أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - المؤامرة الكبرى على سوريا














المزيد.....

المؤامرة الكبرى على سوريا


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 5270 - 2016 / 8 / 30 - 00:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمر الوطن السوري الآن بمرحلة قلّما مر بها بلد آخر في القرن العشرين وامتداداً في هذا القرن الجديد الحادي والعشرين، فقد وجد الجميع تقريباً من الدول والميليشيات في أصقاع الأرض، مصالح لهم في هذا البلد، يسعون إلى تحقيقها، وهذا ما يمكن اعتباره -في نظر عدد متكاثر من الباحثين الاستراتيجيين- حالة غريبة بقدر ما هي خطيرة، وقد كان هنالك سابقاً مَن اكتشف طرفاً أو آخر من مثل هذه الحالة أو ما يقترب منها، مع الإضافة إلى أن مستوى الخطر العالمي المتولد عن ذلك يفوق ما مر سابقاً في التاريخ العربي القريب من أحداث عظمى، ونعني بذلك نشوء الصهيونية وتمترسها في فلسطين.

وثمة تصريحات وأقوال صحفية من «أطراف اللعبة السورية» تثير الدهشة والتساؤل عما إذا كان هنالك توزيع أدوار بين الأطراف المعنية، فما جرى منذ أسبوع تقريباً من مهاترات تصل إلى حد المناكفات بين «الأطراف المعنية» المذكورة، يضع القارئ أو المستمع في حالة من القلق تطرح تساؤلات حول مواقف مشبوهة، فالحوار الذي جرى على قنوات تليفزيونية بين إيران وروسيا حول استخدام قاعدة همدان الجوية الإيرانية من قبل روسيا، يلفت الانتباه: هل تم ذلك بالتوافق بين الطرفين لكن دون إفصاح روسيا عن ذلك، أم أن الأمر يحتمل فهماً آخر؟ ثم هل تدخَّل الطيران الروسي في حلب بطلب من إيران؟ وموسكو ترد على إيران: سنستخدم قاعدة همدان إذا اقتضى الأمر، والأمم المتحدة تتخوف من كارثة في حلب، وأخيراً وليس آخراً يبرز التساؤل المُرّ التالي: ماذا يعني تهجير مواطني داريا المسالمين إلى الشمال من سوريا؟

تلك حالة مثيرة، وكذلك ربما مشبوهة إلى حد يدعو إلى القلق، تستحكم في سوريا اقتصادياً وعسكرياً وإنسانياً، والملاحظ أننا نواجه في الحلبة أطرافاً متعددة تسجل مواقف ومواقف مضادة. وما يلفت النظر أن هذه الأطراف كلها أو معظمها إن هي إلا قنوات تمتد من «الخارج» إلى «الداخل»، وأكثر أدوارها يكمن في كونها تسهم في توتير الموقف وفي تركه قابلاً لإشعال الناس ناراً وتوجساً واضطراباً. أما الأطراف الدولية الأخرى فقد برعت في إطلاق تصريحات تذهب مع الريح، أو تُلهب الموقف؟ في حين أن الأطراف العربية دخلت حالة من القصور في الحضور باستثناء ما يصدر عنها أحياناً بصيغة خجولة. وفي هذا كله يبقى الموقف مفتوحاً على أخطر الاحتمالات بؤساً ورعباً وإجراماً متمثلاً في استهداف مواطنين مسالمين بأطفالهم ونسائهم.. وفي هذا كله تستمر الجامعة العربية وما يوازيها من منظمات للمجتمع المدني، في صمتها المريب.

لقد عومل الوطن العربي كبيدق على رقعة لعب يجلب البؤس والخراب، دون ظهور بارقة أمل في إعادة النظر من أجل وطن طُعن في أعماقه من قِبل مَن فرطوا في سيادة هذا الوطن، فقد فُتحت أبوابه للتدخل فيه وفرض الموقف التهشيمي، ولعلنا نستعيد ها هنا ما كتبه الفيلسوف الألماني كانط kant في القرن التاسع عشر، لقد كتب متسائلاً في رسالته حول السلام: «كيف لمجموعة من الناس أن تدخل بلداً غريباً، وتزعم أنه بلدها؟ أليس حرياً بنا أن ننظر إلى هؤلاء على أنهم آتون ربما من أدغال التوحش والهمجية»!

لقد دخل الروس والإيرانيون والأميركيون والتابعون لـ«حزب الله»، وأخذوا يمارسون أدوار أصحاب البلد (سوريا) دون احترام للرأي الوطني والسيادة السورية نفسها، ودون التوصل إلى ذلك من حوارات أو مناقشات شرعية ترى في شعب البلد سيد الموقف وصاحب القرار. لقد كان ضرورياً أخذ رأي الشعب السوري في مصائره المحتملة للآن وللغد، ولو حدث شيء من هذا القبيل لأصبح الموقف واضحاً وملزماً. إنه لشيء مؤلم أن تعاقبه الأحداث الدموية، التي قتلت ودمرت وتحاول كذلك أن تختار لمجموعة أو أخرى أن تعيش في مكان دون آخر غير الذي كانت تقيم فيه.

إن منطق العقلانية والتمسك بحقوق البشر في أوطانهم بقدر أو بآخر، كان جديراً أن يحدث في سوريا، وطن الأبجدية وتشييد القواعد والقوانين الناظمة لحياة إنسانية وطنية تكسب السلام والكرامة في وطن جدير بذلك. ولعلنا نرى أن سوريا العربية التنويرية والديمقراطية هي ما ينبغي أن يجتمع كل السوريين أو أكثرهم حوله، وفي هذه المناسبة يشرفني أن أدعو إلى مؤتمر وطني في سوريا أو في بلد عربي آخر، تجري فيه مناقشات مفتوحة حول الراهن والقادم في سوريا، وما السبل المنهجية السياسية والنظرية الصالحة لذلك، وسيرى سوريون شرفاء في مثل هذه الخطوة المفتوحة ربما فرصة تاريخية لإنقاذ أيقونة العالم من منطق الاحتكام إلى السلاح والجهالة والاحتراب.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجرح السوري والنظام العالمي
- النظام العولمي وسيادة القوة
- الجيوش غير الوطنية والانقلابات العسكرية
- خطاب التنوير ضد الإرهاب
- النزيف السوري والتدخل الدولي
- الاستشراق بين الأنا والآخر
- «داعش» وتحديات التاريخ
- أما آن لليل أن ينجلي؟
- من فلسطين إلى سوريا
- الدين لله والوطن للجميع
- سوريا وأسئلة اللحظة
- القصور التاريخي
- من الصهيونية إلى المشروع «الفارسي»
- الأزمة السورية والنهاية العصيّة
- أيها المتحاربون.. راعوا الفئات الضعيفة!
- عودة المشروع النهضوي العربي
- سوريا مَنْ الصديق ومَنْ العدو؟
- طريق الاستباحة الشاملة!
- وصل السيلُ الزُّبى!
- المشروع النهضوي.. مواجهة حاسمة!


المزيد.....




- رسالة مصرية إلى أمريكا حول التدخل الإسرائيلي في سوريا
- توافق على خارطة طريق لحل الأزمة بين الدروز والحكومة السورية ...
- بسبب الحصار الإسرائيلي.. الجوع يقتل 57 فلسطينيًا في غزة
- مطالب بوقف التمويل الحكومي لحزب -البديل- بعد تصنيفه -يمينيا ...
- مصر.. قرار من النيابة في اتهام البلوغر -رورو البلد- بنشر الف ...
- اقتحامات وتهجير وتدمير للممتلكات العامة والخاصة في جنين وطول ...
- بيسكوف يحدد هدف وقف إطلاق النار الذي اقترحته روسيا بمناسبة ي ...
- ماسك يصف استبعاد القوى اليمينية من الانتخابات في دول أخرى با ...
- منظومات -Pantsir-S- تحمي سماء روسيا
- منظومة -غراد- الروسية تستهدف مربع تمركز للقوات الأوكرانية


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - المؤامرة الكبرى على سوريا