أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - حيدر العميدي الناقد الذي قرأ المسرح بجسد الروح














المزيد.....

حيدر العميدي الناقد الذي قرأ المسرح بجسد الروح


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8485 - 2025 / 10 / 4 - 12:20
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة المحاويل، ذات البعد الريفي الوادع، حيث تنشأ الحكايات من جديلة النهر ووشوشات الزرع، ولد حيدر جواد كاظم العميدي في الثاني من تموز عام 1970، ولم يكن يعلم ذلك الطفل الذي شغفته المناظر وسحرته الحكايات، أنه سيكون يومًا عينًا دقيقة ترى المسرح من الداخل، وتعيد ترتيبه على طاولة العقل والذائقة معًا.
منذ أن وطئت قدماه كلية الفنون الجميلة في جامعة بابل مطلع التسعينيات، انطلقت رحلته المتأنية، لا باتجاه الخشبة فحسب، بل إلى جوهرها؛ إلى ما يحدث خلف الأضواء، وفي النسيج الخفي الذي يصنع العرض ويُلبسه الدلالة. حصل على البكالوريوس في الفنون المسرحية سنة 1992، وتابع طريقه العلمي حتى نال الدكتوراه عام 2004، ليصبح بعد ذلك أستاذًا للتقنيات المسرحية، ومؤسسًا لرؤية نقدية متكاملة لا تفصل الجمالي عن التاريخي، ولا تغفل الدور المعرفي للأزياء والإضاءة والديكور، بوصفها أدوات لا تقل تعبيرًا عن الممثل والنص.
العميدي ليس ناقدًا عابرًا أو متابعًا صحفيًا عاديًا للعروض المسرحية، بل هو منظّر حقيقي، استثمر أدوات البحث العلمي ليفتح آفاقًا جديدة في فهم العرض المسرحي، ويجعل من عناصره البصرية فضاءً قرائيًا متجددًا. فقد كتب أكثر من 25 بحثًا علميًا محكمًا في مجلات عراقية وعربية وعالمية، وأشرف على أكثر من 80 أطروحة دكتوراه ورسالة ماجستير، وكان له حضور وافر في أغلب المؤتمرات والمهرجانات المسرحية في بابل وبغداد والبصرة وأربيل.
نقاد المسرح وأساتذته يرون في حيدر العميدي "حارسًا للمسرح الأكاديمي"، لا يترك شاردةً أو واردة في العروض دون تحليل. وصفه البعض بأنه "ذاكرة بابل المسرحية"، فيما يرى فيه آخرون "ضمير الخشبة العراقية"، إذ يتميز بقدرته على إعادة طرح الأسئلة الحرجة في إطار علمي رصين، دون أن يفقد حسه الجمالي أو انتماءه للعروض التي يكتب عنها. ولهذا كثيرًا ما تتسم كتاباته بالموازنة الدقيقة بين المعلومة والتحليل، وبين التراث المسرحي والتجريب الحداثي.
أصدر عددًا من الكتب المهمة التي أصبحت مراجع في حقل المسرح، منها:
"تأويل الزي في العرض المسرحي" (بطبعتين).
"الأزياء المسرحية: المضمون والدلالة في العرض التاريخي".
"جماليات الأزياء المسرحية".
"مبادئ التقنيات المسرحية".
وفيها جميعًا يظهر العميدي بوصفه ناقدًا بصريًا، يستنطق اللون والملمس والخط والظل، ليجعل من الأزياء نصًا ثانيًا موازٍ للنص الحواري. كانت كتبه أشبه بخزائن فكرية، احتوت نظرياته ومشاهداته وتجاربه المتراكمة، وقد كتبت عنها أقلام نقدية كثيرة مشيدةً بفرادتها، معتبرةً العميدي أحد أهم الأصوات النقدية في المسرح العراقي المعاصر.
ولم يتوقف حضوره عند حدود الكتابة والتنظير، بل امتد إلى قاعات التحكيم، واللجان العلمية، ومجالس الأقسام، ليكون صانع سياسات أكاديمية وفكرية في كلية الفنون الجميلة بجامعة بابل. وقد كُرِّم بدرع الجامعة لنيله أعلى تقييم في الأداء الجامعي لعامين متتاليين، وهو ما يعكس الجهد المضاعف الذي بذله في بناء أجيال جديدة من الممثلين والمخرجين والنقاد.
في قراءته للمسرح، لا يفصل العميدي بين الخشبة والحياة، فهو يرى أن العرض المسرحي ليس فقط نصًا يُؤدى، بل خطابٌ يعكس تحولات الإنسان. ولهذا كانت مقالاته حول العروض المسرحية في بابل، وقراءاته للنصوص الحسينية، ومحاضراته في المحافل الثقافية، متشربة دائمًا بروح فلسفية ترى في الجمال وسيلةً للمعرفة، وفي المسرح مختبرًا للوعي الجمعي.
حيدر العميدي اليوم، وبعد أكثر من ربع قرن من العطاء، يقف شامخًا بين نقاد المسرح، لا كباحث محض، بل كواحد من القلائل الذين زاوجوا بين الأكاديمية والذائقة، وبين الرؤية والرسالة، فجعل من النقد فعل إيمان بالفن، ومن المسرح سؤالًا مفتوحًا لا تنضب احتمالاته.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شريف هاشم الزميلي شاعرٌ بنكهة الأسطورة وناثرُ حلمٍ لا يشيخ
- صدام غازي الشاعر الذي يسكب القصيدة في كأس الخمر والخراب
- طبع الذهب حين تحترق القصيدة بنار الحب.. علي الشباني ومرآة ال ...
- شاكر نصيف الشاعر الشهيد الذي اشتعل بالشعر وانطفأ برصاص الطغا ...
- سعد الشريفي شاعر الغربة والجمرات
- جبر داكي شاعر غنّى للحياة حتى رحيله
- جابر القاري صوت السدة الذي ذاب في الحسين
- كريم النور... شاعر الطين والنخوة والكرامة العالية
- رياض أبو شبع شاعر الغربة والتمرد النبيل
- صباح العسكري: الشاعر الذي أضحك القمر وبكى العراق
- راسم الخطاط شاعر الومضة ومهندس القصيدة
- الراحل كاظم الرويعي بين الأغنية الملتزمة والاغتراب الموجع
- شاكر ميم.. شاعر الغفوة والابتسامة العابرة
- عبد الستار شعابث شجرة الشعر التي نبتت على ضفاف الحلة
- الناقد والقاص سلام حربة صوتٌ نقدي وقلمٌ سردي في المشهد الثقا ...
- حامد كعيد الجبوري شاعرٌ خرج من رحم الحلة ومضى ليكتب للوطن وا ...
- علي السباك الكاتب الذي جعل من الحلة سطرًا أول في دفتر الحكاي ...
- عماد الطالباني طبيب الحرف وروح الباحث
- الباحث محمد هادي رحلة في آفاق البحث والتأليف
- الشاعر إبراهيم الشيخ حسون صائغُ الحرف الشعبي ومغني الروح الح ...


المزيد.....




- شاهد اشتباكات عنيفة بين رجال الأمن والمحتجين في مكسيكو سيتي ...
- رجل يعثر على كلبه بعد 10 سنوات من اختفائه.. شاهد كيف
- حرب غزة في يومها الـ729.. إسرائيل تواصل قصف القطاع رغم دعوة ...
- هونغ كونغ تعتمد المراقبة الذكية.. 60 ألف كاميرا للتعرف على ا ...
- على بُعد أمتار من الكابيتول.. عودة التمثال الساخر لترامب وإب ...
- سعيد الملا: نجم من أصل لبناني يسطع في سماء البوندسليغا
- مدغشقر: تواصل المظاهرات المطالبة بتنحي رئيس البلاد
- مطار ميونخ يعود للعمل تدريجيا في أعقاب رصد مسيرات
- تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي يفشل في إنهاء الشلل الحكومي
- تحذير واضح لإسرائيل من مصر وتركيا


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - حيدر العميدي الناقد الذي قرأ المسرح بجسد الروح