أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - المسيحيةُ والإسلامُ تجريداً وتحليلاً














المزيد.....

المسيحيةُ والإسلامُ تجريداً وتحليلاً


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4212 - 2013 / 9 / 11 - 09:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(إذا كانت العلاقة بين الإنسان والإله في المسيحية قد قامت على ارتباط وجودي(انطولوجي) فقد افصحت عن نفسها عبر ثلاثية الأب والابن والروح القدس)،( طيب تزيني، من اللاهوت إلى الفلسفة، ص 70).
تباينت مصائرُ المسيحية والإسلام في نضالهما المشترك لتكوين مجتمعات إنسانية مفارقة للزمن العبودي المرهق الطويل على شعوب المشرق خاصة، بسبب تباين ظهور كل منهما في ظروف مختلفة وبين سكان مغايرين.
عبرت مفاهيمُ الثالوث المسيحي: الأب والابن والروح القُدس، عن فاعلية رجال الدين والفئات الوسطى المناضلة، حيث مثلتها مقولة الابن، المتداخل مع الإله، الفائض على البشر والحياة، وهي المقولةُ التي عكست نضالية الرهبان ورفضهم الذوبان في الدول الشمولية، فيما سوف يظهر كذلك جماعات من رجال الدين يوظفون هذه المقولات للدولة الرومانية.
كما عبر الوعي المسيحي عن تقاليد الشمال الكنعاني العربي الزراعية، حيث التداخل بين الإله والبطل الشعبي جالب الحياة والخير والنار للناس، ولهذا حدثت سيولة إجتماعية سياسية بين الحاكم الأعلى الإله والقوى الدينية التي تجسده، ولهذا كان رفض الرهبان للسياسة العبودية السائدة، وتطلعهم لنموذج تحولي مختلف، عبر العزلة وإنتاج ثقافة جديدة.
فيما قطع المسلمون عمليةَ التداخل هذه وإنفصل الإلهُ عن الالتحام المادي بالبشر، وارتبطت الفئاتُ الوسطى المدنية والدينية بالناس وبالخيارات الدنيوية التي غدت مفتوحة لهم، ومن هنا كانت مشاركتهم في التحولات الاجتماعية والسياسية، مغايرة للرهبان، وفاعلة خلال عدة قرون، لكن إمكانيات الفئات الوسطى الدينية والمدنية العربية لانتاج حضارة رأسمالية ديمقراطية كانت محدودة نظراً لاندماجها بالنظام الإقطاعي وموارده المؤسَّسة على الخراج الزراعي.
ولهذا حين عاشت المسيحية الغربية في ظل العبودية في زمن الرومان كانت في موقع مختلف عن المسلمين الذين تطوروا عنها، مؤسسين نظاماً اجتماعياً مختلفاً، ومع سقوط الوثنية والعبودية في القسم الأوروبي صعد رجالُ الدين المسيحيين كحكام، واستولوا على أجزاء من الأراضي الزراعية، وكانت البابوية قمة لهذا التحول، ولكن هذا لم يجلب نهضةً بل تدهوراً لحالة الوعي والثقافة والانتاج، فغدت المسيحية الرسمية غير معبرة عن أحلام رجال الدين المسيحيين الأوائل.
تطور المسلمين النهضوي المتكون عبر انتقال العرب من البداوة للحضارة ولنمط إنتاج متطور أدى إلى ازدهار الحضارة لديهم، وتوسع الفئات الوسطى التجارية والثقافية وهو الأمر الذي هيأ للنهضة السياسية الفكرية.
كذلك فإن المقولات الدينية الفاصلة بين صورة الإله والبشر، أدت إلى نشاط رجال الدين والعامة في مختلف صنوف الانتاج والعيش ودنيويتهم، ولم تجعل لرجال الدين مكانة مقدسة أو سلطة جاهزة مهيأة من السماء، ومن هنا كانت السلطة الأموية أقرب للحكم المدني، وهو أمرٌ مفيد على المستوى القريب حيث تطورت الأعمال والآداب والفنون، لكنها على المدى البعيد وفي مستوى الوعي، أدت إلى العداء للوعي المدني هذا، وصار التركيز على الوعي الديني وضرورة حكم القوى الدينية أو التي تمثل ما هو مقدس للدولة مطلباً يعبر عن الانهيار المتواري المتصاعد لقوى الانتاج المادية والفكرية، وازداد هذا مع الدولة العباسية التي واصلت نفس مسار الدولة الأموية المدني مع التوسع الكبير فيه دون أن تحل سلطة رجال الدين في السلطة لكن حلت الأشكال الدينية الشديدة الغيبية.
ونظراً لتدهور أعمال الزراعة وأحوال المنتجين الزراعيين وتفكك الأقاليم وعجز القوى المدنية عن التوحد وتحليل الواقع بصورة موضوعية عميقة، فإن العناصر الفكرية التحديثية والتنويرية لم تتطور وتغدو سائدة، وتصاعد الوعي الديني ذو الأشكال الخارقة، وجاءت العناصر اللاعقلانية من الفلسفة الهندية والمسيحية لتتوسع في الوعي العربي الإسلامي فيما أتسمت العناصر العقلانية المجلوبة من الفلسفة الأغريقية بالمحدودية وسيطرة التفاسير الشرقية الدينية.إن تدهور الفئات الوسطى والعاملة وتدفق الجمهور المُنتزع من أريافه وصحاريه جعل تنامي الوعي الأسطوري الديني الذي إنتهى إلى الدروشة قمةً لهذا العصر.
وهكذا حدثت مقاربة بين الانهيار العربي والانهيار الغربي المسيحي، لكن كانت الظروف الإقطاعية في أوربا تتفكك وتنمو عناصر مدنية حديثة، فيما كان العرب يتفككون بشكل واسع وتنهار ظروفهم المادية والثقافية.
ليست المقولات التجريدية عن صور الألوهية سوى تعبير عن مسارات اجتماعية وهي تترابط مع الأنظمة والبُنى الاجتماعية، وعدم قراءتها في مساراتها يجعل اللوحة غامضة وغير مفهومة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوعي والتغيير
- صراعٌ غيرُ بناءٍ
- المذهبيةُ في الفكر
- المرجعيةُ الفكريةُ ل«حزبِ الله»
- مهزلةُ أوباما السورية
- نموذجانِ مأزومان
- جمودٌ مطلقٌ
- المثقفون والتحولات
- رأسماليةُ الدولةِ العسكرية
- تذبذبٌ حارقٌ
- قراءةٌ غيرُ موضوعية للتاريخ
- مسرحُ الخليجِ والديمقراطية
- القوميةُ والمذهبيةُ
- إخفاقُ الليبراليةِ العربيةِ الأولى
- علاقاتٌ تاريخيةٌ بين الانتاجِ والسكان
- تأييدُ الغرب للإخوان
- تحولاتُ الوعي النهضوي المبكر
- الوعي البحريني وإشكاليةُ النقدِ
- الشعبُ والمصيرُ
- الديمقراطيةُ والناس


المزيد.....




- مجانية.. نزل تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سات الان
- ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على الأقمار الصناعية مجانًا ...
- ترامب ينشر صورة -مثيرة للجدل- بزي بابا الفاتيكان
- ترامب ينشر صورة له بلباس بابا الفاتيكان بعد -مزحة- أنه يرغب ...
- أحدث تردد قناة طيور الجنة للقمر الصناعي نايل سات 2025 “نزلها ...
- استعدادا لانتخاب بابا جديد... الفاتيكان يثبت المدخنة فوق سقف ...
- جهود سياسية - دينية لمنع تمدد -الفتنة الطائفية- من سوريا إلى ...
- ألمانيا.. زعيم يهودي يدعو لاتخاذ موقف حازم من حزب البديل من ...
- استعدادا لانتخاب بابا جديد.. شاهد لحظة تركيب المدخنة على سطح ...
- الغويري في بلا قيود: حظر جماعة الإخوان ليس موجهاً للعمل السا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - المسيحيةُ والإسلامُ تجريداً وتحليلاً