أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - سعد خليل الكبيسي كاتبُ الذاكرة ومحفوظاتُ الوجدان المحلي














المزيد.....

سعد خليل الكبيسي كاتبُ الذاكرة ومحفوظاتُ الوجدان المحلي


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8517 - 2025 / 11 / 5 - 11:53
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينةٍ تحتشد بتاريخها بين ضفاف الفرات وظلال النخيل، وُلد سعد خليل إبراهيم الحيدري الكبيسي سنة 1974، في محلة الشيوخ من قضاء المسيب، ليكون ابنًا وفيًّا للمدينة، لا يني عن استحضار ملامحها وتوثيق تفاصيلها، حتى غدت كتاباته بمثابة سجل وجداني لذاكرة جماعية تكاد تُنسى لولا انشغاله الحميم بها.
لم يكن الكبيسي كاتبًا اعتياديًا يبحث عن المجد في عناوين الصحف الكبرى، بل انهمك في بناء مجده الخاص بين الأزقة القديمة، والمقاهي الشعبية، وصفحات الكتب التي ينشرها بجهد ذاتي، وإيمان لا يتزعزع بأهمية الكلمة التي تخرج من رحم المكان.
مارس الكتابة مبكرًا، وجعل من الصحف والمجلات منبرًا لنشر رؤاه وأفكاره، لكنه لم يكتفِ بذلك، فأسس كيانات ثقافية وأدبية، كان لها الأثر الأكبر في تحريك الساكن في الحياة الثقافية في المسيب. أبتدأ بالعمل من "المنتدى الأدبي" إلى "التجمع الثقافي والأدبي"، ومن إصدار أول جريدة بعد عام 2003 إلى تأسيس مكتب ثقافي ومعرض كتاب دائم، ظل الكبيسي يضع حجرًا فوق آخر في صرحٍ ثقافي يريد له أن يكون شامخًا ومستمرًا.
الكاتب الذي يسكنه التاريخ
ما يُميز الكبيسي هو ذلك الولع بالتاريخ المحلي، ورغبته الجامحة في إنقاذه من النسيان. لم يكن هذا التاريخ بالنسبة له مجرد وقائع، بل أرواح تسكن الأماكن، وأسماء تستحق الخلود. لذا جاءت مؤلفاته مثل: شهداء مدينة المسيب، والمسيب: أحداثها ووقائعها، وتربويون في الذاكرة، وقضاء المسيب في الوثائق العثمانية، كأعمال توثيقية ترتقي إلى مصاف الأدب الشعبي، لأنها مشغولة بالتفاصيل الصغيرة التي تصنع ملامح الإنسان والمكان معًا.
كما لم يُخفِ الكبيسي إعجابه بالأدباء والشعراء الذين سبقوه، فكتب عنهم بإجلال وتقدير، كما في شاعر الفراشات: توفيق حنون المعموري، وقبسات من أشعار أحمد زكي الأنبارِي، وكأنّه يسعى إلى صون إرثهم وإعادة تقديمه للأجيال. ولعل هذا الحس التوثيقي، مقرونًا بذائقة أدبية تتجه نحو الجمال الحيّ، هو ما جعل من سعد الكبيسي كاتبًا فريدًا في مجاله.
رأي النقّاد: أديب التفاصيل الصغيرة وراوي المكان
يرى النقاد أن سعد إبراهيم الكبيسي يمثل نموذجًا للأديب الملتصق بجذوره، لا يكتب من برجٍ عاجي، بل من قلب مجتمعه، ومن ذاكرة الشارع والمقهى والمدرسة والبيت الطيني. إنه "راوي المكان"، كما وصفه بعض الأدباء الذين تابعوا تجربته، لأنه استطاع أن يصنع من قضاء المسيب فضاءً سرديًا يستحق التأمل والقراءة.
ويذهب بعض النقاد إلى أن الكبيسي قدّم مساهمة فريدة في "أدب الهوية المحلية"، إذ أنه يكتب عن بيئته لا بوصفه مؤرخًا فحسب، بل بوصفه شاهدًا، وشاعرًا، ومحبًّا، وهذا ما يُكسب نصوصه نكهةً خاصة لا تتوفر في الكتابات المؤرشفة الجافة.
كما يشيد آخرون بمبادرته في جمع ونشر أعمال كتاب آخرين، ما يدل على نكران الذات وإيثار نادر في الوسط الثقافي، حيث تطغى النزعة الفردية. لقد طبع وحرر أعمال غيره، وتبنّى طباعة كتب لأصدقاء وأدباء راحلين، إيمانًا منه بأن خدمة الثقافة لا تتوقف عند حدود الذات.
كتابات لا تعرف السكون
تنوّعت مؤلفات الكبيسي بين التاريخ والشعر والقصة والمقال، من هواجس شقاء الغابة إلى المقتضب في معرفة الأدب، ومن ديوان شعري مطبوع إلى كتاب قصصي مخطوط، لتكشف عن عقلٍ خصب لا يتوقف عند حقل معرفي واحد، بل يغوص في أكثر من مجال. وفي كل تلك الحقول، لا يزال الكبيسي وفيًا لحسّه المحلي، فهو يكتب من المسيب، ولها، ويبدو أن هذه البلدة الصغيرة قد كافأته بمكانة راسخة في وجدان أبنائها، وباعترافات رسمية من اتحادات الأدباء والبيوت الثقافية والمؤسسات الأكاديمية التي منحته عشرات الدروع وشهادات التقدير.
حجرٌ صغير في جدار الثقافة.. لكنه ثابت
قد لا يكون اسم سعد إبراهيم الكبيسي متداولًا على نطاق واسع في المحافل الكبرى، لكنه بالنسبة إلى مدينته وأدبها، علامة مضيئة. إنه أشبه بحجر صغير في جدار الثقافة العراقية، لكنه حجر ثابت، لا تزحزحه ريح العولمة، ولا تهمشه ضوضاء المدينة الكبرى. إنه الكاتب الذي آمن أن الحكايات الصغيرة تستحق أن تُروى، وأن للأماكن المنسية أصواتًا يجب أن تُكتب. ومن هذا الإيمان، يواصل رحلته في الكتابة، كما يواصل النهر مسيره، دون أن يفقد صبره أو حلمه.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يحيى الربيعي شاعر المنتهى وإشراقات الأزل
- محمد حسين حبيب صوت نقدي بصري يُضيء المسرح العربي
- بابل تنتخب مجلس إدارة اتحاد أدباء بابل عرس ثقافي باسم ناجح ا ...
- علي شاهين الشاعر الذي غرس صوته في شجرة المعنى
- كامل حسين المقيم على حافة الجمال
- مرثية جيلٍ ومدينة قراءة في قصيدة -بغداد- لحسين نهابة
- سناء الأعرجي القصيدة التي مشت على ضفاف الفرات
- الفنان سمير يوسف بابل تمدّ يدها إلى اللون
- موفّق محمد الناي الصادح بالحقيقة
- هلال الشيخ علي حين تهمس القصيدةُ باسم الأرض
- سلام القريني القاص الذي كتب بالمجهر أدبًا، ونفخ من روحه في ا ...
- علي بيعي سادن القصيدة الشعبية الحديثة وظلالها الحزينة
- علي لفتة سعيد الشاعر الذي لا يغادر شعبه، والرائي الذي يسكنه ...
- سعد جاسم: بين الغربة والقافية — رحّالةٌ في الشعر والحلم
- صادق باقر.. شاعر يسكنه القلق وتضيئه الكلمات
- علي الطائي بين مشرط الطب ومبضع القصيدة
- زهير المطيري خمسون عاماً من المسرح والحرف
- عبد الحسين العبيدي القاص الذي يفتّش عن المعنى في ظلّ العنكبو ...
- الدكتور عامر عبد زيد بين التاريخ والحداثة، في رحاب الفلسفة و ...
- طه التميمي.. شاعر الضمير الشعبي وصوت الطبقة الكادحة


المزيد.....




- السعودية.. ضبط 3 وافدين لممارستهم -الدعارة- في شقة بالمدينة ...
- لماذا يهتم العرب بفوز زهران ممداني لعمدة مدينة نيويورك؟
- فيديو - إعصار -كالمايجي- يغمر وسط الفلبين ويتسبب في مقتل الع ...
- حريق مروّع في دار مسنين بالبوسنة يودي بحياة 11 شخصاً ويصيب ا ...
- وسط مخاوف متزايدة.. حرب السودان تنذر بـ-فوضى عالمية-
- النائب العام في ليبيا يعلن توقيف الرئيس السابق للشرطة القضائ ...
- مقتل 40 شخصا على الأقل بهجوم على تجمع عزاء شمال كردفان في ال ...
- افتتاح أول متجر غير إلكتروني في العالم للشركة الصينية -شي إن ...
- مايغيل بيتشمان.. صوت يتحدّى الإعاقة ويُغيّر نظرة المجتمع في ...
- عالجوا الجرحى خلال دراستهم.. غزة تخرّج أطباء صقلتهم ظروف الح ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - سعد خليل الكبيسي كاتبُ الذاكرة ومحفوظاتُ الوجدان المحلي