أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - غمازة ع اليمين














المزيد.....

غمازة ع اليمين


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7087 - 2021 / 11 / 25 - 12:18
المحور: الادب والفن
    


خيبة أمل قوية تمكنت مني حينما وصلت لمكتب تحويل الأموال جعلتني ألعن كل شيء لأنني سأكون مضطرة بسبب الزحمة إلى الانتظار طويلًا إلى أن يأتي دوري لاستلم المال المرسل من قبل زوجي.
خطر على بالي الذهاب لمكتب آخر .. طردت هذه الفكرة بسرعة .. فأقرب مكتب يبعد من هنا نصف ساعة تقريبًا ..
بدأت بلوم نفسي لانشغالي في البحث عن قنينةِ العطر النهارية وقبعتي الصفراء .. لكن الوقت الأطول هدرته وأنا أفتش عن عقدي الذهبيّ الذي وجدته مرميًا تحت السرير ..
بدأت بعد الأشخاص الواقفين أمامي ..
سبعة رجال و سيدة ..
المسن بينهم قعد على كرسي ريثما يأتي دوره .. لا أدري ماذا يفعل بالنقود في هذه السن .. ليتني سبقته للكرسي ..
أحدهم يحدث امرأة عبر هاتفه النقال ويطمئنها إن كل شيء سيكون على ما يرام .. صوته تغير فجأة وهو يقول لها: اسمعيني .. النقود ستصل وسنجري عملية طفل الأنابيب وستنتهي أحزاننا .. لا تكوني سخيفة .. لست ممن يصفون حساباتهم مع أقربائهم ..
بحركة متوترة أغلق هاتفه ووضعه في جيب بنطاله ثم أشعل سيجارة وأطرق مفكرًا بينما الرجل الواقف أمامه ربط حزام كلبه ذي الشعر الأبيض في عمود الرصيف ليعود بعدها إلى مكانه .. حانت منه التفاتة للكلب الذي بدأ ينبح بصوت عال حين ابتعد عنه .. تمنيت لو أنني بيضاء مثل كلبه ولون عينيَّ كلونِ عينيه .. التقطت له صورة واحتفظت بها في جوالي ثم عدت إلى مكاني .. ربما فكرت في اقتناء كلب مثله ..
الجو ينذر بسقوط المطر ..
أخرجت الهاتف وبدأت بنقل البيانات اختصارًا للوقت .. كتبت العنوان ورقم هاتفي ودونت رقم المبلغ .. عشرة آلاف دولار .. عملية تجميل الأنف لا تتطلب هذا المبلغ .. ربما احتاج لأكثر من عملية فالتجاعيد على جبيني وحول عينيّ وفمي أخذت تظهر ثانية ..

بدوت مع هذه الخطوط أكبر من عمري حتى أنني في الآونة الأخيرة بدأت أشعر بالإحراج أمام صديقاتي .. ليتهم يكتشفون عقارًا يغير لون العينين .. لابأس .. سأكتفي بالمنجزات المتحققة الآن وأرضى بالعدسات اللاصقة .. ربما في المرة القادمة سأضع خيوط الذهب بدل " البوتكس " لنفخ الخدود وشدها .. الفرق ليس كبيرًا .. ألف دولار فقط ..
تذكرت شيئًا مهمًا .. سأطلب من الطبيب تصغير أنفي أكثر من السابق ورفعه قليلاً وتكبير شفاهي لأبدو مثل أنجلينا جولي أو مثل كاترينا زيتا جونس .. أنها رائعة الجمال .. لن أتعجل في اتخاذ القرار .. سأدقق في ملامح جميع الفنانات واختار الأشهر منهن ..
في المرة القادمة سأطلب منه تحويل مبلغًا أكبر .. عملية تكبير المؤخرة وتنحيف الخصر تحتاج لمبلغ أكبر من عملية شد الصدر .. ربما هذه المرة أسافر إلى لبنان ..
بدأت اقترب من النافذة .. بقي رجلان والعجوز التي أمامي ..
فرحت لأن أحد الرجلين ترك مكانه لأنه نسي إحضار ما يثبت شخصيته .. أصابته خيبة أمل حين عرف أنّ هوية الطالب التي يحملها لا تفي بالغرض ..
وضعتُ سماعة البلوتوث في أذني لاستمع إلى فيديو يعرض كيفية وضع المكياج للبشرة السمراء .. لن احتاجَ إليه بعد حقن مادة مبيضة للبشرة .. سانتظر وصول المنتج للأسواق .. ساقتنيه بأي ثمن واغيظ كل الصديقات ..
فجأة .. التفتت المرأة العجوز إليّ وبدأت في الحديث كأنها تعرفني .. قالت بيأس وهي تلوح بورقة البيانات التي تمسكها :
- هذه ثالث مرة آتي إلى هنا خلال هذا الأسبوع دون فائدة !!
في الحقيقة ولأكن صادقة .. تأثرت بنبرة صوتها الحزينة وهي تترجى الله أن يساعدها في حل المشكلة ..
وأنا استمع إليها ذكرتني بالمتسولين ..
شعرت بانزعاج وضيق كبيرين جراء طاقتها السلبية التي تسربت إليّ لهذا أغلقت هاتفي ووضعته في الحقيبة ..
لم يتبقَ غير هذه السيدة التي بدأت تتكلم بقلق وتوتر واضحين مع الموظف الذي اكتسى وجهه بتعابير باردة .. بعد لحظات غيرت من نبرة صوتها لتستفهم عن سبب تأخر المائتي دولار .. أخبرها الموظف بوجود خطأ في اسم المرسل لتبدأ في البكاء وندب حظها السيء .. حاولت أن تترجى الموظف الآخر فأجابها:
- صدقيني .. حاولت مساعدتكِ لكن الأمرَ يتجاوز صلاحياتي ثم طلب منها الابتعاد عن النافذة لتسمح له بتأدية عمله بعد تقديمه الاعتذار ..
امرأة غريبة .. تتضرع إلى الله وتستعطف الموظفين من أجل مائتي دولار فقط !!
التفتت إلي تستأذنني فالموضوع حساس جدًا .. قالت لي بالحرف الواحد .. إنه موضوع موت وحياة !!
مسكينة هذه السيدة .. شعرت بالأسى لحالها بل كادت دموعي تفرَّ من عيني لولا أني تذكرت أن الدمع قد يفسد كحل عيني ويشوه منظري ..
غادرت العجوز مكانها ورمت بجسدها على الكرسي تنظر إلى المارة كأنها تبحث عن حل لمشكلتها في وجوههم ..
شكرت الموظف بعد وضع المبلغ في حقيبتي ..
وأنا أجلس خلف مقود سيارتي .. وبينما المطر بدأ يهطل بغزارة ..
حانت مني التفاتة إلى المرأة التي انشغلت بالتحدث عبر الهاتف بصوت عالٍ مع ابنها تطلب منه تصحيح حروف الاسم وإرسال المبلغ ثانية ..
مضيت أفكر بأمرٍ مهم كان غائبًا عن بالي .. شكرت الله لأنني تذكرته .. ربما سيغير في حياتي الكثير ويجلعني أبدو مختلفة عن الأخريات ..
سأطلب من الطبيب عمل غمازة لي على خدي الشمال .. لا لا .. على اليمين ..
ياترى هل يكفي المبلغ لعمل تلك الغمازة ؟؟



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمر منتصف الحلم
- الورقة الأخيرة
- مسافة أمان
- إلى الحسناء جارتي
- نومها المقدس
- ماذا احتاج لأكتب عنك ؟
- في غابات القلب
- رسالة من طليقي
- أهمية النقد الأدبي في مسيرة الكاتب


المزيد.....




- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - غمازة ع اليمين