أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - تسويات عراقية














المزيد.....

تسويات عراقية


ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 3229 - 2010 / 12 / 28 - 00:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يعجز العراقيون وتحديدا الساسة، عن ايجاد تسوية لأشد العقد التي تواجههم مهما استنفذت من وقت وجهد، وحتى لو شارفت الامور على الانهيار او حتى لو اريقت بعض الدماء هنا او هناك او تأثرت مصالح عامة او خرقت نصوص.
العراقيون، وعبر عدد من التسويات التي انجزوها خلال الاعوام القليلة الماضية، انتجوا اسلوبا خاصا في تجاوز الازمات، وهو اسلوب يقوم على عدة أسس، فالتسوية اولا تكاد تسمح لجميع الاطراف المشتركة فيها ان تتملص منها، وهي تتيح ايضا لكل طرف ان يتقمص دور الكريم الذي يتنازل للاخرين عن حقوقه من اجل الوطن والمواطنين كما تتيح له ادعاء عدم التنازل، والتسويات العراقية ايضا تتيح لكل طرف ان يدعي احراز النصر عبرها، كما ان هذه التسويات تقفز حدود المشكلة الواحدة لتربط دائما بين مشكلتين في حل واحد وهو ما تمثل بعبارات مثل "صفقة واحدة" او "سلة واحدة"، فقد تمرر الموازنة وقانون الانتخابات بصفقة واحدة رغم عدم وجود رابط بين الاثنين مثلا.
التسويات العراقية تبدو في نصوصها لاول وهلة، حاسمة وحازمة ومحددة بمواعيد، لكن ما ان يأتي موعد تنفيذ التسويات حتى نكتشف ان كل كلمة بل كل حرف في التسوية يرقد على قنبلة تقود الى سلسلة لا متناهية من التأويلات والثغرات، التي تسمح لكل طرف بالتملص من التزاماته، ونكتشف ان السقوف الزمنية هي حدود مطاطية يمكن طيها في حقيبة صغيرة يحملها سياسي عابر يوفر عذرا تلفزيونيا لتجاوز ما كان يعد مقدسا.
العراقيون يفخرون بانهم اول من وضع القوانين، واذا كان هذا يعني بانهم يجيدون وضع النصوص فهو يعني ايضا بانهم بدأوا مبكرا في التفكير بالتملص من تلك النصوص واكتشاف ثغراتها، والعراقيون ايضا هم مؤسسو علم الكلام الاسلامي الذي وضعه المعتزلة مع فكرة واصل بن عطاء عن المنزلة بين المنزلتين وهي فكرة مريحة لاول وهلة لكنها زرعت اللاوضوح والضبابية في الفكر الاسلامي برمته، ومثلت نموذجا للتسوية المريحة وغير الحاسمة في نفس الوقت، لكن هذا لا يعني ان الامتدادات الارثية والثقافية لنموذج التسويات المعاصرة تستمر الى تلك الجذور فهناك ما هو اقرب، مثل التسويات التي تنتجها مضايف شيوخ العشائر، ومساومات البيع والشراء في الاسواق الشعبية، وهاتان المؤسستان (العشيرة والسوق) لهما تأثير كبير في صياغة العقل السياسي.
التسويات العراقية تقف دائما في منزلة بين منزلتين وهي على ما توفره من راحة فإنها غش للذات وللجماهير، وهي في كل الاحوال لا تؤسس لحلول ولا تضع طرقا للتخلص من المشاكل، وبهذه الصيغة جاءت الكثير من النصوص الدستورية التي تفجرت عن تأويلات وازمات عدة، وبهذه الصيغة جاءت الاتفاقات السياسية والقوانين والموازنات وبرامج القوائم الانتخابية، وبهذه الصيغة وضعت بعض القوى قدما مع العملية السياسية وقدما ضدها، وبعقلية التسويات هذه هناك تعداد عام لا ينفذ، وتعديلات دستورية، وعملية مصالحة، واقتصاد سوق وتدخل دولة، وبهذه العقلية ايضا هناك حقوق مدنية لا تتناقض مع الشريعة ولا تتناقض مع الديمقراطية وحقوق الانسان، انها باختصار عقلية الضباب والهروب والتملص من كل التزام، عقلية التعادل فلا رابح ولا خاسر، وهي في النهاية تسويات اللاشيء.



#ساطع_راجي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحريات والمعارك الثانوية
- معركة الاستبداد
- مجلس آخر.. إن نفعت الذكرى
- ترحيب مستغرب
- سباق الفساد
- الزمن والحقيقة والتيه
- الآخرون وديمقراطيتنا
- الارهاب يقبل التحدي
- العلاقات الخارجية في حمى التفاوض
- جرس الموازنة
- سلاح المظاهرات
- طائف عراقي
- وكذب المنجمون
- بايدن ذهابا وايابا
- العراق والنموذج الصومالي
- في القسمة والتقاسم والتقسيم
- مجلس النواب في غيبته
- ما بعد الانسحاب
- للأزمة أكثر من وجه
- إنها معركة كبيرة


المزيد.....




- -يهدف إلى دفن فكرة الدولة الفلسطينية-.. فرنسا تدين مشروع إسر ...
- الولايات المتحدة تعلق التأشيرات الإنسانية للقادمين من غزة بع ...
- -الزرفة-.. كوميديا سعودية تحطم الأرقام القياسية في شباك التذ ...
- هل تبنى ترامب مطالب بوتين في قمة ألاسكا؟
- ما ملامح الاتفاق الذي يبشر ترامب بقرب التوصل إليه مع بوتين؟ ...
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله وتنديد فرنسي بمشروع استيطاني ...
- حماس والجهاد الإسلامي تدينان العملية الإسرائيلية شمالي قطاع ...
- رئيس وزراء السودان يوجه رسالة لشعب كولومبيا بشأن المرتزقة
- أبيدجان.. سوء فهم أعطاها اسمها
- هل يشهد موقف ألمانيا من إسرائيل تحولا تدريجيا بسبب غزة؟


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - تسويات عراقية