أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - عبد الحسين العبيدي القاص الذي يفتّش عن المعنى في ظلّ العنكبوت














المزيد.....

عبد الحسين العبيدي القاص الذي يفتّش عن المعنى في ظلّ العنكبوت


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8494 - 2025 / 10 / 13 - 14:14
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة الحلة، تلك التي تغفو على ضفاف الفرات وقد خبّأت في تربتها أصوات الأولين ونداءات الشعراء، ولد القاص عبد الحسين رشيد صالح خطاب العبيدي في 8 تموز عام 1956، وما أن تفتّحت حواسه حتى أدرك أن للكلمات ظلًا أعمق من ظل الإنسان. ومنذ بداياته الأولى، كان الهمّ السردي ينهض فيه كما تنهض النبوءة القديمة في كاتبٍ لم يختر قدره، بل وُهب له.
تخرّج من كلية الآداب – جامعة بغداد عام 1977، حاملاً شهادة أكاديمية، لكنها لم تكن وحدها بوابة الكتابة، بل كانت التجربة الحياتية – في التعليم، في التقاعد، في المراقبة الصامتة لما يجري – هي المعين الذي ظلّ ينهل منه قصصه، واحدةً تلو الأخرى، كمن يلتقط الحجارة الكريمة من نهرٍ عكر.
انتماؤه إلى اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين فرع بابل عام 2012، وعضويته في نادي السرد وجمعية الرواد والرابطة العربية للآداب، تؤكد أن عبد الحسين العبيدي لم يكن كاتبًا معزولًا، بل جزءًا من نسيج ثقافي حيّ، يسهم فيه لا كرقم، بل كصوتٍ يمتلك نبرته الخاصة، وصبره الباهر في القص.
كتب القصة القصيرة والقصة القصيرة جدًا، وهو بذلك يضع نفسه في معترك صعب يتطلّب براعة التقطير، ودقّة الإمساك باللحظة، والقدرة على صوغ المفارقة بلغة موجزة كثيفة، كالسهم. ومنذ مجموعته الأولى "بيت العنكبوت" التي صدرت عام 2012 عن دار تموز في سوريا، كشف العبيدي عن انحيازه إلى نصّ يُراقب من الأعماق، نصّ لا يكتفي بالوصف، بل ينبش، يوجع، يحرّض.
توالت بعد ذلك إصداراته: "أغاني المقموع" (2022)، التي بدت وكأنها قصائد احتجاج بلغة السرد، ثم "وجه أزرق" تحت الطبع، وقد تناثر اسمه في عناوين مشتركة مثل "بوح النواعير"، "كلنا مجانين"، "الأنسنة"، "هزيز الفجر"، "ظلال سومرية" وغيرها. وأصدر إلكترونيًا مجموعات عدة، منها "صفعات"، "اذعان"، "سوء تقدير"، "على باب الله"، والتي تشي جميعها بكاتب لا يتوقف، بل يركض وراء نصّه كما يركض عاشق خلف ظلّ الحبيبة.
وإن كانت قصص العبيدي قد عبرت المطبعة، فقد عبرت أيضًا حدود العراق، فنُشرت نصوصه في مجلات وصحف عراقية وعربية وأجنبية: من بابليون إلى الزمان المصرية، من بصرياثا إلى ستاند البريطانية، مرورًا بـطريق الشعب والعربي اليوم، وهو ما يدلّ على اتساع رقعة التلقي لهذا الصوت السردي الباذخ بالصدق والتجريب.
كتب عنه نقّادٌ وباحثون كثر، منهم محمد العميدي في دراساته النقدية، والدكتور سعد الحداد في "ديوان القصة البابلية"، وداود السلمان في "نكهة المعنى"، وياسر العطية في "الضميم"، وعلي غازي في "نظرة من الداخل"، وعباس عجاج في "مقاربات نقدية"، وعبد الزهرة عمارة في أكثر من مؤلف، حتى خُصّ بأعمال كاملة مثل "أسماء لامعة في سماء المدينة" و"أنطولوجيا القصة القصيرة جدًا"، وكأن مشروعه السردي قد أخذ مكانه في الذاكرة الأدبية العراقية.
أما الذين تابعوا نتاجه القصصي عن كثب، فيرونه قاصًا حاذقًا يعرف كيف يلتقط لحظة التشظي الإنساني، ويعيد تشكيلها في قوالب سردية قصيرة، لكنها مشحونة بتيار خفي من الحزن والتساؤل. شخصياته ليست ملحمية ولا بطولية، بل يومية، مأزومة، تبحث عن مخرج وسط الخراب، ولهذا تجد القارئ يلمس ذاته فيها بسهولة.
يرى النقاد أن العبيدي يمتلك قدرة بارعة على الاقتصاد اللغوي دون أن يُفقد النص روحه، وعلى صناعة المفارقة دون أن تتحول إلى حيلة، وعلى العبور من الذات إلى الجماعة بسلاسة، كما يتميّز بقدرته على أن يجعل القصة القصيرة جدًا، ذات المساحة المحدودة، نافذة تطلّ على حياة كاملة، بضربة قلم واحدة.
عبد الحسين العبيدي، إذن، ليس مجرّد قاص عراقي، بل سارد الحواف، ذاك الذي يكتب من الهامش لا ليبقى فيه، بل ليشير إلى مركز مختلّ، ويرصد، بكثافة حادة، كيف تتهاوى القيم، وتختلّ البديهيات، وتنمو الأوهام، وتبقى القصّة، وحدها، قادرة على أن تُرمّم ما تكسر في الإنسان.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتور عامر عبد زيد بين التاريخ والحداثة، في رحاب الفلسفة و ...
- طه التميمي.. شاعر الضمير الشعبي وصوت الطبقة الكادحة
- رائد النافعي السارد الذي اختزن بابل في قلبه وحررها على الورق
- سعد الحداد حضور أدبي وعطاء إنساني
- الناقد سامر جلاب صانع المرايا في دروب الشعر والنقد
- حواريّة الموت-.. مرثية عراقية موجعة
- حيدر العميدي الناقد الذي قرأ المسرح بجسد الروح
- شريف هاشم الزميلي شاعرٌ بنكهة الأسطورة وناثرُ حلمٍ لا يشيخ
- صدام غازي الشاعر الذي يسكب القصيدة في كأس الخمر والخراب
- طبع الذهب حين تحترق القصيدة بنار الحب.. علي الشباني ومرآة ال ...
- شاكر نصيف الشاعر الشهيد الذي اشتعل بالشعر وانطفأ برصاص الطغا ...
- سعد الشريفي شاعر الغربة والجمرات
- جبر داكي شاعر غنّى للحياة حتى رحيله
- جابر القاري صوت السدة الذي ذاب في الحسين
- كريم النور... شاعر الطين والنخوة والكرامة العالية
- رياض أبو شبع شاعر الغربة والتمرد النبيل
- صباح العسكري: الشاعر الذي أضحك القمر وبكى العراق
- راسم الخطاط شاعر الومضة ومهندس القصيدة
- الراحل كاظم الرويعي بين الأغنية الملتزمة والاغتراب الموجع
- شاكر ميم.. شاعر الغفوة والابتسامة العابرة


المزيد.....




- على وقع التصفيق والهتاف.. شاهد استقبال حار لترامب في الكنيسي ...
- مذيعة CNN لوزير خارجية مصر: هل انتهت الحرب في غزة بالنسبة لك ...
- نتنياهو يُعلن عدم مشاركته في قمة شرم الشيخ.. ويكشف السبب
- إسرائيل تحتفل بالإفراج عن جندي محتجز لدى حماس منذ 2023
- صفقة غزة: هل تختلف هدنة ترامب عن اتفاق لبنان الهشّ؟
- إثيوبيا: بحيرة ديمبل تواجه خطر الاندثار
- دخول القليل من المساعدات إلى غزة منها غاز الطهي للمرة الأولى ...
- نتنياهو سيحضر القمة حول غزة بمنتجع شرم الشيخ في مصر
- غزة : حماس تطلق سراح جميع الرهائن
- الموت الرحيم .. بين التجريم والتقنين


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - عبد الحسين العبيدي القاص الذي يفتّش عن المعنى في ظلّ العنكبوت