أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - علي بيعي سادن القصيدة الشعبية الحديثة وظلالها الحزينة














المزيد.....

علي بيعي سادن القصيدة الشعبية الحديثة وظلالها الحزينة


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8503 - 2025 / 10 / 22 - 15:12
المحور: سيرة ذاتية
    


في إحدى زوايا الحلة القديمة، وتحديدًا في محلة الجامعين، بزغ نجم شاعر حمل همّ الناس على كتفيه، ونسج من ضوء الفجر كلمات تمورُ بها الشكوى وتغني بالأمل... هناك وُلد علي عزيز بيعي عام 1946، ليكون فيما بعد أحد الأسماء المضيئة في خارطة الشعر الشعبي الحديث في العراق، وأحد أولئك الذين هتفوا للحرية فأوجعتهم الأصفاد، وتغنّوا بالكادحين فعاقبهم الجلادون.
نشأ بيعي في بيئة تنبض بالحياة، وتخرّج من معهد المعلمين عام 1970، وعُيّن معلّمًا في الموصل، ثم عاد ليستقر في مدينته الحلة. لكن التعليم لم يكن سوى جزء من كيانه، إذ كانت القصيدة تسكنه منذ فتوة مبكرة، وكانت المفردة عنده عشقًا، والصورة الشعرية وعدًا لم يُخلفه يومًا.
في أواسط ستينيات القرن الماضي، بدأت ملامح تجربته الشعرية تتضح، حين انضم إلى ندوة "عشتار" الأدبية في الحلة، وهي ندوة بارزة كتب عنها الباحث عبد الرضا عوض، ووثّق نشاطها في كتاب نُشر عام 2010. هناك، وسط كوكبة من الأدباء والمثقفين، بزغ صوته واضحًا ومميزًا، وهو يكتب القصيدة الفصيحة والشعبية معًا، لكن روحه وجدت في الشعر الشعبي أفقًا أرحب، فحلّق فيه، مغامرًا باللغة، وبالبنية، وبالموقف.
كان ماركسيًا لا يخفي انتماءه، فكان جزاؤه المرض والخذلان. فقد مُنع عمله الأوبرالي "البحّارة" في السبعينات، وكان من أبرز الأعمال الغنائية التي أُجهضت قبل أن ترى النور بسبب موقف السلطة من توجهاته الفكرية، إذ ظل بيعي وفيًّا لفقراء بلده، متمسكًا بقيمه، يكتب عن الحرية والعدل والناس البسطاء. ولم يكن مجرد شاعر، بل كان شاهداً حزينًا على انكسار الحلم، حيث واجه القمع بصمت، إلى أن وافته المنية في 24 شباط 1981، متأثراً بمرض لم يكن معزولاً عن المناخ الخانق الذي عاشه.
وفي عام 2008، أحيا محبّوه أمسية استذكاريه في جمعية الرواد في الحلة، مساء يوم جمعة، كأنهم يريدون أن يعيدوا لروحه بعضًا من العزاء، وأن يعترفوا له بما كان يستحق من حياة ومجد. لكن المفارقة المريرة أن ديوانه الشعري، الذي وعد قريبه صلاح بيعي بجمعه ونشره، ظل طيّ النسيان رغم مضي أكثر من عشرين عامًا على ذلك الوعد.
نقاد الأدب الشعبي ممن عايشوا تجربته، رأوا فيه أحد روّاد الحداثة الشعرية في الجنوب والوسط العراقي. فهو لم يكن شاعرًا تقليديًا يسبح في فلك الموروث دون تمرد، بل كان يسعى إلى بناء نصّ شعبي جديد، متين البنية، غني الدلالة، يتكئ على لغة عصرية وصور مبتكرة، دون أن يتخلى عن روحه العراقية الأصيلة. وقد كتب عنه بعض النقاد بوصفه شاعرًا كان بإمكانه أن يكون أحد أبرز أصوات الشعر الشعبي الحديث، لولا الردة الثقافية والسياسية التي اجتاحت البلاد، وأعادت القصيدة إلى الوراء، حيث الاجترار والتقليد والتسطيح.
كان علي بيعي يؤمن بأن الشعر الشعبي يمكن أن يكون عالميًا في روحه، إن حمل همّ الإنسان، وتجاوز محليته الضيقة، وقد حاول أن يبرهن على ذلك في نصوصه، التي لم يُتح لها أن تخرج إلى الناس بتمامها، لكن من عرفوه وحفظوا شيئًا من شعره، يدركون أي خسارة فادحة لحقت بالثقافة العراقية برحيله المبكر.
إن الحديث عن علي بيعي، ليس استذكارًا عابرًا لشاعر منسي، بل هو استدعاء لأحد الذين حاولوا أن يمنحوا القصيدة الشعبية حياةً جديدة، وصوتًا مختلفًا، قبل أن تلتفّ حولهم خناجر السياسة، وتغيب ملامحهم في الضباب. فلربما آن الأوان أن يُنشر ديوانه، ويُعاد الاعتبار لصوته، ويُقرأ شعره بوصفه جزءًا من مقاومة جمالية وثقافية ضد القبح والاضطهاد. ولا يزال اسمه، بين ركام السنين، يلمع كوردةٍ نبتت على ضفة نهر الفرات، ورفضت أن تذبل.
من شعره قصيدته التي يقول فيها:
يا شعبي يا غنـــوتي
يالبفرح هلــــــــــيت
وطفيت بي التــــعب
اوجيتني وجيـــــــت
انت نبع دنـــــــــيتي
ومنك ترابــي رويت
وانت فخاتي الصبح
وانت حمامة بــــيت
وانت الابو المنحني
ونعم الابو وربيـــت
وكأن الموت يراوده ويقرع خياله لذلك يقول عنه:
ها.. بالموت
وجه بنادم، دنيه ﭽبيره
تمشي بگلب بنادم.. صوت
وصوت بنادم، شهگة غيره
ما تغفه أعله الذل وتموت
دم يسولف
دم يخاف
دم يطحن.. ذايب بسكوت
دم يرد بعظم بنادم..
ﭽيلة ترد روحه بلا موت
دم يفز بليل بنادم
نجمه وعل الغافين تفوت
ويبدع في قوله:
ينار الما طفاﭺ الغيث... اطفيـﭺ بدمع عيني
اطفيـﭺ ابرمل مــــــــــا شاف گطرة ماي
أظل گاعد أتاني الناس..عودنهم يعضدوني؟
وتمر الناس.. تعبانه..
يتوﭽاله ابـﭽتف تعبان
وخط عالرمل هاي بذيـﭺ.. ذيـﭺ بهاي
وصعد للسمة عيني
أشوف الغيم يتلاطم.. سفن بيضه بلا سفان



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي لفتة سعيد الشاعر الذي لا يغادر شعبه، والرائي الذي يسكنه ...
- سعد جاسم: بين الغربة والقافية — رحّالةٌ في الشعر والحلم
- صادق باقر.. شاعر يسكنه القلق وتضيئه الكلمات
- علي الطائي بين مشرط الطب ومبضع القصيدة
- زهير المطيري خمسون عاماً من المسرح والحرف
- عبد الحسين العبيدي القاص الذي يفتّش عن المعنى في ظلّ العنكبو ...
- الدكتور عامر عبد زيد بين التاريخ والحداثة، في رحاب الفلسفة و ...
- طه التميمي.. شاعر الضمير الشعبي وصوت الطبقة الكادحة
- رائد النافعي السارد الذي اختزن بابل في قلبه وحررها على الورق
- سعد الحداد حضور أدبي وعطاء إنساني
- الناقد سامر جلاب صانع المرايا في دروب الشعر والنقد
- حواريّة الموت-.. مرثية عراقية موجعة
- حيدر العميدي الناقد الذي قرأ المسرح بجسد الروح
- شريف هاشم الزميلي شاعرٌ بنكهة الأسطورة وناثرُ حلمٍ لا يشيخ
- صدام غازي الشاعر الذي يسكب القصيدة في كأس الخمر والخراب
- طبع الذهب حين تحترق القصيدة بنار الحب.. علي الشباني ومرآة ال ...
- شاكر نصيف الشاعر الشهيد الذي اشتعل بالشعر وانطفأ برصاص الطغا ...
- سعد الشريفي شاعر الغربة والجمرات
- جبر داكي شاعر غنّى للحياة حتى رحيله
- جابر القاري صوت السدة الذي ذاب في الحسين


المزيد.....




- فيديو لمحتجين يحرقون سيارة شرطة خارج مركز لجوء في دبلن
- ينتقد إسرائيل.. العدل الدولية تصدر رأيًا استشاريًا بشأن إدخا ...
- بعد تأكيد ترامب رفضه ضم الضفة.. الكنيست يقرّ تمهيديًا قانون ...
- بمساحة 90 ألف قدم مربع.. ترامب يشرع في بناء -قاعة رقص- تفوق ...
- فضل شاكر يمثل أمام محكمة الجنايات في بيروت وسط إجراءات مشددة ...
- ?هكذا تتعامل مع تشنجات الحمى لدى الأطفال
- ترامب حول الذكاء الاصطناعي لسلاح جديد في ترسانته الدعائية
- ضحايا قمع احتجاجات -إند سارس- في نيجيريا ينتظرون العدالة
- طهران تلوّح بوقف التفاوض مع واشنطن وتكشف الأسباب
- روسيا تجري تدريبات نووية ضخمة وتعلن السيطرة على مواقع جديدة ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - علي بيعي سادن القصيدة الشعبية الحديثة وظلالها الحزينة