أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - تذبذبٌ حارقٌ














المزيد.....

تذبذبٌ حارقٌ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4202 - 2013 / 9 / 1 - 12:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في تطور بريطانيا الحديث ظهرت الطبقتان البرجوازية والعمالية بشكلٍ مبكر ومتصاعد، وهو ما أدى إلى شبه استقرار سياسي رغم عنف الطبقة الأولى في تصعيد سمات الرأسمالية وثورة الأخرى بشكل يساري متطرف.
لكن فرنسا التي تأخرت قرابة القرن عن ذلك التطور وكانت العلاقات الإقطاعية قويةً فيها، عجزت الطبقتان الرئيسيتان في طبعِ ملامحهما السياسية على التطور الاجتماعي، مما أدى إلى مغامراتِ البرجوازية الصغيرة وتصاعد ثوريتها الحادة في القضاء على الإقطاع والكثير من رجال الدين والعامة، وجاء حكم نابليون كتوازن سياسي بين الطبقتين الكبريين، مع العديد من المغامرات الحربية المدمرة.
وهكذا غدا مجيء البلدان الأوروبية للحظة التطور الرأسمالية مرهوناً بالعلاقات الإقطاعية السابقة، أي بالعلاقات ما قبل الرأسمالية ومدى القضاء عليها، ولهذا كانت ألمانيا عقدةً تاريخية في هذا المسار، وكان هتلر جنوناً في قفزة البرجوازية الصغيرة على المشكلات الموضوعية، حيث كان حزب الاشتراكية الوطنية النازي تذبذباً بين البرجوازية الكبيرة والعمال، وفتحاً لأسواق البلدان الأخرى وثرواتها من أجل رأسمال المال الكبير الألماني وكانت نابليونية جديدة أكثر تدميراً.
وهكذا غدا مجيء البلدان الأخرى كإيطاليا وإسبانيا بذات السمات وإن كانت أقل خراباً.
وبأنتقال نفس الإشكالية للبلدان الشرقية نكون قد انتقلنا لتشكيلة أخرى غير الأوروبية الرأسمالية، ويكون التذبذب أكثر خطورة وأكثر غموضاً، فحزب البلاشفة تذبذب بين الماركسية والرأسمالية(الحكومية) وقد أجهز على الإقطاع وحول الاشتراكية إلى نمط رأسمالي حكومي، رفع العمال اسماً وصّعد البرجوازية الصغيرة فعلاً، وهي التي تنامت مع السنين في شكل رأسمالية سوداء ظلت متذبذبة وإن كان شكلها الرأسمالي الخاص يتنامي حضوراً ووضوحاً.
تذبذب البلدان العربية تشكل في دول إقطاعية أكثر تخلفاً، وبعدم القدرة على الحسم بالشكل الألماني أو بالشكل الروسي، ونظراً لعدم إنتشار الصناعة وخاصة الثقيلة منها، فكانت هشاشة وجود الطبقتين المنتجتين البرجوازية والعمال قد أدت لسيطرات فعل الفئات البرجوازية الصغيرة خلال أغلب عقود القرن العشرين.
وهذا التطور متفاوت بين البلدان العربية الإسلامية نظراً لمقاربة هذه البلدان للتشكيلة السابقة ما قبل الرأسمالية، ونظراً لاختلاف مستوى نموها ودرجات تطورها الاجتماعي السياسي، لكن غلبة ذلك التكوين لفئات البرجوازية وعدم نمو القوى الكبيرة المنتجة، جعل تطورها التاريخي خلال القرن العشرين وما تلاه، تجريبياً متذبذباً حارقاً، فعجزت عن ترسيخ نمط إنتاجي حديث تحويلي للبنية المتخلفة، فتعرضت لسيادة فئات البرجوازية الصغيرة التي لا تحمل نمطاً إنتاجياً فتذبذبت بين النظام التقليدي والنظام الحديث.
الومضة الليبرالية في العشرينيات وما تلاها من القرن العشرين لم تستقر، وهي ومضةٌ ظلت أغلب بُنى المجتمعات منقطعة عنها، في حين جاء حراك قوى العسكر مؤسساً لرأسماليات دول لم تُرسخ نفس مستوى تجارب آسيا التحويلية الكبرى، وفشلت هذه الموجة نظراً لرقصها على الحبال الاجتماعية وأفضت لتذبذب أكثر خطورة، وهو التذبذب بين العودة المتآكلة نحو الماضي والتحديث الشكلاني الذي يقود لتحول الفوائض نحو الغرب.
سيطر التذبذب والتأرجح على أشكال الدول بين مَلكيات غير متجذرة مفاجئة الظهور وجمهوريات ليس فيها من الجمهورية شيء، وعلى بُنى الأحزاب والجماعات السياسية المضطربة بين الإيديولوجيات، وعلى الجمهور العائد للدين حيناً وللتحديث حيناً آخر، وعلى الثقافات التي تأرجحت بين الغرب والشرق، بين التجذر في الأرض والتهويم في الفراغ.
عدم توجه هذه البلدان العربية الإسلامية التي تمثل مقاربة تشكيلية نظراً لتوحدها في بنى التاريخ الأولية وتقارب الهياكل الاقتصادية والثقافية فيها، يعود لمستوى الاقتصاد الذي لم يترسخ في تحويل صناعي حديث ولضياع الفوائض الاقتصادية على الاستهلاك وتكوين الفئات العليا التي تصرفه في البذخ والحروب مع الخارج والحروب الأهلية، مما يقود لعودة دائرية نازفة تصعد فيها المجتمعات ثم تعود للبداية، غير مدركة لطبيعة التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الرأسمالية الحديثة وقوانين التطور فيها، فيسود التجريبيون ومنتجو الأنظمة الخرافية وفئات التأرجح والاستغلال غير المؤدي لتحول عميق.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءةٌ غيرُ موضوعية للتاريخ
- مسرحُ الخليجِ والديمقراطية
- القوميةُ والمذهبيةُ
- إخفاقُ الليبراليةِ العربيةِ الأولى
- علاقاتٌ تاريخيةٌ بين الانتاجِ والسكان
- تأييدُ الغرب للإخوان
- تحولاتُ الوعي النهضوي المبكر
- الوعي البحريني وإشكاليةُ النقدِ
- الشعبُ والمصيرُ
- الديمقراطيةُ والناس
- العربُ ونقدُ الواقع
- انفصامُ تركيا الاجتماعي
- «الإخوان» والتطور الحديث
- أمريكا والتنكرُ للعلمانية
- حكمُ الاسطورةِ والعنف
- إيران.. إلى أين؟
- غيابُ الموضوعيةِ من الساحة البحرينية
- دوستويفسكي: روايةُ الاضطهاد (8)
- دوستويفسكي: روايةُ الاضطهادِ (7)
- رأسا الحداثةِ المنفصمان


المزيد.....




- الحرس الثوري يكشف بماذا استهدف إسرائيل بأول هجوم بعد الضربة ...
- إيران تستهدف إسرائيل بصاروخ -خيبر شكن- لأول مرة.. ماذا نعلم ...
- هل تنهي الضربة الأمريكية على المواقع الإيرانية الصراع أم تُط ...
- صباح ليس كغيره.. أمريكا تستهدف المنشآت النووية الإيرانية وطه ...
- بالصور.. هكذا تابع ترامب مجريات تنفيذ الضربات الجوية منشآت ف ...
- حقائق عن قاذفات -الشبح- الأمريكية بي-2 بقنابل خارقة للتحصينا ...
- -مؤسسة غزة الإنسانية- تؤكد حاجة سكان القطاع -إلى مزيد من الم ...
- الاستهداف الأميركي لإيران وعامل الحسم في العلاقات الدولية
- الإفراج عن محمود خليل بأميركا.. المعركة مستمرة
- خبير عسكري: الضربة الإيرانية تؤكد أن إسرائيل لا تزال ضمن الا ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - تذبذبٌ حارقٌ