أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد عبد العظيم طه - بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/26















المزيد.....


بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/26


أحمد عبد العظيم طه

الحوار المتمدن-العدد: 7285 - 2022 / 6 / 20 - 07:36
المحور: الادب والفن
    


force rock

المكان/ مارينا شرم الشيخ...
الزمان/ بعد أن استضافتنا أليسون بشقتها بالرويسات لساعتين، ضاعت منهما واحدة بجلسة meditation باهتة...

حينئذٍ.. ليلاً.. يبدو الشاطئ مستحيلاً، ولا يمكنك فصل الأجواء عن ثيمتها الفضائية بأي من محاولات فض التشابك ما بين خواصك التحليلية، وانبهارك الأطرش.. وبعض الدراجين من الأجانب يقطعون فوق الشارع الرئيسي بسرعات متفاوتة.. لقد مر أحدهم إلى جوارنا كسيارة... و... سألتني أليسون: تحب الرقص؟..
- لا أفضل الـ classical كثيرًا.. أحب الموسيقى الحديثة (هكذا قلت بجودة فائقة!)...
- Good.. مزاجنا مشترك يا ولد.. (قالت أليسون بينما ماري ترمقها بنظرة باسمة المظهر، عابرة...)
- أعتقد أن التمشية أجمل في هذا الجو.. خاصة بعد أن هدأ الزحام (قالت ماري متوجهة إليّ بالكلام...)
- .. لا بأس من بعض اللهو الصاخب.. Alison.. هل لديكِ اقتراحات؟
- force rock
- ..................

من الداخل ظهرت القاعة لعيني آلاف المرات ببضع ثوان – وكانت مختلفة في كل مرة – ودماغ الحشيش من عند أليسون تجعلني أثني بنفسي كثيرًا هذا المخدر الرصين، والكفيل أن يتعامل بندية مسيطرة تجاه هذه المسخرة الضوئية، فلو كان بانجو، لكنت أكيدًا من أنني سأتحول كيانًا خفيًا مجنونًا بلمح البصر...
وإذن ها بدأت الخواص التحليلية في الظهور تباعًا – وجيدة تكون البيرة في وزن الأمور– مما سيجعلني مراقبًا – مراقبًا– يستمتع بترتيب أدواته أولاً – أولاً– ولكنه ليس مفصولاً بعينيه عن الجوار – الجوار– فهو يتعود الضوء المشوش فيبدو منظمًا جدًا – جيد – ويرى بوضوح تلك الكتلة النشطة حالكة الدموية – كان الضوء المذبذب بشدة يتركز حالك الدموية في هذه اللحظة على الـ stage – وأنا أتأبط عنق ماري المستندة إلى البار، وأحاول اكتناه وجه أليسون التي أستشعر كيانها متحفزًا للهبوب فجأة على بؤرة الرقص.. وكانت وصلة من أغنية فارسية تنطق الحجر، وتحتوي مزيجًا فاجرًا من البوب والإيقاع الشرقي.. فالمجد للفرس إذ صارعوا لحفظ البهلوية من الضياع فهلويًا بذلك الاختراع الفارسي وإنـ.......

- مش وقته تمامًا.. إنجز يا أخي...
- كيف.. أنجز.. يا أخي؟
- يعني تخش في المضمون علطول يا أخي.. مفيش وقت للفن والجمل الطويلة دلوقتي خالص.. والمخرج الشاطر يطلع الشغل في معاده.. وللا الكلام بقى ازاي يا هندسه!....
- أنا أؤيدك.. ولكن يجب عليك أن تساعدني بتنظيم الأمور في هذا الملأ بالذات...
- عنيا ليك يا أخي.. لو عايزني أتولى عنك الميمنة أنا معنديش مانع...
- بل تختفي الآن.. حالاً.. كي أنجز.. يا أخي!...
- ..................................

- Let s go ... (تقول أليسون زاعقة في الصخب وضاربة كفاً بركبةٍ، فأخالها فتاة محلية مُنحلة)
- إذهبا أنتما... (ردت ماري بضحكة طبيعية، مشيرة إلى أنها ستبقى)
- سأبقىَ معكِ (قلتُ بتلعثم مخمور)
- No habeby.. استمتع بوقتك.. أنا سأسعد بالمشاهدة.. (وبدت مقنعة جدًا...)
........................................
هناك ممر صاعد ينتهي إلى الـ stage، وومضات الليزر الخاطفة تكشفنا كل نصف ثانية تقريبًا، فأراني مترنحًا قليلاً في مشيتي، وأرى أليسون تحتضن ذراعي بكلتا يديها، وتسند رأسها على زاوية كتفي، متناغمة مع خطواتي كلما تطوحت يمينًا أو يسارًا. كما... كما كدت ألمس أنفاس ماري لصق ظهري...

الموسيقى الدائرة صارت تشبه الـMetal في حدتها واندفاعها المحرض، وحينما ستطفق بالبؤرة الجنونية، أنت لن تبذل مجهودًا في التماهي.. فقط أنت كفيل بالتواجد وليس بما يعقبه من برزخية الحركة.. فارتفاع الصوت إلى الدرجة القصوى للتحمل، والتردد الجني للضوء بما يتعدى قدرة العين على المتابعة، يجعلانك مختصرًا في السمع والإبصار، فاقدًا السيطرة على بقيتك التي صارت تستمد أوامرها من ذاكرتك الحركية... ظلمة مذبذبة.. جماعية منتشية.. ولكن هناك من حصل سريعًا على الوجد.. إنهم يشكلون ضميرًا جماعيًا يقظًا، وفائقو الدقة في اختيارهم.. فبؤرة الضوء تزرق وتثبت ويزداد قطرها... يتناءى الجميع في حلقة تتسع... و... يا ابنة العفاريت السفلية.. أليسون.. الراقصون يتراجعون إلى حافة الضوء لإفساح المجال نهائيًا.. هي تدور دورتان بقفزات محسوبة فينقلب الضوء ناريًا.. وفجأة تلقي بنفسها وجهًا إلى الأرض وتصطدم بظهرها قبل أن تمسها – الأرض – بجزء من الثانية في حركة خيالية المرونة.. ثم يتوتر جسمها بحركة ارتجاجية عنيفة تفيد الالتفاف السريع بالجسم مع ثبات محور الرأس.. والصريخ يتزايد جدًا.. لكنه يتنظم بدقات الكعوب المسموعة رغم هيمنة الموسيقى.. وكان لابد أن يكون مهندس الضوء عبقريًا بكل تأكيد، عندما أطلق هذا الدخان الكثيف بحلقة الضوء التي باتت قانية الحمرة.. وبدت أليسون كأنها تنتج الموسيقى والضوء برقصتها الخطرة...
..................................................

- آداء مدهش.. أنتِ محترفة... (أزعق في أذنها بعد عودة الرقص جماعيًا)...
- أتعرف بما كنت أفكر وأنا أصرخ؟
- What?
- الصحراء..
- ...........
- You..
- ............
- مرة أخرى.. وحدنا.. What do you think?


*******

متن المقولات

أن تقول يعني أن تصمت في كلامك ليتجرد المعنى عن رسمه المألوف إلا قليلا. هذا الوجود لا أحد. فقط إذا نظرت إلى السماء ليلاً وشكوت لإلهك من فرط نفسك فقط أنت إنسان عاقل. حتى إذا رحل الليل ستبقى النجوم في مكانها. هو العادي أن الزمن مشغول بالدوار طوال مدة الكون.

*******

...، أن مر ثلاثة أشهر أو أكثر قليلاً، عقب عودتي إلى دهب بعد غياب دام لستة عشر يومًا. وقد تفرغتْ ماري لإسعادي بشكل كبير، فمن رحلة سفاري هنا، إلى شاطئ جديد هناك، إلى تسكع شبه يومي – بسبب مدرستها– في أسواق ومخانات شرم الشيخ.. حتى بالنسبة لتشطيبات المعبد الذي على البحر، ألوان الدهانات، والأرضيات، وأشكال الفورم المستعملة للأسقف والحوائط ، كلها جاءت تأسيًا بذوقي، والذي كان مبنيًا على اختيارات بوذية دقيقة لمبان شبيهة.
كنا نقضي ليال غاية الأنس والمتعة بالـcyber القريب– ذو الرجل الأصفر من المديرية – ثم نفاجئ عاصم صباحًا باختيارٍ يجعله عصبيًا، وجلفًا جدًا، فالكثير من الخامات تأتي مرتفعة الثمن، كما تتطلب سفرًا إلى القاهرة لإحضارها.....

وقد كان لتلك القطيعة الصغيرة مفعولاً ضخمًا بالتحول الذي طرأ على مجرى العلاقة، فارتقتْ ماري من ذلك الحب المشوش، المزاجي، غير المحسوم، إلى ما يُشبه العشق – لكنه ليس كذلك – إلى درجة أنها أصبحتْ تجلس عند قدمي بينما أكتبُ، متمسحة كـ mishmish المتمسحة كذلك... لم يكن ما فعلته بها سهلاً أبدًا – لقد كان شريرًا بصورة ما – خاصة بالفترة التي أعقبت مشوار الأقصر.. حين ولد الأحول الذي كاد أن يكون قاتلنا، في صبيحة يوم مشئوم، قد صار يبـ...
هكذا كنت أدون بمفكرتي الصغيرة، دونا عن الدفتر الكبير، بينما هي لم تعد تلحظ شيئاً فشيئاً، محتضنة قصبة إحدى ساقي بما يتعدى الخضوع الحاني، وينحو إلى الامتلاك... وقليلاً ما تأتي مثل هذه الأفكار التحليلية المجردة، قيد لقطات نادرة كتلك، مما يستدعي آنئذٍ ترك كل الذكريات، والأفكار، والفحوص.. فقط لتصوير هذه النظرة الخالدة فيما بين قطة حاقدة تتراجع بحذر، وامرأة مفترسة تهدد...

...، فقد قابلتُ رسائلها الهاتفية الأولى بالصمت، مستغلاً خبرات تراكمية بتلك الجيوب الدقيقة من شخصية الأنثى – فهي بالنهاية تحنُ إلى من يعتقل أفكارها ويُكثر من عذابات نفسها– لذلك جاءت أولى رسائلي ردًا على السابعة منها.. كانت عبارة عن مقطع صغير من الكتابة الجيدة، استغرقت هندسته بضع ساعات On Line من التنقل بين برامج الترجمة.. كنتُ أريدها رسالة هاتفية محبوكة، نافذة، وشديدة التعبير عن القيمة القصوى للذات الكاتبة، لاسيما أن هذه الـ...

- أنتَ تبتسم! هل تكتبُ شيئًا مضحكًا؟ ترجمه لي.. please..
- أكتب عن مهارتكِ بالشطرنج.. أمتدح ذكائكِ عندما يُغتال وزيرك.
- ماذا أفعل؟
- تسيطرين على الرقعة whereas خصمكِ يكون مشغول بحماية وزيره!
- Huh.. غلبتني ثلاث مرات before.
- ثلاث مرات!.. لعبنا عشرين مرة قبل ذلك Mary...
- hahahaha...
- هاهاهاهـ...
- عندي لكَ مفاجأة.
- فاجئيني.. إن أكثر ما أحتاجه الآن هو surprise تجعلني أنذهل بمكاني...
- الأمر ليس إلى هذه الدرجة.. just أحضرتُ دواءً بدويًا من الأعشاب ونتيجته هائلة.. أزال الآلام تمامًا!..
- So.. that is the war my queen!.. الليل يجمعنا عند الغرفة الوحيدة..
- huh.. الصيدلانية أيضًا تنبأتْ بأنك لن تجعلنـ...
- ............
- .................


*******

انفرجت الأسارير، وعلت وجه شعبان قسمات حماسية مستبشرة بينما يقفز بخرطوم ماكينة شفط المياه إلى قلب الحفر – كانت المياه تصل إلى عنقه تقريبًا – ثم إنه يجذب سليم الحبل الملتف على بكرة البدء في جذبة قوية، يعلو على أثرها صوت نعير الموتور، وتتصاعد الرائحة النفاذة لاحتراق بنزين، وأصوات متداخلة أغلبها موجه للشيخ زهدي...

- .............إمتا يا شيخ؟...
- إزاي يا شيخ.............؟
- ............ ـسم الاستلام وللا بعد كده يا شيخ؟...
- ...ــــند ومتهيألي الميه اللي عماله تكب ومبتخلصشي ديًا تبع الرصد يا شيخنا صـ......
- ........................
- ............

...، ثم بعد أن هدأت الأصوات من حول الشيخ زهدي، وصار صوت موتور ماكينة الشفط يصنع خلفية لأسماع سليم وإخوته، ومن ثم لأفكارهم المتمحورة فيما حول الكنوز والدفائن والثراء من بعد.. اقتربتُ شيئاً من الشيخ وقلت له في أذنه بصوت مهتم: إنت امبارح بالليل بَعَتّْ خدمه جديده عـ المكان هنا يا شيخ زهدي؟... هذا ما جعله يلتفت محدقًا بوجهي، متشككاً بعض الشيء، قبل أن يبتسم بكيفية من صَدق توقعه، قائلاً بخبث السحرة: قصدك زوبعة الرياح!...

*******

مهما بلغت من التمام النفسي، فأنت معطوب بشكل ما. تلك هي طبيعة الكمال البشري. فقط كي يبتسم الخالق بوجهك، كلما تذكرت أن تنظر إلى السماء...

*******



شيء 17

فيما أفكر.. وكيف أحكي ما حدث ليلة أمس الأول، ذلك أنه لم يحدث.. لم يحدث!.. لم يحدث نصًا كما ورد من قبل. فقد كان ما يجري – أفضل مما يحدث على مستوى اللغة المعنية بالصوت – يعد استثنائيًا.. استثنائيًا......... استثنائيًا؟!.. يا قلبك الفالت يا أخي!!!..
بل إن ما يجري يعد كشفًا حقيقيًا بالغ الأهمية، ومعبأ بنكهة مرصودة من التفوق البشري الشديد، ونشوة المعرفة.. العالم يتخذ شكل السينما.. رويال/ الممر/ تحديدًا.. التاسعة والنصف.. تأخرت.. ليس كثيرًا.. اقطع في الأمر ولتتوجه إلى شباك التذاكر.. وجه أسود.. عشرة جنيهات..

- إسم الفيلم إيه لو سمحت؟...
- سدقني ولا اعرف....

الصالة شديدة الصمت على غير المعتاد.. والمشهد بالفيلم مظلم، فلا رائحة لأي ضوء يريك عدد الرؤوس تقريبيًا فتعرف نوعية الفيلم.. فقط ضوء الكشاف يضربه النازل إلى جانبك بسلالم المدرج الشمالي، ثم بمقعد فارغ.. ثم يلتقط الجنيه الورقي ويختفي فورًا بانطفاء الكشاف.. فقط الآن تنتبه إلى أنه لا صوت للفيلم كذلك.. والمشهد ليس مظلمًا.. الشاشة غير محددة من الأصل.. ما هذا العماء؟ ستسأل.. ما هذا العماااااااء؟.. ستقف زاعقًا وقد بدا أن هناك صدىً لصوتك ينفِر للعمل.. أين أناااااا؟ ناااا نااا ناا..
ستفكر ما الذي يجبرك على الصياح هكذا بفصاحة!.. إنتوا فين؟ ما حد يرد يا اخوانا.. يا اخوانااااا نااااااا نااااا ناااا...
ستلحظ أن الصدى يزداد إحساسًا بصوتك في كل مرة.. يعني لما حضراتكوا جايين السينما تتفرجوا على فيلم مش لازم تبقوا موجودين وللا إييييه!.. ـييييه! ـيييه! ـييه!.. وللا إيه في ليلتكوا الوسخه يعني؟! نينينينينىـ.. الدنيا مش ناقصه جنان يا بشر شرشرشرشرشرشرشر......
الصدى يصير قريبًا بشكل مريب.. حتى أن أنفاسك قد بدأ صداها يخايلك بوضوح.. لذا ستعزم على ألا تتكلم بصوت.. فقط كيلا تستفز الصدى فيدنو زيادة عن ذلك.. سيكون كلامك كله داخليًا، بينك وبين نفسك، لقد جربت أنه لا نتيجة للصراخ غير هذا الصدى المقترب.. مما يجعلك تبطئ في تنفسك.. لمزيد من التحكم بالوقت، والوقاية من تشوش الموجات.. لا وقت لتصنيف ما تمر به، وأنت تدرك خطورة ما تحياه من شتات – الكلام داخليًا يكون – ولكنني أريحك نهائيًا من خيار الحلم.. هو ليس حلمًا بكل تأكيد...
- إذن؟..
- ستقول لنفسك إذن؟.. ولا ضير الآن من اللغة الرصينة يا أخي..
- إذن؟..
- يمكنك افتراض الحقيقة.. ما الذي يجعل الحقيقة خيارًا بعيدًا يا أخي؟..
- بسبب ما يحدث يا أخي.. ما يحدث غرقان في السحرية إلى حد خرافي يا أخي!..
- معك حق.. امممم.. معك كل الحق... (وكان يفكر مليًا فيما لو تحرك مؤشر الراديو بطيئًا، باتجاه المواء المتصاعد عند أقصى يسار البكرة، هل يستطيع ضبط هذه الإذاعة المهجورة؟ اللعنة)...
- هيييه؟ بتستغبى نفسك طبعًا يا أخي... وللا ايييه؟؟...
- إنتبه.. انتبه يا أخي.. أنت بالمشهد!.. بالفيلم!.. المشهد يكون بالفيلم (يفرقع أصابعه استحسانًا).. كيف غابت عني وأنا أراجع ورائك؟! إنها فكرة عبقرية ترتكز على همـ.......
- لم أكن أفكر بهذا!.. لم يكن خيارًا مطروحًا.. وياريت تكون خت بالك إني مركز معاك في التوهه يا هندسه..
- ليس مهمًا.. دورك يحتم عليك ذلك.. لن تبدو مفكرًا بالفيلم.. وبالمناسبة.. مشاعرك ليست مهمة كذلك.. (وكان يقول العبارة الأخيرة بمنتهى الصرامة)...
- يا سيدي شكرًا! متشكرين منك جدًا.. مش عايز امثل انا يا أخي...
- أنت تبلى حسنًا.
- بقولك إيه أنا كاتم صوتي بالعافيه عشان الصدى ما.. مييبلعناش احنا الاتنين.. ولو صوتي طلع هيعلى.. هيعلى وهنيل الدنيا.. فانت لم الدور كدا يا أخي وهدي نفسك.. عيب عليك....
- آداء مذهل.. مذهل.. وأنت تعرف صعوبة أن أطلق تقييمًا كهذا يا أخي..
- يا مصبر الخلق وناصر الواحد على الأعداد يا رب.. (بدا لكأنه يغمغم...)
- Excellent.. أقولها لك من قلب الصالة التي لا يوجد بها كرسيًا شاغرًا.. والمشهد ليس مظلمًا كما تصورت.. أنت فقط تغلق عيناك بالمشهد وتسند رأسك إلى شاشة الكمبيوتر.. كما تصور ملـ......
- لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.. ملكوتك يا ربي... ( كان الصوت قد غدا واضحًا)....
- كما تصور ملامحك للمرة الأولى من هذه الزاوية المستحيلة.. وجهك مسنود على ضوء شاشة الكمبيوتر بغرفة مظلمة.. وجهك يملأ شاشة السينما فتظهر وكأن شاشة الكمبيوتر هي التي تراك وليس المشاهدين.. لازلت مغلقًا عيناك وأنفك منبعجة بالشاشة.. وتبدو بشرتك شاحبة كالمصابين بالهيموفيليا.. نصف دقيقة.. وتصفيق حاد وصفير.. تحية المشاهدين لجودة المشهد.. الإخراج فائق الدقة والعبقرية بشكل جشع.. من المخرج يا أخي؟!....
- ............. يا رب عفوك ورضااااك ااااااااك اااااااااااك ااااااااااااااك... (رجع الصدى وأضحى الصدى يحدث صريرًا في اقترابه)...
- هناك ما جعلك تنتبه من سكنتك مفزوعًا.. وجهك يبتعد عن الشاشة التي يشتد ضوئها كلما ابتعد وجهك.. عيناك يؤذيهما الضوء فلا تظهر حدقتاك.. ما هذا؟!.. هناك من يصورك من أعلى، وأنت ترفع وجهك بإجهاد.. اللعنة.. إنه ليس وجهك.. من هذا يا أخي؟...
- ..... ما لي غيرك رك رك رك رك رك رك رك... (الصدى بات شموليًا وأنت لازلت بالعماء واقفاً)..
- اخفض من صوتك سيبلعنا الصدىىىىىىىىىىىىىى...
- .....الناس اااااس ااااااس اااااااااااااااااس... يا إلهي ييييييييييييييييييييييـ... الكيل لللللللللللللللللللللللللـ.... (المشاهدون يصمون آذانهم من الصدى الجنوني وهناك من بدأ أنفه ينزف).......
- أنت تقتلنا جميعاً بخبالك هذا.. سيسقط الفيلم إذا تأذى فردًا واحدًا من الجمهور...
- مداااااااااااااااااااد... ااااااااااداااااااااااااااااااااااااداااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
- .................. (تتحول عيناه إلى اللون الدموي ويتكلم ولكن صوته يضيع بالصدى)
- ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
- ..................................................................................................
- ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
- ........... ... ............
- ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
- المشاهدون يفغرون أفواههم وأعينهم تدمع من الذهول في مرور سريع للكاميرا... هكذا يكتب بالأزرق على الشاشة في مكان إظهار الترجمة... (الصبي/ بتصرف...)
- يااخوانااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
- ذو الكشاف يسلط الضوء على وجهك من أعلى المدرج فتحمي عيناك بذراعك مفاجئا...
- إنت كده بتدايق الناس بوقفتك دي يا أستاذ..
- ...الحمد لله إنك لسه هنا.. الحمد لله.. كان شويه والضلمه تعميني نهائي..
- يا أستاذ لو مقعدتش مكانك هناديلك بتوع الأمن واقولهم إنك شارب... (بدت بعض الرؤوس تحت ضوء الكشاف...)
- ها.. ما رأيك؟.. تحتاج إخراجًا فضائيًا.. لا تكذب.. أريد رأيك بمنتهى الحيادية.. ألم أقل لك انتبه؟.. انتبه يا أخي...
- يااخوانااااااااااااااااااااااانااااااااااااااااااااااااااااااااناااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
- ليس مرة أخرى يا أخي... (يهاجمك بسكين زرقاء معقوفة النصل)...
- أنت تتحرك عشوائيًا في الظلام تفاديًا لضرباته المتقنة الطائشة...
- مش حذرتك من بتوع الأمن.. حذرتك وللا كلامي غلط... (وكان يكلمك من وراء الكشاف فلا تراه ولكنك تميز الصوت)...
- إنت مين؟...
- لسه معرفتنيش؟!...
- بس بس عرفتك عرفتك.. ياااه عـ الدنيا بنت الوسخه يا أخي!.. انت بقى اللي ناصب الكمين.. عاملي فيها ستيف أوستن يا مكسح... (بانفلاتة سريعة من فردي الأمن النحيلين تختطف الكشاف من يده وتسلطه على وجهه.. سيتضح أنه الكهل الكسيح.. ولكنه يبدو شابًا بعض الشيء ويقف على قدميه)...
- ...............................................................................................
- ..........................................................................................
- ..............................................................................

- كرسي المخرج بسرعة للباشمهندس يابني...
- أنت تسخر!..
- ماهي خربت خلاص ومبقتش فاهم حاجه يا أخي.. عايزني اعمل ايه وانا اعمله..؟
- دورك يتطلب بعض الارتباك.. أنت تؤدي جيدًا بهذه اللحظة...

- cut....................


*******

S.M.S/m
The game became very puzzling، Fareed.

اللعبة أصبحتْ شديدة الالتباس فريد.



#أحمد_عبد_العظيم_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/25
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/24
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/23
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/22
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/21
- بازل لزهرة الخشاش - رواية - 30/20
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/19
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/18
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/17
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/16
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/15
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/14
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/13
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/12
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/11
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/10
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/9
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/8
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/7
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/6


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد عبد العظيم طه - بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/26