أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جعفر المظفر - الرجل الذي كسر قرن الثور














المزيد.....

الرجل الذي كسر قرن الثور


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4024 - 2013 / 3 / 7 - 22:00
المحور: حقوق الانسان
    


الرجل الذي كسر قرن الثور
جعفر المظفر
سوف أدخل إلى السياسة اليوم من خلالة بوابة تتحدث عن علاقة القلب والعقل, ومَن الذي مِن بينهما, مَن يتقدم على صاحبه في حالة إذا ما توجب الإختيار ؟!.
قد يبدو الأمر معقدا بعض الشيء من واقع صعوبة الربط بين البيولوجيا والسياسة, لكن الأمر ليس هو ذاك. بالمناسبة هناك من يدعي أن العلماء إكتشفوا خلايا دماغية داخل أنسجة القلب !! ربما ليفسروا أفضلية اللجوء إليه في بعض الأحيان حينما يستلزم الإختيار بين العقل والقلب. وأجد أنهم, إن إستمروا في بحثهم هذا, فسيعثرون على خلايا قلبية داخل انسجة الدماغ. بالتأكيد ليس كل الأدمغة تمتلك ذلك النوع من الخلايا وإلا لما وجد هناك طغاة ومجرمون .
لنترك كل هذا ونعد إلى القصة التي أنا بصدد روايتها وسأبدأها بسؤال: هل تتذكرون قصة ذلك الرجل المُقْعد من مدينة الثورة الذي قتل إبنه مدعيا انه فعل ذلك إستجابة للنداء الوطني في اثناء الحرب العراقية الإيرانية.
كرواية وكحدث, الجميع الذي عاش حينها يتذكرها جيدا, وربما لن ينساها إلى الأبد, ولذا سوف أعيد سؤالي بصيغة أخرى لكي يكون أكثر معقولية وجاذبية.. ما الذي جذبنا إلى تلك الرواية ؟ بالتأكيد سوف تعتمد الإجابة على طريقة الإقتراب, ولذا لم يكن غريبا, في حمأة إشتداد وطأة تلك الحرب, وفي خضم الإصطفافات السياسية, وتأثير التسطيح الثقافي وآلة الإعلام آنذاك, أن كانت هناك نسبة ملحوظة من المعجبين بذلك الأب القاتل ! لماذا..؟ لأنه برأيهم كان قدم واجبه الوطني على عواطفه, وهو أمر يجب علينا جميعا أن نفعله, ولكن بالتأكيد ليس بالطريقة التي فعلها ذلك المخلوق.
أما أولئك الذين ينحازون لأسبقية القلب على العقل, أو الذين يؤمنون بوجود خلايا دماغية في القلب, فقد إعتبروا أن ما فعله الأب هو بمثابة جريمة يجب أن يحاسب عليها, لا أن يكرم بسببها. ذلك لن يعني أن الإبن لم يكن مخطئا أو حتى مجرما أو خائنا بنظرهم وبنظر القانون, أوإنه وبسبب عدم إلتحاقه مرة أخرى بوحدته العسكرية لم يتقاطع بفعلته هذه مع واجبه الوطني بما يجعله محاسبا أمام القانون على جناية عقوبتها في زمن الحرب هي أشد بكثير مما هي في زمن السلم.
بالنسبة لي ولكم ليس معقولا أن يكن لدينا إعتراض على تلك العقوبة القانونية, فالدول جميعا ملتزمة بها في زمن الحرب, بغض النظر عن طبيعة نظامها وهوية حاكمها, ولكن كان الإعتراض الحقيقي هو على الجهة المخولة بتنفيذ تلك العقوبة. وفي إعتقادي إن قيام الأب بتنفيذ تلك(العقوبة – الجريمة) قد جعله يسرق وظيفة الدولة ذاتها ويمنح نفسه سلطة قضائية لا يمكن تحت أي ظرف, وبقوة اي عنوان, أن تكون من حقه.
وإذ لا أقلل هنا من شأن (وطنية) الأب إلا إنني كنت أرى أنه كان بإمكانه أن يجمع بين الهويتين في وقت واحد: الهوية الوطنية والهوية الإنسانية, كيف.. ؟.. ببساطة كان عليه الذهاب لأقرب نقطة عسكرية أو مركز شرطة لكي يخبرهم عن عدم إلتحاق إبنه بواجبه العسكري, طالبا في الوقت نفسه مسامحته أو معاقبته بعقوبة مخففة, فيكون بذلك قد أدى واجبه الوطني والأبوي بقوة وحماس وجعلهما يتحدان في لحظة زمنية واحدة, فلا هو قتل إبنه وسحق قلبه وتجاوز على أهم عاطفة إنسانية. ولا هو أيضا تخلى عن واجبه الوطني..
هل كان ذلك يتطلب وعيا سياسيا وعقليا من الدرجة الممتازة لم يكن توفر في ذلك الأب البسيط.. كلا مطلقا, فالأمر لم يكن وقتها يحتاج إلى عقل, بل أنه كان في الأصل يحتاج إلى قلب, إن لم يسبق العقل بمسافة, فعلى الأقل كان مفترضا أن يسير إلى جانبه. والطامة الكبرى هنا لم تكن فقط من صنع ذلك الأب القاتل لوحده وإنما جسدها بمستوى أعلى صدام حسين يوم أن قام بتكريم ذلك الأب القاتل بوسام الرافدين من الدرجة الثانية بمشهد لا يمكن لأي إنسان عراقي شاهده آنذاك أن ينساه.. وهكذا رأينا أن رئيس الجمهورية, ذاك الذي من أول واجباته الحرص على تطبيق القانون, يكرم أبا أعطى لنفسه حق تنفيذ القانون على مواطن لن تأكل من حقوق مواطنته إنه كان إبنه أو أخاه.
تصوروا كيف يمكن ان تسود شريعة الغاب لو إننا إقتدينا بسلوك قاتل إبنه ذاك, وبغض النظر عن العنوان التي تمت الجريمة تحت غطائه. تصوروا كيف يمكن لمفاهيم الحياة نفسها وقوانينها الأساسية ان تهتز فيما لو سمح للأب ان يقتل إبنه وللأخ ان يقتل أخيه ولو بدعوى الحرص على الوطن. إن وطنا يوجب على الإنسان أن يتخلى عن إنسانيته تحت أي عنوان لن يستحق ان يكون وطنا بالأساس, وهو سيكون ورقة خاسرة بكل المقاييس وفي كل الأوقات, سواء في زمن السلم او في زمن الحرب.
لقد بقيت فترة طويلة أتسائل عن تفسير حقيقي لمعنى إعتقادنا, المغرق في شعبيته وفولكلوريته, بأن الأرض محمولة على قرن ثور.. ربما لم تكن أمي قادرة على ان تسعفني بتفسير لائق لمعنى تلك العبارة التي كانت ترددها دائما حينما كانت تحاول ان تقدم تفسيرا بسيطا لحالة معقدة. ولكني الآن, وبعد أصبجت أبا لا ينام إذا توعك إبنه ولو بنزلة برد بسيطة, أدرك تماما معنى ذلك القول. إن قرن الثور الذي تجلس عليه الأرض وتحتفظ من خلاله بتوازنها هو القلب لا غيره. أما جريمة ذلك الرجل الذي قتل إبنه, ورئيسه الذي كرمه عليها, فتتلخص في كون الإثنين معا قد حاولا أن يكسرا قرن الثور هذا



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية... عراقيا
- مرة أخرى... تفتيت الإرادات أم تقسيم الجغرافيا
- تفتيت الإرادات أم تقسيم الجغرافيا.
- الطائفيون وتظاهرات الأنبار
- إزاحة المحمود.... بين إتقان القيادة وإتقان المعارضة
- من سطوة المحمود إلى سطوة الإجتثاث
- دولة الشراكة أم دولة المشترك
- هل كان بإمكان أوباما أن يجلس في حضرة رجل أبيض.
- من سيذهب إلى الجحيم.. أكَلَة الخنزير أم أكَلَة الناس
- أزمة الدولة العراقية الوطنية مع الأحزاب الأيديولوجية
- حزب الدعوة.. بين رفاه النظرية وإمتحان الحكم
- لن تنجح العملية إذا مات المريض.. العراق وسوريا إنموذجين
- محبة الطائفة تشترط أن لا تكون طائفيا
- تجديد ولاية رئيس الوزراء لأكثر من مرتين.. ما الخطر
- ( 3 ) حزب الدعوة والدولة العراقية.. خصومة وحكومة.
- حزب الدعوة والعراق ... خصومة وحكومة ... ( 2 )
- حزب الدعوة والعراق ... خصومة وحكومة*
- صفقة موسكو.. عار حكومي بإمتياز
- الفقاعة القاتلة
- محاولة للقراءة في عقل المالكي... من أزمة كركوك إلى أزمة الأن ...


المزيد.....




- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بشبهة -رشوة-
- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جعفر المظفر - الرجل الذي كسر قرن الثور