قال الله.. ربيع العربي-بساطة 16-


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 6615 - 2020 / 7 / 10 - 23:41
المحور: الادب والفن     

-قال الله: كلكم بذور خير.. منكم من يروي بذوره بالعقل وبالحياة.. فتزهر وتطعم المحتاجين قبله.. فلا يكن من الخاسرين.. ومنكم من أختار ظلام العقل.. فداس بذوره إلى يوم الدين.

الموت موت.. لا يوجد موت رديء وموت جميل…
الموت موت.. نهاية لمرحلة، فهو حتماً بداية لمرحلة أخرى مجهولة.. والمجهول مصاغ السماء لا نضع كبشر فيه أيّة ذرة.. حتى الذهب المغشوش.. لكننا نصنع المجهول!
-كيف…
-تعالوا معي لنرى ما يحدث اليوم في أرض (الميعاد) التي تخنق الأحلام وتمنع التفكير.. في زمن التكفير…

نحن في زمن الموت، لا أنكر هذا.. زمن الفيروسات..الجوع.. الحروب الباردة قبل الأهليّة، تجارة السلاح..الرقيق والمخدرات، زمن الملوك الذين يبيعون بلادهم وشبابها في سبيل وهم الكرسي.. زمن العطش في وقت تلويث الأخلاق قبل المياه..
نحن في زمن الافتراض السعيد والافتراض البائس.. في زمن زوال الأشياء العادية.. بينما في العاديات يكمن سرّ الحياة.
نحن في زمن التشهير والشهرة.. النفاق والتزلف.. بينما يحاول المدّعون إخراس الصادقين…
***********

-قال الله ويحكم أتغطون النساء و فقراءكم عراة؟ أتمنعون استخدام ما ميزتكم به عن الحيوان؟ أيّ دين تشوهون؟


وفي هذا الزمن يا شجعان ظهر (ربيع العربي) أحد أمهر الغلمان في العزف على الانترنت والرقص على الأحبال…

وضجت حكومات الواقع بالكلام عن مؤامرة يندى لها الجبين، خلقها نسل لعين لتدمير حضارة عمرها آلاف السنين.. نعم.. الحضارة نفسها التي لم يبق لنا منها من أعوام إلا الآثار…

ثمّ أجهز (المتدينون) على كثير من التماثيل.. معتقدين أنها أصنام.. بينما الصنم الكبير .. الصنم العظيم .. فرش سلطانه على تلك البلاد…
فغطى رؤوس الحريم.. وكشف عورات الذكور..
أخرس أصوات العقول.. ووضع مكبرات الصوت لنسمع نعيق الغربان من ثعالب الساسة وتجار الأديان…

فاضطررنا أن نمشي مغمضين.. يد على أعيننا ويد على آذاننا.. وتتناوبان..
نتعثر ببعضنا، ونصنع الحروب ولا ننشر إلّا البؤس في أخبار المبصرين..

وصار حوارنا اليومي بدل قهوة الصباح.. وصوت الغناء الجميل:
-أنت قطعت طريقي..
-لا.. أنت قطعت طريقي..
وكلّ يشير بالبنان إلى المجهول أمامه.. ولايرى أو يسمع من واقعه شيئاً..

انقسمت البلاد تحت أسماء كثيرة ليس فيها من وجع القلوب موجوع:
موالاة ومعارضة.. سنة وشيعة.. فقراء وأغنياء.. مع وضد…

لكن الحقيقة فإن عثرات الطرق الكثيرة لأناس مغمضي العيون لا يسمعون، لن تخلق حباً.. لن تدعم ديناً ولن تقيم في الحضارات سوى شجون… أصبحنا في بلد العميان من غير مشكلة في العيون…
***********

-قال الله أرواحكم مني وفيها من المعجزات ما لا يعد ولا يحصى..أتمنعون روحي فيكم من الحياة.. وتَدّعُون!


حباً في الحياة.. السعيد منا يجد طريقه إلى الحدود.. فيقطعها براً.. بحراً.. طيراناً.. أو موتاً..
ثم يرفع يديه عن عينيه..
فإما أن يكون من المحظوظين ويرى حقائق الأمور.. أو يصبح أعمى من طول ظلام العينين…
أما السمع.. فتأثر أيضاً.. وصار ل الصوت العالي فقط..
بسيطة .. لا أعلى من صوت الحق المبين.. فيه صوت الله لذلك يهاجمه الكافرون…

هكذا انتشرنا في كلّ البلدان.. نحن أبناء أغنى الأوطان.. نحتمل الغربة.. التهجير.. العنصريّة.. حمل الذكرى كي نحيا.. ونحمد الله على خريطة الحدود…
************


-قال الله أتمنعون الغناء..وتبيحون كراهية الفنون..
أتحاكمون الحب وتطلقون الجنس باسم الجنان
قدرتكم على الخلق هي ما أورثتكم.. فكيف تكذّبون؟

من ظلّ ضمن البلد الموعود، فتغطية عينيه -التي كانت مستحبة- أصبحت واجباً ثم فرضاً.. والمفروض حتماً يصبح من الدين في بلاد لا يعلم بها إلا رب العالمين…
تغطية الأذنين لا بد منها وإلّا هو من الناعقين…

وهؤلاء الذين يغشون.. ويشاهدون الحقائق كاملة من حين إلى حين.. يُقْتَلُون أو يُعْتَقَلُون أو هم بأحسن الأحوال بتشويه السمعه يُرْجَمُون..

هم لم يسمعوا صوت الله فيهم.. ليس فقط بسبب ضجيج الناعقين من مدّعي الدين.. ولا بسبب ما خيّطه الساسة (الملاعين).. بل لأن استخدام العقل ميزة.. وليس كل الناس في احترام نِعَمِ الله متساويين…
***********


-قال الله: كلكم بذور خير.. منكم من يروي بذوره بالعقل وبالحياة.. فتزهر وتطعم المحتاجين قبله.. فلا يكن من الخاسرين.. ومنكم من أختار ظلام العقل.. فداس بذوره إلى يوم الدين.

السعيد منكم من استخدم عقله، وحطم الأصنام. أم أنتم تحتاجون أقوال الله لنوايا الإنسان:
أن لا تقتل، لا تكذب..لا تسرق.. لا تلحق غريزتك كحيوان…
كم من ابراهيم مرّ في حيواتكم؟! تذكروا..
كتبكم كتب كناياتٍ.. ومنكم المُحْرِقُون…

نحن في زمن الموت لا أنكر هذا..
لكن شاهدوا ما أكثر من رفضوا تغطية العيون..
هم أخيارنا..
و لا خوف عليهم ولاهم يحزنون.



يتبع…

* بساطة : مجموعة مقالات في غاية البساطة..
تناقش مفاهيم بسيطة.. أفكار بسيطة.. أحلام بسيطة في عصر التعقيد.. التشريد و المفاهيم المتشعبة.