قررتُ أن أبادلها الجنونَ.. بالجنون

حازم شحادة
كاتب سوري

الحوار المتمدن-العدد: 4629 - 2014 / 11 / 10 - 18:02
المحور: الادب والفن
    

كان حفلاً باذخاً ذاك الذي دعيتُ إليه بحكم المهنة التي أمارسها كصحفي وكوني كاتباً مرموقاً لا يشق له غبار ترجمت أعماله التي لم تكتب بعد إلى جميع اللغات الحية المعتمدة من قبل عصبة الأمم المتحدة ولا شيء يقف في وجه أن يتعرف العالم بأسره علي سوى نشر هذه الأعمال ذات يوم.
كالعادة،، كنت وحيداً وسط ألف مدعو من أبناء الطبقة المخملية اولئك الذين يعادل ثمن ما يرتدونه لأجل هذا الحفل ما يكفي إطعام عشرين قرية منكوبة عاماً كاملاً،، وربما أكثر.
يا لحماقتي،، كل مرة أقول لن أحضر هكذا مناسبات ثم أجد نفسي حاضراً ( بالصرماية) كون المؤسسة التي أعمل فيها تريد خبراً،، وصناعة الأخبار للمؤسسة هو مورد رزقي،، الوحيد.
سجلت بعض الانطباعات والآراء ثم اتخذت مكاناً منزوياً وجلست إلى طاولة عليها ما على بقية الطاولات من أصناف الطعام التي أجهل معظمها.
امتشقت رغيف خبز لأقضي على الصحون المليئة بطريقتي التقليدية فالشوكة والسكين ليستا من اختصاصي لكن ثلاثة فتيان وصبيتين شاركوني طاولتي وبات من المحرج أن أمارس هوايتي في الأكل السريع الهمجي أمامهم،، عيب،، أبقى كاتباً مهماً ولا بد من الحفاظ على صورتي الناصعة أمام الآخرين.
للمصادفة لم يعرفني أحد من هؤلاء المتطفلين فاستغربت ذلك،، كيف لم تعرفوني أيها السادة،، لدي ديوان شعر مطبوع وألف صديق ومتابع على فيس بوك،، أنا كاتب مشهور جداً في الضاحية وبوقا والحمام وبسنادا،، وفي الدعتور أيضاً،، اللاذقية بأسرها تعرفني ،، غريب أمركم حقاً.
أعرب القوم عن أسفهم كونهم لم يسمعوا بي وبهذه المناطق البعيدة عن مكان جلوسنا ثلاثة آلاف كيلومتر وطلبت إحدى الفتاتين نسخة من كتابي عليها إمضائي الشخصي فأخبرتها أنني أبصم ولا أوقع،، فتحت فاها وأرخت بيضها مستغربة،، فابتسمت وأخبرتها أن لا كتب عندي،، لقد كنت امزح غير أنه بإمكاني ان أضع توقيعي على بطنها أو مؤخرتها كما يفعل نجوم الروك أند رول،، فما كان من المجموعة إلا الانسحاب والهرب بعيداً،، ربما ظنوا أنني مجنون أو داعشي يريد أخذ الفتاتين سبيتين.
ضحكت من قلبي على منظرهم وهم يبتعدون تاركين الطاولة بغنائمها لي وحدي،، مساكين،، لم يعرفوا أنني كاتب بالفعل لكن الأيام تسير عكس ما أشتهي لذا قررت أن أبادلها الجنون،، بالجنون.

#حازم_شحادة (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات