|
بين المواطن والسُلطة
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3308 - 2011 / 3 / 17 - 09:53
المحور:
المجتمع المدني
الدُول التي تعتمد بصورةٍ كبيرة ، على [ الضرائب ] التي تجنيها من المواطنين ، لتمويل ميزانيتها ... لها نظامٌ ضريبي صارم من ناحية يسري على الجميع ، ومن ناحية اُخرى لل " المواطن " حقوقٌ كثيرة مُصانة ، وله " أهمية " حاسمة مِن خلال صوته الإنتخابي ونشاطه المدني . فمن واجبات المواطن العامل سواء في القطاع العام ، الصغير عادةً .. أو القطاع الخاص الواسع والكبير .. مِن واجبهِ ان يدفع للدولة جزءاً من وارداتهِ ، مُقابل " الخدمات " الاساسية التي تُوفرها الدولة لهُ ، مثل توفير الأمن له ولعائلتهِ وأملاكهِ ، الكهرباء والماء والسكن ، التعليم والصحة ...الخ . أي ان هنالك علاقة مُتبادلة وثيقة ، بين المواطن [ دافع الضريبة ] ، وبين الحكومة التي لاتستطيع ان تتصرف لوحدها في أي أمر دون الرجوع الى " المواطنين " وأخذ رأيهم وموافقتهم . وبما انه ليس من المنطقي ، ان تسأل الحكومة " جميع " المواطنين وتأخذ موافقتهم ... فلقد إبتدعتْ " الانتخابات " لكي يكون هنالك " تمثيل " للمواطنين . وحسب عدد النفوس وحجم البلد ونظام الحكم ... فأن كُل نائبٍ مُنتخَب في البرلمان ، ينوب عن مئة ألف مواطن ، على سبيل المثال . طبعاً هذهِ الآلية ، ليستْ " مثالية " وليست خالية من النواقص .. لكنها على أية حال ، أحسن الطرُق العملية ، وأقربها الى العدالة . هذا هو ما يجري في معظم الدول العريقة في الديمقراطية . وبالمُقابل .. فأن البلدان ذات الإقتصاد " الرَيعي " ، أي مثل الدول التي تعتمد على النفط بصورةٍ رئيسية ، لتمويل الميزانية ... فإنها ليست بحاجة الى تَحّمُل " مِنِيَة " المواطن ! ، وبالتالي فانها ليستْ مُجبَرة لتوفير كافة الخدمات الاساسية له ، أو حتى إحترامه وصيانة كرامته ! ... وهذا ما يحدث مع الأسف ، في معظم الدول النفطية ، مثل العراق وكافة دول الخليج وليبيا والجزائر وغيرها . فهذه البلدان .. ليستْ فيها قوانين " مُلزمة للجميع " ، بل انها إنتقائية ولا تشمل السلطة ورجالها وبطانتها .. وهذه الأنظمة تميل الى ان يكون المواطن [ مُعتَمِداً ] على الدولة والحكومة ، في معيشتهِ وفي إستلام راتب آخر الشهر .. والسلطة هي التي تتحكم بمقدار الراتب ولها إمكانية التهديد والضغط ، غير المُباشر على المواطن ، في أي وقت ، وإفهامهِ ان السلطة هي التي تَمنُ عليه بالراتب وهي المتحكمة بمعيشتهِ ورزقهِ !. من الطبيعي ، ان هذا النوع من الأنظمة ، لا تُراعي حقوق المواطن الاساسية ، وتميل الى القمع والتسلط . هنالك مُعادلة بسيطة : كُلما خَرجَ المواطن من تحت سيطرة " السلطة " من ناحية الحصول على مَصدر رزق .. كُلما إستطاع ذلك المواطن ، ان يكون أكثر إستقلاليةً سياسياً ، ورافضاً للخنوع ومُقاوماً للإستبداد . ولهذا أعتقدُ ان الحكومات الحالية .. سواء في بغداد أو أربيل .. لاتُريد في الواقع ، ان يكون هنالك [ إستثمارات حقيقية ] في البلد .. إستثمارات في مجالات الزراعة والصناعة والسياحة والنهوض بالإقتصاد وتنويع مَصادر الدخل القومي والتقليل التدريجي من الإعتماد على النفط .. وبالتالي تشريع قوانين حديثة خاصة بالضريبة تسري على الكُل ، وتُراعي الطبقات الفقيرة ، وتعمل على تقليص الفوارق الاجتماعية وتُوزع الثروة بصورةٍ عادلة ... ان السلطات الحالية .. تُفّضِل كما أرى .. ان يكون المواطن موظفاً عند الدولة " يقبض راتباً " وبدون هذا الراتب لايستطيع الإستمرار بالعيش .. وتستخدم هذا الأمر كذريعة في عدة أمور : الشكوى الدائمة ان " الرواتب " تُثقل كاهل الميزانية وان فشل خطط التنمية سببه تعاظم الموازنة التشغيلية ! ... التذكير بين الحين والآخر ، بان السلطة اي الحكومة قد " رفعتْ " الاجور وبذلك إرتفع المستوى المعيشي للمواطن ! ...إعتماد المواطن " التراكمي " على الدولة والحكومة ، في إستلام راتبٍ " في كثيرٍ من الحالات بدون عملٍ حقيقي " ، يجعله أي المواطن آلةً طّيِعة بيد السلطة ، يتلاعبُ بها وِفقَ أهواءها ورغباتها ... وهنا تكمن الخطورة !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مُناضِلوا الشامبو والنَستلة !
-
طقوس الفَرَح
-
إنتفاضة دهوك 1991
-
مَنْ المُصاب بالصَمَم ؟
-
إستجواب برهم صالح وخطاب البارزاني
-
أسعار النفط .. لعبة الكِبار
-
المحكمة الإتحادية العليا في العراق
-
بين السُلطة .. والمُعارَضة
-
يوم المرأة .. الشعارات لا تكفي
-
ثلاث نكات
-
الوسام الفِضي للقذافي
-
بعضَ ما يجري في اقليم كردستان
-
التطورات الأخيرة في أقليم كردستان
-
وكيل وزير يَشتُم المُدّرِسين !
-
إنتفاضة 1991 ألمَنْسِية
-
إصلاحات جَذرية مطلوبة في الأقليم
-
تصارُع أحزاب السُلطة في مُظاهرات يوم الجمعة
-
القِطة لم تأكل الدجاجة
-
على هامش حرق فضائية ن ت ف
-
القذافي .. وصدام
المزيد.....
-
بعد 200 يوم من بدء الحرب على غزة.. مخاوف النازحين في رفح تتص
...
-
ألمانيا تعتزم استئناف تعاونها مع الأونروا في قطاع غزة
-
العفو الدولية تحذر: النظام العالمي مهدد بالانهيار
-
الخارجية الروسية: لا خطط لزيارة الأمين العام للأمم المتحدة إ
...
-
اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بتهمة تلقيه رشى
-
أستراليا.. اعتقال سبعة مراهقين يعتنقون -أيديولوجية متطرفة-
-
الكرملين يدعو لاعتماد المعلومات الرسمية بشأن اعتقال تيمور إي
...
-
ألمانيا تعاود العمل مع -الأونروا- في غزة
-
المبادرة المصرية تدين اعتقال لبنى درويش وأخريات في استمرار ل
...
-
مفوض أوروبي يطالب باستئناف دعم الأونروا وواشنطن تجدد شروطها
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|