أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - علي عبد الأمير عجام الشاعر الذي سكنه الإعلام، والناقد الذي أغواه الصوت














المزيد.....

علي عبد الأمير عجام الشاعر الذي سكنه الإعلام، والناقد الذي أغواه الصوت


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8556 - 2025 / 12 / 14 - 11:42
المحور: سيرة ذاتية
    


من زقاقٍ ضيقٍ في محلة النزيزة، في قضاء المسيّب، حيث تتنفس الأرض الحكايات، خرج علي عبد الأمير عجام حاملاً في روحه إرث أسرة عرفت الحرف والنقد والموقف؛ فشقيقه هو الناقد الشهيد قاسم عجام، وما بين الدم المشترك والقلم المتوهج، انطلقت مسيرة علي في الكتابة والصوت والحلم.
ولد عام 1955، لعائلةٍ عراقية جذرها في آل عجام الخفاجي، ونشأ في مدينة المسيّب، تلك المدينة التي تمزج الفرات بالتاريخ. اجتاز الدراسة الإعدادية في الفرع العلمي، فالتحق بكلية الطب البيطري في جامعة بغداد، وتخرج عام 1978، ولكن القلب لم يكن في التشريح، بل في الكلمة، في العبارة التي تتوهج في النصوص، وفي الجملة التي تقود إلى كشف أعمق من ظاهر الوقائع. ومن مقاعد الكلية، بدأت رحلته مع الصحافة، فكان ينشر قصائده الأولى ويكتب بأسلوب ناضج يسبق عمره، ويمشي نحو المستقبل بخطى شاعر وإعلامي في آن.
رجلٌ جمع بين الشعر والميكروفون، بين القصيدة والمقال، بين الكلمة الموزونة والتقرير التلفزيوني، فصار صوتًا ثقافيًا متفرّدًا في ساحةٍ تزدحم بالأصوات العابرة. لم يكن إعلاميًا فحسب، بل كان يحمل وعي الشاعر وحدس الناقد، وعيًا يتجلى في كل حرف كتبه، وفي كل فكرة بثّها على شاشة أو في صحيفة.
منذ مغادرته العراق عام 1997، صار علي عبد الأمير مقيمًا في فضاء الكلمة الحرة. كتب، وحرّر، وقدّم البرامج، وتولّى مسؤوليات تحريرية في منابر ثقافية وإخبارية رصينة: من صحيفة الرأي الأردنية، إلى الحرة عراق، إلى صحيفة الحياة، إلى مجلة مشارف الفلسطينية، فـ اليوم السابع في باريس، ومجلة الموسيقى العربية، وصحيفة الاتحاد الاماراتية. لا مكان استقر فيه إلا وترك أثرًا واضحًا، لا يطغى، لكنه لا يُنسى.
أدركه الإعلام لكنه لم يُفلت الشعر. أصدر ثلاث مجموعات شعرية لافتة:
يدان تُشيران لفكرة الألم (1992).
خذ الأناشيد ثناءً لغيابك (1996).
بلاد تتوارى (2005).
شعره نثري الطابع، حداثي النفس، متكئ على حساسية لغوية عالية، وعلى تجربة عاطفية وفكرية مركّبة، فيها العراق كجرح، والمنفى كمنفى للذات لا للمكان فقط. كتب الحزن كما يُكتب الفقد، وكأنه يترجم غياب العراق إلى صورة، والغياب إلى تراتيل.
وفي النقد، كان عجام صوتًا استثنائيًا في تحليل الشعر والموسيقى، خصوصًا حين اتجه إلى دراسة الأغنية الغربية واشتباكها مع الذائقة الثقافية، فكتب كتابه نجوم الأغنية الغربية في الثمانينات، ونشر مقالاته في مجلات رصينة مثل الثقافة، فنون، نزوى، الطليعة الأدبية، الموسيقى العربية، وصحف دولية كـ الحياة، والاتحاد، والصباح الجديد. وكانت مقالاته أقرب إلى دروس في الإنصات، يحلل فيها البُنى اللحنية كما يحلل الشاعر قصيدته، ويفكك الكلمة المسموعة كما يُفكك النص المكتوب.
يصفه بعض النقاد بأنه المثقف المركّب، الذي يصعب حصره في خانة واحدة: فهو إعلامي محترف، وشاعر متجدد، وناقد موسيقي بصير، وصحفي ذو وعي سياسي واجتماعي. عبر مقالاته ومداخلاته ومحاضراته في اتحاد الأدباء، وجامعة بغداد، والمستنصرية، وملتقيات عمان وبغداد.
أما أسلوبه، فكان دائمًا يحمل نكهة "الكاتب الذي يفكر"، و"الصحفي الذي يهمه الجوهر لا العنوان"، والناقد الذي لا يهادن اللغة، بل يعيد تشكيلها. يكتب بمزيج نادر من العاطفة والفكر، ومن الفصاحة والتحليل، فلا هو الصحفي التقليدي، ولا هو الناقد الأكاديمي الصلب، بل جسر بين العوالم.
وقد اعتبره النقاد جزءًا من الجيل الطليعي الذي حافظ على اتصاله بالحداثة من دون أن يقطع جذوره مع التراث، فقصيدته تمشي في دروب السيّاب والبياتي، لكنها تنعطف في لحظات إلى مقامات أدونيس والماغوط، ومقاله يحفظ لغة الجرائد لكنه يعلو إلى مستوى الرؤية النقدية العميقة.
في زمن السطحي والمستعار، يظل علي عبد الأمير عجام من الأسماء التي تشبه أرشيفًا حيًا لثقافة العراق في المنفى، ومن القامات التي ما زالت تكتب بصدق، وتحاور بعين الشاعر، وتُحلل بأذن الناقد، وتُدوّن كما لو أن كل حرف هو محاولة لردّ الاعتبار لبلدٍ اسمه العراق، ذاب كثيرًا في النسيان.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاء مظلوم... الشاعر الذي أنصتَ لجلنار الوجود
- عباس بغدادي قلم الحلة المتفرد بين دفء التراث ونبض الحداثة
- علاء الكتبي رجل الذاكرة الحيّة، وسادن الثقافة في مدن الفرات
- عباس السلامي: غيم القصيدة وظلال الذات
- صلاح عباس العين التي أرّخت الجمال، والريشة التي كتبت بالنقد ...
- جواد كاظم محسن رحّالة في دروب الذاكرة والتراث
- زهير الجبوري ناقد يلتقط تحولات النص وتقلّبات العصر
- صباح شاكر العكام... سارد الذاكرة وراوي التمردات الصغيرة
- شاكر هادي غضب فنان الحروف، وباحث الذاكرة الشعبية
- محمد عبد الجليل شعابث سادن الذاكرة الشعبية وباحث الضوء الخاف ...
- سعد خليل الكبيسي كاتبُ الذاكرة ومحفوظاتُ الوجدان المحلي
- يحيى الربيعي شاعر المنتهى وإشراقات الأزل
- محمد حسين حبيب صوت نقدي بصري يُضيء المسرح العربي
- بابل تنتخب مجلس إدارة اتحاد أدباء بابل عرس ثقافي باسم ناجح ا ...
- علي شاهين الشاعر الذي غرس صوته في شجرة المعنى
- كامل حسين المقيم على حافة الجمال
- مرثية جيلٍ ومدينة قراءة في قصيدة -بغداد- لحسين نهابة
- سناء الأعرجي القصيدة التي مشت على ضفاف الفرات
- الفنان سمير يوسف بابل تمدّ يدها إلى اللون
- موفّق محمد الناي الصادح بالحقيقة


المزيد.....




- هل كانت تحية صلاح لعائلته بعد الانتهاء من مباراته الأخيرة ود ...
- غضب وإدانة واسعة حول العالم لهجوم سدني ومعاداة السامية
- شاب تونسي يحوّل حلمه إلى حديقة حيوانات ذات بعد بيئي وتربوي
- تنديد إسرائيلي بهجوم سيدني واتهامات للحكومة الأسترالية بالفش ...
- ما الذي نعرفه عن هجوم سيدني الدامي؟
- اشتباكات بين الشرطة التونسية وشبان بعد وفاة رجل
- ليبرمان يتهم نتنياهو بسرقة أموال الجنود لإرضاء -الحريديم-
- القضاء الإسرائيلي يلغي قرار نتنياهو إقالة المستشارة القضائية ...
- حزن ولوم.. المنصات تتفاعل مع اغتيال الاحتلال رائد سعد
- العليمي يتمسك بانسحاب -الانتقالي- من حضرموت والمهرة


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - علي عبد الأمير عجام الشاعر الذي سكنه الإعلام، والناقد الذي أغواه الصوت