أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - إخفاقُ الليبراليةِ العربيةِ الأولى














المزيد.....

إخفاقُ الليبراليةِ العربيةِ الأولى


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4198 - 2013 / 8 / 28 - 08:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان ظهورُ الفئاتِ الوسطى في بعض الدول العربية والإسلامية واعداً ومؤثراً وخاصة بين فترتي الحربين العالميتين من القرن العشرين، وكان النتاج الفكري الثقافي مهماً ومتجهاً الى نقد الثقافة العربية الدينية التقليدية بقوة، وقد ظهرت في هذا الزمن النتاجات الأدبية الرائدة، وصارت مقاربة الغرب الساكن الشمالي لحوض البحر الأبيض المتوسط مسألة وقت، يقول طه حسين:
(التزمنا أمام أوروبا أن نذهب مذهبها في الحكم والإدارة والتشريع. التزمنا هذا كله أمام أوروبا. وهل كان إمضاء معاهدة الاستقلال ومعاهدة إلغاء الامتيازات إلا التزاماً صريحاً قاطعاً أمام العالم المتحضر بأننا نسير سيرة الأوروبيين في الحكم والإدارة والتشريع؟)، مستقبل الثقافة في مصر.
لكن هذا الحماس من طه حسين توارى وعاد مثل العديد من الباحثين للكتابة عن الماضي العربي الإسلامي، وأسهم كذلك في نقد ظاهرات التخلف وخاصة في الريف لكن التحليل الواسع المعمق للبنى الغربية والعربية لا نعثر عليه عنده. ويتناقض طه حسين مع محمد حسين هيكل في موقفه تماماً، فقد بدأ طه حسين مؤيداً لأحزاب الأقلية ذات التوجه المدعي للحرية، ثم أبتعد عنها وأنضم الى الوفد، جامعاً بين تأييد الحريات وتغيير حياة الأغلبية الشعبية للأفضل.
الروائي والباحث محمد حسين هيكل يقول:
(وقد حاولت أن أنقل لأبناء لغتي ثقافة الغرب المعنوية وحياته الروحية لنتخذها جمعياً هدى ونبراساً، لكنني أدركت بعد إنني أضع البذر في غير منبته، فإذا الأرض تهضمه ثم لا تتمخض عنه ولا تبعث الحياة فيه).
ثمة رؤية تجريدية لثقافة الغرب، ولدوله، وعدم قراءة تاريخية اجتماعية له، فلم يكن بإمكان كل الدول الغربية أن تكون استعمارية، وقد تمكن بعضُ الدول القليلة من الاستعمار وجعلها ذلك مختلفة السيرورة عن غيرها، وخلق من حكوماتها قوى مهيمنة على الدول المستعَّمرة، ولهذا فإن الحكومات البريطانية قاومت التحرر المصري وجمدت الدستور، وصعّدت الحكومات الدكتاتورية وناوأت حزب الوفد والقوى المناضلة.في حين ان الثقافة البريطانية فيها جوانب إنسانية مضيئة، وثمة ثقافة رديئة سوداء تُروجُ في البلدان النامية بصور أسرع وتنشر الإدمان والجريمة والروح الاستهلاكية والتبعية، وهذا التنوع في الوضع السياسي والمستوى الثقافي لا يقرأه محمد حسين هيكل فيخلق تعميماً، كما أن النبت الديمقراطي النهضوي لا يتشكل من فراغ ويحتاج الى أسس مادية وخاصة من قبل ملاك الأرض والصناعة الكبار، وقوى الأحزاب، في تعميق الإصلاحات الاقتصادية، وهو ما لم تفعله نخبُ المُلاك، وبهذا فإن الشعب العادي الذي يعيش في ثقافته التقليدية لا يرى نوراً قادماً من الغرب وتتردى حياته المعيشية ويمضي للثقافة الحادة والغيبية والمغامرات السياسية.
إن محمد حسين هيكل هو عضو في حزب السعديين اليميني المنشق عن حزب الوفد والذي كرس حكومات الأقلية المناوئة للديمقراطية. ولهذا فإن هيكل لم ينتج كتباً تحليلية نقدية للعصرين الراهن والعربي السابق.
لقد تمت العودة الى العصر الإسلامي بشكل عام تقديسي عند العديد من المفكرين والمثقفين والعامة، فلم يفرز عصرُ التأسيس التحولي النهضوي الإسلامي استمراريةً اجتماعية سياسية وهو الذي لم يعش نظاماً استبدادياً الذي صنعته وكرسته أسرُ الأشراف فيما بعد، وهي التي كونت النظام الديني الاجتماعي الذي ورثه المسلمون، والتي قامت فيه الفئات الوسطى بمحاولات لمراكمة عناصر المعرفة والنضال من دون أن تستطيع تغييره بسبب هامشيتها وطرحها المتناقض الذيلي.
ولم تعِ الفئاتُ الوسطى التحديثية العربية شروطَ النهضة التحويلية المفقودة في التاريخ العربي الإسلامي، ولم تدرس شروط النهضة الموجودة في التاريخ الغربي الحديث، فليست هي الجمل الشعرية التي يرددها محمد حسين هيكل: (وكم في ماضينا من أرواح قادرة على أن تبعث الحضارة الإسلامية خلقاً جديداً) بل هي التحرر الوطني والصناعة والعلوم والإصلاح الزراعي والثقافة العقلانية النقدية.
وكانت أشكال ثقافية ليبرالية متقدمة في هذا الزمن عبر نقل نموذج الغرب العلمي لكن هذا النقل لا يفيد كثيراً من دون درس وتحليل البُنى العربية التاريخية ونقدها ورؤية كيفية خلق التغييرات التحويلية فيها، فنشر النظريات العلمية أمر مهم ولكن العمل التحويلي للبُنية المتخلفة وتغيير تناقضاتها، وهو أمر يتشابك فيه العمل السياسي والبحث النظري، هو المسار الجوهري.
إن سيطرة الاستيراد الفكري وقوالبه التسريعية على المتنورين والأحزاب قاد إلى تصاعد الشموليات التي أنساقت وراءها الجماهير، ولم تعمل الليبرالية على التنامي التدريجي مع العمل السياسي الإصلاحي والبحث الفكري ومقاومة الشموليات والتسطيح المستورد على مستوى نقل التراث وعلى مستوى جلب الموديلات السياسية من الغرب والشرق.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقاتٌ تاريخيةٌ بين الانتاجِ والسكان
- تأييدُ الغرب للإخوان
- تحولاتُ الوعي النهضوي المبكر
- الوعي البحريني وإشكاليةُ النقدِ
- الشعبُ والمصيرُ
- الديمقراطيةُ والناس
- العربُ ونقدُ الواقع
- انفصامُ تركيا الاجتماعي
- «الإخوان» والتطور الحديث
- أمريكا والتنكرُ للعلمانية
- حكمُ الاسطورةِ والعنف
- إيران.. إلى أين؟
- غيابُ الموضوعيةِ من الساحة البحرينية
- دوستويفسكي: روايةُ الاضطهاد (8)
- دوستويفسكي: روايةُ الاضطهادِ (7)
- رأسا الحداثةِ المنفصمان
- الثورةُ السوريةُ وحربٌ إقليمية
- لماذا يكرهون قرناءهم؟
- اختلافاتُ تطورات الشعوب
- ثقافةُ الإعاقةِ


المزيد.....




- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...
- جميع الإصابات -مباشرة-..-حزب الله- اللبناني ينشر ملخص عمليات ...
- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- -بوليتيكو-: شي جين بينغ سيقوم بأول زيارة له لفرنسا بعد -كوفي ...
- كيم جونغ أون يشرف بشكل شخصي على تدريب رماية باستخدام منصات ص ...
- دمشق: دفاعاتنا الجوية تصدت لعدوان إسرائيلي استهدف ريف دمشق
- هبوط اضطراري لطائرة مسيرة أمريكية في بولندا بعد فقدان الاتصا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - إخفاقُ الليبراليةِ العربيةِ الأولى