أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - حزب الدعوة.. بين رفاه النظرية وإمتحان الحكم














المزيد.....

حزب الدعوة.. بين رفاه النظرية وإمتحان الحكم


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3990 - 2013 / 2 / 1 - 17:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك ثلاث حالات مختلفة علينا ان نقترب منها بحذر إذ غالبا ما يؤدي الخلط بينها إلى الخروج بإستنتاجات خاطئة. أول تلك الحالات هي الوطن, والثانية هي الدولة, والثالثة هي الحكومة. ليس كل من يعادي الحكومة هو بالضرورة وبالسياق معاديا للدولة التي تقودها تلك الحكومة. الدولة الأمريكية مثلا يتناوب على حكمها حزبان ذات توجهات إجتماعية وسياسية مختلفة بالدرجة والمستوى. حالة الإنتقال في الحكم هنا لا توجب حالة إنتقال مرافقة في طبيعة الدولة, فالخصومة هنا قد تتأسس على إختلاف المناهج ولا تتأسس على طبيعة الدولة ذاتها.
والحال إن حزبا بهذا المستوى من الخصومة مع الحكومة لن يواجه مشكلة مع الدولة حينما ينتقل من موقع المعارضة إلى موقع الحكم لأن كل المطلوب منه هنا أن يطرح برامج بديلة لقيادة الدولة وليس لإستبدال هذه الدولة بأخرى جديدة ستجعله في مجابهة مشاكل صعبة أخرى وبمستويات أكثر عمقا وأشد تجذرا. كذلك فإن من يتناقض مع الدولة ككيان سياسي لا يعني أنه متناقض مع كيان أكثر شمولية يسمى الوطن بكل سياقات تعريفه السياسية والأخلاقية.
لكن المسألة مع أحزاب الفقه العابر للوطنية ستختلف بشكل حذري وتكون مثارا لتأسيس إشكالات حقيقية متبادلة بين الدولة والحزب, وحتى بينه وبين الوطن. ففي ظل غيابه عن سدة الحكم فإن الحزب الأممي, أو فلنقل العابر للوطنية, قد يتمكن بالمرتاح من ممارسة فقهه من موقع المعارضة المعادية للدولة, وليس لحكومة تلك الدولة وحدها. لكن المشكلة الحقيقية تحدث حينما ينتقل الحزب من موقع المعارضة إلى موقع الحكم فهو إذ ذاك سينتقل من رفاه الفقه النظري إلى محنة الفكر السياسي ليعمل في لحظة ومساحة إمتحان حقيقية لقدرته على التزويج ما بين فقهه السياسي الحقيقي والحالة الوطنية التي يقودها, وهو أمر سيكون عصيا جدا نتيجة التناقضية الصارخة ما بين فقه الحزب الأممي وفقه الدولة الوطنية. إن ذلك يوجب عليه تعديل أو تحوير أو تكييف أفكاره الفقهية المجردة بما يجعلها أكثر قدرة على قيادة الحالة الجديدة.
لكن حزبا كالدعوة سيحتاج إلى أكثر من الإضافة أو التعديل والتحوير حينما يجد نفسه وجها لوجه أمام مسؤولية قيادة الدولة العراقية والوطن العراقي, فهو سيكون حينها خصما للوطن والدولة وحاكمهما في نفس الوقت, مما يسهل إصابته بمرض الإزدواجية السياسية, وهو مرض سياسي ليس خاصا بالدعوة وحدها, وإنما بكل حزب يغلب فقهه القومي أو الإقليمي أو الدولي على فقهه الوطني ويخطأ ترتيب خانات هذا الفقه ومداخل بعضها على بعض.
والمشكلة هنا إن حزب الدعوة مطلوب منه التأخي مع كيان عراقي وطني لا يؤمن به منذ التأسيس. فمنذ تأسيسها وهذه الأحزاب التي يتمثلها الدعوة هنا تعيش حالة رفض للدولة وليس لنظامها السياسي فقط, وحتى أنه يختلف مع عامة الوطنيين في تعريف الوطن ذاته إنطلاقا من فقهه الإسلامي الذي يتناغم مع أممية إسلامية لا تنظر إلى حالة (الوطن الآن) إلا ككيان مؤقت أو تابع لكيان آخر تتمثل فيه قيم الأممية الإسلامية. ومن هنا نستطيع أن نفهم طبيعة الإستعدادات التقسيمية التي تظهر سريعا أثناء الأزمات والتي تتأسس على ثقافة سياسية لا تؤمن بحقيقة إسمها الوطن كما هو عليه.
ولعل ذلك يشكل إحدى بوابات تفسير أزمة الحزب مع الدولة والوطن العراقي, فالحزب كان تأسس من موقع الخصومة معهما وليس من موقع المعارضة فحسب. ونتيجة لتركيبته المذهبية وللعقد التي تحكم عقلية مؤسسيه فهو لم يكن خصما للحكومات والأنظمة بل خصما لطبيعة الدولة الوطنية ذاتها.
في بدايات ما أتفق عليه بالعملية السياسية كان الحزب ميالا إلى نظام الفدراليات, وحتى إلى نظام الكونفدراليات, ولقد كان له دورا بارزا في تضمينها الدستور نفسه. أما إبان أزمة الإنتخابات الأخيرة التي تم التجديد فيها للمالكي, وفق إتفاقات أربيل, فقد هدد الحزب قبل حل الأزمة بقطع الجنوب ونفطه عن بقية مناطق العراق. وأخيرا تأتي تصريحات بعض سياسي وإعلامي المالكي والدعوة, والتي تحمل طابع التبشير والتهديد بقيام دولة شيعية, لكي تؤكد مرة أخرى على أن الدعوة لا يؤمن أبدا بمفهوم الدولة الوطنية العراقية, وهو يتعامل معها كشأن سياسي قابل للتغيير, وليس كثابت مبدئي يجب المحافظة عليه.
لذلك فإن سياساته غالبا ما يظهر عليها الإزدواجية السياسية التي تفسر نفسها في وجوده على رأس قيادة دولة لا يؤمن بها من ناحية المبدأ, وإن قبل بها كحالة سياسية, مما جعله على الدوام غير حريص على بناء وحدتها ومستعدا لتفكيكها عند الحاجة.
ولقد رأينا مقدار التخبط في السياسة الداخلية والخارجية العراقية في ظل الأزمة الكبيرة التي تواجه نظام الأسد في سوريا وتهدد بزواله في أية لحظة, فإضافة إلى إسراعه لنجدة هذا النظام بكل الأشكال, متخليا عن الدم العراقي الذي تسبب بهدره, وبما يكشف أيضا عن عمق الأزمة التي يعاني منها والتي يضاعفها إنحيازه للإقليمي على حساب الوطني, وهو أمر كان تأسس على طبيعة الفقه السياسي الإسلاموي المذهبي لهذا الحزب الذي يضع الوطني في خدمة الإقليمي وليس العكس .
ويظهر حجم الفساد والتخريب الذي يمارسه أو الذي يحميه أنه على علاقة غير راسخة بمفهوم العراق الوطني, وإنه يقود الدولة ويعاديها في نفس الوقت, وهذا السلوك المتقاطع والمتخاصم مع بعضه, ما بين السياسي والعقائدي, هو تعبير عن حالة شيزوفرينيا سياسية خلقها واقع التناقض والخصومة بين السياسي والمبدئي والتي تأسست عليه إستعدادات مفتوحة لوضع المبدئي في خدمة السياسي وليس العكس, ويمكن أن تقرأ من خلاله أن هذا الحزب على إستعداد دائم للتخلي عن مفهوم الوطن العراقي الواحد إذا ما وضعته الظروف أمام خيارات بهذا الإتجاه, وفي مقدمة هذه الظروف دون أدنى شك هو الظرف الإقليمي نفسه الذي يتصاعد بإتجاه يأكل من المحور الإقليمي الذي تقوده إيران والذي يشكل العراق, في ظل حكم الإسلام السياسي الطائفي, واحدا من مكوناته الأساسية.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن تنجح العملية إذا مات المريض.. العراق وسوريا إنموذجين
- محبة الطائفة تشترط أن لا تكون طائفيا
- تجديد ولاية رئيس الوزراء لأكثر من مرتين.. ما الخطر
- ( 3 ) حزب الدعوة والدولة العراقية.. خصومة وحكومة.
- حزب الدعوة والعراق ... خصومة وحكومة ... ( 2 )
- حزب الدعوة والعراق ... خصومة وحكومة*
- صفقة موسكو.. عار حكومي بإمتياز
- الفقاعة القاتلة
- محاولة للقراءة في عقل المالكي... من أزمة كركوك إلى أزمة الأن ...
- أعداء سنة وشيعة ... هذا الوطن نبيعة
- النصر ببعضنا, لبعضنا, لا على بعضنا
- قضية العيساوي.. طائفية الفعل ورد الفعل
- كركوك.. الوطن والمدينة
- كركوك.. وطن في مدينة وليست مدينة في وطن
- الإستجواب.. خصلة حميدة أم مؤامرة خبيثة.
- الديمقراطية في العراق.. الفأر الذي ظن نفسه ديناصورا
- مَرسي يا ريس مُرسي
- سوريا ... الدبابة ليست قارب إنقاذ
- التحالف الشيعي الكردي الذي إنتهى.. ضد من كان قائما
- الغزو الإسرائيلي لغزة .. محاولة للقراءة


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - حزب الدعوة.. بين رفاه النظرية وإمتحان الحكم