أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جعفر المظفر - من سيذهب إلى الجحيم.. أكَلَة الخنزير أم أكَلَة الناس














المزيد.....

من سيذهب إلى الجحيم.. أكَلَة الخنزير أم أكَلَة الناس


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3995 - 2013 / 2 / 6 - 18:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



نعم هناك فروق كثيرة وكبيرة بيننا وبين المجتمعات والدول الأوروبية من ناحية التقدم الحضاري بما يؤسس لخطأ المقارنات بيننا وبينهم على الأصعدة العلمية والإنتاجية وعلى طرق التعامل والسلوك الإجتماعي كأمثلة.. لكن لا يجوز القول بذلك حال المقارنة بين القيم الأخلاقية وخاصة في حدها الأدنى, إذ أن بنية النظام الأخلاقي الإنساني تقوم على مشتركات لا يجوز النزول تحت خطها الأدنى بسسب أية ذريعة كانت وتحت أي تفسير كان, وإلا لأدرج السلوك حال ذلك كخروج على الأخلاق.
هذه مقدمة أردت منها الإقتراب من الحدث التالي الذي يقول أن وزيرا بريطانيا تسببت زوجته بالقضاء على مستقبله السياسي بعد زواجه من إمرأة أخرى.. ولكي لا نذهب إلى تفسير الأمر وكأنه موقف من القضاء البريطاني الذي يمنع الزواج بأكثر من واحدة أذكر هنا أن الأمر لا علاقة له بذلك وإنما هو قد تم بسبب تقديم شكوى من قبل الزوجة الأولى إلى القضاء بعد طلاقها تقول فيها أن الوزير كذب على البوليس حينما أفاد للشرطة أثناء مخالفة سير حدثت قبل سنوات بأنها هي التي كانت تقود السيارة أثناء الحادثة وذلك لأجل أن لا تسحب الشرطة رخصة السياقة الخاصة به.. هذه المخالفة البسيطة قادت إلى إستقالة الوزير مثلما أدت إلى وضع حد لمستقبله السياسي.. لم يذكر الخبر فيما إذا كان القضاء قد عاقب المرأة أيضا ربما بسبب أن الصحيفة التي نقلت الخبر إعتبرت أن ذلك قد تم كتحصيل حاصل ولا داعي لكتابته وبإعتقاد إن الأهمية الإعلامية للحدث هي تلك التي تتعلق بالممارسة اللاأخلاقية التي أقدم عليها مسؤول في الدولة والذي كان يجب أن يبدأ وفاؤه لمسؤوليته من صفتي الصدق والأمانة.
بكل تأكيد لم يكن الحكم قد تأسس على مخالفة الوزير المرورية وإنما لإقترافه جريمة الكذب هنا.. تصوروا حجم الخطأ وحجم العقوبة, وقبل ذلك راجعوا تعريف معنى الأخلاق وموقع الصدق والكذب في المنظومة الأخلاقية ولو بحدها الأدنى.. وأقول.. الحد الأدنى, لقناعة أكيدة تفيد أن المقارنات التي تعتمد على درجة التطور ومستوى التحضر هي غير نافعة هنا لتوضيح وتبرير طبيعة الفروق في السلوك الأخلاقي الإنساني العام, إذ أن المنظومة الأخلاقية تبدأ بعد الصدق والأمانة, وليس قبلهما أو بدونهما, ولقد إختار الخالق رسوله محمد (ص) لأنه كان صادقا وأمينا, أي لتوفر القاعدة الأساسية للأخلاق في نبيه الكريم, وفي اي نبي ورسول آخر, ولهذا إشترط الله والإسلام أن لا يكون هناك مسلم بمقياس صفات الحد الأدنى ما لم تتوفر فيه هذه الصفتان بداية.
ولا أظن أن بقية الأديان السماوية تختلف على طبيعة هذه الأسس الأخلاقية, فالأديان جميعا تشترك في الوصايا العشرة, كما أن جميع الأفكار والفلسفات والمناهج الإنسانية التي سبقت أو رافقت هذه الأديان من خارجها إنما تتأسس منظومتها القيمية على هذا الحد الأدنى من الأخلاق لأنه يشكل البنية الأساسية التي تنطلق منها بقية القيم الأخلاقية وتحترس بها.
بعيدا عن الإفاضة التي تتعلق بمعنى الأخلاق ومناهجها وعودة إلى مشتركات الحد الأدنى سنتفق على أننا نتحدث هنا عن قضية وجود وليس عن قضية نهضة وتطور, فالصدق والأمانة ليسا نتاجا للتطور وإنما هما منتجان له. ولذا لا يجوز القول إننا غير صادقين وغير أمناء لأننا غير متطورين, أو لأننا نفتقد إلى التقدم. وإنما يجوز القول إننا سوف لن نتقدم أو نتطور ما لم يتوفر الحد الأدنى للأخلاق. لا بل ان المسألة تتجاوز مسألة التقدم والتطور إلى مسألة وجودنا كدول ومجتمعات, أي هل أننا مرشحون للبقاء على هذا الكوكب أم أننا مرشحون للزوال. والنظم الإخلاقية ذاتها لم تأتي بالأساس لغرض تنظيم عملية النهضة والتطور, وإن كانت لازمة لهما, لكنها جاءت للحفاظ على وجود المجتمعات ذاتها بسبب أن المجتمعات التي يسودها الكذب والدجل وخيانة الأمانة ليست مرشحة للبقاء اصلا فكيف تكون مرشحة للتقدم والتطور.
والأن ماذا سيحدث لو إننا تصورنا أن هناك إمكانية ونية لتطبيق القوانين الأخلاقية ولو في حدها الأدنى على دولتنا.. مهلا لنتخيل أن بإمكان ذلك أن يحصل ولو في المنام, لكنني أؤكد لكم أنكم حينما تفيقون ستجدون أن دولتكم قد أصبحت بدون رؤساء ووزراء ومدراء وحتى بدون قضاء وعساكر, ولا اظن أن ذلك سيقف إلى حد معين دون أن يذهب نزولا إلى (الجايجي) الذ ي يعمل أمام المؤسسة الخدمية والمكلف من قبل رئيسها بجمع الرشى تسهيلا لتمشية المعاملات.
لا احد بات يسأل عن معنى الحرام في دولتنا المحترمة إلا حينما يتعلق الأمر بطريقة الذبح, ذبح الماشية وليس ذبح الإنسان.
وقليل منا ينتبه إلى حقيقة أن لا وجود للوطنية ولو في حدها الأدنى بدون وجود الأخلاق ولو في حدها الأدنى.
ويظل معظم الخلق عندنا يعتقدون أن أكلة الخنزير وليس أكلة الناس هم من سيذهب إلى الجحيم.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الدولة العراقية الوطنية مع الأحزاب الأيديولوجية
- حزب الدعوة.. بين رفاه النظرية وإمتحان الحكم
- لن تنجح العملية إذا مات المريض.. العراق وسوريا إنموذجين
- محبة الطائفة تشترط أن لا تكون طائفيا
- تجديد ولاية رئيس الوزراء لأكثر من مرتين.. ما الخطر
- ( 3 ) حزب الدعوة والدولة العراقية.. خصومة وحكومة.
- حزب الدعوة والعراق ... خصومة وحكومة ... ( 2 )
- حزب الدعوة والعراق ... خصومة وحكومة*
- صفقة موسكو.. عار حكومي بإمتياز
- الفقاعة القاتلة
- محاولة للقراءة في عقل المالكي... من أزمة كركوك إلى أزمة الأن ...
- أعداء سنة وشيعة ... هذا الوطن نبيعة
- النصر ببعضنا, لبعضنا, لا على بعضنا
- قضية العيساوي.. طائفية الفعل ورد الفعل
- كركوك.. الوطن والمدينة
- كركوك.. وطن في مدينة وليست مدينة في وطن
- الإستجواب.. خصلة حميدة أم مؤامرة خبيثة.
- الديمقراطية في العراق.. الفأر الذي ظن نفسه ديناصورا
- مَرسي يا ريس مُرسي
- سوريا ... الدبابة ليست قارب إنقاذ


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جعفر المظفر - من سيذهب إلى الجحيم.. أكَلَة الخنزير أم أكَلَة الناس