أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم شلغين - رحلة في البحث عن الدفء والحنان















المزيد.....

رحلة في البحث عن الدفء والحنان


أكرم شلغين

الحوار المتمدن-العدد: 5122 - 2016 / 4 / 3 - 23:52
المحور: الادب والفن
    


لابد أن ترتبك وتعجز لو توقفت لتقيّم ذلك العربي الغريب الأطوار "معتز" الذي يسكن في برلين منذ فترة طويلة أو محاولة معرفته بدقة بعد أن تلتقيه لمرات قليلة، فبالرغم من نباهته ورهافة حسه إلا أنّه يحمل الكثير مما يشير إلى العكس؛ لا تعرف إن كان نمط حياته يكتنفه الارتياح والبساطة أم أنه كتلة من التعقيد والتناقض والهموم! إن كان خجولاً أم وقحاً! لا تعرف ان كان متسامحاً أم منتقماً! إن كان رومانسياً حالماً أم إنه ماجناً داعراً! إن كانت عواطفه صادقة أم أن قلبه يقول عكس ما تنطق به شفتيه! إن كان محباً عاشقا أم ماديا انتهازيا! إن كان يحب المرأة ويحترمها أم أنه يكرهها ويعاديها! لكن الشيء الوحيد الذي لايمكن أن تخطئ فيه هو أنك لاتستطيع أن تكره معتز ولا تمتلك إلا ن تقرّ لنفسك أنه لايخلو من شيء يدفعك لأن لا تبتعد عنه أو تكون قاسياً بأحكامك عليه...! عندما يحكي لك عن تجاربه على كافة الصعد تجد نفسك لاتستطيع الموافقة على ما يفعله ولكنك تضحك لسرده بدلا من أن تبتعد عنه...!
من غرائب معتز أنه كان لايبدي تحفظاً حيال تجريب الجديد و الكلام عنه بل كان يبسّط ارتكابه لأي عمل... ذات مرة راح ينطق بما وصل إليه فاعترف أنه أصبح يأخذ عناوين بائعات الهوى ويرتاد بيوت الدعارة ...وحين أجاب عن سؤال عما دفعه لذلك راح يبرر بأنه يبحث عن "الحنان" الذي لايستطيع الحصول عليه من النساء "غير المصنّفات" ولا يحظى بــ"الدفء" الذي يحتاجه، ففي كل مرة يشرع بعلاقة جديدة يكتشف سريعاً أو بعد حين أنه لم ينل ما يبتغيه ولهذا يلجأ لبائعات الهوى للحصول على ما ينقصه حسب تعبيره ، وفي سياق حديثه راح يبوح مسرّاً بأمر يمكن وصفه بالغرابة لكل من يسمعه وهو يبوح بأنه لايستطيع الاقتراب من أي امرأة -حتى بائعة الهوى- مالم يسمع منها بعض الكلمات التي تترجم لعواطف ما تجاهه متوّجة بكلمة "أحبك".
روى أنه ذات مرة استدعى هاتفياً إحدى العاهرات و قد كانت في غاية الجمال والإثارة، جاءت اليه برفقة حارسها الذي بقي منتظراً في أسفل البناء (امام البناء). صعدت إلى معتزّ الذي كان ينتظر بلهفة و شوق لأن يُسمع أذنه ما تحبّه من كلمات في هذه اللحظات ، الا انه و رغم كلّ محاولاته لم يستطع أن يقنعها بأن تنطق بها فقد كانت أوربية تفصل في عملها بين الروح والجسد وترفض أن تنطق بكلمة لا تشعر بها وأما معتز فلم يفهم أنها تؤجّر جسدها فقط (وليس قلبها) مقابل المبلغ المدفوع...ولدى محاولته من جديد سماع كلمة "أحبك" راحت تطلب المبلغ الذي يجب أن تحصل عليه لأن المدة المخصصة له انتهت وتخبره انه فيما لو أراد المزيد من الوقت فعليها أن تخبر حارسها وتكلمه هاتفياً لتعلمه بتمديد عملها واحتساب المبلغ الجديد...)...لكن معتزّ أدرك أنه لن يستطع أن يتابع مالم يسمع كلمة "أحبك" فدفع المبلغ المتعارف عليه وودعها الى الباب...!
وفي نطاق تخبّطه في البحث عن "الدفء"و"الحنان" سمع معتز مرّة بعرض سخي لبيت دعارة بالقرب من مدينة هانوفر واسم بيت الهوى مأخوذ من الايطالية "دولشي فيتيه،" حيث هناك أجواء وُصفت بالخيالية من حيث الخدمات ونوعية بائعات الهوى العاملات والحرية باختيار أية عاملة متوفرة مالم تكن مع شخص آخر..! وهناك حمام ساونا وبخار إلخ، فذهب إليه. في المبغى راح معتز يأكل من البوفيه المفتوح أولاً وبعدها شرع يرقب العاملات هناك... وفجأة وقعت عينه على شقراء عشرينية فتقدم منها وطلب أن يختلي معها في حجرة ما من الماخور ففعلت...وفي الحجرة راح معتز يمهّد ليسمع منها بعضاً ممّا يحبّ سماعه إلى ان يصل الى كلمة "أحبك..." قال معتز: أنت جميلة حقا...لم أتوقع أن أعثر على صبية بهذا الجمال هنا...! ابتسمت تلك الشقراء ولم تتكلم....تابع معتز قائلا: حقاً إنك جميلة وأي إنسان يرغب ـ بل يحلم، أن يكون معكِ....فعلّقت بشكره على المديح...تابع معتز: "أعني ما أقول... أنت جميلة ولو منحتني الحياة صبية بجمالك لصرت عبداً لها ولكنت ممتناً للحياة والظروف على مكافأتي فيما لو كنتِ زوجتي...! شكرته من جديد وصمتت...ولكن معتز أراد أن يحكي المزيد ليسمع منها ما يبتغيه قبل الاقتراب الجسدي منها فتابع قائلاً: ما اسمك؟ أجابت "بيرتا" فقال: ما أجملك يا بيرتا...أشعر وكأنك مغناطيس يجذب قلبي...أشعر بقربك مني روحيا...ما أجملك...! إنني مستعد لأكون عبداً لك لو أحببتني كما أحبك....اسمي معتز.... صمتت بيرتا وأما معتز فتابع بالقول "أحبك فهل تحبينني بالمقابل!؟" لم تجب بيرتا عن سؤاله...فأضاف: إنني أعمل بصفة "مدير أنشطة ثقافية وفنية" ومستعد لأكون متفرغا لحبك لو كنت معي...قولي لي أن تحبينني.. اسمعيني إياها !" سألت بيرتا: وما الفائدة من قولي؟ أنت هنا لبضع ساعات وبعدها ربما لن تعود لهذا المكان..! فقال: أؤكد لك أنني سأعود ودعينا نتبادل أرقام الموبايلات للتنسيق...فأعطته رقمها وعلق قائلا سأتصل بك فور وصولي لبرلين فجراً... أحبك يا بيرتا ....فقالت بيرتا "أحبك يا معتز"....وعند سماعه كلمة "أحبك" شعر معتز أنه يستطيع الاقتراب جسديا منها...وفعل ما أتى لأجله لدولشي فيتيه هانوفر. بعد الثالثة صباحاً غادر معتز المبغى عائداً إلى برلين...وفور وصوله راح يتصل ببيرتا التي أجابته أنها لاتسطيع المتابعة في الكلام ووعدته بأن تكلمه في اليوم التالي لأن هنا مشكلة استجدت معها وستحاول ايجاد الحل لها ومن ثم تهاتفه فرقمه أصبح لديها بعد هذا الاتصال...!
بعد ظهر اليوم الذي تلى اتصلت بيرتا بمعتز وشرحت له أنه فقدت عملها...! وشرحت أن "مدير المبغى التركي" قرر فصلها من العمل دون أي تعويضات لأنها خرقت ما ينص عليه عقد عملها في المبغى...حيث ان لاقط الصوت المزروع في الحجرة الحمراء بين أنها تبادلت الكلام والمعلومات الخاصة مع الزبون وهذا يخل بشروط العقد وأفهمها ذلك المدير التركي الأصل أن المحكمة بينهما في حال أرادت أن تثير الموضوع أكثر،وهكذا خسرت بيرتا عملها في الماخور.
قالت لمعتز هاتفيا أنا قابلتك بما بدأت به وأحببتك كما أحببتني...قاطعها معتز قائلا وأنا قلت أحبك لأنني أحببتك...فسألته وهل تريد أن نكون سوية؟ فأجاب: اليوم وقبل غد...فقالت غداً سأحضر إليك وسأعلمك بتفاصيل حضوري قبل مغادرة هانوفر. أما معتز فقد أصبح في غاية الفرح وراح يخطّط كيف سيخفي هويتها وماضيها عن البشر حوله...الوحيد الذي يمكن أن أخبره هو صديقي "أحمد" فهو أكاديمي ويعمل بالاعلام والصحافة وناضج وسيفهمني....فاتصل بصديقه أحمد وأخبره بما حدث وأنها ستصبح زوجته...إنها آية في الجمال...وطلب النصح...لم ير أحمد غرابة فيما سمع..بل قال لمعتز لن يبقى أمرها سرا إلى ما لانهاية وفي هذه الحالة عليك إما أن تكون مستعداً لتدافع عن خطوتك أو أن تتجاهل معظم العرب هنا وتقاطعهم..! قال معتز بصوت عال: أنا على استعداد لأتحمل كل ما قد يستجد...وتابع: "عندما تأتي لبرلين هناك معرض فني أريد أن اذهب إليه معها وأريدك أن ترافقنا.." فأجاب أحمد: "بكل سرور."
بعد ثلاثة أيام، بعيد الظهيرة رن هاتف أحمد وكان المتصل معتز الذي راح يشرح أن بيرتا حضرت بشحمها ولحمها وأنها فرحة بحياتها الجديدة وقد أسرّت له أن هناك بعض النقود التي ادخرتها من قبل وقد يحتاجونها.. وهذا المساء هناك معرض في غاليري بشرق برلين وأكّد على أحمد لكي يرافقهم، وحدّد مكان وزمان اللقاء قبل التوجه الى الغاليري. وفي الوقت المحدّد التقى أحمد مع معتز وبيرتا...كانت الاخيرة شقراء وتكتنفها بعض ملامح الجمال. لم تكن بسلوكها وكلامها واهتماماتها عند رؤية اللوحات في الغاليري محتلفة عن أية امرأة أخرى وفقاً لما رآه منها أحمد الذي كان يلتقي للمرة الأولى في حياته عاهرة مصنّفة وجها لوجه...فقد كانت مهذبة جداً وتملي النظر في اللوحات وتعلّق بما يوحي بالذكاء والانتباه والاحترام....كان معتز يسأل صديقه أحمد باللغة العربية عن رأيه فأجابه أحمد بأنها أفضل من صديقته السابقة غير المصنفة وراح أحمد يذكر معتز ويرجوه أن ينفّذ ما وعد به في الابقاء على السرية المتعلّقة بماضي بيرتا....وبعد قليل من الساعات مضى أحمد بمفرده في طريقه إلى البيت تاركا بيرتا ومعتز...
بعد أيام قليلة هتف معتز لأحمد فاعتقد الأخير أن معتز يريد أن يطمئنه أن كل شيء يسير بشكل حسن ولكنه فاجأه حين قال: في اليوم الذي تلى زيارة الغاليري اصطحب بيرتا لمكان آخر كان به بعض من أصدقائه العرب فقدّم لهم بيرتا قائلا هذه خطيبتي...ولدى سماع التقديم انفجر أحدهم بالضحك...ولم يمسك نفسه عن سؤال معتز أن يكرّر من هي مرافقته بيرتا...كرّر معتز: "إنها خطيبتي" فتعالى ضحك صديقه وتلفظ بالعربية الدارجة جملة اخبارية أكثر منها استفهامية بقوله: "يعني أنا نمت مع خطيبتك من قبل...!" تابع معتز سرده لأحمد بالقول: "جاء ضحك وكلام (فلان) وكأنني طٌرحت أرضا وهناك من راح يدوس رقبتي ورأسي بحذائه، فلم اشأ أن أخرج معها بعد ذلك بل فضلّت التزام البيت واضاعة الوقت في مشاهدة الأفلام الهندية. مرّ يومان ، شعرت بعدها بيرتا بأنها لا تستطيع رؤية المزيد من الافلام ...أخذت الدراجتين من القبو ورحنا إلى حديقة التير جارتن...وعندما عدنا نمنا على الفور...في صباح اليوم التالي أدرت فيلما هنديا آخر ولكن ذلك لم يرقها....صمتت ما يقارب الساعتين ثم نظرت إليّ وقالت: يجب أن أرحل...وبكل بساطة رحلت...ومنذ رحيلها توقّف هاتفها عن العمل..." قال له أحمد لا ألومها ولا ألومك...وماذا ستفعل الآن!؟ لم يجب معتز بوضوح عما هو فاعله في رحلة البحث عن الدفء والحنان. توقف لبعض الوقت ثم راح يشرح ما فعله جسديا برفقة بيرتا وكيف استمتع بما قدمته و ما لم يكن يتوقعه! صمت مرة أخرى ثم انبري بالقول "أحتاج إلى الدفء والحنان!"



#أكرم_شلغين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عروس وعريس
- عالمه الكبير
- رماد
- ليتها كانت حبيبة شاكر!
- بقع سوداء على القميص الأبيض
- لعب في العالم الافتراضي
- وتاريخها يبدأ بظهوره
- إن الحظ شاء
- خردة عشق من تمضى السنين
- وللشرق سحره*
- إنه منا وفينا!
- ما أجمله ذلك الصيف!
- باقة ورد مرفوضة
- قبر لمن لا قريب له
- ليتها بقيت اسما بدون صورة!
- رحلة في خيال وواقع الصديق المكبوت*
- جارة
- ما يتعمد إهماله أرباب نظام الأسد
- يا كاشف الأسرار!
- من ذكريات الخدمة العسكرية 1983


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم شلغين - رحلة في البحث عن الدفء والحنان