أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - محمد عبد الجليل شعابث سادن الذاكرة الشعبية وباحث الضوء الخافت














المزيد.....

محمد عبد الجليل شعابث سادن الذاكرة الشعبية وباحث الضوء الخافت


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8522 - 2025 / 11 / 10 - 09:58
المحور: سيرة ذاتية
    


في قلب مدينة الحلة، عند تقاطع الأزقة المضمخة برائحة التاريخ ونبض الفرات، وُلِد محمد عبد الجليل شعابث في العاشر من شباط عام 1965، وتفتّح وعيه على الحكايات التي كانت الأمهات تسردها في ليالي الشتاء، وعلى الأبواب الخشبية التي كانت تنفتح على عالم من الألفة والمرويات الشعبية. ومن هناك، من محلة الطاق، بدأت رحلته مع التراث، لا كمستهلكٍ مأخوذ بسحر الماضي، بل كمنقّبٍ صبور، يفتّش في الغبار عمّا تُخفيه الزوايا من جمال ومعنى.
بدأ شعابث حياته العملية في مجال الصحة بعد حصوله على دبلوم عالٍ من معهد الصحة العالي سنة 1985، لكن الروح التي تسكنه كانت تميل إلى الحروف أكثر من المشارط، وإلى دفاتر القصص أكثر من تقارير الفحص. فانتقل إلى دراسة الإعلام، نال فيه البكالوريوس ثم الماجستير، وجعل من تخصصه هذا جسراً بين الوعي الثقافي والممارسة المعرفية، وبين التراث كهوية والإعلام كأداة.
باحث لا يقنع بالسطح
تميّز محمد شعابث بمشروعه الثقافي المتين، إذ اختار أن يُدوّن لا ما يتكرر، بل ما يُنسى، وأن يُحيي لا ما يُروى دومًا، بل ما أوشك أن يُهمل. كتب عن التراث الشعبي بحسّ العارف، وبعين العاشق، فجاءت كتبه محمّلة بعطر البيوت الحلّية القديمة، ودفء المجالس، وتفاصيل اللهجة وملامح الناس. في كتابه "شبابيك حلّية"، كما في "اللغة السايسانية في التراث الحلي"، نلمس جهده في انتشال الذاكرة من براثن الإهمال، وتقديمها للقارئ بروح علمية وأدبية معًا.
لم يكن شعابث أسير الكتابة التراثية فحسب، بل تنوّع نتاجه الأدبي، فكتب القصة القصيرة أيضًا، وترك فيها بصمته الخاصة. ففي مجموعتيه "بائع الهم" و"ضجيج جميل"، نقرأ للناس البسطاء، لأوجاعهم الصغيرة، وانتصاراتهم الخفيّة، بتقنيات سردية ناعمة لا تتكلف، لكنها تترك في الروح أثراً لا يُمحى. وبلغت مجموعته "ذاكرة حاضرة" حدّ المزج بين القص والتأمل، بين الواقع والرمز، بطريقة أدهشت كثيراً من النقاد.
صوت في الهيئات والمنتديات
ما بين كونه عضوًا في اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، ومستشارًا ومؤسسًا في عدد من المتاحف والهيئات الثقافية، ظل محمد شعابث طاقة حيوية لا تهدأ. أسهم في تأسيس هيأة تراث بابل وهيأة تراث النجف، كما كان رأس رمحٍ في جهود الإحياء والتحديث الحضاري، مسخرًا معرفته لترسيخ قيمة التراث بوصفه قاعدة انطلاق نحو المستقبل.
وقدّم محاضراته في جامعات ومجالس عراقية وإيرانية، مبرزًا أهمية الإعلام في إحياء التراث الحسيني، وهو ما تناوله علميًا في رسالته للماجستير وبحوثه اللاحقة، التي اتخذت من الإعلام منصةً لإعادة الاعتبار للهوية الثقافية والدينية.
نقاد تحدثوا عنه...
رأى فيه بعض النقاد صورة الباحث الذي يجمع بين وفاء الماضي وقلق الحاضر. قال عنه أحدهم: "في كل نص يكتبه، ثمة حرص مخلص على حفظ التفاصيل الصغيرة، كما لو أن في ضياعها ضياعًا لجزء من الذات العراقية." وكتب آخر: "في تجربته القصصية، لا يعلو الصوت الفني على الهمّ الإنساني، بل يتكاملان في حوار داخلي يمنح القصة معناها ومكانتها."
أما الذين عايشوا حضوره في المؤتمرات الثقافية، فيرونه "صوتاً رصيناً" و"باحثاً يقف في الظل ليضيء غيره"، لا يطلب من المجد شيئاً سوى أن تُسمع الحكايات التي يخاف عليها من الصمت.
الكتابة التي لم تطبع بعد...
وفي الدرج، تنتظر أوراق لم تسقط أن ترى النور في ديوانه غير المطبوع، فيما يلوّح كتابه "من هنا وهناك" كفسيفساء جديدة من المشاهد والرؤى. وحين تُطبع، لا شك أن محمد عبد الجليل سيضيف بها فصلاً جديداً إلى سيرته الطويلة مع الكتابة، لا باعتبارها حرفة أو مهنة، بل كونها حياة.
هكذا، يبدو محمد عبد الجليل شعابث أشبه بمُفهرِسٍ كبير لذاكرة الجنوب، يكتب كي لا ننسى، ويسرد كي لا نذوب في التيارات الجارفة التي تسعى لاقتلاع الناس من جذورهم. وحين تسأله: لماذا تكتب؟ فقد يجيبك كما أجاب ذات مرة في أحد لقاءاته: "لأقول إننا كنا هنا... وكان للحكاية بيت وأثر."



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سعد خليل الكبيسي كاتبُ الذاكرة ومحفوظاتُ الوجدان المحلي
- يحيى الربيعي شاعر المنتهى وإشراقات الأزل
- محمد حسين حبيب صوت نقدي بصري يُضيء المسرح العربي
- بابل تنتخب مجلس إدارة اتحاد أدباء بابل عرس ثقافي باسم ناجح ا ...
- علي شاهين الشاعر الذي غرس صوته في شجرة المعنى
- كامل حسين المقيم على حافة الجمال
- مرثية جيلٍ ومدينة قراءة في قصيدة -بغداد- لحسين نهابة
- سناء الأعرجي القصيدة التي مشت على ضفاف الفرات
- الفنان سمير يوسف بابل تمدّ يدها إلى اللون
- موفّق محمد الناي الصادح بالحقيقة
- هلال الشيخ علي حين تهمس القصيدةُ باسم الأرض
- سلام القريني القاص الذي كتب بالمجهر أدبًا، ونفخ من روحه في ا ...
- علي بيعي سادن القصيدة الشعبية الحديثة وظلالها الحزينة
- علي لفتة سعيد الشاعر الذي لا يغادر شعبه، والرائي الذي يسكنه ...
- سعد جاسم: بين الغربة والقافية — رحّالةٌ في الشعر والحلم
- صادق باقر.. شاعر يسكنه القلق وتضيئه الكلمات
- علي الطائي بين مشرط الطب ومبضع القصيدة
- زهير المطيري خمسون عاماً من المسرح والحرف
- عبد الحسين العبيدي القاص الذي يفتّش عن المعنى في ظلّ العنكبو ...
- الدكتور عامر عبد زيد بين التاريخ والحداثة، في رحاب الفلسفة و ...


المزيد.....




- رئيس الاستخبارات الفرنسية يكشف رغبة الجزائر في استئناف الحوا ...
- الكشف عن برامج بمليارات الدولارات.. قراصنة مرتبطون بإيران يز ...
- ستة قتلى في ضربات اميركية جديدة على قاربين مشتبهين بتهريب ال ...
- بين إسرائيل وحماس.. مأزق ترامب في إيجاد -شرطي- لحفظ السلام ف ...
- العراق .. صورته بدلا من صورة زوجته المرشحة للانتخابات!
- شهادات ميدانية عن محاولات المستوطنين قتل صحفيين بالضفة
- ضمن حملتها في السودان.. قطر الخيرية توفر حضّانات وأجهزة علاج ...
- الجيش الإسرائيلي يبدأ مناورات واسعة النطاق في الضفة الغربية ...
- بالأرقام.. ما خطة الاستجابة الإنسانية للسودان 2025؟
- ألمانيا تطلب من الجزائر -عفوا إنسانيا- عن الكاتب صنصال


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - محمد عبد الجليل شعابث سادن الذاكرة الشعبية وباحث الضوء الخافت