أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - أيامنا كلها كربلاء وأيامهم كلها لندناء














المزيد.....

أيامنا كلها كربلاء وأيامهم كلها لندناء


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4035 - 2013 / 3 / 18 - 13:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يا للهول: في ايام الطفولة كان هناك إلى جوارنا, في منطقة المعقل من البصرة, جامعا لعائلة دينية شيعية معروفة تحرص على أن تجذبنا نحن الصبية والشباب من الأميين ومن أنصاف المتعلمين إلى فناء الجامع وإلى المساحة الخالية أمامه, وكان ذلك يحدث في كل مناسبة شيعية. أما نحن فقد أفهمونا أن محبة الحسين وشفاعته لن ينالها إلا من يدمي ظهره أو صدره أكثر, وإلا من تحْمّر عيناه بكاء إلى درجة العمى. ثم إذا بنا نكتشف أن أبناء القائمين على ذلك الجامع لا تشملهم شروط المحبة الحسينية, فلم يكن من بينهم من شاركنا اللطم أو البكاء, ثم إكتشفنا أن بعضهم يصطاف ويتعلم في أوروبا, أما نحن فكان وصولنا إلى بغداد بمثابة حلم سياحي كبير.
ويسألونني لماذا أحب نوري باشا فتاح أو مزهر الشاوي أكثر مما أحب صاحب العمامة تلك ولا ألفّ مشاعري تجاههما بالواقي المذهبي.. لأُعَّرِفَك, أولا بصاحِبَّي الإسمين, فقط إبحث عنهما في كتابات كاظم فنجان الحمامي, الأول كان مديرا عاما للموانئ العراقية نهاية العهد الملكي, أما الثاني فقد شغل نفس المنصب بديلا له في بداية العهد الجمهوري أيام حكم الزعيم قاسم وحتى نهاية عهده, وكلا الرجلين كانا محسوبين على المذهب السني.. لنعد الآن إلى ساحة ذلك الجامع التي كنا نغطيها نحن صبية الشيعة وشبابها بصدورنا المدمية وعيوننا المعمية . على جانب من تلك الساحة كان هناك رجال معممون يبذلون كل جهدهم لإبقائنا في تلك الساحة لطامين بكائين, ولا نعرف من دنيانا غير اللطم والنواح والبكاء على الحسين العظيم الذي رفض إلا ان يقول لا للباطل, في الوقت الذي راح هؤلاء يحولون هذه المأثرة الإستشهادية من أجل الحق إلى حالة تعلوها ضوضاء الرادودين والنغمات الكارثية التي تصدر من الزناجيل وهي تهوى على الضهور. لكن على الطرف الأخر كان نوري فتاح ومزهر الشاوي يعملان ليل نهار من أجل بناء مدينة المعقل من البصرة التي تضم ذلك الجامع, وخلال خمسة سنوات فقط تمت إزالة مئات الصرائف التي كانت تغطي كل مساحة المعقل وبنوا فيها أحياء بمساكن من طابوق وشوارع مخططة ومنتزهات ونوادي ومسابح وساحات رياضية.
في تلك الساحة إذن, كنا نحن نمارس حرفة اللطم بينما راح يتصارع علينا فريقان, واحد يمثله شيخ الجامع المعمم والذي كان كل همه أن يبقينا في الساحة في حين كان كل ما يتفضل به علينا, مع حكاية اللطم تلك, أن يمد يده إلينا لكي نقبلها حتى نتبارك بها بوصفه سيدا وإبن رسول الله. أما على الجانب الآخر للساحة فقد كان مزهر الشاوي يمد يده إلينا ملأى بالمدارس والبيوت والحدائق والنوادي حتى يخرجنا من ساحة اللطم تلك إلى ساحات الحياة.
كان مزهر الشاوي سنيا من سنة الدولة العراقية العلمانية ورفيقا ومساعدا لعبدالكريم قاسم, وكان هذا أيضا سنيا بالولادة لكنه لم يأخذ ذلك في إعتباره حينما إبتنى لفقراء الشيعة مدينة الثورة وعوضهم عن بيوت الصفيح وأكواخ الطين وشرع لهم قانون الإصلاح الزراعي الذي أنقذ فلاحي الشيعة من عبودية الإقطاعي, الذي كان هو أيضا شيعيا يتناوب مع رجل الدين الشيعي عبودية ذلك الفلاح ويستغله بأبشع صورة, واحد يستغل جسده والثاني يستغل عقله وروحه.
كلاهما كانا سنيان, مزهر الشاوي وعبدالكريم قاسم, وكلاهما كانا يريدان إخراج الشيعة الفقراء والأميين من ساحة اللطم تلك إلى فضاء العلم والتعلم والعيش الرغيد وينقذهم من ذلك الذي يسرق روحهم وعقلهم وذاك الذي يسرق قوتهم وجهدهم.
حينما تعيد قراءة تاريخ العراق على ضوء الخطاب الطائفي الشيعي الذي عوم تاريخ العراق كليا بإتجاه طائفي ستجد أن السني لم يكن سوى ذلك الشيطان الذي إستغل الشيعة وإستعبدهم, أما ذلك الشيعي المعمم الذي كان يسرق روحهم والإقطاعي الشيعي الذي كان يسرق أجسادهم وكدهم وتعبهم فهم لم يعد لهم موقع في تلك القراءة
هؤلاء حينما تذكرهم بذلك يسرعون سريعا إلى زج إسم صدام في الصورة لكي يؤسسوا عليه نظرية طائفية تقول.. لقد كان الشيعة طوال التاريخ ضحايا للسنة, وهكذا يضعون في الإستخدام نظرية إستقطاعية لا تتعامل مع التاريخ إلا بصيغ إنتقائية, أما عبد الكريم قاسم ومزهر الشاوي وآخرون من سنة الدولة المدنية فلم تعد هناك نية لقراءة التاريخ من خلالهم بمنطق أكثر إنصافا وتوازنا وعدلا وحرية.
هل سيكون معنى ذلك أن الصف السني كان خاليا من رجال يكرهون الشيعة أو يفضلون أبناء مذهبهم عليهم.. لا أبدا, لكن بالمقابل كان هناك خطابا شيعيا طائفيا كريها يصور عمر بن الخطاب مخلوقا بذيل وينزل عائشة مكانة غير لائقة.
وها نحن اليوم نعود إلى تلك الساحة من جديد بعد ان تمددت بشكل كبير.. هذه المرة الخطاب الطائفي الذي تسيد الوضع السياسي في العراق يريد أن يجعل من كل المناطق الشيعية ساحة ترابية يمارس عليها الشيعة طقوس اللطم والتطبير. أما نحن شيعة الفكر العلماني فيهمنا أن نمد أيدينا لمن في تلك الساحة من أهلنا الشيعة لكي نخرجهم منها إلى حياة أخرى خارج دراما الحزن تلك, وهو حزن غالبا ما يحوله ساسة الشيعة والكثير من عمائمها ورواديها إلى ملايين من الدولارات لكي يجعلوا من كل ترابنا كربلاء في حين يكون ترابهم كله لندناء وباريساء وبيروتاء.
وإن أول ما أراه لازما لإخراج أهلي من تلك الساحة الترابية أن أجعلهم يقتنعون بأن الخطاب الطائفي الذي يشيطن سنة العراق ليس صحيحا, فقط سأذكرهم بأن رجالا مثل عبدالكريم قاسم ومثل مزهر الشاوي ومثل ملوك العراق, وغيرهم وغيرهم لم يكونوا شياطين سنة أبدا, وسأقنعهم أن يؤسسوا نظرياتهم السياسية على سنة من هذا النوع, لا على غيرهم, ولا ينخدعوا أبدا بالخطاب الطائفي.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية عراقيا....... (2)
- صلح الفرسان ... ناس بلا وطن أم وطن بلا ناس
- الرجل الذي كسر قرن الثور
- العلمانية... عراقيا
- مرة أخرى... تفتيت الإرادات أم تقسيم الجغرافيا
- تفتيت الإرادات أم تقسيم الجغرافيا.
- الطائفيون وتظاهرات الأنبار
- إزاحة المحمود.... بين إتقان القيادة وإتقان المعارضة
- من سطوة المحمود إلى سطوة الإجتثاث
- دولة الشراكة أم دولة المشترك
- هل كان بإمكان أوباما أن يجلس في حضرة رجل أبيض.
- من سيذهب إلى الجحيم.. أكَلَة الخنزير أم أكَلَة الناس
- أزمة الدولة العراقية الوطنية مع الأحزاب الأيديولوجية
- حزب الدعوة.. بين رفاه النظرية وإمتحان الحكم
- لن تنجح العملية إذا مات المريض.. العراق وسوريا إنموذجين
- محبة الطائفة تشترط أن لا تكون طائفيا
- تجديد ولاية رئيس الوزراء لأكثر من مرتين.. ما الخطر
- ( 3 ) حزب الدعوة والدولة العراقية.. خصومة وحكومة.
- حزب الدعوة والعراق ... خصومة وحكومة ... ( 2 )
- حزب الدعوة والعراق ... خصومة وحكومة*


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - أيامنا كلها كربلاء وأيامهم كلها لندناء