أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم شحادة - يومٌ واحدٌ كصورةٍ لِسَنَة














المزيد.....

يومٌ واحدٌ كصورةٍ لِسَنَة


حازم شحادة
كاتب سوري


الحوار المتمدن-العدد: 4492 - 2014 / 6 / 24 - 13:07
المحور: الادب والفن
    


خلافاً لتوقعاتي لم يكن صباح اليوم مختلفاً عن غيره من الصباحات،، كنت قررت مساء أمس خلال نقاشي مع نفسي أن أبدأ بتغييرها قبل أن أغير العالم كما قرأت في وصية لأحد الحكماء وحين نهضت من الفراش ثم باشرت ذات الأفعال التي اعتدت أن أقوم بها رحت أقنع نفسي أن غسل الوجه وارتداء الملابس وشرب القهوة أمور لا تنطبق عليها إجراءات التغيير إذ ليس من اللائق أن أنخرط في المجتمع (الرائع) دون أن أقوم بهذه الأفعال الروتينية لكن الضرورية.
امتطيت صهوة سيارتي القحبة القديمة على أمل ألا أسمع ما يصدر عنها من أصوات حيرت أرباب مهنة تصليح السيارات معتقداً أنها ستماشي رغبة التغيير والإصلاح التي عقدت العزم على استدعائها لكن لهذه الآلة شخصيتها المستقلة بحد ذاتها ورأيها كان أن ما من داع لذلك ولتستمع كما اعتدت لسمفونية (الطقطقات) خلال رحلة الألف شتيمة إلى العمل.

بدأ القلق يساورني بخصوص قدرتي على التغيير فها هي الأفعال ذاتها تتكرر،، كان قلقي أشد من قلق بان كي مون حين وصلت ميدان مكتبي الذي يجمعني بزميلين أحدهما سوري تجاوز الستين والآخر فلسطيني على أبواب الأربعين،، لا بد أن أقوم بشيء مختلف يمهد لمسيرة التطوير والتغيير التي عقدت العزم على الشروع بها لكن من أين أبدأ،، لا بد أن أشغل الحاسوب لأراجع ما وصل من بريد إلكتروني إليه،، لا بد من رد التحية الصباحية لجاريَّ إذ ليس من المناسب أن يقول أحدهما صباح الخير ثم لا أرد له التحية بحجة أنني أمارس التغيير.
لدينا خبر لا بد من تغطيته في المنطقة الفلانية،، السائق بانتظارك،، وكالمعتاد جلست إلى جوار السائق الحباب الذي راح يقص علي سيرته النضالية في الحياة دون أن تؤتي محاولات الانشغال بالهاتف أكلها في إخراسه،، وهكذا أصل إلى المكان المنشود بعد أن أكون قد تزودت بفصل جديد من قصة حياة سائق مغترب،، بعد أن أصل،، أسجل المعلومات الأساسية عن الحدث،، أجري بعض اللقاءات،، ألتقط بعض الصور،، أغلق حقيبتي الصغيرة،، أعود أدراجي،، أحرر الخبر،، أعالج الصور،، أقوم بتسليم المادة للسكرتيرة،، السلام عليكم،، اللعنة،، أين التغيير الذي سأحدثه!

في طريق العودة إلى المنزل كانت درجة الحرارة قد تجاوزت الـ 47 درجة مئوية،، ولأن مكيف الهواء في السيارة العظيمة لا يعمل بالشكل المطلوب أفتح النوافذ وأمارس التدخين مع القيادة الحكيمة للمركبة وبذلك أكون قد أصبت عصفورين بحجر،، بالنسبة لي هذه هي نوعية العصافير التي اصيبها،، أي نعم.
انقضى نصف اليوم دون أن أغير أي شيء،، سأفكر بعد الطعام والقيلولة اليومية،، مع السيجارة يصبح التفكير أفضل،، خلايا الدماغ تتعاون مع بعضها بتأثير النيكوتين والكافيين،، تسود بينها أجواء من الراحة والمحبة والود فيصبح التفكير أفضل،، من شباك غرفتي المطل على البحر أواصل التفكير الروتيني بشيء غير روتيني سيجارة إثر سيجارة دون الوصول إلى نتيجة مقنعة مع انضواء الشمس تحت راية أبعد موجة أستطيع رؤيتها.
في ذهني تمر جميع الأماكن التي يمكن أن أقصدها والتي كنت أقصدها سابقاً،، أتخيل نفسي واقفاً أمام برج دبي العظيم،، أشاهد النافورة الراقصة وأطالع مؤخرات السائحات تتأرجح ذات اليمين وذات الشمال،، سئمت،، أتخيل نفسي على شاطئ الممزر أو الجميرة أو (الـ جي بي آر) متأملاً نهود السابحات تتمايل بلا شفقة أو رحمة،، وما الفائدة؟ أتصور نفسي في حانة من تلك الحانات التي تضم بين جنباتها مومسات من شتى بقاع الأرض،، حسناً،، وماذا بعد؟ عشرات الأماكن التي يمكن أن أكون فيها الآن كما كنت خلال الأعوام الماضية،، لا ينتابني تجاهها سوى القرف والملل والحقد،، تجاوزت الساعة العاشرة ليلاً وأنا ما برحت مكاني وعوضاً عن كل ذلك استعنت بصديقي الأمريكي جون شتاينبك الحاصل على نوبل للآداب عام 1962 ورحت استمع إليه من خلال صوتي وهو يشرح في روايته (عندما فقدنا الرضا) شيئاً من فقداني أنا للرضا.

ساعتان بعد منتصف الليل،، لا يقطع صمت الهدوء المطبق سوى أصوات بعض السيارات وسعالي،، خلافاً لما كنت أتوقع،، انتهى هذا اليوم كغيره من الأيام،، وسينتهي غيره مثله،، لا أدري أهي لعنة فقدان الرضا التي تحدث عنها جون ما يسبب لي هذا الضياع أم شيء آخر،، قبل أن أرقد أشعلت سيجارة ما قبل النوم مستسلماً لفوات فرصة إحداث أي تغيير أبتدئ من خلاله مسيرة التغيير والتطوير لكن ما لم يكن بالحسبان حدث في الوقت الإضافي من مباراتي هذا اليوم مع القدر.

بربكم تصدقون أن شيئاً قد حدث؟! كنت أضفي على القصة بعض التشويق المبتذل كعادة الكتاب،، بعد أن دخنت سيجارة ما قبل النوم،، نمت،، وفي اليوم التالي حدثت ذات الأشياء تقريباً،، وفي اليوم الذي بعده،، وبعده،، باختصار شديد،، هو يوم واحد كصورة لسنة.



#حازم_شحادة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غرفةٌ نائيةٌ خلفَ حدودِ الضباب
- في الانتظار
- كَأسٌ خَاويةٌ لِغَرِيبٍ فِي المَنفَى
- اسمُهَا مَريَم
- عندما يصبحُ (الدين) مُشكلة!
- كُونِي بِلادِي
- بوحٌ لناياتِ القَصَبْ
- لَن أعضَّ شفتيكِ... كثيراً
- بُرجُ الدُّب
- العَاشِقة والسِّندِبادْ
- مَجنون
- إنَّهَا تَبتسِم
- اختلافُ لهجات
- حَورٌ عَتيق
- فيمَا يرى النائمُ
- بقايَا مِن خَيبر
- حكاية مُحاربٍ سوري (2)
- تلوحُ اللاذقية
- نهارٌ جديد
- رحلَ وحيداً


المزيد.....




- فيلم -ضع يدك على روحك وامشِ- يفوز بجائزة في ختام الدورة الـ8 ...
- هل انتهت أزمة الفيلم المصري؟ مشاركة لافتة للسينما المصرية في ...
- صدر حديثا ؛ من سرق الكتب ؟ قصة للأطفال للأديبة ماجدة دراوشه
- صدر حديثا ؛ أنا قوي أنا واثق أنا جريء للأديبة الدكتورة ميساء ...
- صدر حديثا ؛ شظايا الذات - تأملات إنسانية للكاتبة تسنيم عواود ...
- صدر حديثا : رواية اكسير الأسرار للأديبة سيما صير ...
- -أتذوق، أسمع، أرى- لـ عبد الصمد الكبّاص...
- مصطفى محمد غريب: خرافات صنع الوهم
- مخرج إيراني يفوز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان باكو السينمائي
- لسهرة عائلية ممتعة.. 4 أفلام تعيد تعريف الإلهام للأطفال


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم شحادة - يومٌ واحدٌ كصورةٍ لِسَنَة