أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الثورةُ السوريةُ وحربٌ إقليمية














المزيد.....

الثورةُ السوريةُ وحربٌ إقليمية


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4103 - 2013 / 5 / 25 - 09:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عبّر الطابعُ الشعاري السياسي للثورة السورية عن عدم قدرتها لتجاوز المذهبية السياسية اليمينية، التي جعلتْ أفقَها السياسي مرهوناً بالطبقات السائدة المسيطرة في البلد والمنطقة.
كانت قيادة الإخوان المسلمين مأزومةً بثأرها التاريخي من البعث والتجربة التحديثية السورية عامة ومتجمدة في وعيها المحافظ المتخلف للإسلام، فوجهتْ الأحداثَ والجمهورَ العامي للصدام المطلقِ مع النظام، الذي أعتبرها هو الآخر حرباً مطلقة ضده، فاستخدم كل قدراته الحربية الإجرامية وإمكانيات التوسع لتغدو إقليمية قارية.
الوعي الطائفي اليميني المعبرُ عن طبقاتٍ محافظة سائدة غيرِ قادرةٍ على تحريك الحياة باتجاه الديمقراطية والعلمانية والتحديث، لا يستطيع أن يعود بالحدث السياسي إلا إلى الوراء، عوضاً عن طرح البرنامج السياسي الوطني الواسع الذي تتوافقُ عليه مختلفُ الأطرافِ بما فيها حزبُ الحكومة وقوى النظام والمؤدي لنقلةٍ إلى الإمام.
وهذا يتطلب قدرةً من هذا (الزعيم الثوري) على تحليل التجربة وتجاوز الثأر التاريخي وكشف البؤر الاقتصادية السياسية المعيقة للتحول.
لكن تعميم الأهداف وطرح إسقاط النظام ككل أدى إلى ما هو معاكسٌ ومضاد ودموي عميق وواسع.
فتوجهت الثورة السورية إلى أفق مجردٍ غامض، هو في الواقع عودةٌ إلى الوراء، عودةٌ لما قبل النظام التحديثي القومي البعثي الوطني، إلى نظامِ الطوائفِ المتصارعة الفاقدة للسيادة الوطنية، وبهذا فإن قيادةَ الثورة ضاعتْ، بين فرقائها الداخليين المتصارعين، الذين غاب عنهم ذلك البرنامجُ الوطني الموضوعي العقلاني، وبين فرقائِها الإقليميين المختلفين الذين انضموا إليها من الجانبين.
كما أن أفق القوى السورية كلها تجمدَّ عند الحداثة التحولية الجنينية، غير قادرةٍ على تجاوزها نحو الحداثة الوطنية الديمقراطية العلمانية العميقة المحتضنة لكل القوى والتجارب، فبقيتْ في قواقعِها الطائفية السياسية الاجتماعية، فلم يكن أفقُ الدولة ولا أفقُ المعارضةِ قابلين للارتفاع إلى هذا المستوى، وبهذا فقد جرت الأطراف الإقليمية والدولية إلى هذين المعسكرين المتصارعين المتخلفين، أو أن الأطراف تلك هي التي شاركت ودعمت هذا الطرف أو ذاك، بحسب طبيعة تكوينها وعلاقاتها وروابطها ومستوى أدائها.
وكان هذا الانجرار يعكس طبيعة القوى السائدة في المنطقة من حيث إنها لا تختلف عن طابع الطبقات السائدة المحافظة في داخل سوريا، فهي تعيش نفس الزمن التاريخي المحافظ لما قبل الحداثة الديمقراطية العلمانية، وترتكز على هويات مذهبية سياسية تقليدية، فكان الانجرار يعني توسيع الحرب السورية الطائفية في الخارج، وانضمام أطراف طائفية من مختلف الطوائف إليها.
كما أن هذا يعبر عن انزلاق المنطقة ككل إلى العصور الوسطى، وتهشيمها لبُنى الحداثة الوطنية المحدودة التي تكونت خلال العقود الأخيرة.
فهي خلال العقود السابقة لم تقم بإعادة تجديد بناها الدينية القديمة، وتناقضاتُ الدولة السورية موجودةٌ فيها، وهذا من شأنه توسيع دوائر الحرب الاجتماعية المتخلفة في صورة الحروب الطائفية السياسية المتعددة.
وهكذا فإن الأطراف الإقليمية الخارجية المتدخلة من مواقع المساندة كانت تحول الثورة السورية من ثورة نضالية ذات أفق ديمقراطي إلى حرب أهلية، وإلى صراع إقليمي وإلى مستنقع طائفي.
وقد وقفت بؤر الرأسماليات الحكومية العسكرية في روسيا وإيران وإسرائيل معبرة عن هذا التخندق الكبير لمنع التطور الديمقراطي السلمي للشعب السوري، كأكبر العقبات المحورية، من دون أن تقدر دول المنطقة الأخرى على الارتفاع لمستوى الدول الديمقراطية الحديثة المساندة للشعب والداحرة للفاشية.
فبدت الدول العسكرية تلك قادرة على ضرب نضال الشعب السوري وتضييع أفقه، وعلى تحويله إلى حرب أهلية استنزافية هائلة الدمار. فيما الدول الأخرى غير قادرة على تحويل الثورة لحرب شعبية واسعة كاسحة.
ولهذا فإن تحويل المواجهات إلى مفاوضات ومؤتمر سلام هو نقلة مهمة إذا تم فيها فعلاً إزاحة الدكتاتورية الدموية، والإبقاء على أسس النظام الوطني السوري بإرثه العلماني، ومعاقبة المجرمين من مختلف القوى، فتح صفحة تحول ديمقراطية عميقة للشعب ككل.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يكرهون قرناءهم؟
- اختلافاتُ تطورات الشعوب
- ثقافةُ الإعاقةِ
- رفسنجاني الليبرالي الذي لا يختفي
- الأمريكيونَ والنفطُ والمذهبيون
- تجربةُ اليسارِ الفرنسي في الحكم
- الأدب الحديث والقومية
- الأدبُ الفارسي القديمُ والقوميةُ(2-2)
- الأدبُ الفارسي القديم والقومية(1-2)
- انهيارُ العقلانيةِ في الثقافةِ البحرينية
- الميثاقُ الوطني وتحولاتُ شعبٍ (2-2)
- الميثاقُ الوطني وتحولاتُ شعبٍ
- معرضُ(إليكَ أيها العاملُ)
- البرجوازي الصغيرُ القائدُ الشرقي
- تكويناتُ الطبقةِ العاملةِ البحرينية
- مجنونانِ مسلحانِ في الشارع!
- دوستويفسكي: روايةُ الاضطهاد(6)
- دوستويفسكي: روايةُ الاضطهاد (5)
- إفلاسُ الليبراليةِ: هجومٌ عالمي
- نضال شعبي ضد الإرهاب ومن أجل الديمقراطية والسلام


المزيد.....




- أمريكا: اتهام جندي بمحاولة إرسال أسرار الدبابة أبرامز إلى رو ...
- الرئيس التنفيذي لـ-آبل- يقدم هدية -رمزية- لترامب: لوح زجاجي ...
- إصابة خمسة جنود أمريكيين في حادث إطلاق نار داخل قاعدة فورت س ...
- إيران تدعم حزب الله في مواجهة خطة تجريده من سلاحه
- هل عقوبات -النفط الروسي- ستطال الصين بعد الهند؟.. ترامب يرد ...
- ترامب يؤكد تحقيق -تقدم كبير- في المحادثات الأمريكية الروسية، ...
- العلاقات الفرنسية الجزائرية: تصعيد مرحلي ام قطيعة؟
- السودان يعلن تدمير طائرة إماراتية تقل مرتزقة كولومبيين في دا ...
- لبنان.. غارات إسرائيلية على الجنوب والحكومة تناقش الورقة الأ ...
- أزمة مياه خانقة تحاصر 60% من أحياء الخرطوم منذ عامين


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الثورةُ السوريةُ وحربٌ إقليمية