أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - علي أبو بكر شاعر العبور من الجمر إلى الغيم














المزيد.....

علي أبو بكر شاعر العبور من الجمر إلى الغيم


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8563 - 2025 / 12 / 21 - 14:14
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينةٍ تتقاطع فيها الأرواح وتتعانق الظلال، وُلد الشاعر علي حسين سلطان العلياوي، الذي حمل الاسم الشعري "علي أبو بكر" كرايةٍ تمخر العواصف، عام 1954 في النجف الأشرف، المدينة التي تختزنُ ملامحَ التاريخ وتبوحُ بأسرارِ التراث في كل زقاق وعتبة. هناك، نبتت أولى البذور، وتشكّل الوعي بين جدران المدارس المتوسطة، قبل أن يشدّ رحاله إلى الإسكندرية، لا على ضفاف النيل، بل على أرض العراق، حيث الحديد والنار والعرق يشكّلون وجها آخر من وجوه الإبداع.
في الإسكندرية الصناعية، كان يعمل بين المحركات، ويكتب بين الصمت والضجيج، شاعراً يقاوم صلابة الواقع بورقٍ هشّ، وقلبٍ لا يلين. لم يكن علي أبو بكر عاملًا وحسب، بل كان مؤسسًا في منتدى أدباء الإسكندرية، ومن أوائل من أشعلوا قناديله في ليالي بابل، وترك بصمته في الشعر العراقي التسعيني، زمن القهر والعتمة، حين كان النشر فعلاً يشبه التهريب، وكانت "الاستنساخات اليدوية" أشبه برسائل سرية تتنقل بين الخائفين والحالمين على حد سواء.
بين الجوع والملائكة... ولادة النص
في مجموعته الشعرية "ملائكة الجوع"، كتب علي أبو بكر نصه من عراء الروح، بلغة مجروحة، تحفر في القلب مثل فأسٍ تبحث عن ماء. لم يكن الشعر عنده زينةً للقول، بل صرخة في برية المنفى الداخلي. وها هو الناقد سلام كاظم فرج ينصفه حين يقول إن علي أبو بكر من مؤسسي الحركة الثقافية في الإسكندرية، ومن الذين اضطرهم الفقر والإقصاء إلى ابتكار طرائق نشر تشبه المغامرات الثورية.
بين العمودي والتفعيلة... روح لا تصطف خلف الرايات
ينتمي علي أبو بكر إلى ذلك الجيل الشعري الذي لم ينكر الجذور العمودية، لكنه لم يتردد في السباحة نحو تخوم التفعيلة، حتى إذا احتدم السؤال، أجاب بعين الناقد والبصير: "العمودي هو الأصل، والتفعيلة ابنته الشرعية، أما قصيدة النثر فهي الجنين المدهش الذي أفلت من حبل السرة وانطلق".
لكنه، في الوقت ذاته، لا يزجّ نفسه في خندقٍ دون آخر، بل يرى في الشعر "حالة تسامٍ صدفوية، اندلاع رؤيا، لا تخطيطًا لصفقة رابحة"، ويشبه نفسه ب" قنّاص عاشق" ينتظر طريدته الشعرية التي لا تأتي إلا حين تشاء.
في حضرتك أيها النص
قصيدة علي أبو بكر ليست إيقاعًا فقط، بل أثرٌ لغوي وجمالي يتكئ على "سلاسة الإرسال ورصانة الثيمة ومعمار اللغة". وفي حواره، لا يختار نصًا بعينه ليقدمه كنموذج، لأنه يرى أن كل نص هو تجلٍّ لحالة إلهامية لا تُستنسخ.
هكذا يتنقل بين "رحلة" و"ملائكة الجوع"، ويستعد لإصدار "بعد ذبول الذاكرة"، كأن الذاكرة عنده كائن حيّ يذبل حين يُرهق من كثرة التذكّر، لكنه لا يموت.
كتبوا عنه... فأنصفوا الشعر في ذاته
كتب عنه نقاد كبار، من محمد صابر عبيد إلى عبد الرحمن غركان، ومن نادية العزاوي إلى خضير ميري وريسان الخزعلي ومحمد العميدي، كما كتب عنه شعراء من أمثال ناهض الخياط وسلام كاظم فرج وإياد الشمري ورياض الغريب، في مشهد يدل على أن شعره لم يكن هامشًا ولا صدى، بل نواة تُرسم حولها الدوائر.
المثقف بين الأمية والتكنولوجيا
يرى علي أبو بكر أن ما يُروّج له من عزوف عن القراءة لا يمثل الواقع بدقّة، ويصرّ على أن الإنترنت، رغم كل مساوئه، خلق فسحة لا نهائية من الوصول المعرفي، وأتاح لمن يشاء أن يتثقف، كما لم يحدث من قبل في التاريخ.
في المهرجانات... وفي الذات
شارك في مهرجانات مرموقة مثل المربد والجواهري، وكانت له قراءات شعرية في العراق وسوريا، ونُشرت قصائده في الصحف العربية والمحلية، وأقيمت له أمسيات في البيت الثقافي العربي ومنتدى الإسكندرية، لكنه، رغم كل ذلك، لا يقدّم نفسه كنجمٍ أو ناطق باسم أحد، بل كغيمة ماطرة مترعة بالأنوار، لا تعرف أين ستستقر، ولا بأي أرض ستفيض.
وهو من الشعراء الذين كتبوا من هوامش الحياة، لكن نصوصهم صارت مركزًا حقيقيًا لمن يريد فهم ذلك المزاج العراقي المركّب، الممتد بين النار والطين، بين الثورة والخذلان، بين القصيدة والخسارة.
هو شاعر القصيدة التي تمشي على أطراف الحياة، فلا تسقط في الرومانسية، ولا تنغلق على البلاغة، بل تبني صداها من وجعٍ شخصيٍ عميق، وتجربة إنسانية لا تتجمّل.
وفي زمنٍ ضجّ بالضجيج، يظل علي أبو بكر واحدًا من أولئك الذين يعرفون كيف يصنعون من الصمت بيتًا للشعر، ومن الجوع ملائكة.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد كاظم جواد شاعر يغمس ريشته في دهشة الطفولة وحنين الإنسان
- علي تاج الدين شاعر الأسطورة والمجازات العالية
- عبود المهنا الناقد الذي نسج المسرح بالفكر، وقرأ الجسد بعيون ...
- كامل الدليمي رجلٌ عبرَ الحياة بين القصيدة والقلق
- علي عبد الأمير عجام الشاعر الذي سكنه الإعلام، والناقد الذي أ ...
- علاء مظلوم... الشاعر الذي أنصتَ لجلنار الوجود
- عباس بغدادي قلم الحلة المتفرد بين دفء التراث ونبض الحداثة
- علاء الكتبي رجل الذاكرة الحيّة، وسادن الثقافة في مدن الفرات
- عباس السلامي: غيم القصيدة وظلال الذات
- صلاح عباس العين التي أرّخت الجمال، والريشة التي كتبت بالنقد ...
- جواد كاظم محسن رحّالة في دروب الذاكرة والتراث
- زهير الجبوري ناقد يلتقط تحولات النص وتقلّبات العصر
- صباح شاكر العكام... سارد الذاكرة وراوي التمردات الصغيرة
- شاكر هادي غضب فنان الحروف، وباحث الذاكرة الشعبية
- محمد عبد الجليل شعابث سادن الذاكرة الشعبية وباحث الضوء الخاف ...
- سعد خليل الكبيسي كاتبُ الذاكرة ومحفوظاتُ الوجدان المحلي
- يحيى الربيعي شاعر المنتهى وإشراقات الأزل
- محمد حسين حبيب صوت نقدي بصري يُضيء المسرح العربي
- بابل تنتخب مجلس إدارة اتحاد أدباء بابل عرس ثقافي باسم ناجح ا ...
- علي شاهين الشاعر الذي غرس صوته في شجرة المعنى


المزيد.....




- تركيا تعلن العثور على حطام الطائرة التي كانت تقلّ رئيس أركان ...
- نشرة الكان 2025 : انتصار كبير لمنتخب تونس في مباراته الأولى ...
- هل تعيش تونس أفضل عصورها أم تحولت إلى سجن كبير؟
- الرسالة الأخيرة لطائرة الحداد.. هل تكشف سبب تحطمها؟
- بلجيكا تنضم رسمياً إلى دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في محكمة ...
- إعلان مقتل قائد الجيش الليبي وقادة آخرين في تحطم طائرتهم فوق ...
- كأس الأمم الأفريقية 2025: تونس تسجل انطلاقة مثالية بفوزها عل ...
- نيجيريا تتجاوز تنزانيا بصعوبة في افتتاح مشوارها بكأس الأمم ا ...
- إيران تدرس خيارات الرد على إسرائيل
- ما الأسباب المحتملة لتحطم طائرة رئيس الأركان الليبي؟


المزيد.....

- كراسات شيوعية (مذكرات شيوعى ناجٍ من الفاشية.أسباب هزيمة البر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - علي أبو بكر شاعر العبور من الجمر إلى الغيم