أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - شريف هاشم الزميلي شاعرٌ بنكهة الأسطورة وناثرُ حلمٍ لا يشيخ














المزيد.....

شريف هاشم الزميلي شاعرٌ بنكهة الأسطورة وناثرُ حلمٍ لا يشيخ


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8483 - 2025 / 10 / 2 - 15:37
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينةٍ تتجاور فيها سدةُ الماء مع سدةِ الحرف، وُلد الشاعر والناقد شريف هاشم الزميلي عام 1945، في سدة الهندية، وفتح عينيه على مشهد النهر والبساتين والكتب، ثم مضى في دروب الحلة طالبًا للعلم والحكمة، حتى تخرج في كلية التربية بجامعة بغداد عام 1968، حاملًا شهادة في اللغة العربية كمن يحمل وعدًا شعريًا لا يخلفه.
لم يكن الزميلي مجرد معلمٍ للغة، بل كان حارسًا على أبوابها، وراعيًا لأسرارها، فقد مارس التدريس بعين العارف، وأدار المؤسسات التربوية بقلب المثقف، وعين الناقد، حتى تقاعده في أواخر التسعينيات، بعد أن شغل مناصب تربوية عديدة، كان أبرزها رئاسته لقسم اللغة العربية في معهد إعداد المعلمين ومعاونته له.
لكن الحكاية لا تبدأ من وظيفة، بل من القصيدة. فمنذ منتصف الستينات، شرع شريف الزميلي في نقش اسمه على جدران الشعر العراقي، مشاركًا في المهرجانات والندوات، ناشرًا قصائده في صحف ومجلات كانت آنذاك مرآة حقيقية للمبدعين، كـ"التآخي" و"الثقافة الجديدة" و"العراق" و"بابليون" و"طريق الشعب"، وغيرها من المنابر التي احتفت بصوته المتفرد، العميق، والصافي كجدول في ربيع الحلة.
لم يكن الزميلي شاعرًا فحسب، بل حمل حسّ الناقد، وراح يسبر أغوار النصوص، متسلّحًا بعدةٍ معرفية، وروحٍ طليقة لا تخشى الاقتراب من عوالم الأسطورة والرمز، فأنجز كتابه النقدي المهم "جماليات التأويل في النقد الأسطوري" (2022)، والذي عُدّ من النقاد مداخلةً جريئة في الحقل النقدي العراقي، لما فيه من غوص في بنية الأسطورة بوصفها مرآة تتكثف فيها أحلام الجماعات البشرية، ومجساتها الأولى للفكر والكون والمصير.
وقد كتب أحد النقاد عن هذا المنجز قائلاً: "أن تناولا كهذا يشترط قواعد رصينة قادرة على الكشف عن مصادر الإشعاع في الفكر الأسطوري... وهذا ما يبينه شريف الزميلي عبر مقدمته الرصينة وفصوله الاثني عشر، التي تتداخل فيها الأحلام والسحر الواقعي والخيالي، والعلوم والأدب، لتشكّل عالمًا من المعرفة الشاعرية، والنقد الحالم."

الشاعر الذي نشر ديوانه الأول "تجليات القارة الثامنة" مشتركًا مع الشاعر عبد الهادي عباس عام 1988، ثم أتبعها ب إيقاعات قلب أعزل" عام 2003، ظلّ يكتب بقلبه، لا بقلمه فقط. فهو لا يطرق الأبواب المألوفة، بل يفتح شبابيك الروح على عوالم القصيدة، يجعل من اللغة قاربًا يعبر به إلى ضفاف الحلم، ومن الصور مجساتٍ تلتقط المعنى قبل أن ينفرط في الزحام.
وتنتظر المطبعة الآن صدور أعماله الأخرى: "عربة الأحلام"، و"أجراس ملوّنة"، ومجموعة في الشعر الشعبي، تؤكد كلها تنوع صوته، وتعدد أنفاسه بين القصيدة والنقد، بين الرؤية والأسلوب.
ولأنه كان يرى في الثقافة مسؤولية لا هواية، أسس مع نفر من أقرانه اتحاد الأدباء والكتاب في بابل، وندوة عشتار الأدبية، وجمعية الرواد الثقافية المستقلة، مؤمناً أن لا نهضة للأدب دون مؤسسات حاضنة تخلق الديمومة والتواصل، وتحمي الإبداع من العزلة.
لم تقتصر عطاءاته على الشعر والنقد، بل كتب مقاربات نقدية رصينة لكتب مهمة في الحقل العراقي الثقافي، كأعمال أحمد الناجي وناجح المعموري ولاهاي عبد الحسين وصلاح السعيد وفلاح رحيم وسلام أمان وغيرهم. وكان في قراءاته ناقدًا يضيء النص من الداخل، لا يعيد رسمه فحسب. ترجم له، وكتب عنه العديد من الباحثين، فنجده في معجم كوركيس عواد وميخائيل عواد، وفي موسوعة أعلام الحلة، وكتب د. صباح نوري المرزوك، ود. سعد الحداد، ود. عامر صباح المرزوك، وغيرهم، بوصفه واحدًا من أولئك الذين رافقوا التجربة العراقية الحديثة، شعريًا ونقديًا، دون أن ينخرطوا في صخبها المفتعل، بل تركوا أثرهم بعمقٍ، وخطوا حضورهم بهدوء الكبار.
شريف الزميلي، شاعرٌ ما زالت أحلامه تمشي في الأزقة القديمة للحلة، باحثًا عن صورةٍ جديدة، أو استدارةِ معنى، أو صدى أسطورة. رجلٌ يحمل في قلبه توازن اللغة، وفي عقله شغف الحفر في النصوص، وفي سيرته إيمان لا يشيخ بالقصيدة، حتى وإن غابت طويلاً، تعود إليه كما تعود الطيور لدفء العشّ الأول.
فمن يعرف الزميلي، لا يقرأه في ديوانه فقط، بل يراه واقفًا عند تخوم الأسطورة، حاملًا "عربة الأحلام"، يقرع أجراسًا ملونة في ذاكرة المدينة، ويهمس: "إنني شاعرٌ... لكنني لا أكتب لأحيا، بل لأشهد أن اللغة ما زالت حيّة، وأن القصيدة لا تموت."



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدام غازي الشاعر الذي يسكب القصيدة في كأس الخمر والخراب
- طبع الذهب حين تحترق القصيدة بنار الحب.. علي الشباني ومرآة ال ...
- شاكر نصيف الشاعر الشهيد الذي اشتعل بالشعر وانطفأ برصاص الطغا ...
- سعد الشريفي شاعر الغربة والجمرات
- جبر داكي شاعر غنّى للحياة حتى رحيله
- جابر القاري صوت السدة الذي ذاب في الحسين
- كريم النور... شاعر الطين والنخوة والكرامة العالية
- رياض أبو شبع شاعر الغربة والتمرد النبيل
- صباح العسكري: الشاعر الذي أضحك القمر وبكى العراق
- راسم الخطاط شاعر الومضة ومهندس القصيدة
- الراحل كاظم الرويعي بين الأغنية الملتزمة والاغتراب الموجع
- شاكر ميم.. شاعر الغفوة والابتسامة العابرة
- عبد الستار شعابث شجرة الشعر التي نبتت على ضفاف الحلة
- الناقد والقاص سلام حربة صوتٌ نقدي وقلمٌ سردي في المشهد الثقا ...
- حامد كعيد الجبوري شاعرٌ خرج من رحم الحلة ومضى ليكتب للوطن وا ...
- علي السباك الكاتب الذي جعل من الحلة سطرًا أول في دفتر الحكاي ...
- عماد الطالباني طبيب الحرف وروح الباحث
- الباحث محمد هادي رحلة في آفاق البحث والتأليف
- الشاعر إبراهيم الشيخ حسون صائغُ الحرف الشعبي ومغني الروح الح ...
- عبد الأمير خليل مراد شاعر يُمسك بجمر القصيدة ويشعل بها خيمة ...


المزيد.....




- خطوات سريعة للتصرّف عند تخفيض درجتك على الطائرة
- إسرائيل تعلن إيقاف جميع سفن -أسطول الصمود- إلا واحدة.. ما ال ...
- المغرب يشهد أكبر احتجاجات شبابية منذ سنوات وسط اضطرابات متصا ...
- ارتفاع حصيلة ضحايا الزلزال الذي ضرب وسط الفلبين إلى 72 قتيلا ...
- مباشر: إسبانيا تستدعي القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية بعد ...
- العراق عشية انطلاق الحملة الانتخابية: هل يبقي الصدر على المق ...
- تحليل: مأزق إغلاق الحكومة الأمريكية.. إلى متى سيستمر ومن سيس ...
- من رزان جمّال إلى جوني ديب: مشاهير العالم والعرب يتألقون في ...
- بماذا يختلف -أسطول الصمود- عن المبادرات السابقة للوصول الى غ ...
- -جيل زد 212-: أعمال عنف في المغرب وسقوط قتيلين برصاص عناصر ا ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - شريف هاشم الزميلي شاعرٌ بنكهة الأسطورة وناثرُ حلمٍ لا يشيخ