أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - مسافة أمان














المزيد.....

مسافة أمان


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7084 - 2021 / 11 / 22 - 11:40
المحور: الادب والفن
    


ما عدت أسمع منذ شهور سوى صوت نقر أصابعه فوق الحاسبة ..
عندي حساسية مفرطة تجاه الأصوات ..
أعجبتني كلمة مفرطة حين سمعته مرة ينطق بها .. فخجلت أن أسأله ..
لكني وفي إتصال لي مع أختي علمت منها ما يعني الإفراط ..
أحيانًا أضحك على نفسي .. وأحيانًا استغرب منها ..
هل أنا مهبولة ؟!
هل أنا سعيدة بمرض زوجي .. من يصدق ذلك ؟!
لأن المرض أقعده في البيت .. فأنا أحبه .. أحب قربه .. أحب وجوده لجواري لكن علتي معه هذا الصمت الرهيب العجيب الذي يعتريه دائمًا ..
أعجبتني يعتريه هذه فهي من ضمن ما التقطته منه ..
فرحت حين طلبت منه الشركة التي يعمل بها إنجاز ما يخصه من أعمالها في البيت ..
وأخيرًا .. ستمحي من قاموسك كلمة انتظار أيتها العاشقة .. هكذا أخبرتني أختي حين علمت بالأمر ..
.................
قبل فترة كنا قد أنهينا العمل على تغيير الديكور في بيتنا .. كانت لي فيه متعة هائلة لأنها جعلتنا قريبين من بعض حد التلاصق حتى أراني أتحرش فيه كعاشقة تهوى العناق والقبل وكان لي الكثير منها .. حيث كان غيابه سببًا مباشرًا لاختناقي وضجري وكثرة مشاجراتي معه ..
هاهو الآن معي .. وجوده قربي يطمئنني .. ثم تلك اللحظات التي كنا نجلس فيها على طاولة الطعام ..
كم لها سحر وعذوبة ؟!
فأخذ يشاركني في إعداد الوجبات .. ويجالسني على التلفاز بينما قد أحضّر لوازم السهرة وحيث أخذت أتفنن له بالعطور وتسريحات الشعر وأنواع أحمر الشفاه .. وأضفى ذلك بحميمية أدفأت البيت كله ..
ما الحياة سوى زوج محب وبيت يملؤه الحنان .. لم أعد أتذمر من شقاوة الأطفال وطلباتهم التي لا تنتهي ..
كنت سعيدة بهذا التغيير المفاجئ الذي طرأ .. فالحب في قلبي لزوجي يشبه كرة نار في غابة يابسة الأشجار ..
قرأتها في فيلم أجنبي فراقت لي .. ربما لأنها لامست شيء في داخلي ..
وصفتني أختي بالشريرة حين أخبرتها بما أتمناه من عدم شفائه وكانت تهذي على مسامعي بأنعت الأوصاف التي لا يطيب لأحد سماعها .. أغرب وصف سمعته منها هو أنني أملك قلب يضخ الدم لكنه عديم الشعور ..
مرت عدة أسابيع ..
البهجة التي غمرتني لوجود زوجي في المنزل أخذت تختفي مثل مصباح كان وهاجًا فخفت ..
صرت أطيل الصمت .. الأحاديث باتت متكررة .. شعرت بسخفي تفاهتي حين كنت ألمح ذلك في نظرة عينيه عندما ينظر إلي وهو يحمل رأسه فوق كفيه ..
نظراته كانت تخجلني .. كأنه يتعمد ذلك ..
لم أعد أترقب وصوله حين يخرج في مشوار قصير .. لم أعد أشعر بذلك الشغف والقلق في انتظاره ..
الغريب أن الوقت يمر سريعًا في غيابه عكس ما كان يحدث سابقًا ..
أخبرتني أختي أن الوصول للنهاية يفقد الأشياء رونقها .. لم أعِ ذلك في وقتها حتى مرت ثلاث شهور ..
بدأ الملل يتسلل إلي من اتجاه غير معلوم وصارت الوحشة تزحف نحوي شيئًا فشيئًا ..
بدت الأيام متماثلة ذات لون وشكل واحد ..
بدأت أشعر بوخز في قلبي .. اعتقد أنه وخز الضمير .. إذ كثيرًا ما كنت أتناسى وجوده معي في الغرفة وأحياناً أهمل طلباته دون وعي مني ..
نعتتني بالسخيفة ومرة بالغبية حين أخبرت أختي بذلك .. لكنها في النهاية ضحكت لأنها كما تدعي لم تسمع بوخز الضمير في القلب ..
..........................
شهران كاملان مرا على شفاء زوجي من مرضه وعودته للعمل في مقر الشركة قبل أن يلاحظ أنني كففت عن اختلاق المشاكل بسبب ساعات غيابه الطويلة حتى إنه أبدى استغرابه لعدم تذمري من اتصالاته المستمرة والطويلة التي يجريها أو يتلقاها ..
اكتفيت بطبع قبلة ساخنة على شفتيه بعدها همست في أذنه:
- لابد من ترك مسافة أمان لئلا تفقد الأشياء رونقها ..
ابتسم قبل أن يقول لي:
- من أي فيلم سرقتِ هذه المقولة !!!



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى الحسناء جارتي
- نومها المقدس
- ماذا احتاج لأكتب عنك ؟
- في غابات القلب
- رسالة من طليقي
- أهمية النقد الأدبي في مسيرة الكاتب


المزيد.....




- الطيور تمتلك -ثقافة- و-تراثا- تتناقله الأجيال
- الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم
- الممثل الإقليمي للفاو يوضح أن إيصال المساعدات إلى غزة يتطلب ...
- الممثل الإقليمي للفاو: لا يمكن إيصال المساعدات لغزة دون ممرا ...
- عائلة الفنان كامل حسين تحيي ذكراه الثامنة في مرسمه
- في فيلم -عبر الجدران-.. الفقراء الذين لا يستحقون الستر
- -غرق السلمون- للسورية واحة الراهب عبرة روائية لبناء الوطن
- وفاة الفنان المصري لطفي لبيب عن عمر 77 عاما
- لجنة الشهداء ترفض قائمة السفراء: أسماء بعثية ومحسوبية تهدد ن ...
- رحيل الممثل المصري لطفي لبيب عن عمر ناهز 78 عاما


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - مسافة أمان