أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - أول الغيث وآخره














المزيد.....

أول الغيث وآخره


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7109 - 2021 / 12 / 17 - 15:53
المحور: الادب والفن
    


بعد مغيب الشمس بوقت قصير انتهت مراسيم العزاء ..
لم يتبقَ من والدها سوى صورة تزين حائط المنزل وخزانة ملابس تعاني الفقد منذ زمن بعيد ..
بالرغم من إن الموت أزاح عن كاهلها تعب كبير بدأ منذ أصابة والدها بالشلل طيلة سنوات مضت
إلا إن موته حملها وقذف بها وسط دوامة من الأفكار ..
تطلعت إلى مسبحته وفراشه والراديو القديم قرب سريره ..
لولا هذه الأشياء لما صدقت إنه كان موجودًا ..
وقفت مع الصمت ترقب الزمن وهو يتباطىء لينحسر في الظلال التي خلفها غيابه ..
أدركت كيف تكون شباك الليل المثقوبة حين تسمح للخوف والوحشة بالتسرب ..
طرقات خفيفة على الباب بثت شيء من الفرح داخلها رغم معرفتها بالطارق ..
إنه شقيقها الوحيد ..
عزاؤها في هذه الدنيا بعد فراق الأهل وغياب الأحبة ..
شعرت بالحياة تعود من جديد للأبواب الصامتة والنوافذ المخنوقة ..
الروح فلم تكن دافئة كما هذه اللحظة ..
إنه جزء من الماضي وكل الأيام القادمة ..
بدأ بإذابة السكر في كوب الشاي بينما عيناه تجولان في سقف الغرفة وجدرانها كأنه يراها لأول مرة ..
خمنت بوجود شيء ما داخله يبغي البوح به ..
إنه ليس شقيقها فحسب بل الطفل الذي لم تنجبه ..
فمنذ وفاة أمها حين كان في سن العاشرة وهي من تولت رعايته ..
اقتربت منه تستحثه على الكلام وعينيها ابتسمت قبل شفتيها ..
- أريد بيع البيت .. محتاج للمال من أجل تجارتي .. جهزي نفسك للانتقال إلى منزلي ..

كما تنحسر أشعة الشمس عند المغيب ..
انحسرت فرحتها وتلاشت مع آخر حرف خرج من بين شفتيه ..
غابت الابتسامة عن ملامحها بينما عيناها تحدقان به تحاول استيعاب ما سمعته ..
كانت تريد أخباره إنها دفعت ثمن هذا البيت من شبابها وهي تعمل من أجل تأمين النفقات لوالدها العاجز وهو لم يزل فتى والثمن الأكبر دفعته حين رفضت الزواج لتعتني بوالدها في الوقت الذي كان هو يعيش حياته مع زوجته وأولاده ..
ولولاها لما تمكن من إنهاء دراسته ..
الكلمات وقفت في حلقها وهي تبغي سؤاله .. هل حقًا نسيت إنني من توليت أمر زواجك ؟!..
بدأ المطر يهطل بغزارة .. هذه المرة في فؤادها..
رغبت بشدة في إخباره إنها كانت تنام كل ليلة على وسادة يتيمة وفراش بارد وحلم سرق من جيوبها كل شيء ..
إلا أن الحياء منعها ولجم تلك الرغبة ..
تمنتْ في تلك اللحظة لو أنها تمتلك القدرة على فهم كيف لبعض القلوب أن تكون قاسية لهذا الحد ؟!..
شعرت داخلها يتحول إلى صحراء قاحلة لايسمع فيها غير نعيق الغربان ولاينتظرها سوى ليل موحش ..
وهو يخطو نحو الباب سمعت وقع الحصى في حذائه يخدش الأمان ويجرح السلام ..
أغلقت الباب خلفه ..
باب جديدة لمعركة قادمة معه سوف تُفتح ••



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل عبث الحنين بأوردة قلبك
- أهملت قلبي
- الموت أول النهار
- ريح الجنة
- حتماً سيأتي .. فالحلم يغفو ويفز
- حتمًا سيأتي .. فالحلم يغفو ويفز
- نافذة على حلم
- إغراء بالمطاردة
- والتقينا
- تحت الموج
- تعالي لنرقص الفالس
- مذكرات امرأة في سلة المهملات
- استغرب
- حواء وآدم
- أنا وظلي
- يحدث أن تكون مع غيري
- ليتني ..
- طائر السامون
- غمازة ع اليمين
- قمر منتصف الحلم


المزيد.....




- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - أول الغيث وآخره