أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله خليفة - الأدبُ الفارسي القديم والقومية(1-2)














المزيد.....

الأدبُ الفارسي القديم والقومية(1-2)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4094 - 2013 / 5 / 16 - 08:27
المحور: الادب والفن
    



تمثل القوميات الكبرى في الشرق كالقومية العربية والفارسية والروسية عقداً أممية في التطور التاريخي الراهن لارتباطها بظروف نشأة دينية عسكرية توسعية، لا تقبل الانفكاك عن أشكال هيمنتها على الأقوام الأخرى الداخلة في سيطرتها.
وهذا يتجسد من خلال وعي ديني مقدس بطبيعة الحال لدى أصحابه، وقد ظهر الفرس على الهضبة الإيرانية وهم في صراع مع الشعوب الأخرى، وتمازجوا مع الأكراد والأفغان والعرب.
والشكل الفارسي ظهر وهو محاطٌ بثقافة العالم القديم، وأحتل أرضه وقاوم الغزاة واعتمد على المجوسية كشكل ديني قومي خاص مميز، ولقد عبرت المجوسية بطقوسها الكثيرة المعقدة عن نظام العبودية العامة الشرقية، حيث النبلاء يفرضون سيطرة ساحقة على العامة الذين يعيشون في منزلة العبيد. وفي أثناء تحولها إلى امبراطورية وصراعها مع الأغريق لم تكتسب أي طابع ديمقراطي، ولكن التناقضات تعمقت داخل صفوف المجتمع الفارسي. ومثلت الاتجاهات المزدكية الداعية للمساواة والمشاركة في وسائل الانتاج محاولات فاشلة لإضفاء طابع شعبي على مملكة العبودية العامة هذه من دون جدوى.
وتتضخ ضخامة جذور الاستبداد العريق عبر الشهنامة حيث يسرد الفردوسي حشوداً من الملوك المتوجين في هذا التاريخ السرمدي المتصل بالآلهة، والمليء بالحروب والصراعات مع القوى البشرية والسحرية الشريرة.
لم تنكسر صوانية العبودية المُعمّمة هذه إلا عبر شعب بدوي محتقر جداً في نظر الفرس، وهو الشعب العربي المسلم الطالع من الجزيرة العربية.
أعطتْ الطبيعةُ المختلفة كلاً من الشعبين تاريخاً مختلفاً، ففيما عاش الفرس على الهضبة تغزوهم الشعوب ويعانون طوال تاريخهم من الغزاة ويطلبون التوحيد ويقيمونه بحروب وصعوبات جمة ثم يفقدونه، كان العرب في جزيرتهم محميين يعجز الغزاة عن الدخول إليهم! فغدت العقد والمشكلات التاريخية بين القوميتين مختلفة، وأدت الظروف والثورات التاريخية أن يغدو هذا الشعب المُحتقر في نظر الفرس محرِّراً لهم، كاسراً لقوقعتهم التاريخية التي عجزوا عن كسرها آلاف السنين. فهذا الشعب البدوي البسيط كان ديمقراطياً لا توجد به نبالةٌ معبودة، وجعلَ نبالتهم تذروها الرياحُ السياسية، ولكنه من جهة أخرى فرض عليهم سيطرته التي بدت أقل من مستواهم الحضاري!
خلال قرنين من السيطرة العربية الإسلامية تداخل الشعبان، فبدايات الفتح العربية ذات الشعارات الديمقراطية الإنسانية تبدلت بسيطرة عائلات الأشراف والنبالة البدوية، وثورات الفرس للخروج الكلي عن السيطرة العربية والتي كانت بشعارات مجوسية وخرافية لم تستطع أن تؤدي إلى تقدم، وقد حدث تمازجٌ بين الشعبين وتداخلت الأفكارُ الدينية فتراجعت المجوسية وتغلغل الإسلام داخل العامة، الذي كسر لهم السيطرة الارستقراطية الحادة، وتجمع العرب والفرس كذلك ضد السيطرة الأموية التي مثلت لهم عدواً مشتركاً، بسبب بقاياها الاستعلائية وعنفها، ولهذا فإن أفكار المذاهب والأفكار المعارضة لتلك السيطرة في الجانبين العربي والفارسي تداخلت، ولهذا كانت الدعوة العباسية هي المزيجُ الارستقراطي الديمقراطي، الاسلامي الإنساني، لمقاربة الشعوب العربية الإسلامية في لحظةٍ تاريخية جديدة، وتمازجها لتكوينِ حضارة مشتركة أكثر تطوراً، وأدت الثورةُ إلى الانتصار وإقامة هذه الدولة المختلفة، التي لم تكن فيها سيطرة الأشراف العرب فحسب، بل كذلك صعدت سيطرة الأشراف الفرس وتداخلت في هذه الدولة، فصارت الخلافة عربية والوزارة فارسية.
وكما كانت القمةُ متمازجةً فقد تمازجت القواعد الشعبية، فقامت الفئاتُ الوسطى خاصة الفارسية العربية بدور كبير في بناء الثقافة العربية الإسلامية، وكشف لغتها وتقنينها وجمع آدابها وتطوير علومها المختلفة والصعود بها إلى الفلسفة، فحدثت نهضة مشتركة، ولكن أسس الصراع والاختلاف بين القوميتين المتواريتين داخل المبنى الفكري الاجتماعي الديني ظلت موجودة، فالعرب الارستقراطيون كانت الثروة لهم، والجيش، وهم يعتمدون على الخراج المجلوب من الأرياف المختلفة للأمم والشعوب الإسلامية، ولهذا حين تحول الجيش بيد الاتراك ونضب الخراج وتراكمت المشكلات زال ذلك التحالف العربي الفارسي النهضوي وبدأ عصرٌ مختلف.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انهيارُ العقلانيةِ في الثقافةِ البحرينية
- الميثاقُ الوطني وتحولاتُ شعبٍ (2-2)
- الميثاقُ الوطني وتحولاتُ شعبٍ
- معرضُ(إليكَ أيها العاملُ)
- البرجوازي الصغيرُ القائدُ الشرقي
- تكويناتُ الطبقةِ العاملةِ البحرينية
- مجنونانِ مسلحانِ في الشارع!
- دوستويفسكي: روايةُ الاضطهاد(6)
- دوستويفسكي: روايةُ الاضطهاد (5)
- إفلاسُ الليبراليةِ: هجومٌ عالمي
- نضال شعبي ضد الإرهاب ومن أجل الديمقراطية والسلام
- العراقُ ومسيرتُهُ إلى الوراء
- إفلاسُ الليبرالية: فلسفياً
- إفلاسُ الليبراليةِ: توطئةٌ
- بروليتاريا رثةٌ: برجوازيةٌ ضعيفة
- العلمانيةُ منعٌ للصراعاتِ الدينية
- العمال وواجب النضال والتوحيد
- حوارٌ تاريخي وليس حواراً وقتياً
- دوستويفسكي: الروايةُ والاضطهادُ (3)
- النظرُ إلى جهةٍ واحدة


المزيد.....




- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله خليفة - الأدبُ الفارسي القديم والقومية(1-2)