أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - إغراء بالمطاردة














المزيد.....

إغراء بالمطاردة


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7098 - 2021 / 12 / 6 - 12:17
المحور: الادب والفن
    


حين استيقظت هذا الصباح ..
وجدت في نفسي رغبةً شديدة في الانتحار .. شعرت كأنني امتلك عيونًا أخرى للحياة خالية من الدهشة التي فقدتها عندما كان عمري ثلاثة عشر عامًا ..
سأتحلى هذه المرة بالشجاعة أكثر من المرة السابقة التي انتهت بالفشل عندما تم انقاذي في اللحظات الأخيرة أو ربما كانت لدي بقايا رغبة في العيش فلم أتمم الأمر كما ينبغي ..
فكرت في وضع الرسالة التي كتبتها لأبي في مكان يسهل العثور عليها .. أريد لسطورها أن تتحول حين يقرأها إلى سياط ملتهبة تجلد في كل دقيقة مشاعره القاسية ..
مع كل حرف كتبته استرجعت اللحظات المؤلمة التي مررت بها كأني أعيشها الآن ..
جعلني أشعر كأنني فتات تحت مائدته ..
في البداية كنت أهرب من مشاعري .. لم أُدرك أنني بالهرب منها أغريتها بمطاردتي ..
عدت للحياة خائبًا على يديه .. تحولت بعدها من مراهق صاخب إلى آخر صامت .. أراني الآن أضحك وأغص بالضحك حد البكاء عندما اتذكر طريقته لمنعي من التفكير مجددًا بالانتحار ..
حبسني في غرفتي لأيام دون طعام أو شراب إلا ما يمنع الموت عني .. لم يكتفِ بذلك .. بل سرق إنسانيتي حين أجبرني على قضاء حاجتي في نفس المكان .. بعدها تجذر إحساس داخل أعماقي من أنني وهذه الفضلات شيء واحد ..
لقد سمعته يقول لأمي .. بنت الجيران التي تزوجت هي سبب انتحاره .. أراد بذلك رمي عن كاهله إحساس المسؤولية تجاه ما حصل .. اكتفى بالمراقبة من خلف الستار ..
ليته علم أنني كنت آكل من ثمار الموت لأعيش حتى تحولت روحي لمقبرة موحشة ..
لم يقلق حين أخبرته برغبتي في ترك المدرسة ..
المدرسة لا تخلق التجار بل الأغبياء .. أجابني بهذه الكلمات دون أن ينظر إليّ ..
في السوق فقدت بقيتي حين أمسيت عرضة للسخرية بعد تحول اسمي إلى العاشق المنتحر ثم العاشق الصامت ..
ما مغمور في صدري يوشك على الانفجارِ في أيّة لحظة ..
حين فكر هو وأمي في تزويجي .. لم يجدا عائلة ترحب بمخلوق مثلي .. وبذلك رميا آخر شيء قد يجلب لهما تأنيبًا للضمير ..
الليل هو الوقت الذي تواجهني فيه مخاوفي القادمة من الماضي ..
ربما سيسأل نفسه .. لماذا كتبت هذه الرسالة ؟!..
حقاً .. لِمَ كتبت له بعد مرور عشرين عامًا على تلك الليلة ؟؟
لا أريد لشعور الذنب مفارقته حين أخبره بأمر اغتصابي من قبل قريبه القادم من مكان بعيد والذي سمح له بالمبيت في غرفتي تلك الليلة ..
ربما سيتوقف عن القراءة لحظات كمحاولة فاشلة منه لاستيعاب الأمر .. بعدها يعود للقراءة ثانية ..
في تلك الليلة .. وأنا بين النوم واليقظة .. أحسست بيد باردة تعبث بجسدي وأخرى تكمم فمي .. وهو يباعد بين ساقيّ .. باعد بيني وبين الحياة .. بين الأمنيات .. بيني وبين الموت كنهاية جميلة ..
قربني من العذاب الذي تمثل لي في تلك اللحظة في صورة رجل ..
تمنيت لحظتها أن يفتح الباب وتنقذ طفولتي ..
ما زال صوت لهاثه ماثلًا في الذاكرة ..
وهو يرتدي ملابسه بعد أن نهض من فوقي .. شهر المسدس أمام وجهي وهددني بالقتل إن فتحت فمي .. ليس الخوف فقط سبب صمتي .. بل العار لأني أدركت حينما أتكلم سأكون الضحية التي تعرض نفسها للجلد والعذاب ..
تلك اللحظات جعلتني أواجه بكل ليلة حاضري ومستقبلي وأنا مكبل بمشاعر الدونية والتحقير لنفسي ..
آنَ الآوان لأستريح من معاركي مع ذاتي وأمنحها السلام ..
هذه المرة لن يفلح في انقاذي .. فالسم وسيلة سريعة وفعالة للموت ••



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- والتقينا
- تحت الموج
- تعالي لنرقص الفالس
- مذكرات امرأة في سلة المهملات
- استغرب
- حواء وآدم
- أنا وظلي
- يحدث أن تكون مع غيري
- ليتني ..
- طائر السامون
- غمازة ع اليمين
- قمر منتصف الحلم
- الورقة الأخيرة
- مسافة أمان
- إلى الحسناء جارتي
- نومها المقدس
- ماذا احتاج لأكتب عنك ؟
- في غابات القلب
- رسالة من طليقي
- أهمية النقد الأدبي في مسيرة الكاتب


المزيد.....




- أحمد الفيشاوي يعلن مشاركته بفيلم جديد بعد -سفاح التجمع-
- لماذا لا يفوز أدباء العرب بعد نجيب محفوظ بجائزة نوبل؟
- رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر تحتفي بإرث ثقافي يخاطب العالم
- رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر تحتفي بإرث ثقافي يخاطب العالم
- مشاهدة الأعمال الفنية في المعارض يساعد على تخفيف التوتر
- تل أبيب تنشر فيلم وثائقي عن أنقاض مبنى عسكري دمره صاروخ إيرا ...
- قراءة في نقد ساري حنفي لمفارقات الحرية المعاصرة
- ليبيريا.. -ساحل الفُلفل- وموسيقى الهيبكو
- بطل آسيا في فنون القتال المختلطة يوجه تحية عسکرية للقادة الش ...
- العلاج بالخوف: هل مشاهدة أفلام الرعب تخفف الإحساس بالقلق وال ...


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - إغراء بالمطاردة