- نوروز - مَصدر إلهام الثُوار

امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3312 - 2011 / 3 / 21 - 10:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

إذا كانتْ هنالك عوامل مُفّرِقة للشعوب الكردية ، من قَبيل حدود البلدان الحالية التي يتواجد فيها الكُرد ، واللهجات المُختَلِفة التي يتحدثون بها ، والأديان والطوائف التي يدينون بها ، والأفكار السياسية المُتعددة التي يعتنقونها ، والدرجات المُتباينة من التحَضُر التي وصلوا اليها ... فأن عيد " نوروز " يجمعهم كُلهم . وعلى الرغم من مُزاحمة أقوامٍ اُخرى للكُرد ، في عائدية هذه الإسطورة لهم ، ولا سيما الفُرس ... فأن ما يؤكده الكثير من المُختصين ، هو الأصل الواحد المُوغل في القِدَم ، للعُنصُرَين الكردي والفارسي ، وعلى الرغم من " الإستحداث المُتعمد " للعديد من المُناسبات في نفس التأريخ ، تحت مُسميات : عيد الشجرة ، عيد الأُم وغيرها ، مِنْ قِبَل الحكومات ... فيبقى " نوروز " اللاصق القوي والأكيد الذي يجمع ويُوّحِد كُل أقسام الكُرد من ارمينيا وايران وتركيا وسوريا والعراق ودول المَهجَر .
المئات من الشعوب القديمة ، إنقرَضتْ ولم يَعُد لها أي وجود ، والمئات من اللُغات والأديان قد مُحِيَتْ وطواها النسيان ... ومادام الكُرد باقون حتى اليوم ، بأراضيهم وجغرافيتهم ، بلغتهم ولهجاتهم ، بأساطيرهم وعاداتهم ... فمن الصعب تماماً " تجاهلهم " أو التعتيم على بوادر نهضتهم الحديثة ، أو الوقوف بوجه طموحاتهم المشروعة . فهاهو أقليم كردستان العراق .. رغم العَقَبات التي تواجهه ، والسلبيات التي تُرافق مسيرته .. يظل تجربة رائدة رائعة . وهاهم كُرد تركيا ، ينتزعون حقوقهم إنتزاعاً ... ببطأ وبالتدريج ، ولكن بصورة ثابتة وأكيدة . والظروف تنضج في سوريا بوضوح ضمن روح الثورة التي تلف المنطقة بأسرها . ولا أعتقد ان النظام الثيوقراطي في ايران ، سيستطيع الصمود طويلاً ، أمامَ الموجات الصاخبة للتغيير ، ولا بُدَ لكُرد إيران ان يحوزوا على حقوقهم الطبيعية في المرحلة القادمة .
" نوروز " هو الثورة ، هو الوقوف بوجه الظلم ، هو المُطالبة بالحقوق ، هو وضع حَدٍ للإستبداد والقمع ، هو قول " لا " للحُكام الطُغاة ... نوروز ترجمة لعبقرية الطبيعة ... إنتصار الربيع .. زهو الحياة المتجددة ... يومٌ جديد .
نوروز الإسطورة .. لم تكن يوماً ، مُلكاً للسُلطة ، ولا أقصوصة للملوك والأمراء ... بل هي ملعبٌ للشعوب الثائرة ... للكادحين تحديداُ .. للشغيلة والعمال والفلاحين ... لم يُفجِر الثورة .. ثورة نوروز .. قائدٌ عسكري ، ولا إقطاعي سمين ، ولا أميرٌ متمرد ... بل ان قائدها ومُنفذها ومُحّركها ... كانَ عاملاً ، حداداً ... ليستْ مُصادفةً أن تكون " المطرقة " أو " الجاكوج " رمزاً لكُل ثوار العالم في كُل الأزمان !.
ما أجملَ ان يُصادف نوروز هذه السنة ، الغليان الثوري في ليبيا واليمن والبحرين والسعودية وسوريا وايران والمنطقة كلها ... ومن ضمنها العراق . ينبغي ان لاننسى أمراً في غاية الأهمية : ان مسألة " الثورة " واحدة في كُل أرجاء المعمورة ... وان إنتصار الثورة في بلدٍ بعيد في افريقيا او امريكا الجنوبية ، يؤثر إيجاباً بشكلٍ من الأشكال في أوضاعنا الداخلية ... وإندحار إنتفاضة في مكانٍ نائي ، يُخّفِض معنوياتنا بصورةٍ غير مباشرة .
ان " نوروز " رافدٌ مهم من روافد الثورة والنضال في كُل العالم .. ومَصدر إلهامٍ لكُل المنتفضين .

#امين_يونس (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل