|
أسعار النفط .. لعبة الكِبار
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3302 - 2011 / 3 / 11 - 12:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هنالك عائلة ، لاتزرع الخضار في حديقتها الكبيرة ، ولا حتى أشجار الفاكهة المتنوعة المُناسبة ، علماً ان المياه متوفرة والتربة خصبة ،كذلك ليسَ لديها قنٌ للدجاج وبالتالي لايتوفر عندها البيض ، بل ان الزريبة المُلحقة ، فارغة ، فلا بقرٌ ولا غنم ، وبعبارةٍ اُخرى .. لا لحمٌ ولا حليب ولبن . بإختصار .. ان هذهِ العائلة مُعتَمِدة بصورةٍ كُلية في معيشتها ، على " شراء " كُل شيء . أما واردات العائلة فمتأتية من إمتلاكهم لمخزنٍ كبير ، يحتوي على كمية من ( الطاقة ) .. فيبيعونها ويشترون بالمُقابل ، ما يحتاجونهُ . ولأن المخزن عانى من مشاكل مُزمنة ، وعّمَتْ الفوضى في أرجاء الدار لسنين طويلة .. فأن النقود التي كانتْ تحصل عليها العائلة ، كانتْ تكفي بالكاد لِسَد الرمَق ، ولا سِيما وان كِبار العائلة كانوا ينهبون بشكلٍ مُنّظَم ، جزءاً مهماً من الواردات لحسابهم الخاص ، ويحرمون أفراد العائلة منها . على كُل حال ، نظراً لظروف خاصة .. إرتفعتْ أسعار الطاقة حتى وصلتْ الى ثلاثة أضعاف .. وتعالتْ أصواتْ الفرح والإرتياح في أوساط العائلة .. لأن الواردات ستقفز الى مستويات عالية ، وبالتالي سيعُم الخير على الجميع . في السابق أي قبل عشرة سنين ، عندما كان كيس الطاقة بعشرين دولاراً ، كانتْ العائلة تشتري الطحين والرز والعدس والفاصوليا والحليب ، والأجهزة والأدوية وقطع الغيار ...الخ ، وتعيش على حافة الفقر المُدقع ، في حين يتمتع كِبار العائلة بكافة الإمتيازات والبذخ . اليوم وحين أصبح سعر كيس الطاقة مئة دولار .. أصبحتْ العائلة تستورد إضافةً الى المواد أعلاه .. الخضروات والفاكهة وجميع المنتجات النفطية من بنزين ونفط ابيض وكازاويل ، والماء والبيض واللبن وحتى التمور ... أي جميع الإحتياجات . والمصيبة ان أسعار كُل هذه المواد إرتفعتْ بما يُوازي الفرق في سعر الطاقة وأحياناً أكثر ... اي ان معظم أفراد العائلة ، لم يستفيدوا فعلياً ، مِنْ إرتفاع أسعار الطاقة . ما زالتْ الأغلبية اليوم ، تُعاني من الفقر وما زالت الرؤوس تنهب وتسرق . - معادلة بسيطة : كُلما إرتفعتْ نسبة إعتمادنا على إستيراد المنتجات الأساسية من الخارج ، كُلما قَلتْ إستفادتنا من إرتفاع أسعار النفط . فاليوم عندما نستورد 95% من كافة البضائع وبضمنها الغذاء ، فبمُجرد إرتفاع سعر برميل النفط ، فان المُصّدِرين يرفعون أسعار بضاعتهم أوتوماتيكياً . الحَل هو البدء بإيجاد بدائل سريعة للوضع الخطر الحالي ، والتركيز على " الأمن الغذائي " الاستراتيجي ... فطالما كان خبزنا بيد الآخرين ، فأنهم في الحقيقة يتحكمون بنا كما يشاؤون !. النهوض بالزراعة في كافة المجالات والاستفادة من الإمكانيات الكامنة الهائلة ، سواء الطبيعية او البشرية .. والإرتقاء بالصناعة الوطنية وبناءها على اُسسٍ جديدة متينة . - مادامتْ " العُملة " الرئيسية للتعامل بالنفط على المستوى العالمي، هي الدولار الامريكي ... فأن المُستفيد الحقيقي المُباشر من إرتفاع أسعار النفط ، هي الولايات المتحدة الامريكية .. فبمُجرد خفض سعر عُملتِها " وهذا ما تفعله عادةً في مثل هذه الحالات "، وترفع أسعار بضاعتها التي تُصدرها " وهي أكبر دولة مُصّدرة في العالم " ، يصبح من العبث البحث عن فوائد فعلية ، لدولةٍ مثل العراق . وحتى الخزين الاستراتيجي من الدولار الامريكي الموجود في البنك المركزي العراقي ، مثلاً ، يفقدُ جزءاً من قيمتهِ عندما تُخّفِض الولايات المتحدة سعر عملتها . - ان " عصابة الكِبار " المُسيطرة على إقتصاد العالم .. تتحكم بوسائلها الاجرامية الخبيثة .. بأسعار النفط ، وِفقَ مصالحها فقط . فأزمة ليبيا مثلاً ، أصبحتْ ذريعة للتلاعبِ مُجّدداً بتجارة النفط .. فكُل صادرات ليبيا لا تشكل أكثر من 1% من النفط المتداول ، وهي اي صادرات ليبيا ، لم تتوقف نهائياً بعد أصلاً . ان لعبة الكِبار هذهِ التي يلعبونها ، لاتعتبر بلداننا ، غير بيادق تُحركها حسب مصالح الإحتكارات الكبرى . - لكي يستفيد العراق كبلد والعراقيون كشعب من إرتفاع أسعار النفط، يجب القضاء على الفساد بأنواعهِ ، وبدءاً من القمة فنزولاً وليسَ العكس !. ويجب تنفيذ الخطط الرامية الى الإرتقاء بالزراعة وتخصيص ميزانية كبيرة لهذا القطاع الحيوي ، للإطمئنان تدريجياً على الأمن الغذائي ، وإمتصاص البطالة المنتشرة . وتفعيل الصناعة الوطنية لتقليل الإعتماد على الاستيراد . من المهم أيضاً تنويع سلة العملات التي يتعامل بها العراق رسمياً ، لكي يُقلل من سطوة الدولار الامريكي ، عليه . فحتى الكويت أصبحت تتعامل باليورو واليوان الى جانب الدولار .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المحكمة الإتحادية العليا في العراق
-
بين السُلطة .. والمُعارَضة
-
يوم المرأة .. الشعارات لا تكفي
-
ثلاث نكات
-
الوسام الفِضي للقذافي
-
بعضَ ما يجري في اقليم كردستان
-
التطورات الأخيرة في أقليم كردستان
-
وكيل وزير يَشتُم المُدّرِسين !
-
إنتفاضة 1991 ألمَنْسِية
-
إصلاحات جَذرية مطلوبة في الأقليم
-
تصارُع أحزاب السُلطة في مُظاهرات يوم الجمعة
-
القِطة لم تأكل الدجاجة
-
على هامش حرق فضائية ن ت ف
-
القذافي .. وصدام
-
حذاري من بلطجية البعث
-
تجاهل الأهل والإهتمام بالضيوف
-
ملاحظات حول يوم الغضب العراقي
-
ليبيا ..إكتمال مُثلث الثورة
-
ألقذافي .. والزَعتَر
-
حِوار يمني بحريني
المزيد.....
-
مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام
...
-
السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل
...
-
دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
-
كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
-
-شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
-
مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج
...
-
ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو
...
-
بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ
...
-
سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
-
الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|