نضال سختيان وأهالي ناعور

خالد الصعوب

الحوار المتمدن-العدد: 6816 - 2021 / 2 / 17 - 09:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

توجه النائب العشائري إلى المصنع ليدخله دخول الفاتحين ويبين لأولئك الدخلاء لمن هي تلك المنطقة، أتى بكافة العبارات المنكرة المعروفة التي تثير النعرات وهم بإهانة مدير المصنع وأطلق حارسه الشخصي يضربه ثم مضى. من المهم للأردنيين أن يبينوا لغيرهم المسافة التي يقفون منها من الجميع بشكل عام ومن الفلسطينيين بشكل خاص ومن المهم أيضا أن نؤكد لهم أن الأردن لن تكون يوما وطنا بديلا، ومن المهم أن نؤكد ذلك لمن لا يريدونه وطنا بديلا فنعلي الوتيرة مع الفلسطينيين بينما تمتد ابتساماتنا تفتر عن نواجذنا مرحبة بمن يخطط لجعل الأردن وطنا بديلا.
حجة النائب تثير الحمية العشائرية، فقد قال المدير كما يزعم أن العجارمة يحتاجون لمزيد من التدريب فكفر، لم يفكر النائب الذي يمثل الأردنيين أن دوره يكمن في تأهيل المنطقة وأهاليها وتعليمهم وابتعاثهم للحصول على كل ما يلزم من معرفة لا فرضهم على المصانع ضمن كوتة البطالة المقنعة، لم يفكر أن القبة التي يجلس تحتها تمثل الأردنيين جميعا وليس المنطقة التي انتخبته ليعلي شأنها لا ليتهجم باسمها.

خاطب المذيع الأردني رجل الأعمال سختيان في نبض البلد كأستاذ يستوجب تلميذا أخطأ ويريد تأنيبه. سأله بداية، هل كان ضرب المدير غير الأردني بالمناسبة لكمة أم صفعة ونبرته تتهكم من الهجوم الذي لو تعرض له النائب أو مساعده لأراق الدم شلالا مقابل الإهانة. الخبر إن لم يكن بحجم أيدي مبتورة وعين مفقوءة فلن يكون دسما. ثم كمن لا يقيم لضيفه وزنا يسأله كم شخصا يوظف مصنعه ومجموعته وكأن الاحترام والكرامة مقرون بعدد الأردنيين الذين يتم تشغيلهم وإن قل العدد فالأمر مجرد لكمة زوبعة بفنجان فليستقبلوها بصدر رحب، وكأن جزية المستثمر عددا معينا من المؤسسات والموظفين.

شن الهجوم على سختيان كمهين للمنطقة وأهلها لأنه فلسطيني سمى الهجوم بمسماه (زعرنة) تمثل مجلسنا الموقر الذي يضم نخبة من الزعران الذين لا يقلون بطشا عن أبطال حكاية فتى الزرقاء. شن الهجوم على سختيان لانتقاده الفئوية التي تقصي الفلسطيني عن المشهد الأردني، ولم يخطئ في ذلك، فدوائرنا الحكومية ومحكماتنا ونوابنا ومناصبنا العليا وجيشنا ومخابراتنا ودوائر أمننا مقتصرة في التمثيل على الأردني الياباني الأصلي العشائري بالطبع في ظل مجتمع نصف سكانه أردني صيني (مقلد نخب ثالث) لذلك فمن المنطقي أن تؤول الأمور لصالحنا كل مرة فنحن أهل الكتف ونعرف من أين تؤكل ولما نأكلها نصيح متألمين ونلقي اللوم على الفلسطيني.

لن يكون الفلسطيني أردنياً يوما، ولو أكل من زادنا وشرب من مائنا وتنفس هواءنا وتزوج نساءنا، فالماء والزيت لا يختلطان وإن امتلك رقما وطنيا وتغنى بالهاشميين صبح مساء وأنفق الأموال الوفيرة لبناء الأردن. في الفلسطينيين شيء لا تقبله أنفسنا بل وتنفر منه ولا تبديه، ربما هو ما يستفز العرب جميعا، أن الفلسطينيين قوم جبارين وأن رب الخلق حباهم بفلسطين؟ ربما هي الغيرة التي جعلت إخوة يوسف يعمدون لقتل أخيهم وجعلت قابيل يجرم ويتخذ الغراب أستاذا ليواري سوأته؟

من أنتم أيها الفلسطينيون ليجعلكم الله شعبه المختار فتثيرون حفيظة الخلق قاطبة؟ عشائرنا سندنا والله سندكم فلأينا ستكون الغلبة؟

كنا في زمن مضى نكرم الضيف ونعتبر التقصير بحقه حيفا لا يبقي رجولة ولكن الضيف وقد طال مكوثه أصبح مستفزاً، في زمن مضى اختلط دم الأردني بدم الفلسطيني على تراب طاهر وكنا نعم الإخوة وغنينا شعب واحد حتى تحرر الأرض والعرض والمقدسات، شعب واحد لأن الجمع عصا لا تكسر، حبانا الله بسدانة القدس فذدنا عنها ولكننا أصبحنا ذات يوم وقد دست بيننا الدسائس، يهودا يزرعون الفتن كيهودي ذكر الإخوة في عهد الرسول الكريم بيوم بعاث فما كان إلا أن أثيرت الضغائن وكاد أحدهم يقتل الآخر، أصبحت عقيدتنا مقولة شيخ المنافقين قد كاثرونا في بلادنا وسمن كلبك يأكلك وكأن خالق الكون يعجز عن رزق جميع من فيه.

الجانب المشرق هو أن هذه العنصرية تحول دون تطبيق أجندة بيع القدس وربما نسحب صفة اللجوء على كافة الفلسطينيين في خطوة تشكل ضغطا وتشبع فئويتنا فتحرر بلادنا وتخلصنا من التقدم الذي كان سببه الفلسطيني، والجانب المظلم أننا طالما عنصرنا الفساد فغفرنا لفاعله إن كان منا والتهمنا فاعله إن كان من غيرنا وطالما انتقصنا من أردنية من ينتقد باطلا فلن تقوم لنا قائمة. الجانب المظلم أن الأخ إن اشتد على أخيه وهادن عدوه، فقريبا ما سيتمكن العدو منهم جميعا.

نقف احتراما للسيد سختيان، ليس لأنه يشغل آلاف الأردنيين ويساهم في رفع اقتصاد أردننا، ولا لأنه ترفع عن الرد بهمجية على انتهاك همجي لباب رزق، بل لأنه كأي أردني أصيل، أنكر المنكر ولم يرضاه للأردن ولم يقف منه موقف المتفرج، لأنه نصر أخاه ظالما أو مظلوما فأخذ يده عن الباطل، لأن ماء وزاد الأردن أثمر فيه انتماء لترابنا فرفض أن تتشوه صورة بلدنا.

#خالد_الصعوب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل