جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4899 - 2015 / 8 / 17 - 20:13
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الخادم - الخالق - الفندق
لا يمكن ان تكون مفردات الايجار (لانها مفردات حضارية) من ضمن الثقافات البدوية بصورة عامة خاصة في لغة كالعربية تستعمل حروف الجر مثل (عند) و (مع) و (لدي) للتعويض عن افعال الملك لان الوجود كان اهم من الامتلاك و تشكل الاموال عراقيل في طريق التنقل البدوي. لذا لا نجد في العربية مفردات تقابل الفندق اليوناني (استعارة قديمة من اليونانية pandaka بعد تحويل الـ p كالعادة الى الفاء) و الاوتيل اللاتيني لتتساوي الضيافة مع الايجار. تلعب الضيافة دورا مهما في المجتمعات البدائية و هي رمز للافتخار بعكس الايجار الذي هدفه الوحيد هو المال و الفائدة.
لقد تطورت كلمة (اجر) في الارامية و السريانية و استعملت في العربية الاسلامية لتكتسب سياقا دينيا كمكافأة و ثواب هذا انتهاك صارخ للثقافة العربية البدوية التي لا تعرف الايجار. مشتقات الكلمة هي الجمع (اجور) على وزن فعول المفضل في الاستعارات و الافعال (اجر) و (استأجر). اضافة الى ذلك نتعجب كيف ان العرب تعتبر الكلمة عربية صرفة رغم ان الاجور ليست من صفات الثقافة العربية التي تكتب الكرم و الضيافة العربية بحروف كبيرة على الجدران او بعبارة اخرى يتناقض الاجر مع اهم مبادي الكرامة و الضيافة.
يعتقد H. Zimmern في (المفردات الاكدية الدخيلة) بان اصل الكلمة هو الاكدية agru agarru بعنى الخادم المستاجر او مساعد مستاجر و هناك تقارب بين الاكدية agarru و اليونانية aggaros بمعنى خادم - قارن الانجليزية courier ساعي البريد (راجع مقالي السابق عن: رسول الله) و هذا يعني بان السريانية (اجرا) دخلت العربية في فترة مبكرة خاصة عند انتشار التجارة و اليهودية و المسيحية عند العرب. يشتهر اليهود لحد يومنا هذا بالمهارات المالية و الارباح لذا لربما لعبت الارامية اليهودية دورها الاول في السريانية (سورة الانشقاق: الذين امنوا و عملوا الصالحات لهم اجر غير ممنون). هذه هي اللغة تنقلنا من اجر الخادم الى اجر الخالق الى ايجار الفندق. لا تصدق.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟