أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم شحادة - رحلَ وحيداً














المزيد.....

رحلَ وحيداً


حازم شحادة
كاتب سوري


الحوار المتمدن-العدد: 4436 - 2014 / 4 / 27 - 10:49
المحور: الادب والفن
    


ما إن خطا توفيق أول خطوة داخل مبنى الإدارة التي يعمل فيها حتى لفت زميله أحمد انتباهه إلى كون أزرار بنطاله مفتوحة بالكامل وحين نظر توفيق بارتباك إلى الاسفل وجدها كذلك بالفعل فانزوى بخجل يلملم بضاعته بينما نظرات الزميلات تطالع الموقف بسرية مع ابتسامات ملغومة تخفي التساؤلات حول السبب الذي يقف خلف ذلك على الرغم من أن توفيق لم يكن بصحبة إحداهن وكل ما في الأمر أنه نسي إغلاق (الدكانة) وهو يرتدي ثيابه صباحاً.
بداية مبشرة بالخير ـ قال لنفسه ـ ثم انكب على عمله طيلة اليوم وهو يتذكر هذا الحادثة بين الحين والآخر.. مع مرور ساعات العمل تحول شعور الحرج الذي كان ينتابه إلى السخرية ثم فكر بالزميلات اللواتي تناولن القصة باعتبارها إشارة إلى مغامرة جنسية صباحية وحين قال له أحمد: أعرف بماذا تفكر أيها الخسيس أجاب: صيت غنى ولا صيت فقر.. فضحكا سوية وكانا يعلمان أن بقية الزملاء يدركون سبب هذا الضحك.
أصوات الانفجارات ورصاص البنادق أجبر الجميع على إخفاء الابتسامة.. راح كل واحد يتصل بمن يهمه غير أن توفيق كان يعيش وحيداً..لا أهل أو أحبة ليتصل بهم كي يطمئن.. وحين حدق بهاتفه لم يجد سوى بضعة أرقام لا تواصل بينه وبين أصحابها حينذاك راح يطمئن عن حال أهل زملائه في العمل رغم أن أحداً من زملائه لم يبادر للاطمئنان عن حال أهله.. الجميع يعرف أنه إنسان وحيد..
فكر بالأمر بإيجابية.. لست مضطراً للقلق ـ قال لنفسه ـ رفع سماعة هاتف المكتب وطلب من المستخدم أبو محمد أن يحضر له فنجاناً من القهوة مع الكثير من السكر ثم أشغل سيجارة وهو يراقب عبر النافذة خيوط الدخان وهي تحمل في جعبتها أرواحاً ما عاد بمقدور أحد أن يحصيها.. لو كان بإمكاني الرحيل عن هذه البلاد إلى أي بلد أوروبي.. صارح أحمد بهذه الفكرة وهو يرشف قهوته بحزن.. ولمن نتركها؟ للشيشاني والأفغاني والسعودي والتونسي كي يمارسوا التكبير والتجعير على راحتهم؟ أجاب أحمد وهو ينظر إليه بغضب.. فسيرة الهجرة تعذبه بمقدار ما تعذبه هذه الحرب..
حينذاك صرخ توفيق بوجه صديقه مذكراً إياه بأنه ليس بحاجة لمحاضرته هذه وأن للإنسان روح تتعب ولا تقوى دائماً على افتعال البطولات النظرية وأنها بحاجة للتعبير عن مكنوناتها دون أن تشعر دائماً بسطوة الرقيب القاسي.. أضاف توفيق: الناس تعبت يا ابن الناس ولا يعني التعبير عن التعب خيانة فبالله اعفني من كلامك الهجومي الحاد ودعني أتسمم قهوتي بسلام.. رد أحمد بصوت ملؤه السخرية والحزن.. سلام!! أشرب ولك عمي أشرب.. صحتين وعافيه.
حين عاد توفيق إلى منزله في جرمانا بدمشق لم يكن أحد باستقباله.. وحين تناول الطعام لم يشاركه أحد الطعام.. كما أنه حين استيقظ من قيلولته لم يقل له أحد (صح النوم) وهكذا كان الأمر حين خرج للمشي قليلاً عند أول المساء إذ لم يمش أحد برفقته.. أي وطن هذا الذي يعيش فيه الإنسان وحيداً؟ وما الذي سيختلف عليه لو أنه ذهب إلى فرنسا مثلاً.. على العكس.. لعل الإحساس بالغربة يعوض هذا الإحساس بالفراغ والحزن الذي يعيشه هنا مع كل أجواء الحرب وقذائف الهاون و (الصحوات الإسلامية ) المعادية لكل الناس باستثناء إسرائيل!
لم يطل التفكير وهو يمشي في شارع ليس ببعيد عن منزله .. قذيفة الهاون حملت في جعبتها له فيزة الهجرة التي كان متأملاً بالخير منها.. رحل وحيداً.. الوجهة فقط تغيرت.



#حازم_شحادة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حِيرَه
- دموعٌ لسببٍ آخر
- من أجل عينيك
- الكنطره بعيده
- كيلو نمورة مَحرّمِة عالمغلوب
- لا شيءَ عِندي كَي أقولهُ
- لغةُ العيون
- أنا سأذكركَ دائماً.. وأنت؟
- حكايةُ محاربٍ سوري (1)
- نادين
- موعدٌ مع امرأتي
- رِيحُ الجُنون
- ازدواجية امرأة
- دربُ الهوى
- الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل
- الثورة الفرنسية السورية العرعورية
- ألف ليلة وليلة
- امتلاك الحقيقة
- راياتك بالعالي يا سوريا
- لمَ لستم سعداء؟


المزيد.....




- أخيرًا.. وزارة التعليم تُعلن موعد امتحانات الدبلومات الفنية ...
- فيلم -Eddington- المثير للجدل سياسيًا بأمريكا يُشعل مهرجان ك ...
- وزيرة الثقافة الروسية لم تتمكن من حضور حفل تنصيب البابا
- مخرج فلسطيني: الفن كشف جرائم إسرائيل فبات الفنانون أهدافا لج ...
- لوحة سعرها 13.2 مليون دولار تحطم الرقم القياسي لأغلى عمل لفن ...
- كفى!
- وداعًا أيها السلاح: لو عاد همنغواي حياً ماذا كان سيكتب؟
- -بوذا يقفز فوق الجدار-.. لهذا السبب ترجمة أسماء الأطعمة الصي ...
- مصر.. قرار قضائي بحق فنانة شهيرة في أزمة سب وقذف طليقها
- من هارلم إلى غزة.. مالكوم إكس حي في كلمات إبرام كيندي


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم شحادة - رحلَ وحيداً