؟ .
ان المكانة التي كان يحتلها " المكتب السياسي " رغم جراح 8 مايو 1983 في الساحة السياسية ، ولدى الرأي العام الوطني المُسيّس ، والرأي العام الدولي ( الأحزاب الاشتراكية الدولية ) ، وكذا علاقته بباقي أحزاب المعارضة ، تجعله في موقع يسمح له بتجاهل دعوة ونداء " اللجنة الإدارية الوطنية " بتشكيل جبهة ، وألاّ يقبل مناقشة أي شكل من اشكال العمل الجبهوي او الوحدوي ، فبالأحرى مقترح " تشكيل جبهة " ما دام " الاتحاد الاشتراكي – اللجنة الإدارية الوطنية " ، ينافسه في الاسم ، وفي المشروعية الحزبية ، انطلاقا من طرحه بشكل حاد ، لمسألة الإرث النضالي لاتحاد القوات الشعبية .
فالسؤال . مع من المشروعية التاريخية ؟ ومن يمثل الإرث النضالي والتاريخي للحزب ، سيما وان المؤتمر الاستثنائي الذي فرش له الحسن الثاني ، من جهة كان تصفية سياسية وتنظيمية مع تاريخ الحزب الراديكالي ، لصالح " المنهجية الديمقراطية " التي تعني تمكين الحزب الذي يحصل على اغلبية الأصوات في الانتخابات ، من تكوين الحكومة لتنزيل برنامج الملك الذي لم يشارك في انتخابات ، ولم يصوت عليه احد ، ورمي برنامج الحزب الذي دخل على أساسه الانتخابات وصوت عليه الناخبون ، أي الحصول على شرف تنزيل برنامج الملك وخدمته بالأساس حفاظا على الملكية المطلقة ، ومن جهة تغيير اسم الحزب من الاتحاد الوطني الى الاتحاد الاشتراكي ، لتوظيفه تحت راية الحكم في الدفاع عن قضية الصحراء المغربية التي كانت على الأبواب .. ؟ .
ففي هذه المنافسة التي كانت بين الاتجاهين ، يوجد " الاتحاد الاشتراكي – اللجنة الإدارية الوطنية " في موقف ضعف . فجل أحزاب ( المعارضة الملكية ) ، حزب التقدم والاشتراكية ، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي ، وحزب الاستقلال اليميني الرجعي والمحافظ ، لا تتعامل معه بشكل رسمي كمعارضة وسط الاتحاد ، وهو لذلك كان مضطرا لإضافة " اللجنة الإدارية الوطنية " لاسمه ، وذلك لتمييزه ، وتمييز هويته في انظار الرأي العام .
وربما في نظرنا الغير متواضع ، قد يكون قد حان الوقت بالنسبة له ، كي يقوم بطي نزاعه مع " الاتحاد الاشتراكي – المكتب السياسي " ، واختيار اسم جديد يناسب طموحاته وقوته الذاتية ، هذا إنْ هو أراد الخروج من حالة التقوقع على نفسه ، واراد انْ يلعب دورا إيجابيا في صفوف أحزاب المعارضة البرلمانية ، وليس المعارضة الجمهورية التي تمثلها تيارات اليسار المتطرف .
ب – حزب الاستقلال ، وحزب التقدم والاشتراكية : مع ان حزب الاستقلال الانتهازي اليميني المحافظ ، كان في تلك المرحلة يبدو الأكثر ديناميكية ، بعقده تحالفات انتهازية مع جل الأحزاب الملكية ، والتيارات المعارضة للحكومة الملكية ، وذلك عبر قنوات مختلفة ، لذا فلا يمكن الانتظار منه ، ولا من حزب التقدم والاشتراكية حزب الملك بامتياز ( علي يعتة ، المهدي العلوي ، التهامي لخياري ، نبيل بنعبدالله ... المرتبطين بعلاقات خاصة مع الأجهزة الأمنية المختلفة " البوليس السياسي " ) ، الذي لا يقبل لغيره الادعاء بتبني ( الاشتراكية العلمية هههه ، وتمثيل الطبقة العاملة هههه ) ... قلنا ، لا يمكن الانتظار من هذين الحزبين الملكيين والانتهازيين ، الاقدام على اية خطوة تجاه دعوة " اللجنة الإدارية الوطنية " لتشكيل جبهة ، خوفا من ازعاج " الاتحاد الاشتراكي – المكتب السياسي " ، وكأن النظام يجهل شيء يسمى ب " اللجنة الإدارية الوطنية " ، وبشيء يسمى ب " المكتب السياسي " ..
ج – " منظمة العمل الديمقراطي الشعبي " OADP : تبقى منظمة العمل قبل حلها من قبل محمد بنسعيد آيت إيدر ، وتسليم مفاتيحها الى نبيلة منيب ، المنظمة الوحيدة التي ناقشت دعوة " اللجنة الإدارية الوطنية " بتشكيل الجبهة ، وهي المنظمة التي راهنت مرارا على تحالفها مع " الاتحاد الاشتراكي – المكتب السياسي " ، خاصة داخل الحقل الطلابي الذي كانت تتحالف فيه مع لائحة المكتب السياسي " انصار ك د ش Cdt " ، ومع لائحة حزب التقدم والاشتراكية ، ضد " اللجنة الإدارية الوطنية " " رفاق المهدي وعمر " " رفاق الشهداء " ، وضد لوائح اليسار المتطرف " القاعديون " . وهنا نشير الى ان العديد من مناضلي المنظمة ، سبق وان عبروا ومرارا ، عن ضرورة الخروج من الذيلية عن الحزب ، كما عبر آخرون على انه لا مفر من هذه الذيلية ، بل وانه قد حان الوقت للالتحاق بالاتحاد الاشتراكي " المكتب السياسي " . سيلتحق به " الحزب الاشتراكي " الذي خرج عن منظمة العمل الديمقراطي الشعبي في سنة 1996 .. جماعة ادريس البصري ، " انشقاق فندق حسان " .
الاّ ان تعامل مجموعة " المكتب السياسي " مع المنظمة ، انطلاقا من موقع " القوة " ، وانطلاقا من حسابات ضيقة ، وتوطد علاقته مع حزب الاستقلال الانتهازي الوصولي ، يجعلان المنظمة تشعر بتهميش اكبر ، يفرغ التركيز على التحالف مع الاتحاد الاشتراكي من مبرراته التكتيكية .
فموضوعيا منظمة العمل قبل حلها ، كانت مرشحة للقيام بالتفاتة تجاه " الاتحاد الاشتراكي – اللجنة الإدارية الوطنية " ، بعدما تجاهلته بشكل دائم ، وكذلك تجاه باقي التيارات اليسارية . وظهر هذا في الموقف الذي اتخذته " لائحة الطلبة الديمقراطيين " ، التي تملصت من تبني مواقف الاتحاد الاشتراكي – " المكتب السياسي " ، ومواقف حزب التقدم والاشتراكية ، ولتقلب الكفة لصالح الاتحاد الاشتراكي – " اللجنة الإدارية الوطنية " ، " رفاق الشهداء " " رفاق المهدي وعمر " ، ولصالح اليسار المتطرف في المؤتمر السابع عشر ( 17 ) للاتحاد الوطني لطلبة المغرب في غشت 1982 .
واجمالا كانت الممارسة الظرفية للمنظمة ، تبين ظاهريا على الاقل ، انها تكتفي بتوجيه الخطاب السياسي الى المعارضة التقدمية ، بينما كانت تمد اليد للاتجاهات الإسلامية .
ومعلوم ان منظمة العمل كانت تعتبر صراعها مع الدولة ، كان يمر عبر تنحية القوى ( التقدمية ) ، ومعلوم كذلك انه منذ اغتيال عمر بنجلون ، و " الاتحاد الاشتراكي – اللجنة الإدارية الوطنية " ، له موقف معادي وواضح من الإسلام السياسي بمختلف مكوناته العقائدية .
والسؤال فيما لو بقيت " منظمة العمل الديمقراطي الشعبي " ، ولم يتم حلها . هل كانت ستضع في مقدمة اهتمامها في تلك المرحلة ، مصلحة القوى ( التقدمية ) ، فتعطي أهمية لمقترح " الاتحاد الاشتراكي – اللجنة الإدارية الوطنية " ، ام انها ستتخذ بعين الاعتبار مصلحتها الخاصة التي تعتقد انها توجد في الضفة الأخرى بتحالفها مع الاسلامويين ؟
د --- اليسار المتطرف : كان من المتوقع ان دعوة " اللجنة الإدارية الوطنية " بخلق " الجبهة " ، تكون موجهة بدرجة أولى الى تنظيمات الياسر المتطرف الذي دأب يتحالف معها في الجامعة ، لائحة " رفاق الشهداء " " رفاق المهدي وعمر " ، ولائحة " القاعديين " بمختلف مجموعاتهم المتواجدة في الساحة الطلابية ، وان كان التنسيق بينهما ينتهي دائما بالفشل ، ويشق كل فريق طريقه الخاص به .
اليسار المتطرف تجاهل دعوة " اللجنة الإدارية الوطنية " ، لأنه اعتبر ان النزاع بين الاتحاد الاشتراكي " المكتب السياسي " ، و الاتحاد الاشتراكي " اللجنة الإدارية الوطنية " ، هو نزاع من اجل الانتخابات ، ولم يكن نزاعا أيديولوجيا ، او مبدئيا ، او حتى تنظيميا . ففريق " اللجنة الإدارية الوطنية " وبخلاف فريق " المكتب السياسي " الذي تقف وراءه الدولة ، رفض وعارض المشاركة في انتخابات 1983 ، ودعا الى مقاطعتها . وبما ان جماعات وتنظيمات اليسار الماركسي هو ضد الدولة فأحرى الانتخابات ، فكان منطقيا ان يتجاهل دعوة " اللجنة الإدارية الوطنية " الانتخابوية ، التي تضفي فقط مسحة سلبية على خرجات النظام الاستحقاقية ، التي كانت تهدف تلميع وجه النظام اللاديمقراطي امام الغرب والدول المانحة .
ان اغلب التيارات اليسارية ، كانت تعتبر الى هذا الحد او ذاك ، انّ " منظمة العمل الديمقراطي الشعبي " ، والاتحاد الاشتراكي – " اللجنة الإدارية الوطنية " ، وانْ كان يشكلان ولو نظريا اقرب حلفاءهم السياسيين ، الاّ ان لها تحفظات من الاتحاد الاشتراكي – " اللجنة الإدارية الوطنية " ، هي نفس التحفظات من الاتحاد الاشتراكي --- " المكتب السياسي " . فمعظم تيارات اليسار المتطرف ، تعتبر ان تموقع حزب " اللجنة الإدارية " الدائم في الطرف النقيض " للمكتب السياسي " ، يشكل دلالة قوية على انه لا زال لم يقطع حبل الولادة معه ، وبالتالي لم يكتسب الاستقلالية والنضج السياسي الكافيين ، لطمأنة حلفاءه اليساريين حول جدية التفكير في نقلة نوعية في مجال النضال السياسي المشترك ، ولو على الأمد القريب وليس المتوسط . لكنه ومن حيث المبدأ العام ، فان نجاح " اللجنة الإدارية الوطنية " الذي يتصارع مع " المكتب السياسي " ، هو تقنية الانتخابات ، وليس حول المبادئ ، او الأيديولوجية ، او المسألة التنظيمية غير قابل للانحراف ، والتحول الى صراع حلقي ضد " المكتب السياسي " .
وعموما فتقييم اليسار المتطرف لخرجات " اللجنة الإدارية الوطنية " ، ستؤكده عملية مشاركة " حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي " في الانتخابات التشريعية للملك محمد السادس ، في ظل افتقار الدستور الديمقراطي ، دستور " الجمعية التأسيسية " التي كان يتحجج بها الحزب عند مقاطعته للاستحقاقات السياسية في عهد الراحل الحسن الثاني . فهو عندما شارك مرتين في انتخابات الملك ، وفي غياب الدستور الديمقراطي ، يكون الحزب كحزب الاشتراكي الموحد ، مجرد حزب انتخابوي ، ويكون بالمشاركة هذه ، وفي ظل دستور الملك الممنوح ، وفي ظل السلطات الاستثنائية التي يعطيها عقد البيعة لرئيس الدولة كأمير للمؤمنين ، وراعي ، وامام كبير ، حزبا انتخابويا وسلطانيا ، يزكي البرلمانية وليس البرلمان ، ويضفي على الحزب طابع الحزبوية التي تتعارض مع هدف أي حزب الذي هو الوصول الى الحكم ، لتطبيق المشروع العام للحزب ، وليس برنامجه الذي يذوب امام المشروع العام للنظام في الدولة السلطانية ، وهذا يجعل من الحزب مجرد حزبا مخزنيا سلطانيا ، يشارك في استحقاقات السلطان ، للدخول الى برلمان السلطان ، للدفاع وتنزيل برنامج السلطان / الملك الذي نزل من فوق ، ولم يصوت عليه احد ، ولا شارك في الانتخابات . مع العلم ان الحزب هنا وعن بينة واختيار ، يكون مستعدا للتنازل ، بل لتجاهل برنامجه الذي خاض على أساسه الانتخابات ، ويكون بذلك قد خان ثقة الناخبين الذي صوتوا له في الانتخابات ، رغم ان من المفروض ان تصويت الناخبين على برنامج الحزب الانتخابي ، يجعل من البرنامج ملكا للناخبين ، ولم يعد ملكا للحزب الذي سيتحول دوره الى مجرد وكيل عن الناخبين الذين منحوه أصواتهم ، لتنزيل البرنامج المصوت عليه . والسؤال الذي يطرح اليسار المتطرف ، ويطرح كل محلل ومهتم بالشأن العام السياسي ، كيف تزكية برنامج حزب باسم الجبهة ، وهو جزء من النظام الذي يزكي ويشارك في كل استحقاقاته .. ولعل مهزلة " فدرالية اليسار الديمقراطي " الغير ديمقراطي الانتخابوية ، والنتائج المأساوية التي حصدها الحزب ، في الانتخابات رغم تقديمه فروض الطاعة للنظام المخزني البوليسي السلطاني ، كافي وحده لترتيب الحزب في نفس درجة جميع الأحزاب الملكية ، التي تشرعن الاستحقاقات السياسية للنظام ، المتعارضة مع المطامح المستعجلة للشعب المغربي .
عندما دعا الاتحاد الاشتراكي – " اللجنة الإدارية الوطنية " الى بناء ، والدخول في نظام الجبهة ، وحتى يشرعن للدعوة ، فهو طرح برنامجا سياسيا مطلبيا ، ولم يطرح بديلا أيديولوجيا ولا تنظيميا ، و لم يشترط شروطا على المطالبين والمعنيين بدعوة الجبهة ، رغم ان الدعوة تقصي أحزاب الإسلام السياسي الأكثر تنظيما وانتشارا في الساحة ، كما انها استثنت الجماعات العرقية الشوفينية باسم النزعة البربرية ، وبقيت مفتوحة على الأحزاب والتنظيمات التي اشرنا لها في بداية هذا التحليل ، وهي التنظيمات التي تصرفت وكأنها لم تسمع بدعوة لبناء جبهة ، وأعربت بتجاهلها هذا ، انها ضد أي دعوة لجبهة او كتلة ، لأنها ضد أي محاولة وباسم مستعار ، للتأثير على هيكل النظام الذي كرست خدماتها من اجل الانصياع لأوامره وارشاداته ، التي تنفر اطلاقا من أي عمل جمعوي او كتلوي لا يتجند لخدمة الدولة العلوية . مثال " فدرالية اليسار الديمقراطي " بالنسبة لمكوناتها ، وبرنامجها الذائب في برنامج النظام ، ودورها في لعب أدوار سفراء ( زيارات الى الدول الديمقراطية الغربية باسم الدفاع عن القضية الوطنية ) . والسؤال . اين " فدرالية اليسار ( الديمقراطي ) " الآن ، بعد انقلاب نبيلة منيب عليها مقابل مقعد يتيم في البرلمان ؟ ، مع العلم ان طموحها كان تعيينها من قبل الملك سفيرة مقتدرة للدفاع عن الصحراء في الغرب الديمقراطي ؟ .
---- خلل برنامج " الجبهة الوطنية التقدمية والديمقراطية " .
بالتمعن وتحليل برنامج " اللجنة الإدارية الوطنية " التي دعت الى تشكيل " جبهة تقدمية ديمقراطية وطنية " ، سيتضح ان البرنامج كان مستعجلا ، ليس بسبب الظرف السياسي المخيم على الساحة ، والمائل جهة النظام ، بل ان الظرفية لطرح البرنامج ، خاصة عند الاستجابة له من قبل المعنيين به ، هو انتزاع اعتراف بالاتحاد الاشتراكي – " اللجنة الإدارية الوطنية ، وهذا ما لم يحصل ، لان الفرق السياسوية التي تتعيش من السياسة تجاهلته ولم تستجب له .. فظلت جماعة " اللجنة الإدارية الوطنية " تجد بعض العطف من قبل الاتجاهات اليسارية المتطرفة ، ومن قبل " م ع د ش " OADP في حدود الممكن .. ومن جهة فان البرنامج المطروح لم يستوعب جيدا الظرفية السياسية ، فكان مصحوبا بخلل وبفقدان للتوازن بين فحوى البرنامج ، وبين مبادرات كانت في حينها جريئة ، ولم تعرها " اللجنة الإدارية الوطنية " اهتماما في برنامجها ، وهذا طبعا ليس سهوا او تغافلا ، لكنه الحقيقة التي كانت مشاهدة من قبل المهتمين الحقيقيين بالشأن العام ، ومن قبل المحللين للظاهرة الحزبية بالمغرب . وحتى نشرح بتفصيل التناقض بين فحوى البرنامج ، وبين الوقائع السياسية والظرفية السياسية السائدة ، سنطرح مضمون البرنامج كي نصل الى ما اعتبره العديد من الملاحظين تغافلا ، واعتبرناه نحن عشوائية لاستغلال ظرف لانتزاع اعتراف بجماعة " اللجنة الإدارية الوطنية " .
ان فحوى الدعوة التي وجهها ( الاتحاد الاشتراكي – " اللجنة الإدارية الوطنية " ، وظلت يتيمة ، لان المخاطبين بها والموجهة اليهم تجاهلوها ولم يعيروها ادنى اهتمام ، هو " خلق جبهة تلتف حول برنامج حد ادنى ، وتناضل من اجل تحقيقه في المجالات السياسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية ، ويمكن اجماله في الجوانب التالية :
-- اتخاذ إجراءات مستعجلة لإخراج البلاد من الازمة الاقتصادية والمالية ، ورفع المستوى المعيشي للجماهير الشعبية ، وضمان الخدمات الاجتماعية والسياسية ، وتوسيعها ودمقرطتها .
-- نهج اختيارات ترمي الى تنمية اقتصادية تحررية ، والى تلبية الحاجيات الضرورية للسكان .
-- بناء أسس حياة ديمقراطية سليمة ، بتعديل شامل وجذري للدستور والقوانين الأخرى ، لإعطاء كافة الصلاحيات للمجالس المنتخبة وبدون وصاية . ولمجلس النواب الصلاحية الكاملة في تعيين الحكومة ومراقبتها ومحاسبتها واقالتها ، وباحترام الإرادة الشعبية ، واجراء انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية ، وصيانة الحريات العامة والفردية وتوسيعها ، واحترام حقوق الانسان وكرامته ، ومعاقبة المسؤولين عن الانتهاكات التي تتعرض لها ، وضمان استقلال القضاء ، والقضاء على الفساد الإداري ، وظواهر الرشوة ، واستغلال النفوذ ، والتسلط على المواطنين .... الخ " .
واضح اذن ان نتفهم لماذا لم يستجب اليسار المتطرف لدعوة " اللجنة الإدارية الوطنية " بخلق الجبهة ، لأنه اعتبرها تكملة للاتحاد الاشتراكي – " المكتب السياسي " ، لأنها تحوم حول الانتخابوية وليس الانتخابات ، وحول البرلمانية وليس البرلمان ، وتجسد تصورا للحزبوية التي لا علاقة لها بنظام الأحزاب الديمقراطية والتقدمية ، أي طغيان الخط الانتخابوي على المطالب الديمقراطية التي تعني الحكم . والسؤال . ان ربط الاتحاد الاشتراكي – " اللجنة الإدارية الوطنية " ، المشاركة السياسية في انتخابات الملك ، بضرورة تعديل الدستور ، قد يسهل علينا طريق الفهم عند تحليل المشاركة على بياض لحزب " الطليعة الديمقراطي الاشتراكي " ، مرتين في انتخابات الملك محمد السادس ، طبعا بعد التعديل الذي تم إدخاله على دستور الملك في 2011 ، بسبب موجة حركة 20 فبراير الاصلاحوية .. فالنظام الملكي ( بتعديله ) دستوره ، يكون قد استجاب لدعوة " حزب الطليعة " ، و حزب " الاشتراكي الموحد " ، عندما ادخل تعديلات على دستوره ، مما شجع الحزبين على المشاركة في انتخابات الملك .. والفضيحة ان " الاشتراكي الموحد " دخل البرلمان بمقعدين في الانتخاب السابقة ، ودخل في الانتخابات الأخيرة بمقعد واحد ملائته نبيلة منيب ، مقابل انقلابها على " الفدرالية " التي اكبر برهان على نفور الطبقة السياسوية التي تتعشى وتقتات من السياسة السياسوية ، من بادرة تدعو الى الوحدة ، او الى الجبهة ، او الى الكتلة .. لان النزعة الستالينية في الداخل الحزبي للجم المعارضة ، واندماجها في المشروع الأيديولوجي للنظام ، يركز دائما على الاستقلال الحزبي وينفر من غيره .
اما حزب الطليعة الذي قدم شيكا على بياض للنظام ، وشارك مرتين في انتخابات الملك قصد الدخول الى برلمان الملك ، فأمانيه تحطمت عندما لم ينجح في الظفر حتى بمقعد واحد كالحزب الاشتراكي ..
ان المحلل للبرنامج الذي اقترحه الاتحاد الاشتراكي – " اللجنة الإدارية الوطنية " ، سيصل الى حقيقة صادمة ، هي ان البرنامج من جهة ، لا يختلف كثيرا في الموضوع وفي الشكل عن البرامج التي تطرحها الأحزاب الملكية باسم المعارضة في الساحة ، ومن جهة فان الحزب عندما تسرع بطرح برنامج الجبهة المنتظر ، فقد تجاهل الاهتمام والإحاطة بكل ما كان يؤثر في الساحة ، وسنركز هنا على مسألتين أساسيتين :
-- المسألة الأولى وتتعلق بالشعار التكتيكي الذي هو تعديل الدستور والفصل بين السلط ، وهو شعار كان يتميز بغموض يجد تفسيره في الرقابة الذاتية . فإلى حد نشر دعوة تشكيل الجبهة وطرح برنامجها ( برنامج عشوائي ) ، فان الشخص الوحيد الذي خرق الرقابة الذاتية ، كان هو نوبير الاموي قبل ان يضمه اليه الملك محمد السادس عندما استقبله ( ... ) ، وليتحول الاموي الى اكبر مدافع عن نظام محمد السادس ، واكبر مناصر لمسلسل السلم الاجتماعي الذي عمر لأكثر من ثلاثين سنة ولا يزال . والسؤال . لماذا لم تدعو " ك د ش " CDT الى اضراب عام في اوج فورة حركة 20فبراير الاصلاحوية .. ؟ ، ولماذا كانت " ك د ش " الى جانب النقابات ك " الاتحاد المغربي للشغل " من الأدوات التي وجهت ضربة الى حركة 20 فبراير ؟ . بل لماذا تحول الاموي الى طرف يعادي مصالح العمال والشغيلة ، ومنخرطا في العمل الحكومي ، خاصة عندما كان يلتزم الصمت عن الزيادات في الأسعار التي فرضتها الحكومة التي كان وزيرها عبد الرحمان اليوسفي ، وكان وزير ماليتها فتح الله ولعلو الذي خصخصة القطاعات الاستراتيجية وباعها باقل الاثمان ..
فنوبير الاموي الذي دعا الى اضراب يونيو 1981 بسبب زيادة عشرة سنتيمات في الخبز ، كان هو من تجرأ في زمن الفورة الثورية عندما ردد " ... ان مطلبنا هو ان الملك يسود ولا يحكم .. " . وقد يتفق معه البعض او لا يتفق ، وقد يطرحون صيغا مختلفة ، لكنه لا احد يستطع في ذاك الزمان باستثناء اليسار المتطرف ، منافسته على مستوى الجرأة والوضوح الذين تميز بهما خطابه ، قبل استقباله من الملك محمد السادس ( ... ) ، ولذلك فالملاحظة الأساسية هنا ، ان خطابه لم يلقى تجاوبا في برنامج الاتحاد الاشتراكي – " اللجنة الإدارية الوطنية " ، وفي الساحة السياسية من قبل أحزاب المعارضة الملكية ..
-- المسألة الثانية التي أغفلها برنامج الجبهة ، هي ان مشكل المعارضة السياسية الملكية في المغرب ، الاتحاد الاشتراكي ، التقدم والاشتراكية ، حزب الطليعة ، الاشتراكي الموحد ، وحتى حزب الاستقلال ، ليس هو مشكل البرامج او البرنامج فقط ، وانما هو بالأساس مشكل التطبيق والتنزيل ، إذ انه بعد مرور سنوات طوال على استقلال Aix-les Bains ، صارت المعارضة سواء الرسمية ، او تلك التي افرزتها نضالات الشبيبة المدرسية منذ نهاية الستينات وقبل الانشطار الكلي ، تمارس التعبير عن الرأي فقط ( رأي مبثور بحكم الرقابة ) ، واضطرت عمليا الى التخلي عن توعية الجماهير وتجنيدها من اجل تحقيق مطالبها .
واذا كانت الساحة اليوم فارغة الاّ من النظام الحاكم ، فان تحولا بدأ يلاحظ منذ بداية الوحش ( كورونا ) المخدوم ، في علاقة الجماهير بالنظام ، وهي علاقات لم تعد تتلاعب بها أحزاب المعارضة الملكية التي انقرضت ، وأصبحت بقاياها الميكروسكوبية تابعة للدولة التي تقتات من فتاتها وفضلاتها ، وترهن المتبقي منها بالعطاءات التي هي شراء ذمم الأموات التي تعييش غريبة عن مجتمعها .
فالسخط الجماهيري يخرج من تحت الأرض المغربية ، والمواجهة أضحت مباشرة بين النظام وبين الشعب ، لان البرشوك الذي كان يقي النظام ، لم يعد موجودا بصفته الرسمية ، الامر الذي أدى الى تعقد صفة المخاطبين الرسميين للدولة الذين رغم انهم جزءا منها ، فانهم كانوا يلعبون أدوارا خطيرة ، من جهة لاستغلال اندفاع الجماهير التي كانت مسيسة ، وفرملتها بتوظيفها لخدمة مصالحها التي كانت برلمانية وريعية ، ومن جهة رغم الظهور بمظهر المدافع عن الجماهير ، فان خدماته للدولة كانت تتم بطرق تجعل أي حل بعد اية ازمة سياسية ولو مصطنعة ، فارغة الصلاحية ، وفارغة المضمون السياسي الشعبي الجماهيري ، ويصب في برنامج النظام الذي كان اليسار المتطرف يصفه باللاّوطني .
ان فراغ الساحة من المعارضة البرجوازية الصغيرة ، التي قدمت خدمات للنظام في فترات متعاقبة ، لا يعني ان النظام اصبح آمنا عن الانصياع لمطالب الشعب التي تتقوى وتتكاثر من دون حل . بل ان تأجيج فريق البوليس السياسي للوضع ، بالإكثار من القمع واللجم ، والدوس على ابسط الممارسات الداخلة في حقوق الانسان ، ليس حلا ، ومخرجا وهروبا من الازمة التي قد تتعقد ، وقد تتحول الى تيار جارف غير منظم يندفع فجأة ، ليهدد اصل الدولة اذا عم كل المغرب . فماذا يضير الدولة التغاضي مرة والسماح مرة بوقفات واحتجاجات ، ومسيرات ، ما دام انها محصورة عدديا ، وما دام انها سلمية ، وما دام انها زمنية وقتية ؟ . ان اكبر استثمار امني وسياسي تحرزه الدولة المهددة بملف الصحراء ، والمهددة من الخارج ، هو توسيع مجال الممارسات الديمقراطية التي يجب ان تصل مرحلة غياب قوات الامن ، حتى لا يعطي للحدث الزمني والوقتي اكثر من حجمه .. فعند التأكد من وقفة عشرين او خمسة عشر ناشط باسم حقوق الانسان مثلا امام محكمة تحاكم احد الأشخاص ، فيجب مباركة الوقفة بدل قمعها ، ونفس الشيء بالنسبة لما حصل مؤخرا للطلبة في العديد من الكليات .. فالتوسع في ممارسة الحقوق ، يخدم الدولة ويجعل الجميع مرتبط بها ، لأنه الاستثمار الحقيقي للحفاظ على انصهار اللحمة بدل تشتيتها ..
فاذا استمر الفريق البوليسي في خنقه للحريات ، مع خنق الازمة الاقتصادية والاجتماعية ، وفي غياب أحزاب البارشوك التي كانت تقي الضربات الموجهة مباشرة الى الدولة ، فان المغرب يبقى مرشحا لسيناريوهات أخطرها تهديد الخارج الذي يجري وراء بتر أجزاء المغرب ، وبلقنته ، وضرب الدولة الواحدية القوية لصالح الكانتونات ، والدويلات القزمية .. أي ان الخطر موجه لوحدة المغرب شعبا وجغرافية .. والعازل الواقي من الاخطار لتشييد وحدة شعبية داخلية قوية ، لان أساسها الشعب هو الديمقراطية مع المجتمع .. ما دام ان المجتمع مرتبط بالدولة وبالنظام العام .. وهنا يجب تصفية الجو السياسي بإطلاق سراع المسجونين في السجون المختلفة باسم محاضر بوليسية مفبركة ومزورة ، والمسجونين بسبب تغريدة ، او تدوينة ، او نشرة ، فبركها لهم فريق تل ابيب ، إسرائيل .
--- اما المسألة الأساسية التي اغفلها برنامج " الجبهة " وكما هو ملاحظ من جوهره ومضمونه فهي قضية المرأة التي مر 8 مارس هذه السنة بشكل حشومي ويتيم ، والحركة الثقافية البربرية . فالملاحظ ان برنامج الجبهة كبرنامج أحزاب المعارضة الملكية قبل انقراضها ، اغفل قضية المرأة اغفل القضية البربرية ، مع العلم ان هاتين القضيتين محورا أساسيا في أي نضال يدعي التقدمية والديمقراطية ، لان المسألة تخص المساواة بين المرأة والرجل ، والقضية البربرية مكون أساسي من هوية الشعب المغربي . ان عدم تدارك هذه القضايا من قبل برنامج " الجبهة " ، وكذلك قضية اللاّئيكية Le laïcisme ، من مسبباته اهمال الطاقات الهائلة للجماهير الشعبية ، وتقسيم صفوف المثقفين المناضلين ، وترك المجال لفريق تلابيب الصهيوني ، فريق إسرائيل المخزني ، وانتشار الفكر الظلامي الاسلاموي الذي تروج له تيارات الإسلام السياسي .
وكيف ما كانت النتيجة ، فمقترح " اللجنة الإدارية الوطنية " لبناء " الجبهة " والبرنامج المطروح ، وفي الظرف العصيب الذي طرح فيه ، ورغم مقابلته بالتجاهل من قبل المخاطبين به ، فالدعوة ، والبرنامج كان الحد الأدنى مما كان من الممكن طرحه ، ويبقى عمل تقدمي في ساحة فارغة من التقدمية ومن التقدميين ..
الكتلة : Le bloc
أولا . يمكن الحديث عن الكتلة كمثقفين مهتمين بالشأن العام لبلدنا ، وهذا يبقى داخلا في البحث الاكاديمي الذي يتخذ اشكالا شتى ، ومن زاوية المعاجلة .
ثانيا . ليس من السهولة وفي وضع كالمغرب ، الحديث عن الكتلة التاريخية من زاوية الدعوة لمليء الفراغ ، لو لخلق البديل الذي يركز على الثوابت والاعمدة ، ويتصدى للانحراف في الذات ، ويجابه الفساد ، فساد الدولة بمختلف اشكاله ومظاهره .
ان الدعوة الى نظام الكتلة ، يتطلب ان توجد بالساحة أحزاب قوية برنامجها هو التغيير ، أحزاب ترقى الى مصاف الإطفائي المنقذ لحصر السيلان ، ولإعادة الأمور الى نصابها القانوني والسياسي ، كما يجري به العمل اثناء خوض الصراع السياسي في الدول الديمقراطية ، الذي تتحجج طبقته السياسية حاكمين ومحكومين بالشعب .. فالساحة فارغة من هذه الأحزاب والتنظيمات ، ومن ثم فان معالجتنا للموضوع ليس بدعوة ، لان لا مجيب سيلتقطها لترشيد السياسة وعقلنة الممارسات ، لذا فنحن نتصرف كمثقفين مولعين بالشأن العام لبلدنا ، رغم ان وكلاء صهيون للبوليس السياسي الرديء والبليد ، يعتبروننا معارضين ، ونحن لسنا كذلك ، لأننا لا نعارض أحدا ، لكن نقوم بما يمليه علينا الواجب الوطني الذي هو التنوير .
وبالمناسبة فإهمال الطبقة السياسوية التي تتعشى وتقتات من السياسة ، لنظام الكتلة ، لا يعني ان تجارب للتكتل المصلحي باسم الكتلة ، لم يعرفها المغرب . لقد عرف المغرب اشكالا من التكتل المصلحي باسم الكتلة في ثمانينات القرن الماضي ، لكنها لم تكن كتلة سياسية تخدم البرامج ، لكنها وعلى علتها ، وبالنسبة للأحزاب الملكية التي كونتها ( حزب الاستقلال ، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، حزب التقدم والاشتراكية ، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي ) ، كانت كتلة انتخابوية مصلحية لأصحابها ، وغلّفت مبادرتها لإضفاء بعض الوطنية عليها ، بالتركيز على رفض وزير الداخلية المفضل عند الملك ، الجلوس معه في الحكومة التي هي حكومة الملك ، وليس بحكومة الكتلة التي تتقن الصفقات السياسوية .. فالحسن الثاني رفض التخلي عن وزيره في الداخلية ، وكان الرفض عائقا في تكوين الكتلة ، التي شاركت أحزاب منها في حكومة الملك ، وكأن مبادرة خلق الكتلة الانتخابوية كان مجرد أضغاث أحلام لم يكن قط ..
لذا فالكتلة التي نعني بها في دراستنا ، هي كتلة البرامج البديلة عن البرنامج الرسمي للدولة ، الذي كان من أوله عاقرا ، ولم يعد عاقرا حتى الان .
وبالنظر الى ان الساحة فارغة من هذه الأحزاب ، يبقى موضوع بناء كتلة سياسية حقيقية ، حلما بعيدا عن الواقع . فما يلاحظ في الساحة السياسية فقط التشرذم ، والذّم ، والطعن ، والغدر بين المكونات السياسية الضعيفة التي تنط هنا وهناك من دون افق صلب . واعتقد ان مهزلة حركة 20 فبراير ، التي كانت صراعا بين حزبين ضعيفين هما " حزب الطليعة " ، و " الاشتراكي الموحد " ، وبين " جماعة العدل والإحسان " حول السيطرة على الساحة التي كانت اخوانية ، وليس ضد النظام الذي كان يتابع ما يحصل ويجري ، كانت كافية لا عطاءنا فكرة عن المآل والنهاية التي ستنتهي اليها حركة 20 فبراير الاصلاحوية ، وكانت عربونا على تفنيد ، بل واستحالة تصور عمل وحدوي بين المكونات السياسية ، ينتهي بخلق جبهة او كتلة ، تحقق ما فشلت فيه الطبقة السياسية السياسوية الانتخابوية منذ ستينات القرن الماضي ..
لذا وامام فراغ الساحة من المكونات القوية ، ونظرا للوضع الذي عليه " حزب النهج الديمقراطي " ، والعزلة السياسية ل " جماعة العدل والإحسان " ، بنفور جميع الكائنات من التفاعل معها ، يبقى الحديث عن نظام الكتلة ، او نظام الجبهة ، او العمل الوحدوي ، مجرد استهلاك ثقافي ، او سياسي ، او سياسوي لا غير .. وهنا تستحضرني تجربة أحزاب " فدرالية اليسار الديمقراطي " الانتخابوية ، التي تشتت بمجرد انقلاب " الحزب الاشتراكي " بزعامة نبيلة منيب عليها .. فاذا كانت ثلاث أحزاب صغيرة وضعيفة كونت " فدرالية الأحزاب الانتخابوية " وليس الديمقراطية ، فكيف حال الفدرالية الآن والموجود فيها فقط " حزب الطليعة " . اما " حزب المؤتمر " فهو نفس اشخاص الكنفدرالية " ك د ش " CDT ..
اذن رغم اقتناعنا باستحالة تكوين جبهة او كتلة ، او حتى انجاز عمل شبه وحدوي ، لان الساحة فارغة ، ومع ذلك سنستمر في معالجتنا لنظام الكتلة كأحسن الخيارات والبدائل ، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .. لكن هذا لا يعني ان المخاض قد توقف قبل معرفة نوع البديل الذي سيخرج من قلب الشعب عند حصول فراغ في الحكم ، وعند تأزيم الوضع السياسي ، بما يجعل البوليس السياسي وكلاء بوليس صهيون يفقدون زمام السيطرة كما يبدو الآن ..
ان ما يراد التأكيد عليه في هذه الدراسة ، هو ان التحولات التي غيرت اطار الفئات ، وتبلور ملامح الطبقات الاجتماعية المنخرطة في مسلسل التغيير الاجتماعي ، يطرح قضايا أشكال الوعي الملموس ، الذي به يمكن ان تتبلور وتتجسد الكتلة التاريخية البديلة والحقيقية ، عند حصول فراغ في الحكم ، وهي الكتلة وحدها التي سكون حاملة كل شروط التغيير .
لهذا فان دور ومستقبل الحركة الاجتماعية السياسية المنتظرة من قبل الشعب والجماهير ، يتحدد اليوم عن طريق القدرة على استيعاب حقيقة الوضع ، وفي التعبير عن خلاصات البرامج التي يجب ان تكون مستمدة من الجماهير ، عُشِّ انبثاق حلفاء الكتلة التغييريين . وهنا نخص البرامج الجماهيرية الهادفة ، والقادرة ليس فقط على توحيد مكونات الحركة الديمقراطية التي ستنبثق من الحراك الشعبي عند حصول الفراغ في الحكم . بل نخص واقع الجماهير الشعبية صانعة التاريخ ، وستصنعه ، لأن هذا قانون الكون ، وحتمية الصراع ونتائجه ، خاصة وان العالم تغير ولا يزال يتغير ، والنظام محصور ومهدد بملف نزاع الصحراء ، وبفضائح وجرائم Moroccogate ، و Pegasusgate ، واضحى معزولا دوليا وشعبيا ..
ان هذه المهمة تفرض نفسها بقوة ، لان التشكيلات السياسية التي ستنبثق من وسط الشعب والجماهير اثناء الحراك ، والمنظمات الجماهيرية بوجه عام ، ستكون البديل لأحزاب المعارضة الملكية التي تدهورت سمعتها بشكل خطير ، وتم وضع ( مصداقيتها ) الانتخابوية موضع تساؤل جماهيري ، لان نتائج الانتخابات التي حصلت عليها في التجربتين الانتخابيتين الأخيرتين ، كان ادانة واتهاما من قبل الجماهير ، بانها لا تشتغل بقضايا الجماهير وبقضايا المواطنين ، وتخفي عنهم الحقيقة ولا تقولها لهم . بل تخضع كل شيء لطموحاتها الانتخابوية الخاصة بها .
فالوجود الشعبي والجماهيري في المنظمات الجماهيرية ، الاّ ارقام / مادة للصراع من منظور ( القوى ) السياسوية المحكومة بالنزوع السلطوي ، عن طريق مصادرة الجماهير سياسيا عبر عملية الالحاق / الاختزال ، في حين ان كينونة المنظمات الجماهيرية ، تفترض ان تحقق فيها الجماهير مصلحتها وتمثيليتها المباشرة . وهذه النظرة الضيقة ، هي من بين الأسباب التي حولت الأحزاب والمنظمات ، الى أجهزة تعيد انتاج ذاتها ضمن نظام من الولاءات العلائقية الزبونية المخزنية .
لذلك فمعالجة هذه القضايا بعمق ، سيمكن المكونات السياسية المنتظر بزوغها من وسط الشعب والجماهير ، من مواجهة التحديات التي اعترضت أحزاب المعارضة الملكية المخزنية السابقة . أي فرملة الوصاية المخزنية عند الدعوة الى انطلاقة ، او الدعوة الى مواجهة ، سيما وان المجال الاجتماعي المتراتب والمؤدلج ، يعيش تفاعلات سياسية مستمرة ، وتوسعا متزايدا للفضاء السياسي ، وتجاوزا للسياسة منظور اليها كامتياز ، واختصاص لبعض السياسويين محترفي السياسة . ويعتبر هذا الفضاء كوسيلة ، تتموضع فيه الجماهير الشعبية في موقع القرار ، لإعطاء حلول فعلية وملموسة للمشاكل المتراكمة والمتولدة . وهذا يتناقض مع اهداف الحكم الذي يعمل منذ عدة سنوات من 1999 ، وما يزال ، لاختزال دور الأحزاب التي تلاشت ، واساسا أحزاب المعارضة الملكية ، في دور الوسيط بين الجماهير والنظام المخزني ، وحصر ( الديمقراطية ) السياسية في المشاركة في العملية الانتخابوية باسم ( التناوب ) ، او انتداب لمصلحة مجموعة من السياسويين الذين يتعيشون من السياسة . الشيء الذي يؤدي الى تشجيع وتنامي مظاهر البيروقراطية داخل أحزاب المعارضة الملكية والمنظمات ، لإدارة علاقات زبونية في علاقتها مع السلطة ( نبيلة منيب وتجربة الفدرالية ) .
--- الفعل السياسي وجدلية الدولة المخزنية والمجتمع .
لهذا فان اهم المعضلات التي قد تواجهها المكونات السياسية التي ستنبثق من وسط الشعب والجماهير ، تتمثل في علاقتين أساسيتين هما علاقة الدولة / المجتمع المدني الحقيقي المنتظر ، وعلاقة عناصر المجتمع المدني فيما بينهما ، حتى لا تتكرر الأخطاء التي أدت الى اقبار العمل السياسي الجاد ، امام نفود الدولة المخزنية ( انشاء أحزاب جديدة ، نقابات جديدة ، منظمات جماهيرية جديدة ، منظمات ثقافية ، نسائية ، شبيبية ، حقوقية ، وجمعوية ... ) خارجة عن نطاق النظام بشكل عام . وتفاعل هذه الكلية الشمولية ، دولة ديمقراطية ومجتمع مدني حقيقي ، مع بيئة عالمية تفعل فعلها بمقدار ما يؤثر على العلاقة بين الدولة الديمقراطية ، والمجتمع المدني ، وعناصره المتصارعة .
ولتجاوز العوائق والممارسات الخاطئة المتوارثة ، والكامنة في الفعل السياسي والجماهيري ، يستدعي الامر تحديد مضمون وعناصر الدولة الديمقراطية ، وعناصر المجتمع المدني والعلاقة بينهما ، ضمن رؤية ديناميكية وجدلية ، تأخذ بعين الاعتبار صيرورة هذه العناصر ومتغيراتها في الزمان والمكان ، لان لا شيء فيها ثابت رغم سكونه الظاهر .
على هذا الأساس الذي تتعدد مستوياته الفكرية ، والسياسية ، والتنظيمية ، والبرنامجية ، يمكن تأسيس الكتلة الجماهيرية التاريخية في بلادنا مستقبلا ، لمواجهة التحديات الوطنية ، القومية والعالمية ، حتى يحقق فيه شعبنا مجتمعا تسود فيه ارادته ، في ظل الحرية والعيش الكريم .
وتجدر الإشارة هنا الى الكتلة الجماهيرية التاريخية ، ليست صيغة تنظيمية بقدر ما هي نهجا في الممارسة والتفكير ، يتطلب ان يخترق كافة الفضاءات التي ستتبلور ، وتتمفصل ضمنها الصيغ / الصيغة التنظيمية الملائمة ..
فهذه الكتلة الجماهيرية التاريخية المنتظرة ، هي وحدها مؤهلة وقادرة على حماية الصحراء الغربية ضمن مغربيتها ، وقادرة على افشال المخططات التقسيمية التي تنتظر وحدة المغرب الجغرافية ، ووحدة المغرب الشعب . قراءة ممتعة ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جواب الديوان الملكي ، و( المعارضة ) الشاردة والتائهة .
- حين يصبح القصر في نفس مستوى حزب . فتلكم مهزلة . فهل بلغ الضع ...
- العمل الجمعوي والصحوة الديمقراطية .
- إيران . السعودية . حزب الله . البوليساريو
- إشكالية الصحراء الشرقية
- الديمقراطية معركة مستمرة وشاملة
- نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال ...
- نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال ...
- نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال ...
- نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال ...
- نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال ...
- هل الصحراء الشرقية / تندوف / مغربية ام جزائرية ؟
- البرنامج الثوري الذي بقي حبرا على الورق . الانتفاضة المسلحة ...
- نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال ...
- حين ورط الملك الشعب في الاعتراف بالجمهورية الصحراوية .
- الواقع السياسي المغربي الراهن ، محدداته المرحلية ، واحتمالات ...
- الواقع السياسي المغربي الراهن ، محدداته المرحلية ، واحتمالات ...
- الواقع السياسي المغربي الراهن ، محدداته المرحلية ، واحتمالات ...
- ( طرد ) إسرائيل من حضور افتتاح دورة القمة السادسة والثلاثين ...
- انعقاد القمة السادسة والثلاثين ( 36 ) للاتحاد الافريقي بأديس ...


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - في الكتلة التاريخية او الجبهة التقدمية