|
الحظر الجَوي .. بداية اللعبة
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3309 - 2011 / 3 / 18 - 12:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما هو المِعيار الذي يعتمد عليهِ المجتمع الدولي ، في إتخاذهِ لقرارات مصيرية ، رُبما تؤَثِر على حاضر ومُستقبل دولةٍ ما وشعبٍ ما ؟ بدءاً ان عبارة " المجتمع الدولي " مُضّلِلة ، فانهُ من الناحية العملية ، هنالك مجموعة صغيرة ومحدودة من الدُول .. هي التي تتحكم بهذا الأمر ... وفي مُقّدمتها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا ، لاسيما منذ العقدَين الماضيين أي منذ إنهيار الإتحاد السوفييتي . وكذلك تلعب عدة إعتبارات في [ سُرعة إتخاذ القرار ] ، والمدى الذي يُمكن ان يَصِل اليهِ . وكما يبدو فأن الشعارات واليافطات ، التي تحت عناوينها .. يتخذ مجلس الأمن الدولي مثل هذه القرارات المُهمة ... كخَرق القانون الدولي ، والإتهام بإقتراف جرائم حرب ، والإبادة الجماعية ، وإنتهاك حقوق الانسان ...الخ ، كُل هذهِ الأدِلة والأسباب ، تُستَخدَم بصورةٍ " إنتقائية " سافرة ، حسبَ مصالح القوى الكُبرى . فعلى سبيل المِثال ، هذا القرار الذي اُتخِذ في وقتٍ مًتأخر من مساء أمس الخميس 17/3 مِنْ قِبَل مجلس الامن الدولي ، بصدد الوضع في ليبيا ، يُوّضِح الأفكار أعلاه . فلقد إستعملَ القذافي ومنذ الايام الاولى ، لإنتفاضة الشعب الليبي .. القوة المُفرِطة وكافة الأسلحة المُتوفرة ، ضد المدنيين المنتفضين ، ورفضَ صراحةً كافة الدَعوات الدولية ، الى الإستجابة لمطالب الشعب . وفي كُل ساعةٍ مّرَتْ ، كانتْ أعداد الضحايا تزداد بإضطراد ويرتفع عدد القتلى والجرحى والمُشّرَدين . لكن هذه المآسي الإنسانية ، لاتعني الكثير في الحقيقة ، للمُهيمنين على السياسة الدولية .. ما دامتْ لاتؤثر مُباشرةً على " مصالحها " . وعلى الأرض ، فأن " إسترجاع " قوات القذافي لأي مدينة حتى لو كانتْ صغيرة ، في الأيام الأخيرة .. يعني ببساطة مقتل العشرات وجرح المئات وتشريد الآلاف وهبوط معنويات المناطق الاخرى ، وشعور الثوار انه تّمَ التخلي عنهم . - ان تصريحات " بعض " فئات المنتفضين الليبيين ، وقسمٍ من رجال المُعارضة ، ومنذ البداية ، انهم ليسوا بحاجة الى أي دعمٍ خارجي ، وان أحفاد عمر المختار يرفضون رفضاً قاطعاً أي تدخلٍ أجنبي من أي طرف وبأي شكلٍ من الاشكال ... وّجَهَ رسالتين خاطئتَين : الاولى للمجتمع الدولي ، الذي تقاعسَ عن إتخاذ مواقف صارمة ضد النظام الليبي ، والثانية للقذافي ، الذي اُتيحتْ له الفُرصة لإلتقاط الأنفاس وتنظيم قواتهِ ثانية ، لضرب المدن الخارجة عن طوعهِ . - ان " التنافُس الخَفي " الحاد ، بين فرنسا وألمانيا ، ظهرتْ نتائجه واضحة ، على هامش قضية ليبيا ... ففرنسا إنفردتْ بل إستعجلتْ ، في الإعتراف الضمني بالمجلس المؤقت المتشكل في بنغازي ، بإستقبال ساركوزي لممثل المجلس في باريس . وتحَمس فرنسا لحملة إصدار قرار الحظر الجوي على ليبيا في مجلس الأمن ... في حين ان ألمانيا إنضمتْ الى روسيا والصين ، في الإمتناع عن التصويت . إذا إستطاعتْ ألمانيا ان تُحشد مؤيدين لها في الإتحاد الاوروبي ، فأن موقفاً صعباً سيكون بإنتظار فرنسا .. إذا أرادتْ الحصول على تفويضٍ اوروبي للقيام بعملٍ عسكري ضد النظام الليبي . - ان جهود " قطر " مُستمرة من أجل لعبِ دَورٍ مُهم على الساحة الاقليمية والدولية ، فدخلتْ قواتها ضمن " درع الجزيرة " الى البحرين ، قبل يومين ... وهي مستعدة للإشتراك في عمليات الحظر الجوي على ليبيا !. رُبما انها شاركتْ ببضع عشرات من العربات العسكرية المُحملة بالجنود ، في البحرين ، وربما ستساهم بعددٍ محدود من الطائرات في ليبيا ... ولكن على أية حال ... هذا مؤشرٌ مُهم ، على " الطموحات " الكبيرة لدولة قطر .. وسعيها المتواصل ، للإضطلاع بجزءٍ مُهم من الدَور الذي كانتْ تلعبه في السابق ، كُل من مصر والسعودية . - من المظاهر القاسية للوضع في ليبيا .. والتي سبقتها أمثلة ، لعلَ أبرزها العراق ... ان هنالك [ تواطؤٌ مُتعمد ] ومع سبق الإصرار ... مِنْ قِبَل الإحتكارات الكبرى المُسيطرة فعلياً على سياسات الدول الغربية ... حولَ : تدمير البُنى التحتية لدولٍ مثل العراق وليبيا ، دول لها مخزونات نفطية هائلة .. سيكون مُتاحاً للدول الصناعية الكبرى ، " إعادة إعمار وبناء " هذه البنى التحتية بأموال النفط ، وكذلك بيع الكثير من الاسلحة مستقبلاً لهذه الدول . فعندنا في العراق ، دّمَرَ صدام خلال سنواته الاخيرة ، الكثير من المرتكزات الاساسية للإقتصاد العراقي .. وأكملتْ الولايات المتحدة وحلفاءها ، المُهمة ... بتحطيمها الكامل لجميع البنى التحتية ، من خلال القصف بالطائرات والصواريخ وكافة انواع الاسلحة ... لدرجةٍ تجاوزتْ فيها بالفعل ، إسقاط نظام صدام ... بل تعمدتْ التدمير الممنهج لكل مفاصل الاقتصاد العراقي .. والمأساة ان جميع الدول بدون إستثناء ، سكتتْ ووافقتْ ضِمناً ... لأن لها أملٌ ان تُساهم في " إعادة بناء " العراق ... وهو ما حصلَ فعلاً : فحتى الصين وروسيا وفرنسا والمانيا ... تتزاحم اليوم للإشتراك في " إعمار " العراق وعرض أسلحتها ومنتوجاتها للبيع !. أعتقد ان " السيناريو " في الايام القادمة ، سيتضمن قصف الكثير من المنشآت الليبية ، بحجة انها مخازن لأسلحة القذافي ، وتُمر الطائرات والمطارات ... ويتحاول الدول المعنية ، إطالة هذه الفترة ، قدر الإمكان ... لكي يأخذ التدمير مداه الكامل ... وتتهيأ مصانع هذه الدول ومعاملها وشركاتها العملاقة ، منذ الان : لإعادة بناء ليبيا !. ولتذهب الشعوب ومصالح الشعوب الى الجحيم .
#امين_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين المواطن والسُلطة
-
مُناضِلوا الشامبو والنَستلة !
-
طقوس الفَرَح
-
إنتفاضة دهوك 1991
-
مَنْ المُصاب بالصَمَم ؟
-
إستجواب برهم صالح وخطاب البارزاني
-
أسعار النفط .. لعبة الكِبار
-
المحكمة الإتحادية العليا في العراق
-
بين السُلطة .. والمُعارَضة
-
يوم المرأة .. الشعارات لا تكفي
-
ثلاث نكات
-
الوسام الفِضي للقذافي
-
بعضَ ما يجري في اقليم كردستان
-
التطورات الأخيرة في أقليم كردستان
-
وكيل وزير يَشتُم المُدّرِسين !
-
إنتفاضة 1991 ألمَنْسِية
-
إصلاحات جَذرية مطلوبة في الأقليم
-
تصارُع أحزاب السُلطة في مُظاهرات يوم الجمعة
-
القِطة لم تأكل الدجاجة
-
على هامش حرق فضائية ن ت ف
المزيد.....
-
السعودية.. فيديو قبل ليلة على وفاة -الأمير النائم- يثير تفاع
...
-
واتساب يغلق قرابة 7 ملايين حساب مرتبط بعمليات احتيال، فما ال
...
-
من الحانة إلى خط النهاية.. متسابق ثمل يُكمل سباق 8 كم وينال
...
-
هيروشيما: ثمانون عاما بعد القنبلة الذرية ودعوات متجددة للتخل
...
-
لماذا يتسابق العالم لتطوير الصاروخ -الصامت-؟
-
لماذا يرفض الصينيون الحوافز المالية الحكومية للتشجيع على الإ
...
-
تركيا.. فيديو محاولة حرق مسجد آيا صوفيا ترصده كاميرا مراقبة
...
-
-صواريخ نووية-.. فيديو ما قاله ترامب من على سطح البيت الأبيض
...
-
العراق.. ضجة بعد فيديو شجار وأحذية تتطاير بالهواء بمجلس النو
...
-
فيديو مداهمة سوريين في السعودية بعملية -حية- تشعل تفاعلا
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|