أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - علي الطائي بين مشرط الطب ومبضع القصيدة














المزيد.....

علي الطائي بين مشرط الطب ومبضع القصيدة


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 12:07
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة كركوك، التي تعانق التاريخ بحنو، ولد علي حسين عبيد الطائي عام 1967، ليشقّ طريقه بين طبابة الأجساد وطبابة الأرواح، طبيبًا لا يكتفي بعلاج العلّة، بل يغور في شِعاب النفس ليُضمّد جراحها بالكلمة، كما يضمّد جراح الجسد بالعلم والخبرة.
لم تكن رحلة الطائي إلى الشعر ترفًا ولا مروقًا عن واقعه، بل كانت استجابةً داخلية لنداء قديم، يسكنه منذ أول وميض في ذاكرته، حيث كانت اللغة وطنًا، والكلمة سلاحًا، والمعنى ملاذًا. وفي مسيرته التي ابتدأت طبيًا بتخرجه من كلية الطب في الجامعة المستنصرية عام 1992، ظل الشعر حاضرًا في جيب قلبه الأبيض، تمامًا كما ظل الوطن حاضرًا في كل سطر من قصائده.
يبدو أن علي الطائي قد وجد في القصيدة بوصلة خلاص، وسط وطن ضائع – كما عنون أولى مجموعاته الشعرية – فكانت دواوينه أقرب إلى جردة وجدانية لعذابات الإنسان العربي، وصرخة كرامة في وجه الفقد والانكسار. وقد تنوّعت كتاباته بين الشعر الوجداني، والوطني، والتوثيقي، وحتى الأدب الموجّه للأطفال، في ديوان "أرضنا الزاهية"، كأنما يريد أن يُعيد تشكيل الوعي من الطفولة صعودًا، ليزرع في القلوب شجرة وطن لا تقتلعها العواصف.
في مجموعته "روح القلوب"، نلمح شاعرًا ينسج أبياته من خيوط الضوء والظلّ، في مزاوجة بين الحنين والوجع، لا تُخطئها عين الناقد. أما في "حكمة القوافي"، فنشهد انحيازًا صريحًا للحكمة، في عصر ضاعت فيه البصائر وسط صخب اللحظة وضجيج الميديا. فيما يظهر في "السجال البابلي"، وهو العمل المشترك مع د. فارس الخفاجي، الشاعر الذي لا يخاف التحدي، بل يُراهن على جمالية الحوار الشعري، بوصفه مساحة للتلاقح الإبداعي.
ولم يكتفِ الطائي بكتابة الشعر، بل أخذ على عاتقه مسؤولية توثيق التجربة الشعرية للأطباء، في عملَيْه التوثيقييْن "أطباء شعراء" بجزئيه، وكأنه يريد أن يقول: الشعر لا يتنافى مع العقل العلمي، بل يتأخى معه، حين يكون الشعرُ كشفًا، كما الطبُ كشفٌ، وحين تكون القصيدة تشخيصًا لأمراض الوطن والضمير.
لقد عرفه الوسط الأدبي لا كقادمٍ عابر، بل كصوتٍ يصدح بثقة، بعد أن أسّس مجلسه الثقافي في بابل عام 2020، ليجعل من الكلمة فعلاً مجتمعيًا، ومن الشعر منصّة للتنوير. فغدا المجلس منبرًا للحوار والإبداع، ووثّق جلساته في كتابين يُضافان إلى إنجازاته التوثيقية والفكرية.
آراء النقاد فيه
يرى بعض النقاد أن تجربة علي الطائي الشعرية تنتمي إلى الجذر الكلاسيكي في اللغة والبناء، لكنها تنحاز إلى الوجع المعاصر في المضمون. فهو شاعر يُحسن توظيف القافية دون أن يستعبدها، ويُراهن على الصورة الشعرية المتوازنة، التي لا تغرق في الغموض، لكنها لا تُسلم نفسها مباشرة للقارئ.
وذهب الناقد صلاح اللبان في كتابه "الحلة في الشعر العربي المعاصر" إلى أن الطائي يمثّل تيارًا شعريًا ينتمي إلى المدرسة الواضحة في التعبير، المتكئة على دفق شعوري صادق، وأنه لا يُعنى بالتجريب قدر عنايته بصقل المعنى وتطويع البحر لموسيقاه الداخلية.
أما الناقدة فاطمة بو هراكة، فقد أدرجت اسمه في "موسوعة الشعر العراقي الفصيح"، وعلّقت على تجربته بأنه "شاعر يكتب كما يلتقط الطبيبُ نبضَ المريض، بلا ضجيج، لكنه يصيب مكمن الداء"، وهي شهادة تليق بشاعر جمع في قلبه بين نبض القصيدة ونبض الحياة.
وثّقت له المواقع الثقافية المعروفة مثل "بوابة الشعراء" و"ديوان العرب"، مما يشي بحضور فعلي واعتراف ضمن فضاء الشعر العربي المعاصر، وهو ما يعكس ديمومة عطائه، وتقدّم تجربته على صعيدَي الشعر والتوثيق.
في الختام
علي الطائي شاعر لم يتخلَّ عن مشرطه، بل وسّع من معناه، فصار المشرط كلمة، والعيادة منبرًا، والقصيدة عيادة للضمير الجمعي. وبين فوضى الواقع العراقي وعنفوان الحلم، يكتب شاعرنا سيرة وطن في دواوين، وسيرة قلب في كل بيت شعر. فإذا سألنا: مَن قال إن الطبيب لا يكون شاعرًا؟ جاءنا الطائي ببيته، وقصيدته، وسيرته، ليقول: أنا الشاهدُ على جرحَين... جرحُ الجسد وجرحُ الروح.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زهير المطيري خمسون عاماً من المسرح والحرف
- عبد الحسين العبيدي القاص الذي يفتّش عن المعنى في ظلّ العنكبو ...
- الدكتور عامر عبد زيد بين التاريخ والحداثة، في رحاب الفلسفة و ...
- طه التميمي.. شاعر الضمير الشعبي وصوت الطبقة الكادحة
- رائد النافعي السارد الذي اختزن بابل في قلبه وحررها على الورق
- سعد الحداد حضور أدبي وعطاء إنساني
- الناقد سامر جلاب صانع المرايا في دروب الشعر والنقد
- حواريّة الموت-.. مرثية عراقية موجعة
- حيدر العميدي الناقد الذي قرأ المسرح بجسد الروح
- شريف هاشم الزميلي شاعرٌ بنكهة الأسطورة وناثرُ حلمٍ لا يشيخ
- صدام غازي الشاعر الذي يسكب القصيدة في كأس الخمر والخراب
- طبع الذهب حين تحترق القصيدة بنار الحب.. علي الشباني ومرآة ال ...
- شاكر نصيف الشاعر الشهيد الذي اشتعل بالشعر وانطفأ برصاص الطغا ...
- سعد الشريفي شاعر الغربة والجمرات
- جبر داكي شاعر غنّى للحياة حتى رحيله
- جابر القاري صوت السدة الذي ذاب في الحسين
- كريم النور... شاعر الطين والنخوة والكرامة العالية
- رياض أبو شبع شاعر الغربة والتمرد النبيل
- صباح العسكري: الشاعر الذي أضحك القمر وبكى العراق
- راسم الخطاط شاعر الومضة ومهندس القصيدة


المزيد.....




- بين 13 دولة عربية.. من يتصدر مؤشر الابتكار 2025؟
- أرقام قد تصدمك.. مجموع ثروات المليارديرات العرب ومن الأغنى ب ...
- إعلان وظيفة
- في أول زيارة منذ الأسد... ماذا يحمل الشرع لروسيا؟
- مباشر: إسرائيل تتهم حماس بتسليم جثمان لا يعود لأحد الرهائن
- أحمد الشرع في روسيا: أول اختبار للعلاقات بين دمشق الجديدة وم ...
- مقتل 20 شخصا في حريق حافلة غربي الهند
- أوكرانيا وروسيا تتبادلان إسقاط المسيّرات وأوامر إخلاء بمدينة ...
- فريدمان: على ترامب التحرك سريعا وتحطيم القيود لتحقيق سلام ال ...
- هل وثق صالح الجعفراوي لحظة استشهاده بكاميرا هاتفه؟


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - علي الطائي بين مشرط الطب ومبضع القصيدة