أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الخطاب السياسي ( 4 )















المزيد.....

الخطاب السياسي ( 4 )


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7573 - 2023 / 4 / 6 - 13:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الخطاب الإسلامي :
لقد اصبح من البديهي ان انتشار الحركات الإسلامية ، واشكال التطرف الديني ، قد شكل نتيجة منطقية لفشل حركة " التحرر الوطني العربية " ، في صياغة المشروع المجتمعي وتحقيق البديل التاريخي ، إضافة لاعتبارها ظاهرة افرزتها التحولات الاجتماعية التي عرفتها المجتمعات العربية في بنياتها الأساسية .
ان تعامل الفكر " التقدمي " العربي مع المسألة الدينية ، تميز بتأرجحه ، بين موقفين ، يتمحور الأول منهما حول استعادة بعض الاطروحات الفكرية الاوربية ، ماركسية كانت ام غيرها ، بصدد الدين . ويتمثل الموقف الثاني في الخطابات الداعية لاستحضار الجوانب ( المشرقة ) في التراث العربي – الإسلامي . ان كلا الموقفين إضافة لتصورهما النقدي يتصفان بلا تاريخيتهما .
ذلك ان التعامل مع المسألة الدينية ، قد اتخذ الأوربي الحديث طابعا خصوصيا . فعصر الانوار وما صاحبه من انتشار للفلسفات الالحادية ، وخصوصا في القرن الثامن عشر ، ارتبط بالصراع الأيديولوجي الذي خاضته البرجوازية الناشئة ابتداء من القرن السابع عشر، والذي تبلورت بداياته مع المشروع الفلسفي الديكارتي Descartes .. ان نضال البرجوازية ضد الكنيسة ، تزامن مع سعيها لتحقيق مشروعها التاريخي الهادف لإرساء دعائم المجتمع الرأسمالي الليبرالي ، وسوف تعمل البرجوازية لاحقا ، بعد ان استكملت أهميتها ، على استرجاع اللاهوت المسيحي من اجل خصومها الطبقيين .
لقد تأثر التقليد الماركسي الى حد كبير بهذه الخصوصية ، كما استلهم المكتسبات الفلسفية السابقة في هذا المجال ، وخصوصا نقد " فيورباخ " Feuerbach للديانة المسيحية ، وتأسيسه لأطروحة " الاستيلاب " Aliénation عن الدين .
لقد اقر ماركس Marx بصلاحية الطرح الفيوبارخي على المستوى النظري ، وتتمثل اضافته المركزية في ضرورة تثوير القاعدة الأرضية المولدة لظاهرة الاستيلاب الديني ، بعدف حذف التناقضات المنتجة لمختلف اشكال الاستيلاب . في حين ان المقاربة اللينينية للمسألة الدينية تثير ملاحظتين أساسيتين ، تتعلق الأولى بما هو ذو طبيعة نظرية ، ذلك ان مجمل الكتابات اللينينية حول الدين ، لم تتجاوز بضعة عشرات من الصفحات ، مقارنة الى التراث الضخم الذي ابدعه لينين بصدد العديد من القضايا .
اما بالنسبة للملاحظة الثانية ، فتتعلق بالموقف اللينيني من المسألة الدينية من الناحية العملية ، والذي عبر عنه لينين بمناسبة مطالبته القس المسيحي بالانتماء الى الحزب البولشفي . لقد الح لينين على ما هو أساسي ، أي تقبل برنامج الحزب ، واعتبر مسألة الاعتقاد قضية شخصية . ان التعامل الستاليني لا حقا مع نفس المسألة ، كان قائما على الاكراه والإرهاب الفكري ، وان امدادات هذا الموقف على مستوى اوربة الشرقية ، ابانت عن عقيمة ذاك . ان فئات من المجتمع المدني ستتمثل قيم الكنيسة الكاثوليكية كوسيلة للخلاص من هيمنة البيروقراطية واحادية الفكر ، مما يجسد تهافت الممارسة الستالينية على المستوى النظري ، وافلاسها على المستوى السياسي .
ان الإقرار بتقاعس الفكر " التقدمي " العربي في التعامل مع المسألة الدينية ، هو إقرار كذلك بقصوره النظري أولا ، والذي يتضح من خلال النقل الميكانيكي لبعض الطروحات الماركسية ، دون مراعاة خصوصية المجتمعات العربية الإسلامية ، وخصوصية الديانة الإسلامية التي شكلت اطارا عاما تفاعلت داخله مختلف المكونات ، اطارا لم يمنع العقل من مسائلة العالم ، وتأسيس المقولات ذات النزوع العقلاني .
ان العديد من مكونات الفكر التقدمي ، لم ترتق الى حدس " جوهر " الطرح الماركسي اللينيني ، الذي تم تشويهه بمقولة " الدين افيون الشعوب " . ونادرا ما كان يتم الانتباه الى الدلالة العميقة للقول الماركسي بان الدين آهة الانسان المقهور .
اما الإقرار الثاني فيتحدد بكون الموقف الذي يدعو الى استلهام الجوانب " المشرقة " من التراث ، موقفا لا تاريخيا ، وذلك من منطلق استحالة اقتطاع جوانب واستلهامها ، واستبعاد جوانب أخرى . فالتراث كُلّ واحد ، حكمت تجلياته شروط تاريخية محددة ، بلورت مجموعة مهام وتساؤلات ، تختلف في نوعية والتساؤلات التي تفرزها شروطنا التاريخية الحاضرة .
--- إن منطلق الخطاب الإسلامي يقون على ثنائية الكفر و الايمان . ان هذه الثنائية يجب مساءلتها في المرحلة الأولى على المستويين التاليين :
1 – اذا كان مفهوما الكفر والايمان يستندان الى مرجعية المعتقد الديني – الإسلامي متمثلا في النص الديني ، فان هذه المرجعية وضعت حدودا بين الايمان والكفر ، إلاّ ان هذه الحدود لم تمنع من تدخل الممارسة التأويلية الإنسانية ، والتي تجلت منذ المرحلة الأولى لتشكل الفكر العربي الإسلامي في الخلاف الذي نشب بين الفرق الإسلامية ، بصدد مسألة الخلافة وحكم " مرتكب الكبيرة " ، وبالتالي الخلاف حول تحديد مفهوم الايمان .
وباعتبار ان الممارسة الإنسانية هي ممارسة تاريخية ، فإنها تتأثر بمتطلبات المرحلة التاريخية ، وتشتغل بتساؤلاتها . فبهذا المعنى نفهم اليوم ان السؤال العقائدي الذي شغل الفرق الإسلامية الأولى ، كان في جوهره سؤالا سياسيا ، ذلك ان نفس الفرق إذ تختلف بصدد المسألة السياسية ، فإنها ترجع للمعتقد الديني ، بهدف تأويله لحمله على إضفاء الشرعية الدينية على مواقفها السياسية .
2 – من هذا المنطلق تتوضح مجازفة الخطابات الإسلامية ، وضح الحدود الفاصلة بين " الكفر " والايمان . ان ما يطلب هذه المجازفة ، هو واقع تعدد هذه الخطابات نفسها ، بل وتعارضها ، ممّا ينزع عنها احقية الانفراد بتحديد شروط كل من " الكفر " والايمان ، حيث انّ هذا الحق مشاع بين بين سائر المسلمين بالمعنى الديني والثقافي . كما ان الإسلام في جوهره ، لا يتوافق مع المؤسسة الدينية المُوزّعة لشهادة الايمان وصكوك الغفران .
--- " يفسر " الخطاب الإسلامي وضعية التأخر التاريخي التي تميز واقع المجتمعات الإسلامية ، بانحرافها عن التعاليم الدينية ، في حين يعجز عن تفسير تقدم المجتمعات الأخرى والغربية منها على وجه الخصوص . وهكذا يتصور هذا الخطاب ان إمكانية تجاوز وضعية التأخر ، تقتضي العودة الى " الايمان " الصحيح ، والاحتكام الى التشريع الإسلامي بصدد سلوكات الافراد والجماعات . وبهذا المنظور المبسط ، يختزل الخطاب الإسلامي الإشكالية المجتمعية في المسألة الأخلاقية ، وبالتالي تبقى قضايا التحرر والديمقراطية ، وتجاوز وضعية التخلف ، قضايا عالقة ، وذلك بالركون الى القول إنّ الدين مصدر كل الحلول ..
--- يعتبر الخطاب الإسلامي ان علاقة الدين بالتاريخ الإنساني ، هي علاقة تطابق ، في حين ان هاته الوحدة المنشودة تعارضها وقائع التاريخ الفعلي للمجتمع الإسلامي ، وتدحضها صيرورة الفكر العربي – الإسلامي ذاته . ذلك ان البحث عن مشروعية الممارسة الإنسانية التاريخية باسم الدين ، أدى دائما الى الاختلاف سواء تعلق الامر بالصراعات الاجتماعية ، او الممارسة الفكرية . والاّ كيف يمكن مثلا فهم تعارض الفريقين الكلاميين المعتزلة والاشعري ، والذي وجد له امتدادا في حقل الفلسفة ، بشكل من الاشكال ، بين الغزالي مكفر العقل ومكفر الفلاسفة ، وابن رشد مُتبّث مشروعية الفلسفة . ؟
ان الخطاب الإسلامي ، إذ يسعى لدمج الدين بالسياسة ، يفصح عن افتقاده للتصور الخاص بالمشروع المجتمعي . وان ما يشكل اليوم عناصر قوته في مخاطبته الأخلاقية للجماهير ، هو ما سيشكل غدا عناصر ضعفه . ذلك ان نفس الجماهير ستستعجل تلمس الإجابات عن انشغالاتها الأساسية وطموحاتها .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطاب السياسي ( 3 )
- الخطاب السياسي ( 2 )
- الخطاب السياسي ( 1 )
- السلف . هل حقا كان سلفا صالحا ، ام كان في حقيقته سلفا طالحا ...
- في البطريركية السياسية
- تغول بوليس الدولة البوليسية السلطانية
- استراتيجية الاختراق الإسلامي للجامعة ومنها للمجتمع
- الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
- التحالف ضد الشعب
- حين يكذب الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ، على رئيس جزائري غا ...
- هل حقا أهان النظام الموريتاني النظام المغربي ؟
- في الكتلة التاريخية او الجبهة التقدمية
- جواب الديوان الملكي ، و( المعارضة ) الشاردة والتائهة .
- حين يصبح القصر في نفس مستوى حزب . فتلكم مهزلة . فهل بلغ الضع ...
- العمل الجمعوي والصحوة الديمقراطية .
- إيران . السعودية . حزب الله . البوليساريو
- إشكالية الصحراء الشرقية
- الديمقراطية معركة مستمرة وشاملة
- نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال ...
- نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال ...


المزيد.....




- بالأسماء.. أبرز 12 جامعة أمريكية تشهد مظاهرات مؤيدة للفلسطين ...
- ارتدت عن المدرج بقوة.. فيديو يُظهر محاولة طيار فاشلة في الهب ...
- لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب ...
- جرد حساب: ما نجاعة العقوبات ضد إيران وروسيا؟
- مسؤول صيني يرد على تهديدات واشنطن المستمرة بالعقوبات
- الولايات المتحدة.. حريق ضخم إثر انحراف قطار محمل بالبنزين وا ...
- هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأ ...
- هوغربيتس يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة.. ويكشف عن مكانه
- Polestar تعلن عن أول هواتفها الذكية
- اكتشاف تأثير صحي مزدوج لتلوث الهواء على البالغين في منتصف ال ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الخطاب السياسي ( 4 )