أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - عبد الله خطوري - اَلشَّارَفْ















المزيد.....

اَلشَّارَفْ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7542 - 2023 / 3 / 6 - 21:50
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


في لساننا آلمغربي آلدارج نطلق كلمة (‏الشَّارَفْ)مؤنثه(الشارفة)على مَن بلغ من الأعمار عتيا، فالرجل الشارف هو العجوز المُسِنّ..وغالبا ما ينظر لمدلول الكلمة بمنظور سلبي قدحي آحتقاري به من الازدراء ما لا يمكن أن يتحمله المرء المنعوت به حقيقة أو مجازا..الشّارْفْ جمع:الشُّرّاف وهو المُسِنّ..و(الشارف الشيبا العاصيا)العجوز المتهافت الذي لا يتعظ بحكم سِنه فهو يتصابى ويأتي من الأفعال آلصبيانية والسلوكات الرعناء ما لا يوافق رصانة عمره المفترضة، وقديما قيل:(اثنان أقبح من ايخ شيخ يتصابى وفتى يتمشيخ)..ونلفي عبارة دارجة أخرى من صنو(الشارف الهارف)تُلْقَمُ في وجه من لا يميز بين الصالح والطالح نتيجة خلل وآضطراب في عمره المتقدم في آلسن..وتقال كذلك للأنعام بمدلول آحتقاري:حَيَوانٌ شَارِفٌ:مُسِنٌّ، هَرِمٌ.. وبالدارجة(بَقْرَا شَارْفَا نَعْجَا شَارْفَا) بمعنى:هرمَتْ وما فضل فيها من لحم وإيدام لا ينفع بل يضر مُستهلكَه، لذا، نجد الناس تتجنب هذا النوع من الاستهلاك الحيواني الذي يباع في الأسواق بأرخص آلأثمان..ومن شروط الأضحية أن تكون سليمة خالية من الإصابة بعيب في اللحم والشحم والمرض الواضح والعرج والعمى وكسر القرن وسقوط الأسنان والهزل وقطع الذنب ونتانة الفم..التي غالبا ما تلزم الدواب المعمرة...وفي الفصيح تحوم الدلالة عادة حول مقاصد تداولية إيجابية ما بين الشَّارِفُ من الأَشياء أي القديم العتيق و(شَارَفَ عَمْرٌو زيدا)أي فَاخَرَهُ فِي الشَّرَفِ، وشَارَفَ الجَبَلَ أي عَلاَه، والشَّرَفُ الموضع العالي يُشرف على ما حوله، والشَّرَفُ العُلُوُّ والمجد، وفلان شريف:نبيل عالي المنزلة سامي المكانة رفيع الدّرجة والمقام، وساحة الشَّرف ساحة القتال دفاعًا عن المبادئ والأوطان، وشرف المرأة عفَّتها وحصانتها، وشرف المهنة كرامتها وآحترامها، وشرف النّفس:سموّ أخلاقها، ونقول(علا في ذروة الشَرَف)أي كان ذا مكانة ونَسَب،و(كلمة شرف)هي التي لا رجعة فيها..وحديث شريف:ما ينسب من قول صحيح متفق عليه للرّسول صلَّى الله عليه وسلَّم وحكاية فِعْله وتقريره أو صفته، والمُصحف الشَّريف:القرآن الكريم...غير أن هذه الدلالة لا تسترسل في بعدها المتسامي، بل تنزاح عن المحمود من الصفات إلى عكسها تماما، ولعلها تزداد غورا في بعدها السوداوي لَمَّا نعاين سياقات تركيبية فعلية من قبيل(فلانٌ شَارَفَ عَلَى الْمَوْتِ)أي قارب المنية ودنا من نهاية الأجل..ومن مرادفات(الشارف)في اللسان المغربي الدارج نجد:لَكْبير/الشايب/لَعْجوز عجوزا/الشيخ الشيخا/الفقيه/سكة قديما/ناس زمان...ويبدو أن أغلب مثل هذي المرادفات تنحو نحوَ سلبي المدلولات(مثلا لفظة الشيخا تطلق على الراقصة علنا أمام الناس دون خجل أو حياء، فآنتقلت الكلمة من مؤشر زمني متقدم الى مؤشر استعاري أخلاقي قدحي لا علاقة له بتقدم العمر)ربما لأن بركة آلأعمار ينتظر منها أكثر مما يحتمل بآعتبارها صنو الحكمة والخضرمة والتجارب المتراكمة.. وربما تكون تلكمُ المدلولات من نتاج بنية ذهنية شابة تقول كلمتها بطريقتها الخاصة في حق من تراه حجرة عثرة أمام تكلعاتها وطموحاتها(نوع من تجليات صراع الأجيال أو صرعة من صرعات قتل الأب وتجاوزه على غرار"لن أحيا في جلباب أبي")...من هنا نفهم مثل هذه الأمثال السائرة في اللسان الدارج:
_وجه الشارفا ما يخفى ولو تحكو بالحلفا.
_لقرد الشارف ما كيترباش
_اللِّي كَيْعَمْلُو إبْلِيسْ في عَامْ تْعْملو الشارفا فْسَاعَا..
_إلى تقادو لكتاف يعود الكبير يخاف.
_عمر الشيخَا تنسى هزة الكتف
_الشيخا لي ما تعرف تشطح تقول الأرض عاوجا
_الفقيه دحمان قرا البرا سبع أيام وقاليهم الخط عيان.
_الفقيه للي عملناه إقابل الجامع عاد فالحصاير طامع...

دون أن يعني ذلك حُكما سلبيا مطلقا، فقد نلتقي بصيغة تمدح هذه السن وتحترمها وتقدرها من قبيل قولهم(سَالْ لمجرّب لا تسال الطْبيب أو لا تنسى الطبيب)..وقول (عبدالرحمن المجذوب) في رباعياته يعلي من شأن الفقيه الذي نطلق عليه في المغرب لفظة(الطالبْ) تيمنا بطلب العلم الذي يتميز به عادة:
_للي حَبْ الطَّلْبَا نحبوه ونعملوه فوق الراس عْمَاما
وللي كره الطلبا نكرهوه حتى يوم القيامَا

وقوله في من آحتقره لسوء حاله:

_شافوني اكحل مغلف يحسبو ما فيا دخيرة
وانا كالكتاب المؤلف فيه منافع كثيرة...

شيء طبيعي جدا أن تكون لهذه الحقبة من العمر الإنساني هناتها وخصاصتها، فهي المنتهى على أية حال ولكل بداية نهاية، ودوام الحال من المحال؛لكن، على المرء الذي يعيشها أن يتكيف ووضعيتها ويقاربها ويعايشها ويسايرها بفعالية وطرق إيجابية دون نكوص أو حسرة أو ندم أو مغص وجودي أو وجع نفسي أو برم أو آكتئاب أو أوووفٍ على حد تعبير المتنبي:

وَإِذا الشَيخُ قالَ أُفٍّ فَما مَل
لَ حَياةً وَإِنَّما الضَعفَ مَلّا
آلَةُ العَيشِ صِحَّةٌ وَشَبابٌ
فَإِذا وَلَّيا عَنِ المَرءِ وَلّى

في رواية همنجواي(الشيخ والبحر)التي تترجم خطأ ب(العجوز والبحر)، لما بين(الشيخ)و(العجوز)من فروق بينة، الأولى تشير الى الحكمة والصبر والثبات والثانية تضعنا مباشرة مع العجز والضعف الشيء الذي لا يتماشى ومدلول العام لشخصية الرواية..في هذه الرواية حكاية صيّاد(سانتياغو)شيخ طاعن في السن لكنه يقاوم العجز والاستسلام لنصب واقع الشيخوخة، فقرر الإبحار لصيد سمكة عمره، فظل أربعة وثمانين يبحث عنها دون كلل..وفي اليوم الخامس والثمانين يتمكن صبره وإرادته من آصطياد سمكة(تن)عنيدة وقعت فريسة لسمكة أكبر وأضخم فعلقت المفترسة بالطريدة في سنارة الصياد، لتبدأ المعركة التي لم تك في الحسبان (صراع آلجبابرة)تنتهي بآنتصار صبره وثباته وخبرته وحنكته وحكمته وإرادته؛ لكن معركة أكبر ستفرض نفسها على شيخنا سانتياغو الذي ألفى نفسه مرغما لمواجهة سرب من آلأقراش أثارتها رائحة الدماء،فهاجمت السمكة تباعا على فترات متقطعة ومسترسلة مما فرض على الصياد مواجهتها من أجل الدفاع نفسه وعن سمكته بوسائل يدوية بسيطة ليبلغ الشاطئ منتصرا محققا هدفه مع الهيكل العظمي الضخم لسمكة هائلة تملأ العين والقلب تعيد للذات آعتزازها بعمرها القشيب الذي راح يحلم بسفريات إفريقيا وبشطآن الذهب وهدير الأمواج وزئير ألأسُود...
حري ببركة الأعمار أن تُعاشَ كما ترد مباركة سنية قشيبة مترعة بالحكمة والحبور المخضرم الرصين دون آستسلام للهواجس والوساوس وآلانتظارات الخائبة وسلبيات الخواطر التي تغرق المرء في كآبة لا قبل له بها..
على ذوي آلهشاشة آلنفسية(إنْ وْجِدَتْ) الترحال والسفر وممارسة الرياضة البدنية والفكرية والإكثار من الأنشطة الاجتماعية والاندماج في المشاركات الجماعية بالصراخ والهتافات في الملاعب الرياضية وإصدار ردود فعل مختلفة ضمن جمهور واحد موحد في لحظة واحدة لتتحول الضغوطات النفسية السلبية إلى طاقة إيجابية عن طريق تنفيس المكبوتات وتفريغ الشحنات العاطفية الثقيلة الفائضة عن الحاجة، والتعبير عن ما يثقل الخاطر دون توجس أو آحتراس أو خوف من المحاسبة أو تحمل مسؤولية ما؛ مما يبلسم النفوس المكلومة ويبعدها عن معاقرة الأدوية الكيماوية ومنغصات التطبيب الذي لا ينتهي مع وسواس هواجس أمراض وهم تختص في صناعتها لوبيات الشركات العالمية الوحش الكاسر الذي لا يرحم



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تَاءُ آلتأنيثِ غيرُ آلساكنةِ التي لها مَحَلٌّ مِنَ آلإعراب
- لَعْكَاسْ
- إِنْصَافُ آلنَّاقَة
- مجرد واقع لا غير
- اَلْعَيْنُ آلْمَلْعُونَة
- عِيسَاوَى طنجة
- اَلْعَيْنُ آلْعَرْجَاء
- VERS tAZA الطريق إلى تازا
- اَلْمَدْعُوُّ تَدْوِيرًا يُقْرِئُنَا آلسَّلَام
- ثمانية وعشرون سطرا من آلخوف
- شَبَق
- وَجْدَة
- لَحْظةَ عُلِّقَ آلمغاربة كقوالب سُكَّر على أغصان آلشجر
- مَا بْقَاتْ شَجْرَة
- سِيلْفِي
- نَجاةُ آلجُنون
- مَاذا لو كُنا مُجَرَّدَ حُلْمٍ في رأسِ أَحَدِ أجدادنا
- بَيْنَ آلْفِجَاجِ فَوْقَ آلْجِبَالِ تَحْتَ آلْمَطَر
- جُؤَارُ
- وَجَيبُ آلكَلاكِل


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - عبد الله خطوري - اَلشَّارَفْ