|
سلالة الخشب / قصة قصيرة
صالح جبار
الحوار المتمدن-العدد: 2431 - 2008 / 10 / 11 - 04:27
المحور:
الادب والفن
بقيت دهرا أتطلع أليهم ، أراهم يتقاتلون لأجلي ، لم أدرك أن لي ميزة متفردة ، تجعلهم ينفقون الغالي والنفيس للاستحواذ علي سمعت من أبي عن جده ، أخبرنا : كان جده السابع عشر مع الخليفة العباسي ، حينما خاطب أبنه : أن الملك عقيم ، لو انك نازعتني علي هذا ، وأشار نحو جدي : لقطعت الذي فيه عينيك عجبت نحن الآن كثر ، نتوزع في البيوت والمقاهي ، وأحيانا يتم وضعنا في سرادق بشكل متراص ، يأتي الناس أفواجا ، نتحسس مؤخراتهم ، يبقون بعد ألقاء ثقل أجسادهم علينا ، يشعرون براحة كبيرة واسترخاء ، أنها عملية مقبولة لديهم ، الجميع يفعل ذلك ، الصغار ، الكبار ، النساء والرجال . ومثلما الناس مقامات ، نحن أيضا لدينا مقامات وأشكال هندسية مختلفة ، تحدد سلالتنا . حدثت لدينا طفرات وراثية ،أدت إلي تغيير مثير ، فخرجت قوالب بلاستيكية ، تتوالد بلا انقطاع ، لكني أحمد الرب كوني من سلالة لها تأريخ معروف . استطاع البعض من أقاربي ، تأسيس منبرا له ، وتبرقع بقماش أخضر ، تتبارك الناس بحواشيه ، صارت لهم قدسية ، نحسدهم عليها . سمعت أخيرا ، أن مشاكلهم عديدة ، لأسباب مختلفة ، نبقي نحن في منأي عنها ، لان الصراع حولنا ، لا يوازيه شيء أخر . غالبا ما أشاهد في الأفلام المصرية ، ممثلين يتشاجرون ، بالكراسي ويعمدوا لتحطيمها ، كان منظرا مؤلما وحزينا ، ما يجري لأبناء جلدتي . هذه الأيام اختلفت الموازين ، لم يعد أحد يأبه لمعاناة أخيه ، الكل غارق بهمه الخاص ، أتذكر بعد وضعي في صالة وثيرة ، جوار بار اشرب الخمر ، أشاهد عند الأمسيات القاعة تكتظ ، بأصناف مختلفة من الرجال المتأنقين ، منهم من أرتدي بزة القتال ، ونساء يفوح منهن عطر فواح ، أخريات ارتدين ملابس عسكرية أيضا ، رائحة الخمر تنتشر في الأجواء ، الموسيقي الصاخبة ، تشعرني بالدوار . الوضع يوحي بالثقة ، المرح يتطاير فوقي ، القبلات المتسرعة تتم مع المواعيد برطانة لم أعهدها من قبل . كأنهم أتوا من سديم بعيد لم نتعرف عليه بعد ، لكن أقسي ما أعانيه ، عندما يندلق الخمر علي جسدي أو تسكر أحداهن ولا تسيطر علي اضطراب معدتها فيندفع القيء نحوي . في الفترة الأخيرة ، جاء أحدهم ووضع حذائه علي ظهري ليشد ( ألقيطان ) ، حزنت وتألمت كثيرا ، وفي صبح يوم لا أنساه ، حضر رجل طويل القامة ، حليق اللحية والشارب ، قال لشخصين يتبعاه بذات الرطانة التي لا أفهمها ، وأشار باتجاهي ، عرفت أنه يقصد ني قلت محدثا نفسي : لابد أنه رأي تأثري الشديد ، فقرر نقلي إلي مكان جديد ، لكني فوجئت بظلمة الغرفة المهجورة التي صارت مأواي ، أنها تنضح بالرطوبة ، ولاشيء فيها يوحي بالألفة ، حتي في هذه الخلوة ، لم أتخلص من المتطفلين . يحضر المزيد منهم ، أراهم مذهولين ، يتحدثون عني بتعجب ، وأحيانا بأسف ، والمحهم من خلال فتحة الباب ، يروحون ويجيئون ، وذات مرة دلف الحجرة رجلين ، يتحدثان ( بالعربية ) أشار أحدهم قائلا : هذا الكرسي من سلالة الخشب المعروفة جلس الثاني ، أفرد يديه كأنه يريد الطيران ، طلب من صاحبه ، التقاط صورة فوتوغرافية ، تحسست مؤخرته بهدوء ، أطلق بوجهي صوت مزعج ، بعدها شممت رائحة كريهة . ضحك المتطفلان بصوت عالي ، مضيا بعدها نحو الباب، سمعتهما يقولان بعد أن استدارا باتجاهي : هذا هو الكرسي الرئاسي
#صالح_جبار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
همس الدراويش
-
حب من حجر
-
أنية الصفيح
-
الخوذة الحديدية
-
صور شتى
-
في النقد الثقافي
-
رداء الأفاعي
-
العجلة
-
خديجة
-
* الغيرة *
-
( مأوى الجن )
-
الجرس
-
اللوحة والمسمار
-
مهنة الوظيفة وحرفة الأدب
-
الخنزير-- قصة قصيرة
-
الفراغ-- قصة قصيرة
-
لغة الابداع
-
ثقافة الحواسم
-
قراءة في المجموعة القصصية ( صلاة الليل )
-
جدلية التجريب القصصي
المزيد.....
-
روسيا.. جمهورية القرم تخطط لتدشين أكبر استوديو سينمائي في جن
...
-
من معالم القدس.. تعرّف على مقام رابعة العدوية
-
القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل -عالم الست وهيبة- المثير للجدل
...
-
“اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش
...
-
كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
-
التهافت على الضلال
-
-أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق
...
-
الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في
...
-
جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا
...
-
مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|