أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - العصبيةُ والعمرانُ (1)














المزيد.....

العصبيةُ والعمرانُ (1)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4219 - 2013 / 9 / 18 - 09:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(ذلك لأن الدولة هي السوق الأعظم للعالم ومنه مادة العمران فإذا احتجز السلطانُ الأموالَ والجبايات أو فُقدت فلم يصرفها قلّ حينئذٍ ما بأيدي الحاشية وانقطع أيضاً ما كان يصل منهم إلى حاشيتهم وذويهم وقلّت نفقاتهم جملة وهم معظم السواد ونفقاتهم أكثر مادة للأسواق من سواهم فيقع الكساد حينئذٍ في الأسواق وضعف الأرباح في المتاجر لقلة الأموال فيقل الخراجُ لذلك)، مقدمة ابن خلدون، جزء 2، ص .92
يصور ابنُ خلدون هنا حركةً داخلية للسوق المركزية حيث تتحكم الأموالُ الحكومية في الاقتصاد العام، وهي حركة داخلية جزئية وكأنها هي السبب الرئيسي لبناء الاقتصاد في حين إنها هي التي تعتمدُ على مدخول الخراج، الذي عن طريق جلبه من الأرياف والبوادي والأمصار تتشكل الماليةُ العامة.
لكن تلك الحركة الجزئية وهي سيطرةُ السلطانِ على السوق والمال العام تغدو حركة مؤثرة مهمة على مجمل الوضع الاقتصادي.
فبحسب إنفاق الدولة تتشكل الفئات الاجتماعية وتتحرك الأرزاق، ويزدهر السوق.
وهو ازدهار مؤقت قائم على مدى جلب الخراج الذي تسيطر عليه العُصبةُ القبلية، ويحدد تاريخ العُصبة وتماسكها مدى استمرار هذه الطريقة الانتاجية التوزيعية.
فهذه العصبة القبلية أو الدينية تمكنت لقدرتها العسكرية وتماسكها العشائري من التغلغل في الأمصار وفرض سيطرتها، وتجعل من جماعتها المتوحِّدة قوى عسكرية وسياسية وإدارية وإعلامية وتضم قوى أخرى للمهمات الثانوية وهي كلها تتغذى على التماسك القَبلي وتوزيع الأموال والجبايات، وكلا الأمرين يشكلان أساس الوجود السياسي الاقتصادي، ولكن توزيع الأموال يتم عبر خروجه من المصب السلطاني، فهو الذي يتحكم في تدفقه، كما يتحكم في تشكيل الفئات الاجتماعية المستفيدة والمتضررة.
هذا الرسم للخريطة الاجتماعية السياسية يتشكل في فضاء العصر الإقطاعي، ويحدث تناقضاً بين التملك السلطاني والتجارة الحرة، فتغدو مؤسسات التجارة والحِرف والنقود مشكلة سياسياً، فهي ملجومة باللجام السلطاني الأعلى مُطلقةٌ بحسب شده ومده، وتغدو البنية الاقتصادية مسيطر عليها غير حرة، متماسكة بحسب قدرة العُصبة القبلية أو الدينية على التماسك الداخلي، وهي متماسكة بحسب فيض النقد الذهبي المتدفق من الأعلى، ولهذا فإن تماسكها يؤدي إلى قوة السوق وازدهاره، ولهذا فإنه ثمة علاقة إيجابية بين العصبة والعمران، فالحراك العربي التحولي النهضوي يعتمد على مجيء عصبة ذات مشروع اقتصادي، وتستطيع قوتها القتالية أن تؤسس مدنية وأسواقاً، وحين تنهار العصبة لخلافات داخلية أو لضربات خارجية فإن السوق ينهار. لكن المدينة لا تنهار بحسب تاريخها، فثمة مدنٌ تاريخية لا يضعفها زوالُ حكم ما، فيما أخرى مرتبطة بذلك نظراً إلى ضعفها العمراني وهامشيتها.
التناقض بين السياسة والاقتصاد، بين هيمنة مجموعة سياسية إدارية على السلع والحرف، يجعل التطور الاقتصادي رهنا للصرف البذخي من قبل فئات الحكم وأنصارهم والمستفيدين من السوق، فالسلع المعمرة الثمينة هي التي تشترى من قبل العصبة وفئاتها، فيما يعيش الناس على المواد الاستهلاكية ولكن بحسب التطور ومدى نمو الاقتصاد وزوال المركزية السياسية العليا وظهور مراكز إنتاج متعددة تغذي الأسواق.
لكن نمط العُصبة لا بد أن يخلق اقتصاداً مركزياً إدارياً ملجوماً، لا يتيح تعدد المراكز الانتاجية، وتنوع القوى الاجتماعية السياسية. بل هو يخلق مركزية إدارية حادة في الخريطة الاجتماعية، بحيث يغدو الجيش هو الأداة الأساسية لها.
هذا لا يجعل كل التجار مشاركين في منافع السوق، فهناك تجار يعيشون على حركة السوق العادية، وآخرون على حركة السوق السياسية. فالعلاقات مع العصبة تؤدي إلى ازدهار أعمالهم، فيما آخرون يخسرون نظراً إلى فقدانها.
وتحدد العلاقات الاجتماعية التاريخية هذه التحولات، فالسببيات الميكانيكية غير موجودة فثمة مدن لها تاريخ إنتاجي حر جزئي قوي، كما في تونس والقاهرة واليمن، وتمكنت رغم تغير الدول من البقاء، لكنها تظل على هامش الاقتصاد الاقطاعي، لا تستطيع تغييره ولا تنهار من تحولاته.
وإذ يتمكن النظامُ التقليدي من لجم حركة الرساميل وعدم جعلها تخترق بنيته وتحويله إلى اقتصاد حر، فهو يجمدها تاريخياً، وإنتاجياً وعلمياً، فجميع الظاهرات المصاحبة من علوم وفلسفات وتطورات إنتاجية واقتصادية ترتبط بكيس الانفاق الحكومي.
وإذا كان ذلك يرتبط في الاقتصاد الزراعي القديم على الأرض وإنتاجها وأحجام القوى العاملة ومدى الخراج المُنتزع من حاجاتها، فإنه يعيش حالات تذبذب بحسب ظروف المناخ وهروب القوى العاملة وأسعار المحاصيل، ويعيش حالات انهيار مع تفاقم القوى السكانية واشتداد الفقر وتكدس المال العام في جهات معينة، وهذه الظروف القديمة قد تنقل للعالم الحديث مع عدم تغير الأساس الاقتصادي الاجتماعي للدول، واستمرارها في اقتصاد العصبة والعمران.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيكل والقومية
- النكوصُ الحضاري
- عوائقُ التغييرِ
- ضياعُ المقاييس والعدالة
- الذكورةُ والصحراءُ
- تيارات اجتماعية وليست فقط جماعات
- المسيحيةُ والإسلامُ تجريداً وتحليلاً
- الوعي والتغيير
- صراعٌ غيرُ بناءٍ
- المذهبيةُ في الفكر
- المرجعيةُ الفكريةُ ل«حزبِ الله»
- مهزلةُ أوباما السورية
- نموذجانِ مأزومان
- جمودٌ مطلقٌ
- المثقفون والتحولات
- رأسماليةُ الدولةِ العسكرية
- تذبذبٌ حارقٌ
- قراءةٌ غيرُ موضوعية للتاريخ
- مسرحُ الخليجِ والديمقراطية
- القوميةُ والمذهبيةُ


المزيد.....




- شاهد: دروس خاصة للتلاميذ الأمريكيين تحضيراً لاستقبال كسوف ال ...
- خان يونس تحت نيران القوات الإسرائيلية مجددا
- انطلاق شفق قطبي مبهر بسبب أقوى عاصفة شمسية تضرب الأرض منذ 20 ...
- صحيفة تكشف سبب قطع العلاقة بين توم كروز وعارضة أزياء روسية
- الصين.. تطوير بطارية قابلة للزرع يعاد شحنها بواسطة الجسم
- بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار!
- وزير خارجية الهند: سنواصل التشجيع على إيجاد حل سلمي للصراع ف ...
- الهند.. قرار قضائي جديد بحق أحد كبار زعماء المعارضة على خلفي ...
- ملك شعب الماوري يطلب من نيوزيلندا منح الحيتان نفس حقوق البشر ...
- بالأسماء والصور.. ولي العهد السعودي يستقبل 13 أميرا على مناط ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - العصبيةُ والعمرانُ (1)