أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - علي تاج الدين شاعر الأسطورة والمجازات العالية














المزيد.....

علي تاج الدين شاعر الأسطورة والمجازات العالية


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8560 - 2025 / 12 / 18 - 12:13
المحور: سيرة ذاتية
    


حين تنبجس القصيدة من قلب مدينة الحلة، فإنها لا تأتي رخوةً ولا مجاملة، بل تتقد بجمر الأسئلة وتُصاغ بأناة من يعرف أنّ الكلمة بيت وأنّ الحرف نصل. ومن هذا الفيض، خرج صوت الشاعر علي تاج الدين ليعبر الضفاف الشعرية بثبات العالم على يقين، وبقلق من يدري أن الشعر مأساة تولد من رحم الدهشة.
وُلد علي عامر جابر تاج الدين في حي الأمير، أحد أحياء الحلة، بتاريخ 17 تموز 1984، ونشأ في مدينةٍ لطالما احتضنت جمر الشعر المتوهج منذ أيام التكايا والمدارس الدينية. درس اللغة العربية في كلية التربية – جامعة بابل، وتخرج فيها عام 2007، ثم أخلص للأدب العربي الحديث ونقده، فكان بحثه للماجستير بمثابة مفتتح لمعانقة الأسطورة في بعدها السومري، كما بدت في شعر خزعل الماجدي. أما في الدكتوراه، فقد وسّع من هذا الانشغال ليطوّع "الأسطورة وتمثلاتها في الشعر العراقي التسعيني"، دراسة كشفت عن فهم عميق للمخيلة الجمعية وطرق تمظهرها في النص الحديث.
لم يكن علي تاج الدين شاعرًا فقط، بل باحثًا في ماهية الشعر، ناثرًا أضواء التحليل على مناطق الظل، وقارئًا لنفسه ولغيره بعين الناقد المتورط بعاطفة المحب. أصدر أولى مجاميعه الشعرية بعنوان "مرافئ الحنين" عام 2007، وواصل بعدها التجريب والمغامرة عبر مجموعات مشتركة حملت عناوين طويلة ومتفجرة بالصور كـ "مخلَّفات تقطرها أدمغة الأسئلة..."، ودخل مع رفاقه في مغامرة "ميليشيا الثقافة" عبر مجموعة "الشعر في حقول الألغام"، تلك التي كتب مقدمتها عبد الرحمن الماجدي، وأُنجزت بروح جماعية نقدية متمرّدة.
ولعلي تاج الدين اليوم ثلاث مجاميع شعرية مخطوطة، وربما يجدها – كعادته – غير مكتملة بعد، لأنّ هاجس الكتابة عنده لا يُشبع ولا يكتفي، فكل نص يولد ومعه سؤال جديد عن جدوى الكلمة وإيقاع المعنى.
في شعره، تتجاور الأسطورة باليومي، ويلتحم التراثي بالحاضر المأزوم. تتراءى صور سومرية، وأخرى مشتبكة بالأنطولوجيا، وثالثة تفلت من التاريخ لتقول "أنا"، لا على طريقة النرجس، بل على طريقة من يحفر في الذات لينقذ الجماعة. إنّ نصوصه مكتظة بـ"رنين الواحد"، كما جاء في عنوان إحدى مجاميعه، وتبدو متعلقة بـ"مخاط الحروف"، ذاك الذي يربط الكلام بدم الحياة.
نقاد بصموا تجربته
كتب عنه عددٌ من النقاد والدارسين، ممن رأوا في قصيدته مشروعًا متفردًا في لغةٍ متوترة وصورٍ منفتحة على ميتافيزيقا الحنين والوجع والتاريخ. فقد كتب الأستاذ الدكتور محمد أبو خضير عن بناء الصورة لديه، وأشار إلى أن تاج الدين يمارس كتابة "القصيدة-المختبر"، حيث تتلاقى المعارف والرؤى والجماليات في ساحة صراع دائم. أما عباس عبد جاسم، فلفت إلى أنّ قصائده تتعامل مع اللغة بوصفها جسدًا حيًّا، لا مجرد وسيلة تعبير.
أما سعيد الباز، فرأى في شعره نزوعًا أنطولوجيًا صوفيًا، يحفر في الذات ويسبر أحزانها، بينما نظر إليه الدكتور عدنان الظاهر بوصفه شاعرًا ذا نبرة نقدية حادة تترجم ما يتجاوز الانفعال اللحظي إلى وعي ثقافي شامل. وكتب الدكتور قيس كاظم الجنابي وعلوان السلمان وحميد حسن جعفر وحاتم التليلي وزيد قطريب، كلٌّ منهم مقاربة تسعى إلى الكشف عن بنية هذا الشعر الذي لا يتورع عن ملامسة المحظور، ولا يتردد في محاورة الأسطورة كأنها كائن يومي.
حضور شعري متقد
شارك علي تاج الدين في مهرجانات بارزة، منها عالم الشعر الثاني عام 2011، ومهرجان الجواهري الحادي عشر عام 2014، وفيها ألقى قصائد استوقفت المستمعين عند مفرداته المختلفة، ونبرته القلقة، وجرأته في تفكيك الواقع من داخله، لا من فوقه.
نشرت نصوصه في العديد من المجلات والصحف العراقية والعربية، وتُرجمت قصائده إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والبولندية والإيطالية، ما يشير إلى عبور تجربته خارج الحدود الجغرافية واللغوية، وإلى قابليتها على التواصل مع الذائقة العالمية.
والخلاصة ان علي تاج الدين شاعر لا يُكتب عنه دفعةً واحدة، لأن كل مرحلة من تجربته الشعرية تمثل اكتشافًا جديدًا للغة، وزاوية نظر جديدة إلى العالم. هو ابن المدينة والنهر والتراث، وفي الوقت نفسه ابن الأسطورة والتمرد والمجاز. بين كتبه ومخطوطاته، وبين تدريسه وبحوثه، وبين القصيدة والمنصة، يواصل الشاعر رحلته لا ليصل، بل ليواصل طرق الأسئلة التي تشبهه: معقدة، مشاكسة، ومفعمة بالحياة.
فمن هنا، من مدينة الحلة، يمضي شاعرٌ نحته القلق، ووشمته الأسطورة، وسقته اللغة خمرة لا تنفد.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبود المهنا الناقد الذي نسج المسرح بالفكر، وقرأ الجسد بعيون ...
- كامل الدليمي رجلٌ عبرَ الحياة بين القصيدة والقلق
- علي عبد الأمير عجام الشاعر الذي سكنه الإعلام، والناقد الذي أ ...
- علاء مظلوم... الشاعر الذي أنصتَ لجلنار الوجود
- عباس بغدادي قلم الحلة المتفرد بين دفء التراث ونبض الحداثة
- علاء الكتبي رجل الذاكرة الحيّة، وسادن الثقافة في مدن الفرات
- عباس السلامي: غيم القصيدة وظلال الذات
- صلاح عباس العين التي أرّخت الجمال، والريشة التي كتبت بالنقد ...
- جواد كاظم محسن رحّالة في دروب الذاكرة والتراث
- زهير الجبوري ناقد يلتقط تحولات النص وتقلّبات العصر
- صباح شاكر العكام... سارد الذاكرة وراوي التمردات الصغيرة
- شاكر هادي غضب فنان الحروف، وباحث الذاكرة الشعبية
- محمد عبد الجليل شعابث سادن الذاكرة الشعبية وباحث الضوء الخاف ...
- سعد خليل الكبيسي كاتبُ الذاكرة ومحفوظاتُ الوجدان المحلي
- يحيى الربيعي شاعر المنتهى وإشراقات الأزل
- محمد حسين حبيب صوت نقدي بصري يُضيء المسرح العربي
- بابل تنتخب مجلس إدارة اتحاد أدباء بابل عرس ثقافي باسم ناجح ا ...
- علي شاهين الشاعر الذي غرس صوته في شجرة المعنى
- كامل حسين المقيم على حافة الجمال
- مرثية جيلٍ ومدينة قراءة في قصيدة -بغداد- لحسين نهابة


المزيد.....




- -خطاب ترامب المثير لا يقل إرباكاً عن مناظرة بايدن- – مقال في ...
- أمطار غزيرة تحول شاطئ جزيرة هرمز الإيرانية إلى اللون الأحمر ...
- فون دير لاين: لن نغادر قمة بروكسل دون حل مالي لأوكرانيا
- ما المنتظر من القمة الأوروبية في ظل الاختلافات بين القادة حو ...
- ليبيراسيون: هكذا تمكن القراصنة من اختراق وزارة الداخلية الفر ...
- تقرير أممي يوثق مقتل ألف مدني على يد الدعم السريع بالفاشر
- قمة أوروبية حاسمة تبحث تمويل أوكرانيا بالأرصدة الروسية المجم ...
- وصول نازحي هجليج إلى كوستي بعد رحلة نزوح شاقة
- ما الهاتف الذي اختارته شقيقة رئيس كوريا الشمالية؟
- لحظة تدمير الجيش الأمريكي قارب مخدرات مزعوم وسط البحر


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - علي تاج الدين شاعر الأسطورة والمجازات العالية