أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - محمد حسين حبيب صوت نقدي بصري يُضيء المسرح العربي














المزيد.....

محمد حسين حبيب صوت نقدي بصري يُضيء المسرح العربي


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8514 - 2025 / 11 / 2 - 10:48
المحور: سيرة ذاتية
    


في قلب مدينة الحلة، حيث يتعانق الفرات مع تواريخ الحضارة، وُلد عام 1962م فتى اسمه محمد حسين محمد حبيب مجيد الخميس. لم تكن طفولته في محلة المهدية إلا صفحة أولى في كتاب طويل من الفكر والإبداع. هناك، وسط الأزقة الحليّة القديمة، تشكل وعيه الأول بالجمال، لتقوده خطاه لاحقًا نحو بغداد، حيث كانت أكاديمية الفنون الجميلة تنتظره بذراعيها المفتوحتين.
تخرج محمد حسين حبيب من قسم الفنون المسرحية سنة 1987م، لكنه لم يكتفِ بتلك الخطوة؛ فشغفه بالمسرح دفعه إلى مواصلة الدراسة حتى نال شهادة الماجستير عام 1998، ثم شهادة الدكتوراه في فلسفة الإخراج المسرحي من جامعة بابل عام 2004م. منذ ذلك الحين، تحول من تلميذ إلى معلم، ومن ممارس إلى ناقد، ومن مخرج إلى مفكر يُضيء دروب المسرح بعين بصيرة ولسان فصيح.
ناقد ومترجم ومخرج.. جمع الأضداد في روح واحدة
من النادر أن يجمع فنان بين الإخراج المسرحي والنقد الأكاديمي والترجمة، لكن محمد حسين حبيب نسج من هذه المجالات وحدة متماسكة تُعبّر عن فهم عميق للمسرح بوصفه لغة حياة قبل أن يكون فعلًا فنّيًا. فقد أخرج ما يزيد على خمسٍ وعشرين مسرحية عراقية، مثّلت العراق في مهرجانات داخلية وخارجية، ولم يكن المخرج فيها فحسب، بل المفكر وراء الفعل الدرامي، والمصمم للرؤية البصرية، والمترجم للواقع إلى مشهد فوق الخشبة.
وهو، بوصفه ناقدًا، لم يكن ممن يكتفون بمقاربة الأعمال بعيون المتلقي؛ بل حمل مشرط الناقد ليفتش في تلافيف النص والعرض، مستندًا إلى أسس علمية راسخة، وواعٍ بمناهج نقدية حديثة، ليكتب أكثر من 600 مقالة نقدية وصحفية، وينشر 17 بحثًا علميًا محكّمًا، بالإضافة إلى عشرات الأوراق التي قدّمها في مؤتمرات عربية وعالمية، لا سيما في القاهرة وبيروت وتونس وليبيا والأردن والشارقة.
آراء النقاد فيه: ذاكرة حيّة وضمير نقدي
يرى كثير من النقاد أن الدكتور محمد حسين حبيب يمثل حالة فريدة في النقد المسرحي العراقي والعربي؛ لأنه لم يفصل بين التجربة العملية والخبرة الأكاديمية. فالدكتور علي حنون وصفه بأنه "ناقد يتمتع بشجاعة أدبية، لا يجامِل، ولا يتخذ من موقعه الأكاديمي منصة للوصاية، بل يُمارس النقد بوصفه فعلًا معرفيًا محايدًا ومنحازًا للجمال في آن".
أما الناقد المغربي عبد الكريم برشيد فقد أشار في أحد حواراته إلى أن "النقد العربي بحاجة إلى وجوه مثل محمد حسين حبيب، لأنه يمارس النقد بوصفه رؤية وتأويلًا، لا تقويمًا سطحيًا، وهو في كل ما يكتب، ينطلق من عتبة العرض، لا من سلطة النص وحده".
ويؤكد الناقد العراقي فاضل خليل في أحد تعليقاته على أعمال حبيب أنه "يمثل الجيل الذي انتقل بالنقد من الانطباعية إلى العلمية، من المجاملة إلى المواجهة، وهو في كتاباته يطرح الأسئلة أكثر مما يُصدر الأحكام".
المسرح بوصفه وطنًا.. وجسدًا يُعاد تشكيله
ليست إنجازاته محصورة في مقالات أو جوائز، رغم حصوله على العديد منها، ومنها جائزة أفضل مخرج عن مسرحية النحيف والبدين عام 1999، وأفضل ناقد مسرحي عراقي لعام 2012 حسب استفتاء مؤسسة عيون للثقافة والإعلام. بل كان المسرح عند محمد حسين حبيب مشروع حياة، يمارسه داخل الخشبة وخارجها. فمن عضويته الفاعلة في اتحادات فنية وأدبية، إلى مشاركاته الدائمة في لجان التحكيم والنقد، تراه دومًا حاضرًا في المشهد الثقافي كصوت ذي مصداقية عالية.
ولم يكن النقد عنده فعلاً سلبيًا أو موقفًا مُتأخرًا من العمل الفني، بل هو شريك حيوي في صناعة المعنى. في نظره، المسرح ليس مجرد فعل درامي، بل "جسد يتجدد على الخشبة"، كما وصفه في إحدى محاضراته. ولهذا فإن كتاباته تُعدّ أرشيفًا حيًا للذائقة المسرحية العراقية، ومرآة لتحولاتها. وقد طرح مشروعه حول (نظرية المسرح الرقمي) منذ عام 2005 وكان الرائد في هذا الاستشراف عربيا وعالميا.
ترجمة الرؤية لا النص
ومع أنه لم يُعرف بوصفه مترجمًا تقليديًا، إلا أن مشاركته في نقل المفاهيم النقدية الحديثة إلى الوسط العربي تُعدّ ترجمة بحد ذاتها. فقد كان جسراً يربط النظرية الغربية بالتجربة العربية، لا بنقل النصوص فحسب، بل بإعادة تأويلها وتطبيقها بما يناسب الواقع الثقافي المحلي.
رجل المسرح الذي لم يغادر المسرح أبدًا
قد يُحال الأكاديمي إلى التقاعد، لكن الفكر لا يُحال إلى الصمت. فالدكتور محمد حسين حبيب، حتى بعد خروجه من أسوار الجامعة، لا يزال يكتب، وينقد، ويُحاور، ويضيء الطريق لمن يأتون من بعده. هو من القلائل الذين يمكن القول عنهم إنهم حملوا المسرح في داخلهم، لا على أكتافهم. وحين يكتب، فإنما يُمسك القلم كما يمسك المخرج خشبة المسرح: بتوترٍ خلاق، وحرصٍ مخلص، وعينٍ لا تغفل عن التفاصيل.

بهذه الروح، وبهذا الأثر، سيبقى محمد حسين حبيب اسمًا لا ينساه تاريخ المسرح العراقي والعربي، لا بوصفه ناقدًا أو مخرجًا فحسب، بل ضميرًا يقظًا للفن، وصوتًا صافيًا في زمنٍ ازدحمت فيه الأصوات وخفت فيه الصدى.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بابل تنتخب مجلس إدارة اتحاد أدباء بابل عرس ثقافي باسم ناجح ا ...
- علي شاهين الشاعر الذي غرس صوته في شجرة المعنى
- كامل حسين المقيم على حافة الجمال
- مرثية جيلٍ ومدينة قراءة في قصيدة -بغداد- لحسين نهابة
- سناء الأعرجي القصيدة التي مشت على ضفاف الفرات
- الفنان سمير يوسف بابل تمدّ يدها إلى اللون
- موفّق محمد الناي الصادح بالحقيقة
- هلال الشيخ علي حين تهمس القصيدةُ باسم الأرض
- سلام القريني القاص الذي كتب بالمجهر أدبًا، ونفخ من روحه في ا ...
- علي بيعي سادن القصيدة الشعبية الحديثة وظلالها الحزينة
- علي لفتة سعيد الشاعر الذي لا يغادر شعبه، والرائي الذي يسكنه ...
- سعد جاسم: بين الغربة والقافية — رحّالةٌ في الشعر والحلم
- صادق باقر.. شاعر يسكنه القلق وتضيئه الكلمات
- علي الطائي بين مشرط الطب ومبضع القصيدة
- زهير المطيري خمسون عاماً من المسرح والحرف
- عبد الحسين العبيدي القاص الذي يفتّش عن المعنى في ظلّ العنكبو ...
- الدكتور عامر عبد زيد بين التاريخ والحداثة، في رحاب الفلسفة و ...
- طه التميمي.. شاعر الضمير الشعبي وصوت الطبقة الكادحة
- رائد النافعي السارد الذي اختزن بابل في قلبه وحررها على الورق
- سعد الحداد حضور أدبي وعطاء إنساني


المزيد.....




- كيف تصف انتهاكات إسرائيل خلال وقف إطلاق النار في غزة؟ رئيس و ...
- حماس: إسرائيل تسلّمت رفات ثلاثة رهائن متوفين آخرين من غزة
- روسيا تقتل 6 أشخاص على الأقل في أوكرانيا.. وكييف ترد بضرب من ...
- البابا يؤكد على ضرورة وقف فوري لإطلاق النار وفتح ممرات إنسان ...
- الوحدة العربية.. درع يحمي العرب أم وهم يعمق الانقسام؟
- كيف تعتنين بصحة الشعر الجاف؟
- رئيسة اللجنة الدولية لحماية الصحفيين: واشنطن مارست ازدواجية ...
- الأردن على حافة العطش وسط أزمة مياه وسدود شبه خاوية
- كاتب إيطالي: هل تحقق القاعدة سابقة وتسيطر على دولة مالي؟
- بلجيكا تحقق في رصد طائرة مسيرة فوق قاعدة عسكرية


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - محمد حسين حبيب صوت نقدي بصري يُضيء المسرح العربي