أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض قاسم حسن العلي - في الحاجة الى التنوير واشياء اخرى















المزيد.....

في الحاجة الى التنوير واشياء اخرى


رياض قاسم حسن العلي

الحوار المتمدن-العدد: 7486 - 2023 / 1 / 9 - 16:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كتب طه حسين في مجلة "السياسة الاسبوعية" سنة 1927 في معرض رده على الجدل الذي أثاره بعد صدور كتابه "في الشعر الجاهلي" ،كتب : ( ...فكل امرئ منا يستطيع إذا فكر قليلاً أن يجد في نفسه شخصيتين ممتازتين إحداهما عاقلة تبحث وتنقد وتحلل وتغير اليوم ما ذهبت إليه أمس وتهدم اليوم ما بنته أمس ، والأخرى شاعرة تلذ وتألم وتفرح وتحزن وترضى وتغضب وترغب وترهب في غير نقظ ولابحث ولاتحليل ، وكلتا الشخصيتين متصلة بمزاجنا وتكويننا لا نستطيع أن نخلص من إحداهما فما الذي يمنع أن تكون الشخصية الاولى عالمة باحثة ناقدة وأن تكون الشخصية الثانية مؤمنة مطمئنة طامحة إلى المثل الاعلى؟) .
وطه حسين هنا يقدم الحل الذي لو تم الاخذ به لتغير الشرق الاوسط وصار حاله غير حاله الان ، فالبحث العلمي والنقد التحليلي له ضوابط ومعايير صارمة لا علاقة لها بموقف الباحث والناقد من القضية موضوع البحث والنقد ، فالأيمان والعقيدة الدينية مثلاً يرتبطان بوجدان الانسان ومن الصعب اخضاع الايمان الديني الى البحث العلمي لكن الموروث الذي يأخذ صبغة دينية يجب ان يخضع للبحث والنقد والتحليل لأنه موروث بشري بالدرجة الاساس وهذا لا يعني أن نخضع النصوص المقدسة لهذا النقد او البحث لكن التفاسير البشرية والنصوص غير الموثقة والاراء الفقهية هي التي من يجب ان تخضع للنقاش لأنها ببساطة رؤية بشرية مرتبطة بالمكان والزمان والوضع الاجتماعي والسياسي ومن المؤكد ان التفكير البشري خالطته الاساطير والافكار الموروثة من التقاليد والعقائد القديمة التي ترسخت في اللاوعي والوعي الانساني على مر التاريخ بل ان الكثير من النصوص الادبية منح لها القدم والجمال البياني بعض القداسة فأنتقلت بالتالي الى الموروث الديني كما حدث في بعض نصوص التوارة التي كتبت في بابل.
فعلى سبيل المثال يمكن الاعتماد على النظريات اللغوية واللسانية الحديثة او نظريات وابحاث الاتيمولوجيا الحديثة للتوصل الى المعاني الحقيقية لمفردات النصوص الدينية بعيداً عن التفسيرات الكلاسيكية التي لم تعد تلائم التطورات العلمية المعاصرة ويمكن الاستعانة بعلم اللغة المقارن لأن اللغة - اي لغة- لايمكن أن تكون لغة مستقلة لم تخضع للتداخل والتأثير والتأثر بباقي اللغات الاخرى لذا فأن بعض المفردات التي ترد في المعاجم العربية مثلاً خرجت عن معناها الحقيقي لأن كاتب المعجم لم يكن يعرف أي شئ عن المقابل النوعي لتلك المفردات في اللغات المجاورة بل أن بعض اصحاب المعاجم ابتكر معاني للكلمات بدون أي دليل او مصدر علمي موثوق به.
وينسحب الامر على النظريات الفقهية التي هي بالاصل نظريات بشرية تنطلق من فهم ذاتي للنص وهذا ما يفسر الاختلاف بين المدارس والمذاهب الفقهية في استخراج واستنباط الاحكام من تلك الادلة التي هي واحدة لكن تختلف الرؤية الفقهية من باحث الى أخر بحسب درجة فهمه للنص ولا يستبعد بالطبع التأثيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل والتاريخية في الفتوى الدينية ، فالمذاهب الفقهية الكلاسيكية لم يكن يتصور اصحابها بأنها ستتحول يوماً الى مذاهب واراء فقهية جامدة لا يمكن مخالفتها وهذا واضح من أن كل اصحاب تلك المذاهب لم يتركوا لتلاميذهم اي كتاب او مدونة تجمع هذه الاراء والفتاوى بل ان كل ما موجود حالياً هي تنويعات على اراء منسوبة لهؤلاء الافذاذ العظام الذين كونوا في موروثنا الثقافي اكبر موسوعة قانونية في التاريخ كان يمكن لها ان تتطور لو انها اخضعت للمراجعة والمناقشة والنقد والتحليل بشكل علمي ومنهجي بعيداً عن الرؤية الذاتية والشخصية للباحث /الناقد ، لكن نشوء النظريات الاصولية في الاستنباط الفقهي أدت بالتالي الى عدم قدرة العقل الاسلامي على التوسع في الاراء الفقهية لسبب بسيط وهو ان المحدثات من الامور كلها تم حلها ولكن لم يخطر على بال من قرر ذات يوم انه لم يعد بوسع الانسان المسلم ان يبتكر اراء فقهية جديدة لم يخطر على باله أن تلك الاحداث هي في تزايد وتطور مستمرين كما تحدث عن ذلك بعض الباحثين ولم يخطر في باله ايضاً ان تغير الزمان يؤدي الى تغير في الاحكام فما كان يصلح من اراء فقهية في القرن الخامس الهجري مثلاً لم يعد صالحاً في القرن العشرين ومابعده والعكس صحيح ، كل ذلك أدى الى حدوث اضطراب فكري في العقل الاسلامي بعد التغييرات الهائلة التي شهدها العالم فمنذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى الان نجد ثمة دعوات للعودة الى الاصول الاولى للدين وهي الدعوات التي تبنت الاراء الكلاسيكية والتقليدية للنص الديني من دون الاخذ بنظر الاعتبار روحية هذا النص وزمنيته في بعض الاحيان فمما لاشك فيه أن بعض النصوص الدينية لها بعد زمني ومكاني من الصعب بل المستحيل ان يتعدى الى مكان وزمان اخرين ومن هنا نشأ فرع من فروع التفسير يسمى بأسباب النزول وهو البحث في الاسباب الموضوعية لنزول النص ولكن في المقابل ثمة نصوص كثيرة غيرها عابرة للمكان والزمان وتصلح لتكون مقياس للفتوى والرأي الفقهي الحديث وهذا يعني نشوء فقه ديني جديد يمكن ان يكون النواة الرئيسية لفكر قانوني مستمد من التراث وغير مستورد من ثقافات اخرى ربما لا تتلائم مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي للشرق الذي نعيش فيه ولكن هذا لا يعني عدم استيعاب النظريات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتطورات العلمية والتقنية والفلسفية وفق مناهجها المنهجية الصحيحة البعيدة عن الادلجة المسيسة ، فمثلما الغرب قادر على ابتكار نظرياته الخاصة به وفق الموروث الثقافي والفكري باستطاعة الانسان الشرقي أن يبتكر نظرياته والاستعانة بالاخرين للبدء من جديد مع نبذ كل الخرافات والاساطير والاراء التي كانت في وقتها تمثل نوعاً من الملاءة والزاد والفكري الذي اريد له ان يكون كذلك ويمكن للناقد/ الباحث ان يستخرج من الموروث مالم يدخل فيه الادلجة المقيتة والدوافع السياسية والاحقاد الطائفية والنزاعات الشخصية .
وحينما نقول ان العقلانية تمثل المرحلة البدائية من التنوير فهذا لا يعني الغاء دور العقل وأنما نقصد به ان المنهج المنطقي الارسطي لم يعد صالحاً لمرحلة مابعد التنوير ومن المؤسف ان الثقافة العربية / الاسلامية اعتمدت بشكل كبير على هذا المنطق ، وهذا المنطق بحد ذاته منهج ايهامي للوصول الى الحقيقة لأن هذا المنهج يخص التجريد بينما مرحلة مابعد التنوير هي مرحلة التجريب فالعقل لم يعد صالحاً للحكم على الاشياء لأن هذا العقل ماهو الا حاسة من الحواس يأخذ معطياته من المؤثرات الخارجية بينما المنهج التجريبي يأخذ معطياته من موضوع البحث نفسه وليس من خلال تجربة الحواس كما كان يذهب الى ذلك تجريبيي اليونان القدماء ، لذا هنا يمكن لنا ان نفهم بدقة المراد من قول طه حسين المتقدم على عصره والذي استمده من قواعد المنهج الديكارتي الاربعة وكما هو معروف ان طه حسين يعد من اكثر المفكرين العرب تأثراً بالمنهج الديكارتي والذي حاول أن يطبقه بحسب اختصاصه في كتابه " في الشعر الجاهلي" والذي كان يمكن ان يكون البداية الحقيقة لدخول منطقة الشرق في مرحلة التنوير لكن كان لدهاقنة الازهر قول أخر.



#رياض_قاسم_حسن_العلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البصرة مدينة الرب التي تحرسها الانهار
- في احوال القراءة / اراء
- بوح
- شئ عن الصحافة في العراق
- من سيرة الجوع والوجع إلى فرج الزعلان..
- همسة في سردية الشعر/ نماذج
- تناصات في وحشة الهور
- نحن والتلفزيون
- البحث عن الذات قراءة في رواية ( دفوف رابعة العدوية ) لعبد ال ...
- من يوميات الجوع
- خلدون السراي والرأس الذي تحول الى عش للعصافير
- مسودات الالم لياسين شامل رواية ليست فيها رواية
- رهان عبد الكريم كاصد الستيني
- عن جوع التسعينات اتحدث
- ضياء خضير يعانق جان جاك روسو
- تناصات في وحشة الروح
- الهلوسة الاخيرة / نهاية المطاف
- بين جرفين العيون ( ليس شعر بل بوح)
- هلوسات 19
- هلوسات 18


المزيد.....




- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض قاسم حسن العلي - في الحاجة الى التنوير واشياء اخرى