أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - زهير المطيري خمسون عاماً من المسرح والحرف














المزيد.....

زهير المطيري خمسون عاماً من المسرح والحرف


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8495 - 2025 / 10 / 14 - 11:29
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة الحلة، حيث يمتزج عبق التاريخ بنبض الفرات، وُلد زهير بن إسماعيل المطيري عام 1951، وتفتّح وعيه على وقع المسرح والكلمة. لم يكن المسرح عنده مجرد منصة، بل رسالة، وموقف، وحلم يُكتب بالجسد والصوت، ويتجسد في عيون الناس وإيماءاتهم. هو فنان وكاتب ظلّ وفيًّا للفن الأصيل طيلة أكثر من نصف قرن، لم تغوهِ الأضواء الزائفة، ولم تستدرجه العروض العاجلة، بل ظل يحرث أرض المسرح كفلاحٍ لا يعرف غير الأمل والبذرة والعطاء.
منذ خطواته الأولى في النشاط المدرسي في ستينيات القرن الماضي، ومرورًا بمسرحيات خالدة كـ"كفاح"، و"ثائر من بلادي"، و" لا للأمية"، حتى تأسيسه مسرح الشرطة في بابل ثم في بغداد، لم يتوقف زهير المطيري عن توسيع حدود العمل المسرحي، مخلصًا لرؤيته التي تمزج بين التوثيق الفني والالتزام الاجتماعي والوطني.
عرفه النقاد كواحد من الأصوات النادرة التي جمعت بين الحس الشعبي الرفيع والوعي الثقافي، بين التمثيل والتأليف والإخراج، وبين المسرح الجماهيري والمسرح النخبوي. وقال عنه أحدهم: "هو من القلائل الذين لم يغادروا همّ الناس في أعمالهم، بل جعل من المسرح منصة لصوت الحقيقة، ومن النصوص حناجر تُنشد الشرف والمروءة والحرية". لم يكن المسرح عنده للترف، بل للتغيير، ومخاطبة الضمير.
عُرف زهير المطيري أيضًا بموسوعيته وتوثيقه المخلص لمسيرته، كما في كتابه "مسرح الشرطة: تاريخ وإنجازات"، وكتابه "من مسرحياتي"، وأعماله التي تُعدّ أرشيفًا حيًّا لذاكرة المسرح العراقي في العقود الأخيرة. أعماله المسرحية مثل "ساعي البريد"، و"كلشي بالمكلوب"، و"أبو الشرف"، و"أحلام غريب" لم تكن نصوصًا عابرة، بل وجعًا عراقيًّا يتجدد، وصرخة في وجه التهميش والفساد والنسيان.
ولا يُمكن الحديث عن المطيري دون التوقف عند مساهماته في المسرح الحسيني، الذي كان من أوائل المؤسسين له في بابل والعراق، عبر أعمال مثل "سيد الساجدين" و"علي والكعبة"، حيث دمج بين الوعي الديني والطرح الفني في أسلوب يحترم الذائقة ويستنطق القيم.
وفي الإذاعة، كتب أعمالًا أثّرت في جمهور واسع، من "رسالة السماء" إلى "فندق الموت" و"العيون الخضر"، فيما امتدت رؤيته للتلفزيون بمسلسلات مثل "مواقف وعبر" و"زائر الفجر"، وحتى مشاركته كممثل في أعمال مثل "المتنبي" و"النبي أيوب".
ويكاد لا يخلو مهرجان مسرحي في بابل من بصمته، إذ ترأس وأشرف على مهرجانات مثل "ينابيع الشهادة"، وأسهم في مهرجانات بابل الثقافية، ومثّل العراق في ملتقيات كثيرة كضيف شرف ومشارك.
زهير المطيري هو أيضًا أبٌ للجيل المسرحي الجديد، وقد أخذ بيد الفنانين الشباب، مشرفًا على أعمال سينمائية مثل "لا تخبروا أنجيلينا" الذي أخرجه ابنه ذو الفقار المطيري، وحصد جوائز تقديرية.
ربما لم يلهث وراء الشهرة، لكنه حاز احترام النخب والجماهير، وكان من أوفى من خدم المسرح من خلال المؤسسات والروابط الثقافية، فترأس نقابة الفنانين في بابل، ورابطة المبدعين العراقيين، وفرع الاتحاد العام لحقوق الفنانين، وغيرها من الهيئات التي جعلها منابر للفن وليس واجهات شكلية.
في سيرته، يتجسد سؤال نادر: ما الذي يمكن أن تصنعه حياة تُعاش بالكامل من أجل الفن؟ وزهير المطيري هو الجواب الأجمل. هو رجل نحت اسمه بيده، لا بالرخام، بل على خشبة المسرح، في أعين الممثلين، وفي صمت المتفرجين بعد انتهاء العرض.
هو ليس فنانًا فحسب، بل ذاكرة. ذاكرة بابل، وذاكرة المسرح، وذاكرة الحرف حين يُضاء من الداخل.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الحسين العبيدي القاص الذي يفتّش عن المعنى في ظلّ العنكبو ...
- الدكتور عامر عبد زيد بين التاريخ والحداثة، في رحاب الفلسفة و ...
- طه التميمي.. شاعر الضمير الشعبي وصوت الطبقة الكادحة
- رائد النافعي السارد الذي اختزن بابل في قلبه وحررها على الورق
- سعد الحداد حضور أدبي وعطاء إنساني
- الناقد سامر جلاب صانع المرايا في دروب الشعر والنقد
- حواريّة الموت-.. مرثية عراقية موجعة
- حيدر العميدي الناقد الذي قرأ المسرح بجسد الروح
- شريف هاشم الزميلي شاعرٌ بنكهة الأسطورة وناثرُ حلمٍ لا يشيخ
- صدام غازي الشاعر الذي يسكب القصيدة في كأس الخمر والخراب
- طبع الذهب حين تحترق القصيدة بنار الحب.. علي الشباني ومرآة ال ...
- شاكر نصيف الشاعر الشهيد الذي اشتعل بالشعر وانطفأ برصاص الطغا ...
- سعد الشريفي شاعر الغربة والجمرات
- جبر داكي شاعر غنّى للحياة حتى رحيله
- جابر القاري صوت السدة الذي ذاب في الحسين
- كريم النور... شاعر الطين والنخوة والكرامة العالية
- رياض أبو شبع شاعر الغربة والتمرد النبيل
- صباح العسكري: الشاعر الذي أضحك القمر وبكى العراق
- راسم الخطاط شاعر الومضة ومهندس القصيدة
- الراحل كاظم الرويعي بين الأغنية الملتزمة والاغتراب الموجع


المزيد.....




- -حياة جديدة في داخلي-.. دانييلا رحمة تحتفل بعيد ميلادها
- وحدة طبية متخصصة وهدايا من نتنياهو.. كيف ستبدأ إسرائيل إعادة ...
- زيارة أمريكية وتصريحات مثيرة للجدل.. إندونيسيا وماليزيا على ...
- قافلة مساعدات أممية تتعرض لهجوم في خيرسون وأوكرانيا تتحدث عن ...
- مدغشقر: وحدة النخبة في الجيش تعلن توليها السلطة بعد عزل -الج ...
- لوكورنو يعلن في خطابه أمام الجمعية الوطنية الفرنسية تعليق إص ...
- ما أهم ما جاء في خطاب لوكورنو أمام الجمعية الوطنية الفرنسية؟ ...
- النزوح والعودة: شمال غزة بلا حياة تقريبا.. دمار هائل ولا مكا ...
- القضاء الإيراني يصدر حكما بسجن فرنسيين اثنين بتهمة التجسس
- شاهد.. ذيل طائرة يرتطم بالمدرج أثناء الهبوط والطيار ينقذ الم ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - زهير المطيري خمسون عاماً من المسرح والحرف